شيء عن التأسيس الطائفي لـ(مصفى بيجي) في زمن صدام
منذ السبعينيات سعت السلطة (الطائفية السُنية) التي كانت تتم إدارتها من قبل صدام حسين الى تعزيز دور محافظة صلاح الدين، وكان من بينها مشروع مصفى بيجي الذي يعتبر من الناحية الاقتصادية والتسويقية غير مناسب تماماً، بحكم موقعه الجغرافي البعيد عن آبار النفط الخام.
كتب / سلام عادل
يعتبر مصفى بيجي واحداً من أكثر المشاريع دلالة على طائفية نظام صدام حسين، ودليلا على طائفية (التنظيم البعثي السُني) الذي حكم العراق، لكون هذا المصفى قد تأسس بناءً على رؤية أمنية لها علاقة بتأمين المشتقات النفطية لسكان المحافظات السُنية، تحديداً محافظة صلاح الدين، معقل عشيرة صدام حسين والعوائل الساندة لسلطته.
وهو نظام حكم تأسس مطلع السبعينيات على يد الضباط المنحدرين من تكريت، وجميعهم (بعثيون سُنة)، على رأسهم أحمد حسن البكر، الذي تمكن من الإطاحة بسلطة سُنية أخرى كانت تقودها عائلة (عبد السلام وعبد الرحمن عارف)، وهي عائلة جُميلية تنحدر من الفلوجة.
ومنذ السبعينيات سعت السلطة (الطائفية السُنية) التي كانت تتم إدارتها من قبل صدام حسين الى تعزيز دور محافظة صلاح الدين، وكان من بينها مشروع مصفى بيجي الذي يعتبر من الناحية الاقتصادية والتسويقية غير مناسب تماماً، بحكم موقعه الجغرافي البعيد عن آبار النفط الخام.
ويعتمد مصفى بيجي على النفط الخام المستخرَج من آبار البصرة، حيث يتم نقله بالصهاريج الى المصفى من أجل تكريره وتحويله الى مشتقات نفطية تلبيةً لحاجات سكان تلك المناطق، وهو ما يخالف قواعد الجدوى الاقتصادية التي تفرض أن تكون المصافي بالقرب من الآبار، ولهذا كان ينبغي أن يكون هذا المصفى العملاق في البصرة أو الناصرية أو حتى العمارة، ولكن القيادة السُنية الطائفية فرضت بناءه في المناطق السُنية.
وكانت تبلغ قدرات إنتاج مصفى بيجي ابتداءً من عام 1978 بحدود 310 آلاف برميل نفط يومياً، إلا أن هذه القدرات تراجعت لحدود 70 ألف برميل نفط يومياً على خلفية العملية الحربية التي شهدتها المنطقة خلال فترة داعش.
وكان التنظيم الإرهابي قد ركز جهوده من أجل الاستيلاء على المصفى باعتباره يمثل خطاً مهماً من خطوط الإنتاج الحيوية لدعم تأسيس دولة الخلافة السُنية، التي كان يُراد إنشاؤها في المحافظات السُنية، ولذلك شهد المصفى معارك صعبة تعرّض خلالها الى أضرار عديدة تسببت بتعطيل وحدات إنتاجية مهمة، فضلاً عن أحداث نهب محدودة تمت من خلال الفوضى التي أحدثها داعش.
ومن خلال شهادات عيانيّة للسكان المحليين في تلك المناطق يبدو أن تجاراً أتراك في تلك الفترة سعَوا إلى التفاهم مع التنظيم الإرهابي للحصول على معدات من المصفى بأسعار زهيدة للغاية، والحالة نفسها تكررت في قاعدة القيارة جنوبي الموصل.
ويذكر أن المصفى الذي كان يشتمل أيضاً على مجمع سكني للموظفين والعمال، قد شهد هو الآخر قبل سيطرة التنظيم عمليات تهجير منظَّمة للعوائل من أصول شيعية، حصرياً، من الذين كانوا يعملون في المصفى.
وعلى ما يبدو أن عمليات تحرير مصفى بيجي من قبل فصائل المقاومة آنذاك، على رأسهم (تشكيلات العصائب)، قد أزعجت التنظيم الإرهابي وعرقلة حساباته، بما فيها الحسابات السياسية التي كان يخطط لها (البعثيون السُنة)، وهو ما خلق دعاية إعلامية استهدفت (الجناح المسلح للعصائب) بتهمة سرقة معدات المصفى وتهريبها إلى إيران.
وبما أن مكونات أي خطاب إعلامي، حين يكون الهدف منه التقسيط السياسي، تشتمل على عناصر من بينها شتم (الشيعة + إيران)، فسيكون بالضرورة خطاباً مصنوعاً من قبل ماكنات (الطائفية البعثية السُنية)، وذلك بحسب قواعد تحليل المضمون في الخطاب الإعلامي.
ولذلك يبدو أن مصفى بيجي الذي جرى تأسيسه بدوافع طائفية سُنية أواخر السبعينيات، من أجل بناء نظام البعث السُني، قد جرى استهدافه بدوافع طائفية مرة أخرى ابتداءً من عام 2014، لضرب دولة العراق الجديد، لكونها تُدار من قبل حاكمية شيعية.
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس