وزارة الداخلية تتسلم الملفات الأمنية في المحافظات تباعاً.. هل نشهد انسحاب الجيش العراقي الى المعسكرات؟
انفوبلس/ تقرير
تستكمل وزارة الداخلية استعداداتها وإجراءاتها لتسلّم الملف الأمني كاملاً في عموم أرجاء العراق في نهاية العام الحالي أو العام المقبل، بعد انتهاء الظروف الاستثنائية التي حالت دون ذلك، وسط تفاؤل ودعم لهذا التحوّل الذي طال انتظاره، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على آخر مستجدات هذا الملف.
تسلُّم الملف الأمني من قبل وزارة الداخلية استحقاق دستوري، إلا أنه لم يُنفذ في وقت سابق بسبب الظروف الاستثنائية، وتسليم ملف المدن ومراكزها إلى وزارة الداخلية هو إجراء كان من المفترض أن يحصل في وقت مبكر، حيث يضع المؤسسة الأمنية أمام الاستحقاق الوطني والدور الوظيفي دستورياً في مسك الملف الأمني.
ويقول الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني، العميد مقداد ميري، إن "وزارة الداخلية استلمت الملف الأمني في (6) محافظات"، مشيراً إلى أن "هناك (3) محافظات ستتولى الداخلية ملفها الأمني قريباً".
ويضيف، إن "المحافظات التي استلمت الداخلية ملفها الأمني هي النجف، الديوانية، واسط، المثنى، ذي قار، السماوة"، لافتاً إلى أن "الوزارة سوف تتسلم قريباً ملف أمن الأنبار وصلاح الدين والبصرة".
ويوضح الناطق باسم وزارة الداخلية، أن "عملية نقل الملف الأمني إلى وزارة الداخلية بالكامل ستتم خلال العام الحالي، ومن الممكن أن ترحل محافظتان إلى العام المقبل". ويتابع، أنه "بعد جهوزية القوات الأمنية، أصبح إلزاماً أن يقوم الجيش بواجباته الطبيعية والأجهزة الأمنية كذلك والتعرضات الإرهابية التي تشهدها بعض المحافظات بين حين وآخر مقدور عليها".
من جانبه، يؤكد عضو لجنة الأمن النيابية النائب علي نعمة، أن ست محافظات ستجري استلام ملفها الأمني قبل نهاية الفصل الأول من 2024. ويقول نعمة، إن "تسليم ملف أمن المحافظات لوزارة الداخلية هو استراتيجية حكومية في إطار إعادة النظر في الألوية بحكم الاستقرار وتقلص التحديات وبروز الحاجة إلى نقل قطعات الجيش إلى خارج المدن وفق رؤية تشمل كل المحافظات دون استثناء".
ويبين، أن "ست محافظات على الأقل سيجري تسليم ملفها الأمني لوزارة الداخلية قبل نهاية الفصل الأول من 2024،" مؤكداً بأن "الآليات لاستلام الملف تجري من خلال لجنة عليا تأخذ بنظر الاعتبار التقييم الشامل للأوضاع وتحدياتها مع إعطاء الأولوية للمحافظات المستقرة".
ويشير إلى أن "استلام وزارة الداخلية أمن المحافظات خطوة في الاتجاه الصحيح وستدفع قوات كبيرة للانتقال إلى محاور أخرى لمكافحة الإرهاب وضمان عدم وصوله إلى المدن والأرياف".
ومنذ سنوات عدة، تحاول الحكومة العراقية نقل مسؤولية الملف إلى وزارة الداخلية، إلا أنها تتراجع عن التنفيذ، ما يؤشر إلى وجود عقبات تحول دون إمكانية ذلك.
ويكشف عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، النائب علي نعمة البنداوي، عن وجود 3 مراحل لتسليم أمن المحافظات، مرجحاً استكمال عملية النقل فعلياً الى وزارة الداخلية في نهاية العام الحالي.
4 أسباب وراء قرار نقل أمن المحافظات الى وزارة الداخلية
ويقول البنداوي، إن "استراتيجية حكومة السوداني الامنية حددت مسارات مبكرة بعد تشكيلها لبوصلة أمن المحافظات من أبرز ملامحها تسليم أمن المحافظات الى وزارة الداخلية وفق آليات محددة تأخذ بنظر الاعتبار مستجدات الأمن الداخلي"، مردفا أن هنالك أربعة أسباب وراء قرار نقل أمن المحافظات الى وزارة الداخلية أبرزها قدرة تشكيلات الاخيرة وتنامي فعاليتها في مواجهة كل التحديات بالإضافة الى الاستقرار يضاف اليها ضرورة نقل القطعات العسكرية الى خارج المدن باتجاه الحدود ومناطق أخرى وفق الحاجة الامنية من أجل تعزيز الأطواق ودرء أي مخاطر خارجية".
ويوضح الى أن "تسليم أمن المحافظات الذي بدأ في ذي قار سيكون على 3 مراحل"، مرجحاً بأن "نهاية 2024 سيكون أمن جميع المحافظات قد نُقل فعليا الى وزارة الداخلية وفق الخطط الموضوعة".
ويشدد البنداوي، على أن "الاستقرار يدفع الى تغير في الخطط والبرامج الامنية وهذا أمر حيوي وفعّال خاصة وأن إعادة الانتشار بات ضروريا في حكم مستجدات الأمن خلال 2024 من أجل زيادة الإنجازات وسد أي فراغات تُستغل من قبل الإرهاب او الجريمة المنظمة".
وكان البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد تضمن بندًا ينص على سحب جميع وحدات الجيش من المدن، وتسليم الملف الأمني فيها لوزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية بالتنسيق مع بقية الأجهزة الأمنية؛ مثل: الأمن الوطني وجهاز الاستخبارات.
إلى ذلك، يوضح الخبير في الشأن الأمني والعسكري، أحمد الشريفي، إن "مسك الملف الأمني من قبل وزارة الداخلية في حقيقته تنفيذ للأدوار الوظيفية للمؤسسات، ودستورياً - وتحديداً في النظم الديمقراطية – فإنه لابد من أن يكون العمل الشرطوي في مراكز المدن والمناطق الملحقة بها، ومراعاة لما يُطلق عليه بالحقوق الدستورية وحقوق الإنسان".
آليات تعامل الشرطة مع المواطن أفضل من عمل المؤسسة العسكرية التي يكون دورها محكوماً بالظروف الطارئة، ووجود ما يُطلق عليه قانون الطوارئ الذي يجيز استخدام الجيش لأسباب ومقتضيات، وبمجرد إزالتها يجب أن تغادر المؤسسة العسكرية لتذهب إلى أداء دورها الوظيفي في حماية الحدود أو حماية السيادة بأبعادها الثلاثة البرية والبحرية والجوية، بحسب الشريفي.
ويلفت الشريفي، إلى أن "تسلم الملف الأمني من قبل وزارة الداخلية استحقاق دستوري، إلا أنه لم يُنفذ في وقت سابق بسبب الظروف الاستثنائية، والظروف الآن طبيعية ويجب تسليم ملف المدن ومراكزها إلى وزارة الداخلية، وهذا الإجراء كان من المفترض أن يحصل بوقت مبكر، وهو إجراء يضع المؤسسة الأمنية أمام الاستحقاق الوطني والدور الوظيفي دستورياً في مسك الملف الأمني من قبل وزارة الداخلية".
وزارة الداخلية أجرت العديد من التجارب وأثبتت كفاءتها في أداء هذه المهمة الوطنية
ويشير إلى أن "هذا الاستحقاق يجب أن يأخذ بنظر الاعتبار لسببين؛ الأول دستوري - كما أسلفنا - والثاني لكي تضع المؤسسة نفسها أمام اختبار يتيح لها رؤية الحاجة الفعلية لتطوير هيكلها على مستوى الأفراد والتجهيز التقني والعسكري والقدرات التسليحية".
وزارة الداخلية أجرت العديد من التجارب وأثبتت كفاءتها في أداء هذه المهمة الوطنية ـ تسلم الملف الأمني - التي تعتبر من صميم واجباتها، وما حصل مؤخراً في الزيارة الأربعينية والسيطرة على الأعداد الكبيرة الوافدة من مختلف المناطق إلى كربلاء المقدسة، مؤشر على جهوزية وزارة الداخلية لمسك الملف الأمني في جميع المحافظات، وفقا للشريفي.
وتوقع قائد شرطة محافظة كركوك، اللواء كاوه غريب عبد الرحمن، تسلم قيادة الشرطة الملف الأمني خلال العام الجاري، بعد أن كان لقرابة 5 سنوات بيد قوات الجيش العراقي.
كما اطلع الناطق الرسمي لوزارة الداخلية العميد مقداد ميري أمس، على جاهزية قيادة شرطة محافظة البصرة لتسلم الملف الامني من خلال استعراض لقطاعات أفواج الطوارئ والقوات القتالية التابعة لقيادة الشرطة، بحضور رئيس اللجنة الأمنية لمحافظة البصرة المحافظ أسعد العيداني وقائد شرطة المحافظة اللواء قاسم راشد زويد وعدد من القادة ومديري الأجهزة الأمنية.
ومنذ الغزو الأميركي عام 2003، يبسط الجيش العراقي سيطرته على جميع مدن البلاد، باستثناء مدن إقليم كردستان العراق، إذ تنتشر حواجز التفتيش والسيطرات الخارجية والمعسكرات داخل مدن البلاد وحولها، إضافة لوجود قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية.
ومن شأن هذا القرار -حسب مراقبين- فسح المجال أمام الجيش العراقي لاستعادة قوّته وتأهيل أفراده بعد سنوات من الانشغال بالمعارك العسكرية وضبط الأمن الداخلي، خاصة وأن الكثير من الفرق والألوية العسكرية تضررت جرّاء اجتياح تنظيم "داعش" مناطق عدة صيف عام 2014، ما تسبّب بتلف الآليات والمدرعات والتجهيزات الأخرى، فضلًا عن الخسائر البشرية.