أكثر من عقد ونصف على الجريمة غير المحلولة.. مَن اغتال محافظ المثنى الأسبق محمد الحساني؟
هذه أبرز المعلومات الواردة
أكثر من عقد ونصف على الجريمة غير المحلولة.. مَن اغتال محافظ المثنى الأسبق محمد الحساني؟
انفوبلس/..
في العام الأسود الأسوأ على العراق، وفي صيفه اللاهب حراً وأمناً وسياسةً، تعرض موكب محافظ المثنى لسنة 2007 محمد الحساني إلى انفجار بعبوة ناسفة في قضاء الرميثة شمال شرق السماوة، أثناء توجهه إلى مقر عمله في مركز المحافظة ما أدى إلى مقتله في جريمة لم تُحل ألغازها حتى هذه اللحظة رغم اعتقال بعض المتورطين.
*تفاصيل الحادثة
في آب 2007، لقي الحساني حتفه وقُتل اثنان من مرافقيه في انفجار عبوة ناسفة استهدفت موكبه لدى خروجه من مدينة الرميثة، في ثاني عملية اغتيال تستهدف محافظاً ينتمي إلى المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عبد العزيز الحكيم خلال عشرة أيام (وقتذاك).
وقال مصدر في قيادة شرطة محافظة المثنى، إن "المحافظ محمد علي الحساني قُتل بانفجار عبوة ناسفة استهدفت موكبه على الطريق العام بين الرميثة ومدينة السماوة كبرى مدن المحافظة".
وفيما أشارت مصادر أمنية إلى مقتل اثنين من مرافقي الحساني، قال مدير شرطة المثنى العميد كاظم الجياشي "فرضنا حظرا للتجوال على خلفية اغتيال محافظ المدينة"، مؤكدا أن "العملية تمت بعبوة ناسفة على موكبه".
وأكد الجياشي، إن "قيادة شرطة المحافظة شكلت لجنة للتحقيق في ملابسات الحادث". ونشرت حواجز التفتيش والدوريات في شوارع المحافظة التي بدت خالية بعد عملية الاغتيال.
وشغل الحساني منصب محافظ المثنى منذ أكتوبر/ تشرين الثاني 2003 وجرى انتخابه محافظاً عام 2005 وبقي في منصبه حتى اغتياله .
وكان الحساني عضواً في منظمة بدر والمجلس الأعلى الإسلامي الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم، ورشحه حزبه، إلى جانب باقر جبر الزبيدي، لمنصب وزير الداخلية في حكومة رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري عام 2005.
كما أنه المحافظ الثاني الذي يُقتل خلال تلك الفترة بعبوة ناسفة في محافظات جنوب العراق. ففي الحادي عشر من آب 2007 قُتل خليل جليل حمزة محافظ الديوانية الذي ينتمي أيضاً إلى المجلس الأعلى الإسلامي وقائد شرطة المدينة إثر انفجار عبوات ناسفة استهدفت موكبهما جنوب المدينة التي تبعد 180 كيلومترا جنوب بغداد.
*اعتقال سريع لزعيم الخلية
في 22 آب 2007، قالت وزارة الداخلية العراقية إن قواتها تمكنت من اعتقال قاتل محمد علي الحساني محافظ المثنى، مشيرة الى أن القنبلة التي استُخدمت في قتله صُنعت في دولة مجاورة.
وذكر مدير مركز القيادة الوطنية في وزارة الداخلية اللواء عبد الكريم خلف في مؤتمر صحافي، إن "قوات الامن العراقية تمكنت من اعتقال المدعو رسول عبد الأمير وهو زعيم الخلية الإرهابية التي اغتالت محافظ المثنى".
وأضاف خلف، إن "الخلية التي ينتمي أعضاؤها الى بلدة الرميثة تتكون كذلك من ثلاثة اشخاص قاموا بنقل القنبلة من دولة مجاورة الى داخل الاراضي العراقية في نفس اليوم الذي تمت فيه عملية الاغتيال، موضحا أن جهات داخلية كانت تدعم عمل الخلية الارهابية في محافظة المثنى".
وأعرب المسؤول الامني، عن اعتقاده "بوجود علاقة بين حادث اغتيال محافظ الديوانية وحادث اغتيال محافظ المثنى".
واوضح، إن "العبوة التي استُخدمت في العملية تسمى (العبوة الشبكية) وقد تم تجميعها في بلد مجاور قبل نقلها الى العراق"، رافضا الكشف عن اسم الدولة المقصودة.
وتابع خلف قائلاً، إن "التحقيق سيكشف في وقت لاحق خفايا اخرى وإن السلطات العراقية تواصل البحث والتقصي عن بعض الادلة الجنائية قبل الإدلاء بمزيد من المعلومات".
*رواية تختلف جذرياً
في 27 آب 2007، قال وكيل وزارة الداخلية اللواء غالب الجزائري، إن "المنطقة التي قُتل فيها محافظة المثنى (الحساني) لا يستطيع أن يدخلها غريب وقد استُشهد المحافظ على أيدي أبناء عمومته".
وبين، أن السبب في ذلك يعود إلى "الانقسام في عشيرة آل حسان في الرميثة وتحديداً في قرية الجلباطية التي استُشهد فيها المحافظ".
وأضاف، إن "بعض أفراد العشائر الساكنة في مدينة الرميثة أغلقوا مكاتب بعض التجمعات السياسية والدينية في تلك المنطقة واستغل قسم من افراد عشيرة المحافظ هذا الأمر ذريعةً لمعارضته وحتى إيذائه بشتى الطرق والوسائل التي يمتلكونها ومنها العبوات الناسفة المتطورة جداً".
*شخصية سياسية متورطة
في 28 تشرين الأول 2008، كشف مصدر أمني مطلع في السماوة عن إلقاء القبض على أحد أفراد المجموعة التي قامت بتنفيذ عملية اغتيال محافظ المثنى السابق وقتل أحد أقربائه في مدينة البصرة في الوقت الذي أكدت اعترافاته بتورط شخصية سياسية رفيعة المستوى بالجريمة.
وقال المصدر، إنه "بعد متابعات استخبارية دقيقة تم إلقاء القبض على المجرم الثاني المشارك في عملية اغتيال محافظ المثنى السابق الشهيد محمد علي الحساني في العشرين من آب 2007 وكذلك ارتكابه جريمة قتل جندي من الجيش العراقي من أقرباء الحساني". وأضاف إن "العمل جار في المطاردة والبحث عن المتهم الثالث المتورط بالجريمة والفار عن وجه العدالة".
وأفاد المصدر، إن "التحقيقات الأولية مع المتهم أظهرت مشاركته بتنفيذ الجريمة وزرع العبوة الناسفة التي استهدفت الحساني كما اعترف بضلوع أحد الشخصيات السياسية (لم يسمّها) في التخطيط للجريمة"، مشيراً إلى أن "أمراً قضائياً صدر من محكمة السماوة بحق هذه الشخصية السياسية وفق المادة 4 إرهاب" .
*حكم بالإعدام
في 5 كانون الأول 2008، حكمت محكمة جنايات المثنى بإعدام المُدان بعملية اغتيال محافظ المثنى "محمد الحساني".
وذكر مصدر مسؤول في محكمة جنايات المثنى، أن المحكمة أصدرت حكما بالإعدام على "رسول عبد الأمير جاسم" وفق المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب "لثبوت تورطه بقتل محافظ المثنى السابق"، مشيرا إلى أن "الحكم قابل للتمييز".
*دعوى قضائية ضد وزير العدل
في كانون الأول 2011، كشفت وزارة العدل العراقية عن هروب سجين مدان بقتل محافظ المثنى عند نقله من أحد المعتقلات ببغداد لتنفيذ حكم الإعدام به، بعد أن تم نقله من سجن السماوة في محافظة المثنى. وقال الناطق باسم الوزارة حيدر السعدي إن "المدعو حليم بشير عطية المدان بقتل محافظ المثنى، والمحكوم عليه بالإعدام، تمكن من الهروب من أحد المعتقلات في بغداد". وأوضح السعدي، أن "الهروب تم عند نقله إلى مكان تنفيذ حكم الإعدام، بعد ورود مصادقة رئاسة الجمهورية على إعدامه".
في السياق، عقد مجلس محافظة المثنى جلسة طارئة ناقش خلالها موضوع عملية تهريب السجين حليم بشير عطية المحكوم عليه بالإعدام في قضية اغتيال محافظ المثنى السابق محمد الحساني.
وقال رئيس مجلس المحافظة عبد اللطيف الحساني إن المجلس قرر رفع دعوى قضائية ضد وزير العدل شخصيا ووكيل الوزارة ومديري دائرة الإصلاح وسجن المثنى المركزي متهما مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة المركزية بالوقوف وراء عملية تهريب السجين من سجن التسفيرات ببغداد.
وأوضح رئيس مجلس المثنى أن مدير سجن المثنى قام بنقل السجين المدان من مكان احتجازه في بغداد الى مكان تنفيذ حكم الإعدام بحقه في سجن التسفيرات في بغداد، رغم وجود أوامر من المحافظة بعدم تسفير أي سجين إلا بعلم الحكومة المركزية.
فيما وزارة العدل، أعلنت عن احتجاز مدير قسم التسفير وآمر المفرزة المسؤولة عن السجين الهارب وتسليمهم إلى جهاز مكافحة الإرهاب لإكمال التحقيقات معهم. من جهته، النائبة عن التحالف الوطني فاطمة تومان الزريجاوي دعت الى الكشف عن ملابسات هروب المدان حليم بشير، مطالبةً بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في هذه القضية.
كما اتهم رئيس مجلس محافظة المثنى عبد اللطيف الحساني، شخصيتين متنفذتين في الحكومة الاتحادية، لم يسمِّهما، بالوقوف وراء عملية تهريب السجين، الذي اغتالَ محافظ المثنى السابق محمد علي الحساني.
وقال في تصريح صحافي إن: "هناك شخصيتين متنفذتين في الحكومة الاتحادية تقفان وراء عملية التهريب"، مشيراً إلى أن السجين متهم باغتيال محافظي الديوانية خليل جليل حمزة ومحافظ المثنى محمد علي الحساني خلال عام 2007.
وأضاف الحساني: "إذا ثبت تواطؤ تلك الشخصيتين، فإن لنا كلمة سنقولها"، مشددا على أن "دماء العراقيين الأحرار لن تذهب سدىً من أجل البعض".
*أحدث تطورات القضية
وفي أحدث تطورات القضية، أفاد في 23 تشرين الثاني 2021، مصدر أمني بمحافظة النجف، بإلقاء القبض على "إرهابي خطير" متهم بالمشاركة في عملية اغتيال محافظ المثنى الأسبق جنوبي العراق.
وقال المصدر، إن "قوة أمنية تابعة لاستخبارات محافظة النجف تمكنت من إلقاء القبض على متهم مطلوب وفق المادة 4 من قانون مكافحة الإرهاب".
وأضاف، إن "عملية القبض تمت بمداهمة منزله في أحد أحياء مدينة النجف وعُثر بحوزته على أسلحة ومستمسكات مزورة كان يستخدمها للتحرك من أجل إخفاء هويته الحقيقية".
وبين المصدر، أن "المتهم المعتقل هو مطلوب لمحكمة تحقيق محافظة المثنى بتهمة المشاركة في اغتيال محافظ المثنى الأسبق محمد علي الحسّاني".