هجوم "غامض" على السفارة الأمريكية ببغداد يطلق موجة جدل.. صواريخ أم قاذفات عبرت من الجادرية؟
انفوبلس/ تقرير
تعرضت السفارة الأمريكية في بغداد فجر الجمعة 8 كانون الأول/ ديسمبر 2023، إلى قصف صاروخي، في تطور جديد للأحداث، حيث تُعد هذه المرة هي الأولى التي تلتحق بها السفارة الى قائمة الأهداف الامريكية المستهدفة في العراق وسوريا، جنباً إلى جنب مع القواعد العسكرية، ما أثار موجة جدل واسعة، في وقت لم تتبنَّ أي جهة المسؤولية عن الحادثة.
وأكد شهود عيان ومواطنون قريبون من منطقة الحادثة، سماع دوي انفجارات قوية خلال ساعات فجر الجمعة، فيما تداولوا مقطع فيديو مصور من داخل المنطقة الخضراء يظهر أصوات الصواريخ وصافرات الإنذار التي تطلقها السفارة بالإضافة الى تحذيرات صوتية تخاطب أفراد السفارة.
وأكدت رويترز وقتها، وقوع الحادثة فيما نشرت مقطع فيديو يوثق لحظات الانفجارات بالسفارة، فيما لم يتسنَّ لـ"انفوبلس" التأكد من وقوع إصابات أو أضرار مادية.
ويأتي هذا في وقت تتعرض فيه قوات الاحتلال الأمريكي في القواعد العسكرية بالعراق وسوريا لأكثر من 80 هجوماً منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول، فيما أعلنت "المقاومة الإسلامية في العراق" المسؤولية عنها، بسبب دعم الإدارة الامريكية للعمليات الإسرائيلية ضد غزة، إلا أن البعثات الدبلوماسية لم تواجه مثل هذه الهجمات.
الهجوم الحالي هو الأول على السفارة الامريكية في بغداد منذ بدء "المقاومة الإسلامية في العراق" استهداف القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، يوم 17 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
*انفوبلس تكشف
وأفادت مصادر أمنية رفعية المستوى، أن استهداف السفارة الامريكية الواقعة في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد فجر يوم الجمعة، تم بواسطة قذائف الهاون. وتقول المصادر (طلبت عدم ذكر اسمها) لـ"انفوبلس"، إن "استهداف السفارة الامريكية تم بـ 10 قذائف هاون ولم يتم تفعيل منظومة السيرام".
وأضافت، أن القصف شُنَّ من مكان ضمن مقتربات بناية البنك المركزي العراقي الجديدة في شارع "أبو نؤاس" بمنطقة الكرادة وسط بغداد، لافتة الى أن "القوات الأمنية عثرت على المنصات، و3 قذائف كانت مجهّزة للانطلاق".
بالمقابل، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول عسكري أمريكي أن حوالي سبع قذائف مورتر سقطت على مجمع السفارة الأمريكية في بغداد خلال الهجوم الذي وقع في وقت مبكر من يوم الجمعة، نحن بانتظار التقارير الرسمية بخصوص الإصابات أو الأضرار في البنى التحتية، إن وجدت".
ولم تعلن المقاومة الإسلامية في العراق، في بيان رسمي تبنّيها لذلك الهجوم الصاروخي على السفارة الامريكية، وسط تضارب الروايات في بغداد بشأن هوية الفصيل المسؤول عن القصف داخل المنطقة الخضراء.
وما أثار الأمر غرابة هو عدم منظومة سيرام الامريكية وقت القصف، التي صُممت للتعامل مع الصواريخ المعادية وقذائف الهاون، وفي وقت أصبحت هذه المنظومة مصدر رعب وقلق للبغداديين، نتيجة صوتها الرعديد المرعب، وعشوائية إطلاقاتها التي من الممكن أن تقع على رؤوس الناس ومنازلهم.
في المقابل، قال المدون العراقي علي فاهم، في تغريدة على منصة (أكس) تابعتها "انفوبلس"، "فصائل المقاومة العراقية عندما تقصف القواعد الامريكية بالصواريخ والمسيرات تعلن ببيانات واضحة ولا تخفي فعلها بل تفتخر بما تقوم به فليسوا جبناء كغيرهم".
وأضاف، "كما أن سلاحهم متطور فعندما يضربون يؤلمون، ولا يستخدمون قاذفات RBG7 فلديهم الأسلحة المناسبة"، خاتما التغريدة بهاشتك، "#قصف_السفارة_شغل_زعاطيط".
كما بين الكاتب العراقي مازن الزيدي في تغريدة على منصة (أكس)، أن استهداف المكاتب الحزبية وقصف السفارة محاولة لتعطيل الانتخابات.
وعلى الفور، أصدر رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بياناً وصف فيه الهجوم بأنه "عمل إرهابي"، وقال إنه "قد وجه أجهزة الأمن بملاحقة مرتكبي الاعتداء".
وقال السوداني، إن "التلاعب باستقرار العراق، والإساءة للأمن الداخلي، ومحاولة التعريض بسمعة العراق السياسية، واستهداف أماكن آمنة محمية بقوة القانون والأعراف والاتفاقات الدولية، هي أعمال إرهابية، وإنّ القوات الأمنية والأجهزة الحكومية ستواصل حماية البعثات، وصيانة المعاهدات الدولية".
السوداني يأمر بتبديل الفوج الرئاسي ويعلن التوصل لخيوط عن مستهدفي السفارة الأميركية
وبعدها، قال الناطق باسم القائد العام، اللواء يحيى رسول: "بتوجيه ومتابعة من القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، وللوقوف على ملابسات الاعتداءات التي حصلت على سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى العراق، وكذلك مقر جهاز الأمن الوطني، وعدد من المباني السكنية المجاورة، تم تشكيل فريق عمل مشترك للتحقيق مع المسؤولين الأمنيين عن المنطقة التي حصل فيها الاعتداء".
وأضاف اللواء رسول: "وجرت في هذا الإطار إحالة الضباط والمنتسبين، من القطعات الماسكة والمفارز المختصة ضمن هذا القاطع، إلى لجان تحقيقية مختصة لمحاسبة المقصرين منهم، فيما تقرر تبديل الفوج الرئاسي بفوج من الفرقة الخاصة لمسك القاطع المذكور".
وشدد على أن "الإجراءات الأمنية ستكون حازمة بحق العناصر التي أقدمت على هذا الفعل الإرهابي، وستكون تحت طائلة القانون، لاسيما أنّ الأجهزة الأمنية المختصة توصلت إلى خيوط مهمة عنهم"، منوهاً بأن "القوات الأمنية منحت صلاحيات واسعة للتصدي الفوري لأي عمل يمسّ أمن البعثات الدبلوماسية ومواقع تواجد المستشارين الدوليين، وعدم التهاون بهذا الأمر مطلقاً".
*بداية الهجمات
في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أعلنت المقاومة العراقية، تنفيذ أولى عملياتها الهجومية على القواعد الأمريكية وكانت من نصيب قاعدتي "عين الأسد" في الأنبار و"الحرير" شمالي العراق بطائرات مسيّرة، لتتوالى الهجمات على بقية أماكن تواجد الاحتلال الأمريكي في العراق وسوريا لغاية كتابة هذا التقرير.
وهذه الهجمات هي الأولى من نوعها على القوات الأميركية في العراق منذ أكثر من عام. كما تُعد هي الأحدث في سلسلة من الهجمات على القوات الأميركية في العراق وسوريا مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بسبب الحرب بين الكيان الاسرائيلي والمقاومة الفلسطينية "حماس".
كانت المقاومة العراقية قد هدَّدت باستهداف المصالح الأمريكية بالصواريخ والطائرات المسيّرة، إذا تدخلت واشنطن لدعم "إسرائيل" في حربها ضد فصائل المقاومة في غزة.
وتأتي هذه التطورات في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ أسابيع، مع بدء عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، رداً على انتهاكات الاحتلال المتواصلة بحق المدنيين والمقدسات الإسلامية، لا سيما المسجد الأقصى.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي بضوء أخضر أمريكي، حرباً مدمرة على قطاع غزة، خلّفت 17 ألفاً و490 شهيداً، و46 ألفاً و480 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، ودماراً هائلاً في البنية التحتية، و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.