نقابة الفنانين .. انتخابات على طريقة صدام
على ذلك جرى رفض جميع الترشيحات، التي تقدم بها فنانون عراقيون، واقتصر الأمر على مرشح واحد، وهو جبار جودي، الذي سيتم إعلانه نقيباً بالتزكية وليس بالتنافس الانتخابي، وهي عملية تتقاطع مع جوهر الديمقراطية، وفي أقل تقدير تنتمي للأنظمة الشمولية
كتب / سلام عادل
دعت نقابة الفنانين العراقيين، أعضاءها لانتخابات رافقتها مخالفات قانونية بالجملة، للدرجة التي لم يتم فيها قبول ترشيح أي شخص لمنصب النقيب باستثناء شخص واحد، وهو النقيب الحالي المنتهية ولايته جبار جودي، مع كونه شغل منصب النقيب لدورتين سابقتين، ويشغل في نفس الوقت منصب مدير عام دائرة السينما والمسرح بالتكليف، بعد أن جرى رفض تعيينه أصالة من قبل مجلس الوزراء.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت القرار رقم (129)، في شهر تموز الماضي، يقضي برفض الترشح لمنصب النقيب لأكثر من دورتين، ويشمل هذا القرار جميع النقابات المهنية في العراق، على خلفية دعوى رفعها نقباء من مختلف الاختصاصات، مما يجعل عملية الالتفاف على قرار المحكمة مخالفة كبرى، باعتبار أن قرارات المحكمة باتة وملزمة وغير قابلة للتمييز أو الاستئناف.
ومن ضمن جملة التلاعبات، جرى حصر الترشح لمنصب النقيب بشخص ينبغي أن يكون من سكنة بغداد، وهو شرط يذكّرنا بقرار البعث، حين حصر شراء البيوت في العاصمة لمن هم مدرجون في تعداد عام 1958، علاوة على كون هذا الشرط لو كان مفيداً لتم فرضه على رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، باعتباره يعبّر عن عصبية مناطقية لم تعد مقبولة في العراق الجديد وغير متماشية مع الرؤية الوطنية.
وفضلاً عن ذلك تم حصر الترشح لمنصب النقيب لمن هو حاصل على الشهادة العليا (الماجستير + الدكتوراه)، مع كون قانون النقابة في (المادة 11)، يتيح لكل من يحمل شهادة عالية الترشح، والمقصود هنا البكالوريوس، باعتبار أن العليا غير العالية، ويتيح قانون النقابة أيضاً لمن يحمل شهادة معهد تخصصي بالفنون الجميلة، وممارساً للاختصاص مدة لا تقل عن 10 سنوات.
وعلى ذلك جرى رفض جميع الترشيحات، التي تقدم بها فنانون عراقيون، واقتصر الأمر على مرشح واحد، وهو جبار جودي، الذي سيتم إعلانه نقيباً بالتزكية وليس بالتنافس الانتخابي، وهي عملية تتقاطع مع جوهر الديمقراطية، وفي أقل تقدير تنتمي للأنظمة الشمولية، التي كانت سائدة في زمن البعث المقبور وأمثاله من الأنظمة البائسة الأحادية التفكير والتوجه، والتي يتم فيها احتكار المناصب إلى الأبد دون السماح بالتغيير السلمي والتداول بين الأجيال.
ومن الملاحظ في هذا الصدد أن المرشح لمنصب النقيب جبار جودي عليه الكثير من الملاحظات المهنية، من أبرزها أنه لم يكن مبدعاً أو استثنائياً خلال الدورتين السابقتين، ووسط انتقادات بكونه حوّل النقابة إلى مزرعة شخصية، وتكفي الإشارة إلى كونه كان منخرطاً في زمن صدام بأعمال فنية تروّج لشخص الدكتاتور، ويوجد في ذلك ارشيف مرئي يعود لتلفزيون العراق مازال محفوظاً في الذاكرة وتوجد نسخ منه.
والجدير بالذكر في هذا الصدد، أن النقابات والجمعيات عبارة عن تجمعات اجتماعية ومهنية ينبغي أن تكون منفصلة عن العمل الحكومي، مما يساهم في بناء مجتمع ديمقراطي قوي وشرائح مهنية مستقلة بدورها وعملها، لا أن يتم حصر نقابة ودائرة حكومية من نفس الاختصاص بيد شخص واحد، كما حصل حين جرى وضع نقابة الفنانين ودائرة السينما والمسرح تحت سلطة شخص واحد أحد لا شريك له، وفوق كل ذلك مغرم بصدام حسين.
#شبكة_انفو_بلس