عبوة وهجوم مسلح في العمرانية بديالى.. من يقف وراء العملية التي تسببت بسقوط 11 شهيداً؟ ومن يريد إيذاء النائب صلاح زيني؟
انفوبلس/..
لم تكتمل فرحة "أبو حسن هيثم محمد التميمي" بفرحة حنته، فهو كان ينتظر بشغف اليوم التالي ليزف إلى عروسته ويبدأ حياة جديدة مع حبيبة قلبه التي انتظرها لسنوات، لكن للإرهاب كان رأياً آخراً، فبدد هذه الأحلام وحول فرحة العروسين وأهلهما إلى حزن ليس كأي حزن عادي، حزن عميق ربما لن يندمل لسنوات طوال، فخطف برصاصاته هذا العريس الشاب ومعه والده وشقيقه وابن شقيقته.
*بداية الحادثة
انفجرت عبوة ناسفة بسيارة مدنية قرب قرية العمرانية، حيث قتل السائق على الفور، ثم جرى إطلاق النار على المتجمعين حول السيارة، مسفرا عن ضحايا.
وقع الحادث عند الساعة 9:30 مساء الخميس، وكان معظم الضحايا من أقارب صباح زيني التميمي، البرلماني العراقي المرشح عن قائمة "نبني"، ويعيش في العمرانية.
وبحسب شاهد عيان، فإن "العبوة انفجرت على منتسب من أهالي العتبة - بلدروز، وعلى سماع صوت الانفجار خرج أهالي العرس الذين كانوا قريبين من موقع الحادث مسرعين لرؤية ما حدث، فتح شخص مجهول نيران سلاح "بي كي سي" نحوهم فأصاب برصاصاته العريس "ابو حسن هيثم محمد التميمي" ووالده واخوه وابن اخته وهو استشهدوا جميعاً".
عقيل عبيد، أحد الشهود على الحادثة، يقول: "لا أحد يعلم ما هي الأسباب، والعبوة انفجرت بالسيارة، ولدي أعمام في قرية أبو تويثة القريبة من العمرانية، وهذه فاجعتنا كلنا".
يقول سجاد فاضل، شاهد آخر: "حينما انفجرت العبوة، هرعنا للمكان، وما أن وصلنا حتى قاموا باستهدافنا، أصابوا 3 من عندنا، وما أن لحق بنا الآخرون استهدفوهم أيضاً عن طريق المسدسات".
بدوره، أفاد مصدر أمني، الخميس الماضي، باستشهاد وإصابة عدد من المواطنين بهجوم مسلح في محافظة ديالى.
وقال المصدر، إن "هجوماً ارهابياً بالأسلحة القناصة استهدف قرية العمرانية في ديالى".
من جهته، قال مصدر آخر، إن "هجوماً مزدوجاً نفذه مجهولون بعبوتين ناسفتين وأسلحة قنص استهدف مركبة تقل مدنيين بين ناحية الوجيهية (25 كم شمال شرق بعقوبة) وقرية (العمرانية)"، مبيناً أن "العبوتين انفجرتا مستهدفة المركبة وبعد تجمع المواطنين أطلق مجهولون النار من أسلحة قناص، ما تسبب بمصرع 3 مدنيين وإصابة 4 آخرين كحصيلة أولية".
وأشار المصدر، إلى أن "قوة أمنية حضرت إلى مكان الحادث، وسهلت نقل المصابين إلى المستشفى، فيما شنت حملة تفتيش في محيط الحادث، بعد أن طوقته بالكامل".
وأوضح أن "الهجوم استهدف أقارب النائب عن ديالى، صلاح زيني التميمي".
*زيني لم يقتل
وفي هذا السياق، نفى شقيق النائب صلاح زيني، وفاة شقيقه، خلال الهجوم الذي تعرضت له قرية العمرانية في ديالى. وقال: "المعلومات التي يتم تداوله حول مقتل شقيقي هي غير دقيقة".
*الحصيلة
حصيلة ضحايا هجوم العمرانية انتهت عند 11 شهيد وأكثر من 10 جرحى والآن هناك إجراءات أمنية مشددة في مكان الحادث ويتم تفتيش المنطقة ومسحها تحسبا لوجود عبوات أخرى، وفق مصادر مطلعة.
*من يقف وراء الهجوم؟ ومن يريد إيذاء النائب صلاح زيني؟
إلى ذلك، أكدت مصادر أمنية أن “هجوم العمرانية غامضة ولم تثبت ضلوع تنظيم داعش بارتكابها حتى الآن”، فيما لم تدل السلطات الأمنية بأي تعليق حيال الحادثة حتى الآن.
في المقابل، قدم محافظ ديالى مثنى التميمي، التعازي بسقوط عدد من المواطنين ضحايا بهجوم وصفه بـ”الإرهابي” في قرية العمرانية ضمن قضاء المقدادية.
وذكر التميمي، في بيان: “نتوعد القتلة بملاحقتهم لينالوا جزاءهم العادل، ولن نسمح بأي خرق يستهدف المواطنين وتعكير صفو الأمن والاستقرار في قضاء المقدادية”.
*كبار قادة الجيش يصلون ديالى للتحقيق في هجوم العمرانية
في السياق نفسه، وصل نائب قائد العمليات المشتركة، يوم الجمعة، على رأس قوة أمنية، إلى محافظة ديالى للوقوف على ملابسات هجوم العمرانية.
وبحسب بيان للعمليات المشتركة، فأنه “تنفيذا لتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة وصل نائب قائد العمليات المشتركة الفريق اول الركن د. قيس المحمداوي فجر اليوم، محافظة ديالى يرافقه قائد القوات البرية وعدد من ضباط هيئة ركن القيادة للوقوف على ملابسات الحادث الذي وقع مساء امس الخميس في المحافظة وراح ضحيته عدد من الأبرياء".
واضاف، أنه “فور وصول نائب قائد العمليات المشتركة قيادة عمليات ديالى عقد اجتماعاً أمنياً مع القيادات والاجهزة الامنية شدد من خلاله على تعقب الجناة والقصاص منهم ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه المساس بارواح العراقيين”.
وأكد نائب قائد العمليات المشتركة بحسب البيان، ” تشكيل لجنة عليا للتحقيق بملابسات هذه الفعلة النكراء وتقديم مرتكبي هذا الحادث الغادر الى العدالة”.
*لا تهاون في دماء العراقيين
مشيراً الى أن “دماء العراقيين لا يمكن التهاون معها وان قواتنا الأمنية ستلاحق هؤلاء الذين اقدموا على هذا الفعل الجبان”.
وتابع، أن “الفريق اول الركن قيس المحمداوي نائب قائد العمليات المشتركة، حضر مجلس العزاء الذي اقيم على ارواح الضحايا وقدم واجب العزاء للاهالي”، مشيدا بـ “صبر وحكمة ذوي الضحايا وعشائرهم النبيلة الكريمة التي وقفت ضد الارهاب وواجهته وحمت مناطقها ودافعت عن العراق في معركة الكرامة والبسالة”.
وأوضح البيان، أنه “تفقد نائب قائد العمليات المشتركة الفريق اول د.قيس المحمداوي مكان الحادث ومقترباته واطلع على التفاصيل المتعلقة بالجريمة الارهابية”، لافتا الى أن “الاوامر والتوجيهات قضت بتهيئة وتوفير طائرة اسعاف من موارد قيادة طيران الجيش لنقل الحالات الطارئة والحرجة من مستشفى بعقوبة الى مشافي العاصمة بغداد”.
*توجيهات من السوداني
قال مصدر مطلع، إن “القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني اصدر 3 توجيهات فورية حيال هجوم العمرانية“.
وأضاف، أن “التوجيهات تضمنت تشكيل لجنة تحقيق عاجلة وارسال وفد امني رفيع من بغداد للوقوف على حيثيات ما حصل واتخاذ كافة الاجراءات الامنية لطمأنة الاهالي”.
*فتنة سابقة
وفي شباط الماضي، تعرضت قرية "الجيايلة" في قضاء الخالص بمحافظة ديالى لهجوم "مسلح" من قبل مجهولين، أسفر عن مقتل تسعة أشخاص من القرية، خمسة منهم من عائلة واحدة، في حادثة كادت أن تُشعل فتنة واسعة في المحافظة.
وأوضح قائد عمليات ديالى، اللواء الركن علي فاضل عمران، (وقتذاك) أن القتلى مزارعون في مزرعة تبعد قرابة 700 متر عن قرية "الجيايلة"، وأن "الهجوم حصل بسبب خلافات عشائرية سابقة وأنه جنائي 100%". من ناحيته، أمر رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بتشكيل فريق تحقيق للوقوف على حيثيات الحادثة وتقديم تقرير شامل خلال 24 ساعة. فيما اجرى زيارة للمحافظة.
وكان النائب عن محافظة ديالى، صلاح زيني التميمي، وصف زيارة السوداني، إلى المحافظة بأنها "غير موفقة ولا فائدة منها"، مشيراً إلى أن السوداني التقى بـ "شيوخ مدّاحين" لم يتحدثوا بالحقائق.
وتساءل التميمي، في رسالة بعث بها إلى السوداني: "هل تعلم أن زيارتك اليوم لا فائدة منها؟ وهل تعلم أن مَن التقيت بهم من الشيوخ كانوا مدّاحين ولم يخبروك حقيقة ما يجري، ومن حدّثوك أتباع وتم تجنيدهم مسبقاً للحديث معك؟".
وتابع: "هل تعلم أنه تم تضليلك من قبل القيادات الأمنية في ديالى، ولم ينقلوا لك شيئاً من الحقيقة، وتم إخفاء أدلة بالحادث الأخير ومنها (مسطرة تفجير العبوة الناسفة) التي تم ضبطها من قبل قسم المتفجرات ولم يتم ذكرها بالتقرير؟"، متسائلاً أيضاً "فكيف لنا أن نؤمن بهكذا قيادات؟".
وأضاف، إنه "كان الأجدر أن تزور ذلك الشيخ الذي لديه 60 شهيدا ولم يقبل بحدوث فتنة بعد الحادث الأخير وعمل على ضبط النفس وهم كانوا بانتظارك".
واستغرب التميمي "من عدم لقاء السوداني بنواب ديالى وهم مَن طلبوا منه المجيء إلى هناك للوقوف على الحقائق".
واتهم النائب، "محافظ ديالى الحالي بالتورط بالتهريب"، قائلاً: "هل تعلم أن محافظ ديالى مسؤول عن التهريب حسب تقرير الاستخبارات ذي العدد 22 -753 بتاريخ 10 -1-2022 معنون إلى وكالة استخبارات ولدية معبر غير أصولي في ناحية قزانية يعمل على إدخال أكثر من 20 شاحنة غير رسمية يوميا وتم مقتل 3 أشخاص بسبب هذا المعبر".
واعتبر التميمي زيارة السوداني لديالى غير موفقة، متسائلاً "هل تعلم أن هناك أكثر من 200 قضية فساد وهدر مال عام على محافظة ديالى لم تُفعَّل إلى الآن".
واختتم النائب رسالته بالقول: "يؤسفني أن أقول إنها زيارة غير موفقة، ولطالما انتظروها منك أهلنا، ويؤلمنا ما حصل، ولدينا الكثير من الوثائق وأملنا كبير بأن تدقق لمعرفة الحقائق يا أبا مصطفى".
*الجيايلة” والعامري.. كيف وُئِدَت الفتنة في اللحظات الأخيرة؟
كادت أن تكون حادثة “الجيايلة” في أطراف قضاء الخالص بديالى، شرارة لعودة الطائفية، لولا تدارك الأمر بسرعة فائقة من قبل القادة الأمنيين والسياسيين، وأبرزهم رئيس تحالف الفتح هادي العامري، الذي فتح قنوات تواصل مستمرة مع العشائر في المنطقة، وبحسب ما أكد نواب ومحللون سياسيون فإن زيارة العامري منعت أي تداعيات لتطور الحادثة إلى اقتتال داخلي، بسبب المقبولية التي يحظى بها.
وقال النائب عن كتلة بدر النيابية كريم عليوي، إن “زيارة العامري الى محافظة ديالى كانت مهمة جداً من أجل إطفاء الفتنة، فهناك مَن يريد إشعال الفتنة الطائفية من جديد، وهذه الأطراف تريد استغلال أي ظرف أمني لخلق هذه الفتنة”.
وأضاف عليوي، إن “زيارة العامري الى ديالى والاجتماع مع عشائرها، يهدف الى التهدئة ومنع أي اقتتال داخلي لأي سبب كان، وزيارته كانت ناجحة وهو مستمر في التواصل مع عشائر ديالى كافة والقيادات الأمنية والعسكرية، من أجل وضع حلول لمنع تكرار هكذا خروقات يُراد الهدف منها إشعال الفتنة الطائفية والفتنة الداخلية ما بين العشائر العراقية”.
وبين، إن “القوات الأمنية والحشد الشعبي قادرون على ضبط الملف الأمني في عموم مناطق محافظة ديالى، وما يُروَّج عن انفلات الوضع الأمني في المحافظة هدفه بث الشائعات لأغراض وأهداف سياسية ليس إلا، وهذا الأمر أصبح مكشوفا لدى أبسط المواطنين”.
وكان رئيس تحالف الفتح هادي العامري، قد زار ديالى، ومضايف عشيرتَي العزة والبوبالي، ودعا الطرفين إلى التهدئة وضبط النفس وعدم اللجوء إلى التصعيد وانتظار نتائج التحقيق وجعل القضاء والقانون هما الفيصل في حل النزاع.
يشار إلى أن مذكرات قبض قد صدرت بحق المتهمين بالحادثة، فيما صدرت تأكيدات بأنها رد فعل انتقامي لحادث (البو بالي) قبل أشهر عدة والتي راح ضحيتها أكثر من 10 مدنيين بين ضحية ومصاب.
جدير بالذكر، أن ذوي ضحايا مجزرة الجيايلة اعتصموا حاملين جثث الضحايا أمام محافظة ديالى، رافضين دفنهم لحين القبض على المتورطين في المجزرة، لكن أثمرت وعوداً من الحكومة المحلية والقيادات الأمنية بانسحاب المعتصمين ونقل جثامين الضحايا الى المقابر لدفنهم.
وفي 19 أيلول الماضي، أصدرت محكمة جنايات ديالى، أحكاماً بحق ثلاثة مُدانين لقيامهم بارتكاب جرائم قتل عدد من المواطنين بينهم نساء في قرية الجيايلة في ديالى.