تطهير وادي زغيتون بالكامل.. بؤرة بقي بها التكفيريون 20 عاما وتحريرها سيحدّ 80% من خطورتهم

انفوبلس/ تقارير
بعد نحو 20 عاما من سيطرة قوى الظلام عليه، أعلنت القوات الأمنية مؤخراً تطهير وادي زغيتون في محافظة كركوك بالكامل وبمشاركة بطولية لرجال الحشد، تم ردم مناطق القصب ودحر جميع التكفيريين هناك، انفوبلس تقصت آراء القادة العسكريين بهذا الإنجاز الذي عُـدَّ الأهم خلال السنوات الماضية، فما تفاصيله؟ وما أبرز العمليات التي قام بها الحشد قبل وبعد تطهير الوادي؟
تحرير بعد 20 عاما من سيطرة الإرهابيين
قبل يومين، أعلن الجيش العراقي عن انتهاء عمليات تأمين منطقة وادي زغيتون في محافظة كركوك شمالي البلاد، التي تعتبر إحدى أبرز المناطق المتوترة بفعل نشاط مسلحي تنظيم "داعش" فيها.
وقال قائد الفرقة 11 اللواء الركن معز بداي، إن قوات الجيش تمكّنت من إتمام عملية واسعة لتطهير وتأمين وادي زغيتون، مع ردم مناطق القصب التي كانت تمثل ملاذاً للإرهابيين.
ويمثل تطهير المناطق من الإرهاب خطوة مهمة في استعادة الأمن والاستقرار، ويعزز من قدرة القوات الأمنية على حماية المواطنين والتصدي للتهديدات الإرهابية. كما يسهم في إعادة الإعمار والتنمية في المناطق التي تأثرت بالإرهاب.
وأضاف بداي، في إيجاز قدمه للصحافيين، أن منطقة وادي زغيتون أصبحت تحت قبضة الجيش العراقي بعد عشرين عاماً من استغلالها من الجماعات الإرهابية، وأشار إلى أن هذه الخطوة "تأتي في إطار الجهود المستمرة للقضاء على الإرهاب وتأمين المناطق التي كانت تشكل ملاذاً آمناً للعناصر الإرهابية".
وكثّف الجيش العراقي عملياته الأمنية لمنع تحركات عناصر تنظيم "داعش"، خاصّة في المحافظات الشمالية والغربية، وأعلنت قيادة الجيش مؤخراً أن أعداد الإرهابيين الموجودين في العراق حالياً لا تزيد عن 400، ويختبئ ما تبقى من عناصر التنظيم في مناطق وعرة، لكن السلطات الأمنية العراقية تقول إنها "تحت المراقبة".
ويستهدف الطيران الحربي العراقي باستمرار خطوط الإمداد لهذه الجماعات، وتحديداً على حدود محافظات نينوى وديالى وكركوك وصلاح الدين والأنبار، وفي مناطق تقع على حدود محافظتَي كركوك والسليمانية، مثل وداي زغيتون، ووادي الشاي، وجبال الشيخ يونس، ووادي حوران.
ويقع وادي زغيتون غرب محافظة كركوك شمال العراق، ويتمتع بتضاريس صعبة ووعرة مترامية الأطراف، وهو جزء من أودية عدّة بالمنطقة، أبرزها وادي الشاي ووادي الخناجر، ويصل طوله إلى 73 كيلومتراً، ووفر الوادي خلال السنوات الماضية ملاذاً للجماعات المسلحة.
ويعتمد الجيش العراقي في مواجهة ما تبقى من عناصر وقادة تنظيم "داعش" الإرهابي داخل أراضيه على الضربات الجوية النوعية، وحققت تلك الضربات نجاحات كبيرة خلال الآونة الأخيرة، إذ تواصل القوات الأمنية العراقية تحقيق تقدم وازن في ملاحقة ومتابعة خلايا التنظيم، وتمكّنت من قتل عدد من قادة التنظيم وعناصره، إضافة إلى تدمير عدد كبير من المضافات السرية في المناطق الصحراوية، وفق بيانات رسمية.
ماذا بعد التطهير؟
من جهته قال المستشار العسكري السابق اللواء المتقاعد، صفاء الأعسم، إن "الإعلان عن تأمين وادي زغيتون بمحافظة كركوك، يمثل خطوة مهمة جداً، فهذا الأمر سيقلّل من خطورة خلايا تنظيم داعش التي كانت تنشط على نحوٍ خطير وكبير في الوادي، وكان هذا الوادي يمثل منطلقاً لتلك الجماعات الإرهابية لشنّ عملياتها الإرهابية طيلة السنوات الماضية".
وشدّد الأعسم على "ضرورة أن يكون هناك متابعة ومسك لكامل الأراضي في وادي زغيتون بعد عملية التطهير، لمنع عودة خلايا تنظيم داعش لمنع أن يكون هذا الوادي مجدداً مركز لعمليات التنظيم الإرهابي، فهذه العملية إنجاز عسكري مهم ويجب الحفاظ على هذا المنجز، كما أن هذه العملية سوف تحد من خطورة بقايا تنظيم داعش بنسبة لا تقل عن 80%".
وأضاف المستشار العسكري أن "المعلومات العسكرية والاستخباراتية تؤكد أن ما تبقى من عناصر تنظيم داعش لا يتجاوز 300 عنصرٍ بعد الضربات الجوية والبرية النوعية طيلة الأشهر الماضية. ونتوقع أنه سيجري القضاء على ما تبقى من هؤلاء الإرهابيين مع نهاية العام الجاري، خاصة في ظل استمرار الجهود العسكرية، وتطور أداء القدرات الأمنية والاستخباراتية، لكن يبقى الحذر واجباً من أي تحركات لخلايا التنظيم خاصّة أنّ العراق مقبل على عملية انتخابية، وداعش يستغل أي حدث لشنّ هجماته".
وكان القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، قد أصدر توجيهات إلى القيادات الأمنية بالتأهب وإجراء مراجعات شاملة للخطط العسكرية، مشدّداً على تغيير التكتيكات العسكرية المتّبعة في المناطق التي تشهد نشاطاً لتنظيم "داعش"، واتباع أساليب غير تقليدية للمواجهة، بهدف إضعاف قدرات عناصر التنظيم والحدّ من حركاتهم.
إنجاز مهم للقوات الأمنية
في السياق ذاته، قال الرائد رياض العبيدي من قيادة عمليات كركوك، إن وادي زغيتون الذي يمتد من أطراف مدينة كركوك إلى منطقة الزركة بمحافظة صلاح الدين وصولا إلى سلسلة جبال حمرين، يعد من أهم مناطق تواجد خلايا مسلحي داعش بين المحافظتين.
وأضاف العبيدي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن وعورة الأرض وكثافة الغطاء النباتي ووجود مستنقعات مائية في هذا الوادي، جعلت منه ملاذا لبقايا مسلحي التنظيم على الرغم من العمليات العسكرية التي نفذتها القوات العراقية على مدى السنوات الماضية.
واشار إلى أن الإعلان عن تطهير الوادي من المسلحين والسيطرة عليه، يمثل انجازا مهما للقوات الأمنية وسيسهم في تعزيز الأمن في القرى والمناطق المجاورة للوادي.
وينحدر وادي زغيتون من أطراف منطقة الحويجة جنوب غرب كركوك، ويلتقي بوادي آخر يسمى وادي أبو خناجر، حيث يبلغ عرض وادي زغيتون وأبو خناجر ما يقارب من 4 إلى 5 كيلومترات وبطول 73 كيلومترا، ويضم العديد من القرى.
وأعلن العراق في التاسع من ديسمبر العام 2017 طرد عناصر تنظيم داعش الإرهابي وفرض السيطرة الكاملة على جميع الأراضي العراقية، لكن خلايا تابعة للتنظيم ماتزال تنشط في بعض المناطق الصحراوية والجبلية، فيما تقوم القوات العراقية بمتابعتها وتوجيه الضربات الجوية أو تنفيذ عمليات عسكرية ضدها.
دور الحشد الشعبي في التطهير
لعب الحشد الشعبي دورًا محوريًا في تطهير وادي زغيتون بمحافظة كركوك من فلول تنظيم "داعش" الإرهابي، خاصة بعد أن أصبح هذا الوادي واحدًا من أهم معاقل التنظيم وخطوطه الخلفية التي كان يستخدمها لشن هجمات مباغتة على القوات الأمنية والمدنيين. وبفضل موقعه الجغرافي الوعر، كان وادي زغيتون يمثل تحديًا كبيرًا للقوات العسكرية، ما استدعى تدخل قوات الحشد الشعبي بوحداتها القتالية ذات الخبرة في حرب العصابات والمناطق الجبلية.
إذ نفّذ الحشد الشعبي سلسلة عمليات تمشيط واسعة بمشاركة وحدات من الجيش العراقي، استخدمت فيها طائرات الاستطلاع، والطائرات المسيرة، إلى جانب فرق المشاة القتالية. وقد أسفرت هذه العمليات عن مقتل واعتقال عدد من عناصر التنظيم، وتدمير أوكار وأنفاق كانوا يتحصنون بها داخل الوادي.
كذلك، كان للحشد الشعبي دور كبير في جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية بالتعاون مع الأهالي المحليين، مما ساعد في تحديد أماكن تواجد المسلحين بدقة وتفادي وقوع خسائر في صفوف المدنيين.
وبعد تحرير الوادي، ساهم الحشد في تأمين المناطق المحيطة ومنع تسلل المسلحين مجددًا، كما أقام نقاط تفتيش ثابتة ومتحركة، وساهم في إعادة بعض العائلات المهجرة تدريجيًا إلى قراها.
وشكلت مشاركة الحشد الشعبي في هذه العملية رسالة قوية بأن جميع مناطق العراق هي ضمن مسؤولية الدولة، ولا يمكن ترك أي مساحة تشكل خطرًا على الأمن القومي. كما عززت هذه المشاركة الروح المعنوية في صفوف القوات العراقية والشارع الشعبي عمومًا.