الدور الصادم للبرزاني في الإبادة الجماعية للإيزيديين في العراق
انفوبلس/ ترجمات..
اتهم مسؤولون من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، العرب السنة في سنجار بدعمهم تنظيم داعش في ارتكابه إبادة جماعية بحق جيرانهم الأيزيديين. لكن الحقيقة المعاكسة هي أن بارزاني وقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني قد تعاونوا مع داعش في التخطيط للإبادة الجماعية وتنفيذها مع التنظيم.
في آب/أغسطس 2014، قتل تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي آلاف الرجال واستعبد جنسياً آلاف النساء والفتيات من الأقلية الدينية الأيزيدية في منطقة سنجار شمال العراق. وقعت المجزرة الأشنع في قرية كوجو الصغيرة في 15 آب/أغسطس.
في أعقاب هذه الأعمال الوحشية، التي تُعتبر على نطاق واسع بأنها تشكّل إبادة جماعية، وقع اللوم على جيران الأيزيديين، أي العرب المسلمين السنة الذين يعيشون في قراهم في سنجار.
في آب/أغسطس 2016، زعمت النائبة الأيزيدية في البرلمان العراقي، فيان دخيل، أن حوالي ألف مقاتل أجنبي من داعش غزوا سنجار، "لكن عشرات الآلاف من الأشخاص توافدوا لدعمهم. هؤلاء العشرات الآلاف كانوا جيراننا".
ولكن العديد من العرب السنة من سنجار الذين تحدثوا مع The Cradle، دحضوا هذه الرواية. وزعموا أنهم لم يكونوا جلّادين راغبين في إعدام جيرانهم الأيزيديين، الذين عاشوا معهم بسلام على مدى أجيال. كمزارعين في الريف ورعاة أغنام، لم يكن بوسعهم وقف مجازر داعش. انضم بعض العرب السنة إلى داعش عندما غزا التنظيم سنجار، لكن هذا العدد كان قليلاً ورفض المجتمع العربي الانضمام إلى داعش.
قال أحد العراقيين العرب (من سنجار) لـ The Cradle: "الإرهاب لا يتمثل في أي قبيلة أو مجموعة، إنه يمثل نفسه. إذا أصبح أحد أفراد الأسرة إرهابياً أو عضواً في داعش، فهذا لا يعني أن شقيقه يقبل بذلك. لكنهم لم يتمكنوا من مقاومة الأمر، وإلا كانوا سيقتلون على يد أعضاء آخرين في داعش. استسلم الجميع تحت تهديد السلاح".
التوبة أو الموت
أبناء سنجار يوضحون أن تنظيم داعش استهدف العرب السنة أيضاً، في كل من سنجار والموصل، وقتل عناصر من الشرطة المحلية وقوات الأمن بعد أن سيطر على المنطقتَين.
وذك أحد أبناء سنجار، من العرب السنّة، لـ The Cradle أن داعش أعدم 19 شخصاً من قريته، من بينهم 11 فرداً من عائلته، في عام 2014.
أكّد تقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة في العراق أن داعش نفّذ إعدامات جماعية بحق مدنيين وجنود من العرب السنة بعد سيطرته على الموصل وتكريت. طُلب من العرب السنة في قوات الأمن العراقية "التوبة" ومبايعة داعش، أو مواجهة الإعدام. وفي بعض الحالات، أُعدم الذين "تابوا"، حسبما أوضح التقرير.
زار مراسل The Cradle في الموصل محلاً للعصائر حيث أعدم داعش أربعة موظفين بزعم تقديم معلومات لقوات الأمن العراقية. ألبس مسلحو داعش الموظفين ملابس برتقالية شبيهة بثياب معتقلي غوانتانامو، وأجبروهم على الركوع في صف واحد في الشارع أمام المحل، وأطلقوا النار على رؤوسهم. قام مسلحو داعش بتصوير عمليات الإعدام ووزعوا الفيديو لتذكير سكان الموصل بثمن مقاومة التنظيم.
نعلم أنهم يستطيعون رؤيتنا
تساءل الرجال العرب السنة الذين تحدثوا مع The Cradle كيف كان بإمكانهم كمدنيين مقاومة داعش في سنجار حينما كان الجيش العراقي والبشمركة الكردية والقوات الجوية الأميركية غير قادرين على منع التنظيم من الاستيلاء على سنجار وقتل سكانها الأيزيديين.
زعم الرجال أن الطائرات الحربية الأميركية من طراز F-16 كانت تحلق في سماء كوجو أثناء وقوع المجزرة، لكنها عجزت عن التدخل وتنفيذ غارات جوية، على الرغم من أن مسلحي داعش كانوا يتنقلون في مواكب من شاحنات تويوتا جديدة التي كان من السهل تحديدها.
وقال أحد الرجال لـ The Cradle: "كان بإمكاننا رؤية أعضاء داعش وهم يقتلون الأيزيديين والطائرات لم تفعل شيئاً".
وهذا ما أكدته الباحثة في مجال حقوق الإنسان نايومي كيكولر، التي أجرت مقابلات مع الناجين من مجزرة كوجو. أخبرها أحد الناجين أن "الطائرات كانت تحلق. نحن نعلم أنهم يستطيعون رؤيتنا. ظننا أنهم سينقذوننا. كان لا يزال بإمكاني سماعها بعد إطلاق النار علي".
حتى لو سأُقتل
على الرغم من الخطر الذي واجهه العرب السنة في سنجار أيضاً من داعش، إلا أنهم في العديد من الحالات ساعدوا جيرانهم الأيزيديين على الهروب بعد مجزرة كوجو.
وفقاً لرجل عربي سني تحدث إلى The Cradle:
عندما قتل داعش الأيزيديين في سنجار، لم يستطع أحد الذهاب لمساعدتهم. لا أحد استطاع فعل شيء. كنا خائفين وحزينين من أجلهم. هرب بعض الناس في المساء وأُصيبوا وجاءوا وساعدناهم. أُطلق النار على البعض. أعطيناهم الضمادات والمياه والطعام، وأخذناهم إلى الجبل لمساعدتهم على الهروب.
أكّد الشيخ الأيزيدي نايف جاسو شقيق مختار كوجو، أحمد جاسو، الذي قتله داعش، أن العرب السنة ساعدوا الأيزيديين على الهروب من داعش.
وأوضح الشيخ جاسو في مقابلة مع قناة العراق 24 الإخبارية كيف أنه طلب من صديقه العربي السني، أبو سعدي، الذي يعيش في قرية شرق كوجو، مساعدة اثنين من الناجين من المجزرة. وبحسب الشيخ جاسو، ردّ أبو سعدي بالقول: "سأحاول. حتى لو سأُقتل، علي القيام بذلك".
أخفى أبو سعدي الرجلَين المصابَين، اللذين "هربا من تحت الجثث"، في منزله لمدة ثمانية أيام، ثم ساعدهما على الهروب إلى جبل سنجار.
وفقاً للعرب السنة في سنجار الذين تحدثوا مع The Cradle، يُنظر إليهم على أنهم مسؤولون عن الإبادة الجماعية التي نفذها داعش، ليس لأن المجتمع الأيزيدي يعتقد ذلك، ولكن لأن الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة مسعود بارزاني، يدفع المال لبعض الأيزيديين لتوجيه مثل هذه الاتهامات في وسائل الإعلام.
على سبيل المثال، فيان دخيل، النائبة الأيزيدية المُشار إليها أعلاه والتي اتهمت العرب السنة في سنجار بتنفيذ الإبادة الجماعية، هي عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني. كثيراً ما يسعى الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى استمالة السياسيين من الأقليات العراقية، على أمل التحكم بهم وضمان أن تعمل هذه المجتمعات لصالحه.
باعوا الأيزيديين
إلقاء المسؤولية على العرب السنة في سنجار يُبعد اللوم عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي تعهدت قوات البشمركة التابعة له بحماية الأيزيديين في سنجار لكنها تخلت عنهم دون إنذار في مواجهة هجوم داعش على المدينة في صباح 3 آب/أغسطس 2014.
أوضح عربي سني من سنجار لـ The Cradle أن:
ساربيست بايبيري، زعيم الأسايش [الاستخبارات الكردية] في سنجار عقد اجتماعاً معنا، قائلاً: "لن نغادر هذا المكان أبداً. نحن بحاجة إلى دعمكم لنا"، ولكن بعد ذلك، غادرت البشمركة على الفور عندما جاء داعش. يقول الناس إن ساربيست كان من أوائل الناس الذين غادروا سنجار. خلال النهار، كان النظام والبشمركة هناك. لكن في الصباح، وصل داعش فجأة ولم نرَ البشمركة أو النظام، ولا أحد. انسحبوا إلى الجبل. تركوا العائلات. تركوا العائلات الأيزيدية. باعوا الأيزيديين".
وهذا ما أكدته الصحفية كريستين فان دن تورن. وبحسب ما ذكرت بالتفصيل في صحيفة "ديلي بيست"، ظهر بايبيري في وسائل الإعلام التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني وعلى فايسبوك وهو يحمل أسلحة مختلفة قائلاً "سندافع عن سنجار حتى آخر قطرة دم"، لكنه كان من أوائل الذين فروا من سنجار، ولم يخبر أحداً سوى حراسه قبل بدء هجوم داعش.
وأوضحت أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يعجز فقط عن حماية الأيزيديين من داعش، كما وعد مراراً وتكراراً، بل صادر أيضاً أسلحتهم قبل هجوم داعش، فيما سعى إلى إقناعهم بعدم مغادرة سنجار في ظلّ خطر داعش الوشيك بعد سقوط الموصل.
وكتبت فان دن تورن أن مسؤولاً محلياً في الحزب الديمقراطي الكردستاني أخبرها أن "كبار المسؤولين في الحزب طلبوا من الممثلين تهدئة الناس، وأنه إذا غادر الناس مناطق تغطيتهم، ستُقطع رواتبهم".
كما صادر مسؤولو الأمن الأكراد أسلحة من المجتمعات المسيحية في سهل نينوى، قبل أن يتخلوا عنها مع غزو داعش، مثلما فعلوا تماماً في سنجار.
من خلال إقناع الأيزيديين بالبقاء في سنجار على الرغم من خطر داعش الوشيك، ومصادرة أسلحتهم، ومن ثم التخلي عنهم في اللحظة الأخيرة دون إنذار، ضمن الحزب الديمقراطي الكردستاني والبشمركة بقيادة بارزاني، أن داعش سيكون قادراً على قتل واستعباد أكبر عدد ممكن من الأيزيديين.
ولولا المساعدة التي قدمها مقاتلون من حزب العمّال الكردستاني المنافس وفرعه السوري، أي وحدات حماية الشعب، لكانت الأعمال الوحشية التي تمكّن داعش من ارتكابها أكبر. أنشأ مقاتلو حزب العمّال الكردستاني ووحدات حماية الشعب القادمون من منطقة ربيعة الحدودية مع سوريا، ممرات آمنة للأيزيديين للخروج من جبل سنجار الذي هربوا إليه.
اتفاق صريح
قال العديد من الأيزيديين الذين تحدثوا إلى The Cradle إنهم عرفوا أن البشمركة قد خانتهم بالانسحاب المفاجئ، لكن لم يفهم أي منهم السبب.
زعمت عدة مصادر أن مسعود بارزاني عقد اتفاقاً مع داعش، وكان هذا هو سبب انسحاب البشمركة.
كتب الأكاديمي الفرنسي البارز والخبير في شؤون العراق، بيار جان لويزار، أنه وفقاً لمصادره، كان هناك "اتفاق صريح" بين مسعود بارزاني وداعش، والذي "هدف إلى تقاسم عدد من الأراضي". كُلّف داعش بـ "دحر الجيش العراقي، وفي مقابل ذلك، لن تمنع البشمركة داعش من دخول الموصل أو الإستيلاء على تكريت".
زعم جميل بايك، وهو عضو بارز في حزب العمّال الكردستاني، أن بارزاني أرسل العضو البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، آزاد برواري، للقاء شخصيات سياسية سنية وممثلين عن داعش في عمّان في الأردن، من أجل وضع خطط لاستيلاء داعش على الموصل.
وكما ذكرت The Cradle أن السياسي السني البارز أثيل النجيفي، وهو كان محافظ نينوى في ذلك الوقت، قد لعب دوراً رئيسياً في تسهيل سقوط الموصل.
ويبدو أن اتفاق بارزاني مع داعش شمل تزويد التنظيم الإرهابي بالأسلحة. وأفادت تقارير مايكل روبين من معهد "أميركان إنتربرايز" بأن هذه الأسلحة شملت صواريخ "كورنيت" المضادة للدبابات التي استخدمها داعش لتدمير دبابات "أبرامز M1A1" في المعارك ضد الجيش العراقي.
تحقق صحافيون وأعضاء في برلمان إقليم كردستان لاحقاً، من أن كبار قادة البشمركة تبادلوا الأسلحة مع داعش، ولم يُحاكم أي منهم.
القدس الكردية
ولكن لماذا أراد مسعود بارزاني تقاسم الأراضي مع داعش؟ وبالتالي، تقسيم العراق؟
أراد بارزاني القيام بذلك من أجل الحصول على أراض جديدة واحتياطيات نفطية وأسلحة ودعم دولي لإقامة دولة كردية مستقلة.
وبينما كان تنظيم داعش ينشر الفوضى في الموصل والجيش العراقي ينهار، أمر بارزاني على الفور البشمركة بالاستيلاء على كركوك الغنية بالنفط. وعلى الرغم من خضوعها لسيطرة الدولة المركزية العراقية واحتضانها للعرب والتركمان، إلا أن الأكراد ينظرون إلى كركوك على أنها "القدس الكردية".
لاحظت دينيس ناتالي من جامعة الدفاع الوطني أن "المكسب الأكثر وضوح الذي حققه الأكراد من استيلاء داعش على الموصل هو متعلق بالأراضي، إذ توسّعت أراضيهم بنحو 40 في المئة".
كذلك، أوضح الصحافي والخبير في الشؤون الكردية فلاديمير فان ويلغنبرغ، أنه بعد سقوط الموصل، "بات الأكراد يسيطرون على معظم الأراضي المتنازع عليها… أصبح لديهم تقريباً الحدود الوطنية التي كانوا يرغبون بها".
ومن خلال السيطرة على كركوك، لم يكتسب بارزاني أراضي جديدة فحسب، بل أيضاً احتياطيات نفطية جديدة ضخمة، وباشر على الفور في تصديرها عبر خط أنابيب شُيّد حديثاً، إلى مدينة جيحان الساحلية التركية.
وكما ذكرت مجلة "فوربس"، تم بيع غالبية هذا النفط إلى إسرائيل، على الرغم من معارضة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الشديدة للأمر. وأشارت صحيفة "جيروزاليم بوست" إلى أنه بحلول عام 2015، كان النفط الكردي يشكّل 77 في المئة من واردات إسرائيل النفطية.
لن نخفي الهدف
ولكن إذا كان مسعود بارزاني قد حصل على الأراضي والنفط الذي أراده عندما استولى داعش على الموصل، فلماذا وقعت المجزرة بحق الأيزيديين فيما بعد؟
وصف رجل أعمال كردي تربطه علاقات بالاتحاد الوطني الكردستاني، لـ The Cradle منطق السماح بقتل الأيزيديين بهذه الطريقة: أدرك بارزاني أن استغلال التهديد للأقليات الدينية هو أفضل طريقة لكسب تعاطف الغرب مع قضيته.
بعد أسبوعين من سقوط الموصل تحت سيطرة داعش، قال مسعود بارزاني للـ "بي بي سي": "كل ما حدث مؤخراً يدل على أنه من حق كردستان تحقيق الاستقلال. من الآن فصاعداً، لن نخفي أن هذا هو هدفنا. العراق مقسّم فعلياً الآن".
لكن هدف بارزاني المتمثل في الاستقلال الكردي لم يحظ َبدعم دولي يُذكر. دعت السياسة الأميركية رسمياً إلى الحفاظ على وحدة العراق. كما عارضت إيران الاستقلال الكردي. كانت إسرائيل الدولة الوحيدة المستعدة لدعم هدف بارزاني بشدة.
ومن خلال السماح بقتل الأيزيديين، تمكّن بارزاني من كسب دعم إضافي للإستقلال الكردي.
ولّدت الأعمال الوحشية التي ارتُكبت ضد الأيزيديين تعاطفاً دولياً غير مسبوق. هيمنت مأساة الأيزيديين الذين ظلوا محاصرين في جبل سنجار تحت تهديد مسلحي داعش الذين يرتدون ملابس سوداء، على وسائل الإعلام الغربية لأسابيع. وازداد الخوف من داعش بسبب الفيديو المسجّل لقطع رأس الصحافي الأميركي جيمس فولي في 19 آب/أغسطس.
استغل بارزاني الخوف من داعش والتعاطف الدولي مع الأيزيديين من خلال الضغط من أجل حصول الأكراد على دولة خاصة بهم، بعيدة عن الفوضى التي تعاني منها بقية العراق.
خطوة مصيرية
استغل بارزاني التعاطف مع الأيزيديين من خلال الادعاء بأن الأكراد كانوا أيضاً ضحايا لداعش، وأن البشمركة هي القوة الوحيدة القادرة على مواجهة التهديد الذي يشكّله التنظيم الإرهابي، وذلك على الرغم من تواطئه في جرائم التنظيم.
ولاحظ غوتييه ويري من المعهد الملكي العالي للدفاع، وهو مركز أبحاث مرتبط بوزارة الدفاع البلجيكية، أن " مجازر داعش كان لها أيضاً تأثير آخر على كردستان: لقد ولّدت نوعاً من التعاطف الدولي معها، لا سيما المجزرة التي ارتكبها الجهاديون ضد المجتمع الأيزيدي في جبال سنجار".
وقد أتاح ذلك لبارزاني تأمين إمدادات ثابتة من الأسلحة، بمعزل عن النظام المركزي في بغداد.
فتح البيت الأبيض خط إمداد مباشر بالأسلحة إلى قوات البشمركة التابعة لبارزاني في 11 آب/أغسطس، فيما كانت المجزرة بحق الأيزيديين تقع. ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أنه كان ينبغي القيام بذلك بشكل غير رسمي من خلال وكالة الاستخبارات المركزية لأن الجيش الأميركي لم يكن لديه إذن قانوني لتجاوز بغداد وإرسال الأسلحة مباشرة إلى الأكراد.
وذكرت صحيفة "الغارديان" في اليوم نفسه أن "فكرة تسليح الأكراد كانت موضع نقاش داخلي لأسابيع والتزم مستشارو الرئيس باراك أوباما في السياسة الخارجية الصمت الرسمي في هذا الصدد. إنها خطوة مصيرية في أزمة العراق الحالية، خطوة قد تسهّل تفكك العراق على المدى الطويل".
لكن تفكك العراق كان بالضبط ما أراده بارزاني.
أيادٍ ملطخة بالدم
وبعد أكثر من عام، عندما استعاد تحالف مؤلف من حزب العمال الكردستاني والبشمركة وقوات التحالف الأميركية مدينة سنجار، حاول بارزاني ضم سنجار، مما فضح دافعه المتمثل بتسهيل المجزرة بحق الأيزيديين.
وزعم بارزاني أن سنجار "تنتمي إلى كردستان في كل النواحي"، على حدّ قوله.
ثم سعى بارزاني إلى استغلال الإبادة الجماعية للأيزيديين، مدعياً أن سنجار "أصبحت رمزاً لقمع الشعب الكردي"، بدلاً من الأيزيديين.
ثم عمد إلى إلقاء اللوم على العرب السنة جيران الأيزيديين في سنجار، في الجريمة التي دبرها هو نفسه. وادعى بارزاني أنه "إذا لم يرتكب العرب في المنطقة جرائم ضد الإخوة الأيزيديين ولم يساعدوا داعش، فهم إخواننا وسنحميهم، أما إذا كانت أياديهم ملطخة بدماء الأكراد والإخوة الأيزيديين، فسيواجهون المصير نفسه".
الخوف من الانتقام
أعرب العديد من الأيزيديين الذين تحدثوا مع The Cradle عن غضبهم من مسعود بارزاني ودور البشمركة في خيانتهم.
ومع ذلك، قالوا إن المجتمع الأيزيدي كان خائفاً من التحدث عن الأمر علناً وفي وسائل الإعلام، خوفاً من الانتقام. وحتى بعد تسع سنوات، لم يتمكن سوى عدد قليل من الأيزيديين من سنجار من العودة إلى ديارهم، ويعيش معظمهم في مخيمات اللاجئين المنتشرة في إقليم كردستان الذي يحكمه الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني.
ولأن معظم الأيزيديين لا يزالون يعيشون في ظل نفس الزمرة السياسية التي دبرت المجزرة والاستعباد بحقهم، فإنهم يعيشون في خوف من حدوث إبادة جماعية أخرى في المستقبل القريب، وذلك على الرغم من القضاء على داعش إلى حد كبير.