استشهاد القادة.. عندما يتحول الموت إلى ولادة
هذا تفسير لمعنى الآية (ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)، وانعكاس ذلك يظهر في قلوب وعقول الناس، الذين ترسخت في ذاكرتهم سيرة شهيدين ضحَّوا بحياتهما من أجل الدفاع عن الناس، وهما في المحصلة النهائية كانوا فكرة، والفكرة لا تموت ب
كتب / سلام عادل
يستذكر أهل العراق في هذه الأيام أحداث النصر على داعش، التي تتزامن مع جريمة اغتيال قادة النصر وسط بغداد، وهي جريمة غادرة خطَّطت لها دوائر مخابرات دولية، باعتقاد أن القضاء على القادة الكبار سينهي الاستراتيجيات الكبيرة، مع كون الخطط الطويلة الأمد عادةً تنطوي على قراءات تأخذ بعين الاعتبار جميع أشكال الاحتمالات والمفاجآت، من بينها بالطبع اغتيال القادة أو اعتقالهم.
ومن هنا لا تبدو جريمة اغتيال الحاج قاسم والحاج المهندس قد حققت هدفاً استراتيجياً، بلحاظ المنهجية المستمرة في الأداء والتطور، والتي صارت تتغذى من سيرة القادة الشهداء لصناعة قادة جدد يتبنون العقيدة ذاتها ويسعون لتحقيق نفس الأهداف، بل صار استشهادهما نقطة جذب للأجيال الشابة، حتى بين أوساط الشرائح غير المتأثرة بهما سابقاً، أو التي كانت على خلاف معهما.
وهذا تفسير لمعنى الآية (ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)، وانعكاس ذلك يظهر في قلوب وعقول الناس، الذين ترسخت في ذاكرتهم سيرة شهيدين ضحَّوا بحياتهما من أجل الدفاع عن الناس، وهما في المحصلة النهائية كانوا فكرة، والفكرة لا تموت بالاغتيال أو الاعتقال، ولنا في ذلك شواهد تاريخية عديدة مازالت مصدر إلهام للشعوب، التي تكافح وتناضل وتجاهد من أجل كرامتها وحقها بالعيش.
وفي كل الأحوال يبقى الصراع الدائر في منطقتنا غير قابل للحسم في المنظور القريب، وقد يتطلب مزيداً من التضحيات على المدى البعيد، وذلك بناءً على قراءة واقعية وضع مفهوماً لها سماحة السيد الشهيد حسن نصرالله، حين وصف المواجهات بكونها (حرب نقاط)، فيها نقاط خاسرة ونقاط رابحة، ويكون النصر فيها لصالح من يكسب نقاطاً أكثر.
وعموماً .. دخل المحور بعد اغتيال القادة في مراجعات فرضتها ظروف المواجهة، تُعد ضرورية في هذه المرحلة لغرض تحقيق مزيد من التمكين، الذي خطط له الحاج قاسم والحاج المهندس، وهو ما يجعلنا إلى الأبد نحافظ على ذكراهما خالدة في قلوبنا وعقولنا، ولهذا نقول لمن قتلَهما "لم تقتلهما وإنما أحييتهما فينا".