قادة النصر بذكرى الاغتيال الرابعة.. التقرير الحكومي "غائب" وحديث تعدد المتواطئين "صائب".. مَن سهّل جريمة المطار عراقيا؟
انفوبلس/ تقارير
قبل أربعة أعوام، افتتحت الولايات المتحدة الأحداث النارية باغتيال قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الشهيد أبو مهدي المهندس بغارة غادرة قرب مطار بغداد، حيث كان واضحاً أن عام الانتخابات الأميركية سيشهد أحداثاً كبرى أخرى ستتأسس على الحدث الأول في العام، من خلال الرسالة الكامنة في مضامينها، وهي إزاحة من يرمز إلى مقاومة المشروع الأميركي في المنطقة، والذي أدى عملياً الأدوار الكبرى في بناء حركات المقاومة وتمتينها في وجه "إسرائيل" والجماعات التكفيرية. لكن غياب التقرير الحكومي العراقي عن هذه الجريمة حتى اليوم دليل على تواطؤ مسؤولين كُثُر ولهذا سلّطت انفوبلس الضوء على الموضوع وستفصّل أبرز المتهمين بتسهيل جريمة المطار عراقيّاً.
*مصطفى الكاظمي
بعد العملية الغادرة بنحو شهر، - أي في عام 2020 - أعلنت كتائب حزب الله عن توفر معلومات تؤكد ضلوع رئيس جهاز المخابرات آنذاك مصطفى الكاظمي في اغتيال قادة النصر قرب مطار بغداد.
وذكرت الكتائب في بيان، "إذا كان هناك شك في ضلوع مصطفى الكاظمي باغتيال قادة النصر فالمعلومات المتوافرة لدى أحد القادة الأمنيين تؤكد تورطه بالجريمة".
وأضافت، أن "تلك الجريمة التاريخية قد تمت بعلم إحدى الرئاسات الثلاث التي سهّلت هذا العمل الجبان"، مردفةً بالقول، "نحن مستعدون لتقديم ما لدينا من معلومات عن هذا الموضوع لشخص السيد عادل عبد المهدي حصراً، كونه كان رئيس الوزراء في تلك المرحلة".
*مكتب رئيس الوزراء السابق
من جانبه، كشف النائب عن كتلة الصادقون النيابية، علي تركي الجمالي، عن معلومات دقيقة وحقيقية بشأن المتواطئين في حادثة اغتيال قادة النصر.
وقال الجمالي في تصريح صحفي، إن "استهدافَ قادة النصر استهدافٌ يدخل في باب الخيانة العظمى، والتحقيقات تشير الى تورط شخصيات مهمة على مستوى مكتب رئيس الوزراء السابق".
وأضاف: "لدينا معلومات دقيقة وحقيقية بالبيوت الأمنية وفي لحظة وصول ضيف العراق الشهيد قاسم سليماني، واستقباله من قبل الحاج المهندس، كانت هناك شبكات تدير موضوع التجسس على الهواتف التي كان يحملها الطرفان".
*17 شخصية عراقية متورطة
بدوره، كشف الدبلوماسي الإيراني السابق أمير الموسوي، عن تورط سبع عشرة شخصية عراقية بجريمة المطار التي استُشهد على إثرها نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي الحاج أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس في حرس الثورة الإسلامية اللواء قاسم سليماني.
وقال الموسوي، إن "هناك سبعا وخمسين متهما يجري التحقيق معهم بين القضاء العراقي والقضاء الإيراني بشأن جريمة اغتيال الشهيدين المهندس وسليماني".
وأضاف، إن "سبع عشرة شخصية عراقية متهمة رسميا في التورط بتنفيذ الجريمة بعضهم محجوزون وبعضهم هاربون وبعضهم تحت الحماية الأميركية".
وأوضح موسوي، إن "من بين الشخصيات المتهمة مدنيون وعسكريون تصل مراتبهم الى رتبة عميد أو عقيد".
*متورطون مدنيون وأمنيون
إلى ذلك، عزا عضو مجلس النواب محمد البلداوي، أسباب عدم الإعلان عن نتائج حادثة اغتيال قادة النصر الى اشتراك أطراف داخلية وخارجية كثيرة بالعملية. مضيفا، أن هنالك أشخاص مدنية وأمنية على رأس الدولة تورطت باغتيال القادة.
وقال البلداوي، إن "إدانة الولايات المتحدة الامريكية تحتاج الى الكثير من الوقت من أجل الوصول الى محاكمة جميع مَن أعطى أوامر الاغتيال". مشيرا إلى، أن "النتائج الأولية تفضح تورط جهازي (الموساد) ، والـ (سي آي أي) بالعملية".
وتابع، إن "بعض الأجهزة المخابراتية لدول الخليج لها دور في تنفيذ عملية الاغتيال من خلال إرسال المعلومات والإحداثيات". لافتا الى، أن "إيضاح معالم الجريمة بشكل مفصّل هو مطلب شعبي وقانوني".
وأتمَّ البلداوي حديثه: إن "النتائج الأولية لم تبرئ الأطراف المحلية الداخلية من حكومة الكاظمي السابقة التي تأتمر من واشنطن لاستهداف سيادة العراق". مضيفا، إن "هنالك أشخاصا مدنية وأمنية على رأس الدولة تورطت باغتيال القادة".
*تقصير حكومي
أما ائتلاف دولة القانون، فقد اتهم الحكومة بالتقصير في ملف إنهاء التحقيقات بحادثة اغتيال قادة النصر والإعلان عن النتائج، فيما أكد أن النتائج أثبتت تورط 42 شخصية داخلية وخارجية بحادثة الاغتيال لغاية الآن.
وقال القيادي بالائتلاف حيدر اللامي، إنه "لا نعلم إن كانت هناك دوافع دولية لمنع الإعلان عن نتائج التحقيقات النهائية ومحاسبة المتورطين من الداخل والخارج"، مشيرا الى أنه "لن نسمح بتمرير الدوافع السياسية للتكتم على بعض الشخصيات المتورطة بحادثة الاغتيال الهمجية".
وتابع، إنه "من حق الشعب العراقي معرفة النتائج ومحاسبة المتورطين بالعمالة مع الولايات المتحدة الامريكية"، مضيفا أن "واشنطن اخترقت جميع القوانين والأعراف والأراضي المحرمة من القصف الجوي".
وطالب اللامي خلال حديثه: "جميع الجهات التي تمضي بالتحقيقات بضرورة الإعلان عن النتائج النهائية وفضح المتورطين مع أمريكا".
*أسباب عدم محاسبة القضاء لمن ارتكب الجريمة النكراء
أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، أن استشهاد قادة النصر جريمة غادرة ليس لها أساس قانوني وخسارة كبيرة لن تعوض، ومسؤولية القضاء محاسبة من ارتكب الجريمة مضاعفة، داعياً القائمين بالتحقيق إلى بذل جهد استثنائي لكشف المرتكبين.
وقال زيدان، إن "ذكرى فاجعة استشهاد قادة النصر الشهيد أبو مهدي المهندس والشهيد قاسم سليماني ورفاقهما إثر جريمة غادرة جبانة ليس لها أساس أخلاقي أو قانوني هي بلا شك ذكرى حزينة ومؤلمة".
وأضاف، إن "الخسارة كبيرة لم ولن تعوض"، منوهاً بأن "المهندس بصفات إنسانية نادراً ما تجتمع في شخص واحد لذا فالخسارة كانت وستبقى كبيرة".
وأشار، إلى أن "الواجب على كل محب للشهداء القادة أن يخلّد ذكراهم وأن يسجل للتاريخ ما عرفه عنهم لاطلاع الأجيال القادمة على الدور البطولي الذي قاموا به خلال فترة مظلمة في تاريخ الدولة العراقية، عندما احتلت عصابات داعش الإرهابية عدداً من المحافظات العراقية".
ولفت إلى، أن "داعش كانت تسعى لإقامة دولة الخرافة، إلا أن فتوى المرجعية الرشيدة واستجابة أبناء العراق لها أفشلت هذا المخطط الإجرامي".
وتابع، إن "الشهيد المهندس كانت له مواقف مهمة في حماية مؤسسة القضاء من الاجتهادات الخاطئة التي بدرت سواء من بعض الشخصيات أو مجلس النواب تجاه مؤسسة القضاء".
وأردف، إن "مسؤولية القضاء في محاسبة مَن ارتكب هذه الجريمة هي مسؤولية مضاعفة لأن واجـب القضاء أساساً بموجب القانون بشكل عـام هـو معاقبـة كل مـن يرتكـب جريمة، لكن المسؤولية الأخلاقية في تذكر مواقف الشهيد الإيجابية من المؤسسة القضائية تشكل حافزاً إضافياً لأداء هذا الواجب المفروض على القضاء بموجب القانون".
وعن أسباب عدم محاسبة من ارتكب الجريمة النكراء، أجاب زيدان، إن "القضاء يتعامـل مـع أية جريمـة تُعرض عليـه وفـق الأدلة المنصوص عليها في القانون وهذه الأدلة تُقدَّم للقضاء من الجهات الأمنية التي تتولى التحقيق".
وأكد، إن "القضاء لن يتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت عليه دليل اشتراكه في هذه الجريمة بأي شكل من الأشكال أياً كان منصبه وموقعه ومصداق ذلك صدور مذكرة قبض بحق الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية الذي اعترف علناً أنه مَن أمر بارتكاب هذه الجريمة لذا اعتبر القضاء هذا دليلاً كافياً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه".
ودعا رئيس مجلس القضاء الأعلى، القائمين بالتحقيق في الجهات الأمنية إلى "بذل الجهد الاستثنائي للتوصل إلى الأدلة التي تكشف مرتكبي هذه الجريمة". مبيناً، إنها "ستبقى وصمة عار في جبين كل مَن ارتكبها أو اشترك بها".