بذكرى اغتياله الـ 75.. الشيخ حسن البنا وتأسيس الإخوان المسلمين.. كيف صارع "الوفد والنحاس" ومَن ورَّطه بقضية اغتيال الخازندار؟
انفوبلس/ تقارير
تصادف اليوم الذكرى الخامسة والسبعين لاغتيال مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا. وبهذه المناسبة سلّطت انفوبلس الضوء على أبرز المحطات في حياة البنا وكيف أسس الإخوان المسلمين وما هي صراعاته التي كانت محتدمة مع حزب الوفد ووزارة النحاس. مع إيضاح ورطته في اغتيال المستشار أحمد الخازندار وكيل محكمة الاستئناف الأسبق.
*كيف أسس الإخوان المسلمين؟
أسس حسن البنا وعمره 21 عامًا جماعة الإخوان المسلمين في 22 مارس عام 1928 كحركة إسلامية دعوية مستنداً إلى آرائه وأطروحاته لفهم الإسلام المعاصر حيث قال: "إن الإسلام عقيدة وعبادة ووطن وجنسية ودين ودولة وروحانية وعمل ومصحف وسيف".
دعا البنا المسلمين إلى الاستعداد للكفاح المسلح ضد الحكم الاستعماري، وحذر المسلمين من "الاعتقاد السائد" بأن جهاد القلب أهم من جهاد السيف. سمح بتشكيل جناح عسكري سري داخل جماعة الإخوان المسلمين لاستهداف تمركزات الإنكليز في مصر ومحاربة العصابات الصهيونية في حرب 48، في ظل تشتت الأمة الإسلامية ووقوعها تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والغزو الفكري الأوروبي العلماني للوطن العربي والعالم الإسلامي أخذ يدعو الناس إلى العودة إلى الإسلام ونشر مبادئ الإسلام في جميع المدن المصرية والريف وقد بلغ عدد المنضمين للإخوان وقتها أكثر من نصف مليون فرد من جميع أطياف المجتمع المصري.
وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين، التي أسسها حسن البنا، واحدة من أقدم التنظيمات الإسلامية في مصر وأكبرها، كما أن لها تأثيرا على الحركات الإسلامية في العالم، وذلك بما تتميز به من ربط عملها السياسي بالعمل الإسلامي الخيري.
وكانت الجماعة تهدف في البداية لنشر القيم الإسلامية والعمل الخيري، إلا أنها سرعان ما انخرطت في العمل السياسي، وخاصة في كفاحها لرفع سيطرة الاستعمار الإنجليزي عن مصر، ومحو كل أشكال التأثير الغربي عليها.
*صراعاته مع حزب الوفد
بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد أن أصبح الكيان الإخواني قويا ومنافسا، قرر الشيخ البنا الدخول في المعترك السياسي، وصارت الأحزاب تخطب ودّ الإخوان للدخول معها في تحالفات، حتى تزيح حزب الوفد، القوة الكبرى عن سُدة الحكم، كما خاض الإخوان غمار الاقتصاد، وأصبحت مؤسساتهم تدرّ عليهم المال الذي يحتاجونه، حتى أن دار الإخوان الرئيسية في القاهرة، وبقية شُعب الإخوان في المحافظات كانت من خالص مال الإخوان وتبرعاتهم.
بعد ذلك، قامت قيادات الإخوان المتتابعة بتشكيل تحالفات مع حزب الوفد في عام 1984، كما تحالفوا أيضا مع حزب العمل والأحزاب الليبرالية عام 1987، ليصبحوا أكبر القوى المعارضة في مصر. وفي عام 2000، ربح الإخوان 17 مقعدا في مجلس الشعب المصري.
وفي عام 1946م قام بعض شباب الوفد في بور سعيد بالاحتكاك بجوالة الإخوان وقذفهم بالبيض والطماطم أثناء استعراضهم في شوارع بور سعيد، وذلك بإيعاز من أحد كبار رجال الوفد في بور سعيد، فتصدت لهم جوالة الإخوان وعندما دخل الإخوان المسجد لبدء احتفالهم. بدأ أنصار الوفد يتحرشون بالإخوان فأمر البنا الإخوان بالانصراف فانصرفوا جميعًا ولم يبق معه في دار الإخوان إلا الشهيد محمد فرغلي وعبدالله الصولي .
بعد ذلك، استغل أنصار الوفد الفرصة وحاصروا دار الإخوان وظلوا يرمون الدار بالحجارة وكرات النار المشتعلة وكان ذلك في وجود البوليس الذي تواطأ معهم واستمر الحال حتى قبيل الفجر حتى قام الأستاذ علي رزة هو وبعض إخوانه بحيلة أخرجوا بها الشيخ حسن البنا ومن معه من بور سعيد.
*صراعاته مع النحاس
وفي عام 1941 أوعز الإنكليز لرئيس الوزراء آنذاك والحاكم والعسكري حسين سري باشا بنقل حسن البنا إلى قنا ، فأصدر أمره إلى وزير المعارف محمد حسين هيكل بنقل البنا إلى قنا.
وقد اعترف الدكتور هيكل في كتابه "مذكرات في السياسة المصرية" بأن نقل البنا كان بناء على طلب الإنجليز ولما لم يجد قرار النقل في تقييد حركة البنا وتعويق حركة الجماعة رضخ حسين سري لضغوط نواب أحزاب الائتلاف بعد أن قدم محمد عبد الرحمن نصير استجوابًا لوزير المعارف يقول فيه: إن نقل حسن البنا كان بناء على دوافع خارجية لا تمت بأدنى صلة إلى مصلحة التعليم. وهنا فقط أعيد حسن البنا وجاءت وزارة " النحاس " على أَسِنَّةِ رماح الإنجليز في 4 فبراير 1942 وقرر النحاس غلق جميع شُعَب الإخوان عدا المركز العام وذلك بناءً على طلب الإنكليز، ولم تفتح إلا بعد مفاوضات تمت بين البنا والنحاس حول تنازل البنا عن الترشيح للبرلمان في مقابل فتح شعَب الإخوان وعدم التضييق على الإخوان ، وكان منع البنا من الترشيح بناء على طلب الإنكليز.
*ورطته في مقتل الخازندار
أحمد الخازندار هو رجل قانون وقاضي مصري راحل (وكيل استئناف). وقعت حادثة اغتياله في 22 فبراير 1948 واتهم فيها طالبان من المنتسبين للإخوان أخذا على القاضي الخازندار أنه حكم في قضية وطنية وأخرى تعذيب خادمة أحكاماً متباينة وظالمة وظلم الوطنيين بأحكام قاسية وحكم على التي عذبت الخادمة عذابا شديدا بحكم مخفف، وطبيعي أن ذلك تهور شباب فالمحاكمات تخضع لقوانين وأصول لا يتخطاها القاضي، وبعد بضعة أيام من وقوع هذا الحادث استدعيت لمقابلة الأستاذ المرشد حسن البنا وانتظرت معه حتى استكمل حضور المدعوين الدكتور عبد العزيز كامل والدكتور حسين كمال الدين والأستاذ عبد الرحمن السندي، وبدأ المرشد غاضبان قائلا :
أريد أن تحكموا أنتم الثلاثة بيني وبين عبد الرحمن السندي في قضية قتل الخازندار، ثم وجه السؤال: يا عبد الرحمن من الذي أمر بقتل الخازندار، فرد عبد الرحمن بأعصاب هادئة: فضيلتكم، قال المرشد باستغراب !! أنا ؟ كيف ؟.
قال عبد الرحمن: عندما حكم على الوطنيين بأحكام قاسية مع الاشغال الشاقة وحكم على السيدة التي عذبت الخادمة وتركت بها عاهات بحكم تافه مع إيقاف التنفيذ؟ حضرت إليكم وقلت ألا يستحق هذا القاضي القتل فلم ترد فضيلتكم والصمت معناه الموافقة وطبيعي أنه لا يجب أن نأخذ منكم الموافقة الصريحة ولكن تكفينا الإشارة، فضرب البنا كفا على كف وقال: من علمكم هذا؟.
ثم قال عبد الرحمن: هذا المتبع، فصرخ البنا قائلا : فليتبع ما يتبع فلا شأن لنا بذلك وأنا أريد أن أشنق وأسال بين يدي الله، فإذا لم أكتب أمرا صريحا واضحا يحاسبني عليه القانون ولن أكتب لا ينفذ أي شيء ودم هذا الرجل في عنقك يا عبد الرحمن بهذا الفقه المغلوط الذى تقوله وأشهد الله وأشهد إخوانك انني بريء كل البراء مما ارتكب وماذا أفعل.
*اغتياله
بعد إعلان النقراشي باشا - رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت - في مساء الأربعاء 8 ديسمبر 1948 قراره بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالها وممتلكاتها واعتقال معظم أعضائها باستثناء البنا، الذي صادرت الحكومة سيارته، واعتقلت سائقه وسحبت سلاحه المرخص، وقبض على شقيقيه اللذان كانا يرافقانه في تحركاته، وقد كتب إلى المسؤولين يطلب إعادة سلاحه إليه، ويطالب بحارس مسلح يدفع هو راتبه، وإذا لم يستجيبوا فإنه يحملهم مسؤولية أي عدوان.
وبعد اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي على يد النظام الخاص السري الجناح العسكري للإخوان المسلمين بأمر من عبدالرحمن السندي في 28 ديسمبر 1948 تآمر القصر مع الحكومة الجديدة برئاسة إبراهيم عبد الهادي للانتقام من الإخوان بحجة انهم هم من قتلوه، ودبروا اغتيال حسن البنا المرشد العام للجماعة في 12 فبراير 1949 أمام مقر جمعية الشبان المسلمين في شارع رمسيس - الملكة نازلي سابقاً - بسبع رصاصات استقرت في جسد البنا، توفي بعدها بساعات في مستشفى قصر العيني.