الابتزاز في المؤسسة العسكرية تحت الأضواء.. خطوة حكومية مهمة لتطهير المؤسسة من المبتزين تبدأ بالإحالة إلى الإمرة وقد تنتهي بالطرد من الخدمة.. تعرف على تفاصيل القصة
انفوبلس..
ضجة كبيرة هزّت المؤسسة العسكرية بدأت بإعلان الناطق باسم قائد القوات المسلحة في العراق يحيى رسول، باكتشاف شبكة داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية تعمل على ابتزاز الضباط والجنود عبر صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال رسول في بيان: "بحسب توجيهات القائد العام للقوات المسلحة، وبعد تشكيل لجنة تحقيقية برئاسة وزير الداخلية وعضوية رئيس جهاز الأمن الوطني والمفتش العسكري لوزارة الدفاع، فقد توصلت التحقيقات إلى تحديد عناصر شبكة داخل المؤسسة تعمل على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي صفحات بأسماء مستعارة لابتزاز المؤسسة الأمنية والإساءة إلى رموزها، فضلا عن ابتزاز الضباط والمنتسبين ومساومتهم".
وأكد، إن "اللجنة قررت إحالة الضباط المتورطين بهذا الفعل غير القانوني إلى الإمرة، واستمرار الإجراءات القانونية اللازمة وإكمال التحقيقات بحقهم".
ودعا جميع العاملين في المفاصل والتشكيلات العسكرية والأمنية إلى الابتعاد عن هكذا أفعال تُسيء إلى العمل في هذه المؤسسات العريقة، وإلى تاريخهم وعوائلهم، وعدم الانجرار بتصرفات وأفعال بعيدة كل البُعد عن جوهر عمل القوات الأمنية وواجباتها التي أُوكلت إليها.
وقالت مصادر مطلعة، إن من بين الضباط الكبار، كان سعد معن، المستشار الأمني لوزير الداخلية، والفريق سعد العلاق، مدير الاستخبارات العسكرية السابق ورئيس جامعة الدفاع.
وضمت القائمة كذلك 14 ضابطا برتب نقيب ومقدم وعقيد ولواء، من وزارتيّ الداخلية والدفاع، من شبكة كبرى تشمل نحو 40 ضابطا من وزارة الداخلية فقط.
وبحسب المصادر، فإن الشبكة كانت تدير عددا من الصفحات من بينها (العميد الكاظمي - شبح الدفاع - يوميات ضابط دمج - المستشار العسكري) وكذلك كروب على الفيسبوك باسم (العميد الكاظمي)، لافتةً إلى أن عملية التعقب تمت على حساب "الآدمن" وهو (نصير سالم عبيد الفتلاوي) ويسكن في النجف وكذلك "آدمن" آخر باسم زياد عبد النبي محمد يسكن في لندن ويستخدم رقم هاتف بريطاني، وبعد القبض على المتهمين اعترفوا بارتباطهم بكل من سعد معن الذي كان يدير مجموعة واتساب مع المدعو زياد يتم عبرها وضع عمليات الابتزاز لكل شخصية يُراد الإيقاع بها من قادة عمليات وقادة فرق عسكرية.
وأضافت، إن المتهمين بصفحة العميد الكاظمي هم كل من: نصير سالم عبيد (تم القبض عليه)، وزياد عبد الغني محمد (لم يُقبض عليه لغاية الآن)، وكانت الصفحة بدعم وإشراف وإسناد سعد معن، وأما المتهمون بصفحة شبح الدفاع فهم كل من: مثنى علي عبد السادة (موقوف)، ورسول عبد الهادي (موقوف)، وكانت بدعم وإشراف وإسناد وتوجيه من قبل سعد العلاق.
إلى ذلك، كشفت لجنة الأمن والدفاع النيابية، اليوم الخميس، العقوبات المتوقعة للضباط المتورطين بـ"شبكة الابتزاز"، فيما أشارت الى أنها قد تصل الى الطرد من الخدمة.
وقال عضو اللجنة ياسر وتوت، إن "إحالة عدد من الضباط الى الإمرة بعد ثبوت تورطهم بإدارة شبكة الابتزاز، هي خطوة أولية لغرض محاكمتهم والتحقيق معهم، بعد سحب المناصب العليا منهم، حتى لا يكون هناك أي تأثير على سير التحقيقات".
وبين وتوت، إن "هناك محاكم عسكرية شُكلت بحق هؤلاء الضباط"، مشيرا الى أن "الأمر لن يختصر فقط على الإعفاء من المناصب والإحالة الى الإمرة، بل ربما تكون هناك عقوبات مشددة عليهم تصل الى مرحلة الطرد من الخدمة".
وأوضح، إن "هذا الأمر يعتمد على نتائج التحقيقات وكذلك ما سيصدر من قرارات من المحاكم المختصة بهذا الأمر".
يذكر أن وزارة الدفاع كانت قد أصدرت، في 2/2/2024، توضيحا بشأن مقطع فيديو ظهر فيه أحد الضباط وادَّعى أنه تعرض للابتزاز مقابل ترقيته.
وقالت الوزارة في بيان، إن "بعض مواقع التواصل الاجتماعي تداولت مساء الخميس 1 شباط 2024، مقاطع فيديوية لضابط يرتدي البزة العسكرية، أساء من خلالها للمؤسسة العسكرية التي احتضنته لمدة أكثر من (٣٥) عاماً". ونود أن نوضح بصدده ما يلي:-
-إن الضابط الذي ظهر بمقاطع الفيديو هو اللواء الركن المتقاعد (عبدالحسین سعود سوادي) والذي أُحيل الى التقاعد بموجب الأمر الديواني (22235) في 15/8/2022 لبلوغه السن القانوني المحدد لرتبته كونه من تولد 1960.
- قُطعت علاقته من الخدمة من قبل قيادة القوات البرية بموجب كتابها/25773 في 6/5/2023 وأُرسلت معاملته التقاعدية الى دائرة التقاعد العسكري لإكمال صرف مستحقاته التقاعدية، إلا أنه امتنع عن استلام كتاب انفكاكه ومراجعة الدائرة أعلاه.
-المومأ إليه قام بمراجعة دائرة الأحوال المدنية التي يتبعها وتم تغيير تولده من (1960) الى (1963) خلافاً لما مثبَّت في سجلات وزارة الدفاع عند ابتدأ خدمته العسكرية في العام (1984) ومـا مثبّت كذلك في سجلات وزارة الدفاع بعد إعادته الى الخدمة بعد العام 2003 لغرض التحايل ومنع إحالته إلى التقاعد.
-لم تأخذ وزارة الدفاع بتعديل التولد أعلاه استناداً لأحكام المادة (46/ ثانياً) من قانون الخدمة والتقاعد العسكري الرقم (3) لسنة 2010، والتي نصت على مايلي: (يعتمد في تحديد عمر العسكري لغرض إحالته الى التقاعد تاريخ ميلاده المثبت في سجلات وزارة الدفاع عند ابتداء خدمته العسكرية) وكذلك المادة (34) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 التي نصت على أن (يكون المستند الذي جرى عليه التعيين أو تم تثبيت العمر بموجبه هو المعوّل لغرض التثبت من العمر الحقيقي للموظف او المتقاعد ولا يُعتدُّ بأي تصحيح قضائي أو إداري يصدر بعد ذلك).
-سبق وأن جرت مقابلته من قبل وزير الدفاع ثابت العباسي، بعد ادعائه بوجود معاملة فصل سياسي لديه، ووُجه بوجوب مراجعة لجنة المفصولين السياسيين والدوائر ذات العلاقة بصدد الموضوع بشكل أصولي وعلى وفق أحكام قانون إعادة المفصولين السياسيين الرقم (24) لسنة 2005، ولم يذكر هو لمعالي وزير الدفاع الافتراءات والأكاذيب التي أشار إليها في مقاطع الفيديو والتي تُسيء الى رموز المؤسسة العسكرية، علماً أن المومأ إليه قد دخل الى الجيش بتاريخ 15/10/1984 واستمر فيه لغاية 9/4/2003 ولا يوجد ما يشير الى وجود حالة انقطاع في خدمته إذ إنه تدرج في الرتب العسكرية أسوة بأقرانه، وآخر ترقية له كانت برتبة (مقدم ركن) بتاريخ 14/7/1999 ومؤشر لديه تكريمات عديدة من قبل النظام السابق وكان يشغل منصب آمر كتيبة.
-سبق وأن أُحيل الى المحكمة العسكرية الرابعة وحُكم عليه بموجب مقتبس الحكم المرقم (1300) في 19/11/2023 بالحبس الشديد لمدة (4) أربعة أشهر وفق أحكام المادة (341) من قانون العقوبات العراقي الرقم (111) لسنة 1969 مع تضمينه مبلغا قدره (72.000.000) اثنان وسبعون مليون دينار لتسببه في إلحاق ضرر بوزارة الدفاع، إضافة الى وجود قرار بإيقاف الإجراءات القانونية بحقه وفق أحكام المادة (57) من قانون العقوبات العسكري على خلفية استغلاله نفوذ وظيفته.
-سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المومأ إليه على خلفية ظهوره بالبزّة العسكرية بعد إحالته إلى التقاعد وإساءته للمؤسسة العسكرية ورموزها ونشره الأكاذيب والافتراءات والتي تدخل ضمن الأهداف المشبوهة التي تلتقي مع أهداف التنظيمات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار.
وفي عام 2020، بدأت الاستخبارات العسكرية العراقية بعمليات إلقاء قبض على الأفراد الذين ينتحلون صفة ضباط كبار في الجيش العراقي لممارسة أعمال الابتزاز والتزوير للحصول على الأموال.
وفي إحدى عمليات تلك الحملة أُلقي القبض على شخص ينتحل صفة عميد ركن في الجيش العراقي. ولم تُدلِ الجهات الأمنية بمزيد من التفاصيل عن حالة إلقاء القبض، لكن تفاصيل مثيرة ارتبطت بعملية إلقاء القبض التي نفذتها القوات الأمنية، على شخص انتحل صفة مستشار في رئاسة الوزراء ويحمل رتبة ضابط لواء ركن (ثالث أرفع رتبة في الجيش)، أثناء تجواله في العاصمة بغداد. حيث تفاعلت قصته على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي وعدَّها كثيرون مؤشرا على الفوضى الملازمة لمؤسسات الدولة المختلفة في غضون السنوات الأخيرة.
وتحدث كثيرون عن أن "الجنرال المزيف" الذي يرافقه جنود من الوزارة، كان يقابل بشكل منتظم مسؤولين في الحكومة ووزارة الدفاع بهدف الحصول على الأموال عبر نقل ضباط والحصول على عقود لمشاريع حكومية.
غير أن المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول نفى ذلك، وقال: "لا صحة لما يتم تداوله في صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، عن دخول المتهم وخروجه من وزارة الدفاع، والمنطقة الخضراء بحرية وبحمايات وعجلات تابعة للدولة والمتهم لديه حمايات وهمية: (جنود غير موجودين على لائحة وزارة الدفاع)". وذكر رسول، إن "المتهم يتحرك بوثائق عسكرية مزيفة ويمارس الاحتيال بأخذ مبالغ مالية من الشباب لإيهامهم بالتعيينات". وتوقع "صدور قرار قاس بحق المتهم لارتكابه جرائم يعاقب عليها القانون بشدة".
وفي وقتها، ألقت القوات الأمنية القبض مرة أخرى على شخص يحمل رتبة فريق أول ركن (ثاني أرفع رتبة عسكرية في الجيش) بمحافظة بابل، كان يستخدمها للابتزاز والنصب والاحتيال على المواطنين والدوائر الحكومية. وضُبطت مع "الفريق المزيف" أنواع عديدة من بطاقات التعريف والوثائق والصكوك المصرفية المزيفة.
وفيما تدافع المؤسسة الرسمية العسكرية عن نفسها بقوة حيال الانتقادات الموجهة لها بشأن حالة الفوضى وعدم الانضباط التي تسمح لبعض المغامرين واللصوص بانتحال صفات ضباط برتب رفيعة، يرى ضابط متقاعد في الجيش، أن "حالات انتحال الصفة تحدث في غالبية المؤسسات تقريبا ولا تقتصر على الجيش، وهي قديمة نوعا ما، لكنها كانت تحدث في حدود ضيقة جدا، لكنها اليوم منتشرة بشكل واسع على ما يبدو". ويضيف، "وبعد عام 2003 منحت الأحزاب السياسية رتباً عسكرية كبيرة للمئات وربما الآلاف من أْتباعها، في إطار ما يسمى بعملية (الدمج) داخل المؤسسة العسكرية". ويعتقد الضابط أن "ظاهرة انتحال الصفة ستظل موجودة مع وجود حالة الإرباك في المؤسسة العسكرية وتجاهل التقاليد المرعية فيها، إلى جانب التراخي في تطبيق القانون في عموم البلاد".