الجوع يفتك بالأطفال ويدفع الرضّع إلى الموت في تجويع ممنهج يرقى للإبادة الجماعية

كارثة إنسانية في غزة
انفوبلس..
في وقتٍ تتفاقم فيه الأزمة الإنسانية في غزة إلى مستويات كارثية، أعلنت وزارة الصحة في القطاع عن ارتفاع عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 122 شهيداً، بينهم 83 طفلاً، وسط انعدام شبه كامل للغذاء والدواء والماء، وتصاعد معاناة الأطفال بشكل خاص، مع فقدان آلافٍ منهم لذويهم، وغياب حليب الرضع والرعاية الطبية، مما يهدد جيلاً كاملاً بالفناء.
وخلال الساعات الماضية، توفي تسعة فلسطينيين جراء الجوع، في ظل حصار خانق وغياب حلول عاجلة. وفيما تتهم منظمات دولية، بينها "العفو الدولية" و"أطباء بلا حدود"، إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب، تتزايد الدعوات الدولية لكسر الحصار فوراً والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
المجاعة آخذة في التفاقم
في سياق الكارثة الإنسانية المتصاعدة، أكدت وزارة الصحة في غزة أن عدد الشهداء جراء المجاعة وسوء التغذية بلغ 122، بينهم 83 طفلاً، مشيرة إلى تسجيل 9 وفيات جديدة خلال 24 ساعة فقط، نتيجة النقص الحاد في الغذاء والدواء.
وفي مستشفى الشفاء بمدينة غزة، فارقت طفلة الحياة بسبب الجوع، كما توفي فلسطينيان آخران أحدهما مصاب بداء السكري، في مشهد يعكس حجم الكارثة الصحية المتفاقمة.
من جانبه، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من تفاقم المجاعة في جميع أنحاء القطاع، مؤكداً استشهاد 116 شخصاً على الأقل نتيجة الحصار الخانق، وندرة الغذاء والماء والدواء.
واعتبر المكتب أن الحديث عن دخول مساعدات "مجرد روايات مضللة"، مطالباً المجتمع الدولي بكسر الحصار فوراً، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية العاجلة، وعلى رأسها حليب الأطفال، لإنقاذ أكثر من مليونين ونصف مليون إنسان يواجهون خطر الموت البطيء.
استخدام التجويع كأسلوب حرب
في تصعيد جديد للاتهامات الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي، أكدت منظمة العفو الدولية (أمنستي) أن إسرائيل تستخدم التجويع كسلاح حرب وأداة ممنهجة لارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة.
وأوضحت المنظمة، في بيان رسمي، أن معاناة السكان تزداد حدة بسبب القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات، مشيرة إلى أن نظام توزيع الإغاثة الذي تتحكم به تل أبيب بات سلاحاً مدمراً يُستخدم لحرمان المدنيين من حقهم في الغذاء والدواء.
واتهمت أمنستي سلطات الاحتلال بتعمد تجويع السكان، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف ما وصفته بالإبادة الجماعية.
وطالبت برفع فوري للقيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية، والسماح للأمم المتحدة بتوزيعها بأمان، بما يضمن وصولها إلى الفلسطينيين دون عراقيل أو شروط سياسية.
تجويع متعمد
ويتزايد الإجماع الدولي على أن ما يجري في غزة هو تجويع ممنهج ومتعمد بحق السكان المدنيين. فقد أكدت وكالة "أونروا" أن المجاعة التي تضرب القطاع ليست كارثة طبيعية بل "من صنع الإنسان"، مطالبة برفع الحصار فوراً وإدخال الطعام إلى بطون الجائعين، لا الاكتفاء بتصريحات أو وعود فارغة.
من جانبها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن سلطات الاحتلال تمارس تجويعاً متعمداً للسكان، داعية إلى فتح ممرات إنسانية عاجلة لدخول الغذاء والمساعدات الطبية بشكل واسع ومنتظم.
ولفتت المنظمة إلى أن الطواقم الطبية والمرضى يكافحون من أجل البقاء في ظل ندرة الموارد، مشيرة إلى تضاعف عدد الحالات المسجلة لسوء التغذية أربع مرات منذ منتصف مايو الماضي، فيما قفز معدل سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة ثلاثة أضعاف خلال الأسبوعين الأخيرين.
وفي السياق نفسه، حذر برنامج الأغذية العالمي من أن مستويات الجوع في غزة وصلت إلى حد غير مسبوق، مطالباً بوقف فوري لإطلاق النار لتأمين المساعدات. أما مجموعة الحماية الدولية، فأكدت أن الحياة في غزة أصبحت مهددة بشكل غير مسبوق، وسط تقارير عن انهيار مدنيين في الشوارع نتيجة الجوع وسوء التغذية الحاد.
أرقام صادمة عن الأطفال
وفي واحدة من أكثر الصور المأساوية التي ترسم ملامح الكارثة الإنسانية في غزة، كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء أن أكثر من 39 ألف طفل فقدوا أحد والديهم بسبب الحرب الإسرائيلية المستمرة، فيما فقد نحو 17 ألف طفل كلا الوالدين، وسط مشهد إنساني مفجع.
منذ بداية العدوان، استُشهد 18 ألف طفل، في حين يعاني عشرات الآلاف من فقدان الرعاية الأسرية، وتفاقم المجاعة، وانهيار منظومة التعليم والصحة.
وتتجلى مأساة الطفولة بشكل حاد في مستشفى الأطفال بمجمع ناصر الطبي جنوب القطاع، حيث ترقد عشرات الحالات من الرضّع على شفا الموت بسبب سوء التغذية وغياب الحليب الصناعي، الذي يُعد الغذاء الوحيد للأطفال دون الستة أشهر.
وبحسب الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم الأطفال بالمجمع، لم يتبقَّ في غزة علبة حليب واحدة صالحة للاستخدام، وإن وُجدت فهي منتهية الصلاحية، ويصل سعرها إلى 150 دولاراً، ما يجعلها خارج متناول معظم الأهالي. في ظل هذا الواقع، تتعرض الطفولة في غزة للإبادة، ليس فقط بالقصف، بل بالمجاعة والحرمان.