ملفات داعش والـ500 مليون تفجّر العاصفة.. محافظ كركوك السابق يسقط بتهم فساد ثقيلة

انفوبلس/..
في مشهد يعكس تصاعد الحملة ضد الفساد في العراق، ألقت القوات الأمنية القبض على محافظ كركوك السابق راكان سعيد الجبوري في العاصمة بغداد، بعد سنوات من الجدل حول أدائه واتهامات طالته خلال فترة توليه المنصب. الجبوري الذي كان يُنظر إليه كأحد أبرز الوجوه السياسية للمكون العربي في كركوك، وجد نفسه في قبضة العدالة، بعد اتهامه بالتورط في ملفات فساد مالي وإداري، بينها مساعدات لعوائل يُشتبه بانتمائها لتنظيم داعش الارهابي.
*التفاصيل
قبل 3 ايام، ألقي القبض على محافظ كركوك السابق راكان الجبوري، في بغداد.
وقال مصدر مطلع، إن "القوات الأمنية اعتقلت راكان الجبوري على خلفية ضلوعه في ملفات فساد تتعلق بمساعدات عوائل داعش الارهابي"، مشيراً إلى أنه "موجود في محكمة الرصافة ببغداد".
*تأكيد الاعتقال
من جهتها، أكدت إدارة محافظة كركوك، أمس الإثنين، اعتقال محافظها السابق راكان الجبوري، فيما أشارت إلى أنه متهم بفساد مالي وإداري.
وقالت المحافظة في بيان إن "قضية محافظ كركوك السابق وكالة هي قضية (قضائية وقانونية وإدارية) تتعلق باتهامه بملفات وإجراءات فساد إدارية ومالية مسبقة ارتكبت خلال توليه مهامه".
ونفت المحافظة "وجود أي علاقة لها بشكوى أو تدخلات من قبل شخصيات سياسية أو حزبية أو اعضاء مجلس النواب أو آخرين".
*توقيف.. 5 ملفات فساد
يوم أمس الاثنين، قرر قاضي التحقيق بمحكمة الرصافة في بغداد توقيف راكان الجبوري، المحافظ السابق بالوكالة لكركوك، على خلفية ملفي فساد.
وافاد مصدر مطلع من محكمة الرصافة، بأن راكان الجبوري متهم في خمسة ملفات فساد، وكانت الملفات قد نقلت في وقت سابق من محكمة كركوك إلى محاكم بغداد.
وحسب المعلومات المتوفرة للمصدر، فقد أجرى قاضي التحقيق، التحقيق في ملفين من ملفات الفساد تلك، وأمر بتوقيف راكان الجبوري، وأصدر القاضي أمر التوقيف بناء على المادة 340 من قانون العقوبات العراقي والتي تخص الموظفين والمسؤولين الإداريين والإضرار بالممتلكات العامة. لكن راكان سعيد الجبوري لا يزال في المحكمة ولم ينقل إلى السجن بعد.
وتنص المادة (340) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة (1969) على أنه: يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس كل موظف أو مكلف بخدمة عامة أحدث عمداً ضرراً بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم وظيفته أو بأموال الأشخاص المعهود بها إليه.
وأشار المصدر إلى أن هناك الكثير من التدخلات في عملية المحاكمة وليس معلوماً هل سيتم تغيير أمر التوقيف والحجز قبل نهاية الدوام الرسمي أم لا.
وتشير معلومات نشرتها وسائل إعلام، إلى إقامة ثماني دعاوى ضد راكان الجبوري، لكن تم نقل خمسة ملفات بناء على طلبات المدعين إلى المحكمة في بغداد لعدم تحريك الملفات في كركوك، ومن بين الملفات قضيتا فساد في تنفيذ المشاريع، اختفى مبلغ 500 مليون دينار من تخصيصات كل مشروع، وهناك ملف عن تسجيل 21 ملكاً عقارياً في أحد أحياء كركوك بأسماء أفراد عائلته ويشتبه أن يعتور الأمر فساد.
وصرح مسؤول قسم الشكاوى في مجلس محافظة كركوك، كاروان عثمان، بالقول: "في يوم الخميس الماضي (17 نيسان) حكمت محكمة نزاهة كركوك باستدعاء راكان الجبوري لكنه لم يحضر أمام المحكمة، وفي حال لم يحضر خلال 72 ساعة، سيصدر أمر بإلقاء القبض عليه".
*استدعاء سابق دون امتثال
وفيما اكد عضو في مجلس محافظة كركوك عبد الله ميرويس، هو الاخر، إلقاء القبض على راكان الجبوري، محافظ كركوك السابق بالوكالة، في بغداد. بين ان "المحكمة كانت قد استدعت راكان الجبوري على خلفية عدة قضايا فساد، لكنه لم يمثل أمامها".
واضاف أنه "وبحسب القانون، إذا لم يمثل أمام المحكمة خلال 72 ساعة، يتحول أمر الاستدعاء إلى أمر قبض".
راكان الجبوري، محافظ كركوك السابق بالوكالة، بالإضافة إلى عضوين عربيين آخرين وعضوين من الحزب الديمقراطي الكردستاني وعضو من الجبهة التركمانية، كانوا يقاطعون اجتماعات مجلس محافظة كركوك.
*تقارير رقابية وليست شكاوى
لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي، اوضحت أن الجبوري تمّ بموجب تقارير جهات رقابية رسمية وليس نتيجة شكاوى من جهات أو شخصيات سياسية.
وقال عضو اللجنة، كريم شكور، إن توقيف الجبوري جاء على خلفية تهم تتعلق بهدر المال العام وسوء الإدارة والفساد خلال فترة توليه إدارة الحكومة المحلية في كركوك.
واكد في بيانٍ له، أن استدعاء المحكمة محافظ كركوك السابق والتحقيق معه "استند إلى تقارير صادرة عن جهات رقابية رسمية اتحادية وليس نتيجة الدعاوى أو شكاوى قدمتها جهات أو شخصيات سياسية".
*استنكار رغم الاتهام
لكن وعلى الرغم من هذه الاتهامات، استنكرت هيئة الرأي العربية في كركوك، توقيف المحافظ السابق راكان الجبوري، مشددة على أن الجبوري رمز من رموز المكون العربي وعندما تولى إدارة شؤون المحافظة وقف على مسافة واحدة من جميع المناطق والمكونات وحرص على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين دون تمييز وهو بالوقت نفسه رئيس لأكبر تحالف عربي، معبرة عن ثقتها بعدالة ونزاهة القضاء في النظر بالقضية.
وقالت الهيئة في بيان، انها "تستنكر توقيف راكان الجبوري محافظ كركوك السابق وعضو مجلس المحافظة".
واضافت "ان راكان الجبوري رمز من رموز المكون العربي وعندما تولى إدارة شؤون محافظة كركوك وقف على مسافة واحدة من جميع المناطق والمكونات وحرص على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين دون تمييز وهو بالوقت نفسه رئيس لأكبر تحالف عربي فيها وهو التحالف العربي الذي يحظى بشعبية واسعة بين أبناء المكون".
واعتبرت ان "توقيت استهدافه مع قرب الانتخابات هو استهداف سياسي واضح وصريح وغاياته معروفة للمتابعين ولا يزيد أبناء المكون العربي الا حرصا على المشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية ورد كيد الكائدين".
واتم البيان "اننا على ثقة عالية بعدالة ونزاهة القضاء العراقي في النظر في هذه القضية مع تأكيدنا ووقوفنا مع كل اجراء قانوني يستهدف تحقيق العدالة والقانون دون تمييز وانتقائية بين المسؤولين والمواطنين".
*اتهامات سابقة
في 11 تموز 2021، كشف عضو في لجنة النزاهة بالبرلمان العراقي عن عشرات قضايا الفساد التي تورط بها محافظ كركوك وكالةً راكان الجبوري، داعياً إلى الإسراع بإجراء تحقيق في تلك الملفات واتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجبوري ومن معه.
ووجه عضو لجنة النزاهة جمال محمد شكور رسالته إلى رئيس الجمهورية، وقد تألفت من 16 صفحة وتضمنت 62 قضية وملف فساد ومخالفة مالية وقانونية وشكوى.
وضمت القضايا مخالفات أهدرت مليارات الدنانير على "المحسوبية" وصرف الملايين على الضيوف من مبالغ إعمار المناطق المحررة. وتناولت المخالفات كذلك ملف البلدية والسماح للمواطنين ببناء مساكن غير قانونية وغير مجازة على أراضي مملوكة للدولة.
كما اشتملت لائحة الفساد على مخالفات قانونية صريحة فضلاً عن صرف مبالغ في غير محلها مثل "صرف مبالغ من ميزانية محافظة كركوك على مشروع إعادة تأهيل بناية محكمة العباسي بالرغم من تخصيص أموال لها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وفق رسالة النائب.
وذكرت الرسالة أن الجبوري متورط بهدر المال العام في مشاريع لبناء المدارس وتبديل كشوفات خاصة بالدعوات المباشرة ومشاريع أعمدة الإنارة. كما تورط المحافظ في فساد مالي بذريعة تبديل أثاث مبنى المحافظة والاستيلاء على ما بذمته من موجودات.
وطالبت الرسالة بفتح تحقيق في أسباب توقف مشروع مركز الأورام والأمراض لا سيما وأن "المشروع محال إلى شركة بدون تخصيص أرض للمشروع".
واتهمت اللائحة راكان الجبوري بالفساد في ملف الكاميرات الحرارية والتلاعب بتسعيرات تبليط الشوارع، فضلاً عن وجود "أدلة ثبوتية" بتورط مدير مكتب المحافظ وكالة إبراهيم خليفة وسكرتير المحافظ علي سعيد الجبوري بتنفيذ المشاريع "على أساس الغش والتلاعب".
ومن المخالفات الأخرى، قيام راكان الجبوري بإبرام ملحق عقد مع المستثمر لإنشاء محطات الوزن في داخل كركوك خلافاً للتعليمات، حيث أصدر قاضي تحقيق كركوك أمر قبض بحق محافظ كركوك وكالة وتم إخلاء سبيله بكفالة مالية، وفق ما جاء في "فاتورة الفساد".
وتناولت إحدى القضايا كيف أن سكرتير اللجنة الأمنية في ديوان المحافظة رائد نايف أحمد الجبوري انتحل صفة منتسب في جهاز المخابرات الوطني من خلال التلاعب في قائمة أسماء منتسبي الجهاز وإدراج اسمه ضمن الأسماء للحصول على ارض سكنية.
واحتوت قائمة الفساد على شكاوى لمواطنين ضد الجبوري.
وقال عضو لجنة النزاهة في رسالته "تبين لنا وبالأدلة الثبوتية بأن (الجبوري) وبعد تسليمه منصب محافظ كركوك لديه عشرات ملفات الفساد المسجلة في هيئة النزاهة والمحاكم المختصة".
*استقدام ومنع سفر
وفي أيلول سبتمبر 2020، أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية صدور أمر استقدام ومنع سفر بحق راكان الجبوري ومدير الأبنية المدرسية في المحافظة بتهم فساد.
وقالت دائرة التحقيقات في الهيئة، عبر بيان صحفي، إن القضاء أصدر أمر استقدام لمحافظ كركوك وعدد من المسؤولين في ديوان المحافظة وهم كلٌّ من: مديري أقسام العقود الحكوميَّة والتخطيط العام والهندسة، فضلاً عن مدير قسم الحسابات السابق، لافتةً إلى أن أمر الاستقدام صدر على خلفيَّة مخالفاتٍ شابت بعض أعمال الصيانة والتأثيث في المحافظة.
وتابعت الدائرة مُوضحةً أن أمر الاستقدام الصادر استناداً إلى أحكام المادَّة (340) من قانون العقوبات كان لمخالفاتٍ في تأثيث بناية المحافظة الجديدة وصالات الانتظار وإيصال الكهرباء.
وسبق للهيئة أن أعلنت عن صدور أمر استقدامٍ ومنع سفرٍ للمحافظ ومدير الأبنية المدرسيَّـة في المحافظة، فيما أشارت إلى صدور أوامر قبض لـ (23) موظفاً في قضيَّة إنشاء مدارس بطريقة البناء الجاهز فيها.
*نبذة حوله
راكان سعيد علي رضوان الجبوري هو سياسي عراقي بارز ينتمي إلى المكون العربي في محافظة كركوك. شغل منصب محافظ كركوك بالوكالة منذ عام 2017، ليكون أول عربي يتولى هذا المنصب منذ أكثر من 15 عامًا، وذلك عقب إقالة المحافظ الكردي السابق نجم الدين كريم في أعقاب استفتاء إقليم كردستان.