إليك خسائر "الاحتلال الصهيوني" في البنية التحتية والاقتصاد مع قرب الاتفاق على وقف إطلاق النار
انفوبلس/ تقرير
منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة قبل أكثر عام، يشهد "الكيان الصهيوني" تداعيات اقتصادية كبيرة، أبرزها التباطؤ الاقتصادي وتراجع نشاط العديد من القطاعات الحيوية، مما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة الفقر، حيث أثرت الحرب المستمرة بشكل سلبي على الاقتصاد "الإسرائيلي"، الذي كان يعاني بالفعل من تحديات قبل شنه حربه على القطاع، وكذلك على البنية التحتية فيه.
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس" الضوء على خسائر "الكيان الصهيوني" الاقتصادية وفي البنية التحتية منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة وبالتزامن مع قرب الاتفاق على وقف إطلاق النار في القطاع.
وكان يشهد الاحتلال قبل السابع من أكتوبر أزمة داخلية نتيجة الاحتجاجات الحاشدة التي اندلعت على خلفية الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل التي اقترحتها حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة. هذه الأزمة الداخلية كانت بالفعل قد ألقت بظلالها على الاقتصاد الإسرائيلي، وتسببت في تراجع الثقة لدى المستثمرين وزيادة التوترات الاجتماعية.
*خسائر الاقتصاد
مع بداية الحرب، تفاقمت الأزمة الاقتصادية بشكل كبير، حيث تلقى "الكيان" ضربة قاسية بسبب الاستنزاف العسكري والإنفاق الهائل على العمليات العسكرية التي قتلت آلاف الفلسطينيين، ما أدى إلى انكماش في الأنشطة الاقتصادية.
وفي أحدث تقرير، قالت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية "الإسرائيلية" إن تكلفة الحرب على قطاع غزة بلغت نحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024. واستندت الصحيفة إلى تقديرات بنك إسرائيل، وأوضحت أن المبلغ يشمل "التكاليف الأمنية المباشرة، والنفقات المدنية الكبيرة والخسائر في الإيرادات، وليس كل شيء".
ووصفت الصحيفة هذه التكلفة بالـ"ثقيلة" وبكونها تعكس الـ"فشل" في الحرب على القطاع، موضحة أن ذلك يتطلب "الحاجة إلى زيادة كبيرة في ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية خلال العقد المقبل". وقالت إن "تلك الميزانية (المستقبلية) تتمثل في شراء مزيد من الطائرات والمروحيات وناقلات الجنود المدرعة وكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، فضلا عن الاستثمار في البشر أو الجندي الإسرائيلي نفسه".
وأضافت الصحيفة أن "فشل الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة لم يقف عند هذا الرقم، فقد سبقه عدد من الخسائر البشرية والمصابين، إضافة إلى عائلات وأُسر المصابين الذين تضرروا معنويا وبعضهم عقليا أيضا". ولفتت إلى أن "الحديث عن أرقام الحرب ونتائجها يأتي على خلفية الحديث عن لجنة فحص ميزانية الأمن والدفاع"، المعروفة إسرائيليا بـ"لجنة ناجل" على اسم رئيسها يعكوف ناجل.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 155 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي 30 مايو/أيار 2024، نشرت "كالكاليست" تقريرا توقعت فيه بلوغ تكاليف الحرب على غزة 250 مليار شيكل بحلول عام 2025، وهو الرقم نفسه الذي كشفت عنه مؤخراً. ولفتت الصحيفة إلى أن "العوائد الخاصة بالغاز الطبيعي في البحر المتوسط كان يفترض أن تذهب إلى وزارتي الصحة والتعليم، لكن يبدو أنها ستذهب إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية".
وبينت أن لجنة "ناجل" أوصت بأن الإضافة المطلوبة لوزارة الدفاع خلال السنوات العشر المقبلة ستكون 275 مليار شيكل (74 مليار دولار)، بمعنى إضافة 27.5 مليار شيكل (7 مليارات دولار) في العام الواحد.
وفي السابع من يناير/كانون الثاني الجاري، نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية عن تقرير اللجنة "اقتراح زيادة ميزانية الدفاع بما يصل إلى 15 مليار شيكل سنويا (4.1 مليارات دولار) على مدى السنوات الخمس المقبلة.
كما شهد قطاع السياحة في الاحتلال الإسرائيلي خلال عام 2024 تدهوراً كبيراً يذكر بالأزمات التي واجهها القطاع خلال جائحة كورونا في 2020 و2021. حيث جاء هذا الانهيار نتيجة مباشرة لحرب الإبادة الجماعية المستمرة التي بشنها الاحتلال على قطاع غزة، والتي أسفرت عن ضربات قاسية لصناعة السياحة وأدت إلى أسوأ تراجع في تاريخها.
وبسبب الحرب على غزة ومن ثم الهجمات المتبادلة مع إيران واليمن والحرب على لبنان وكذلك استمرار التظاهرات ضد حكومة نتنياهو وقطع الطرق في المدن الكبرى، علقت معظم شركات الطيران العالمية رحلاتها من وإلى تل أبيب، بعضها لعدة شهور وأخرى حتى إشعار آخر.
وتدهورت صناعة السياحة الوافدة إلى "إسرائيل" بنسبة فاقت 70٪ خلال العام 2024، مقارنة بـ2023، وتراجعت أكثر من 90% مقارنة بعام الذروة قبل جائحة كورونا في 2019 بحسب تقارير إسرائيلية، في وقت يشهد في الاحتلال مقاطعة ونبذ كبير بسبب استمرار حربها على قطاع غزة،وملاحقة قانونية من قبل المحاكم الدولية لقادتها وجنودها بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب.
يقول الكاتب في صحيفة هآرتس موشي جلعاد إن 2024 هو العام الذي ماتت فيه السياحة في "إسرائيل" بسبب استمرار الحرب، فعلى سبيل المثال٬ خلال 2024 زار حوالي 100 ألف سائح "المتنزهات الوطنية" في "إسرائيل"، لكن ما قبل الحرب وصل ذروة عدد السياح لهذه المنتزهات 3.7 مليون سائح. كما استقبلت منطقة البحر الميت والمواقع الأثرية حولها 840 ألف زائر قبل الحرب، وفي عام 2024، بلغ عدد الزوار للمنطقة 20 ألفاً، ما يشكل انخفاضاً ساحقاً بنسبة 98%.
في خضم الحرب المستمرة التي لا تلوح نهايتها في الأفق، لا يأتي أي سائح تقريباً إلى "إسرائيل" من الخارج. حيث أصبحت أسواق المدن الاقتصادية والسياحية الرئيسية مثل يافا وحيفا والقدس فارغة، وتجد لافتات "للإيجار" و"للبيع" في كل مكان بحسب تقرير آخر لصحيفة هآرتس. ويتحدث المرشدون السياحيون عن اختفاء السياح الأجانب، كما اختفى معظم السياح الإسرائيليين، ورغم أن بعض الفنادق الإسرائيلية في يافا على سبيل المثال استضافت النازحين الإسرائيليين من مستوطنات الشمال، فإن فنادق أخرى تعاني من الغرف الفارغة لفترة طويلة.
وتقول هآرتس إن مدينة يافا التي كانت توصف بأنها صاخبة على الدوام، أصبحت تحتضر منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث الشوارع خالية من المارة حتى في عطلات نهاية الأسبوع، وإذا مررت في شوارع المدينة مساء أيام الأحد، فسوف تعتقد أنك دخلت مدينة أشباح.
كما تأثرت تل أبيب بالحرب بشكل كبير، وأغلقت المطاعم والمقاهي أبوابها واحدة تلو الأخرى. وتقول الصحيفة إن أكثر من 50 من المطاعم الكبرى وأشهرها أغلقت أبوابها في تل أبيب خلال عام 2024، أي ما يعادل مطعماً واحداً كل أسبوع. ومن أبرز المطاعم التي أغلقت أبوابها: مطعم سانتا كاتارينا، ومطعم أنيمار فيينا الذي تضرر موقعه بشكل مباشر بسبب الحرب، ومطعم فورتونا ديل مار، ومطعم توبولوبومبو، والعديد من المطاعم الأخرى.
ووفق تقرير نشره موقع "وصلة للاقتصاد والأعمال" الناطق بالعربية داخل أراضي 48، استناداً إلى بيانات حكومية "إسرائيلية"، فقد أغلقت نحو 60 ألف شركة إسرائيلية أبوابها خلال عام 2024، بزيادة 50٪ مقارنة بالسنوات السابقة.
إضافة إلى ذلك، تأثرت قطاعات أخرى مثل البناء والزراعة بشكل كبير، حيث أغلقت حوالي 700 إلى 750 شركة بناء وبنية تحتية العام الماضي، بزيادة تفوق 10 بالمئة مقارنة بـ2023. كما تأثر قطاع الزراعة بسبب القيود الأمنية على المناطق الحدودية ونقص العمالة.
في الوقت نفسه، يتجه الاحتلال لزيادة ميزانية الدفاع بنسبة تزيد عن 42% في العام 2025 ما يرفعها من 68 مليار شيكل إلى حوالي 98 مليار شيكل سنوياً. ووفقاً لتحليل اقتصادي لموقع كالكاليست الاقتصادي الإسرائيلي، فإن غياب خطوات ملموسة لضبط الميزانية العامة يضع الاقتصاد الإسرائيلي أمام خطر "العقد الضائع"، على غرار ما حدث بعد حرب أكتوبر 1973. ففي تلك الفترة، أدى الاعتماد الزائد على الإنفاق الدفاعي إلى تقليص النفقات الاجتماعية والاستثمار في الاقتصاد، ما أعاق نمو القطاع الخاص بشكل كبير.
ويُتوقع أن يصل الدين العام في "إسرائيل" إلى 70% من الناتج المحلي بحلول 2026، ما يتطلب تخفيضات ضريبية أو تقليصات في النفقات العامة.
سيأتي التوسع في ميزانية الدفاع على حساب الخدمات الاجتماعية، مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية. سيجد "الإسرائيليون" أنفسهم أمام أعباء اقتصادية إضافية نتيجة لزيادات الضرائب وخفض النفقات العامة. هذا الوضع يُنذر بموجة جديدة من التوترات الاجتماعية التي قد تُضعف الاستقرار السياسي والاقتصادي في الكيان المحتل.
كما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن بيانات من ضريبة الأملاك تشير إلى أن أكثر من 9 آلاف مبنى و7 آلاف مركبة تعرضت للتدمير الكامل في "شمال إسرائيل"بفعل نيران حزب الله. ودفعت الحكومة الإسرائيلية حتى الآن 140 مليون شيكل (38.4 مليون دولار) تعويضات للأضرار، وسط توقعات بزيادة الرقم بسبب الإخلاءاتالمستمرة والإصابات غير المبلغ عنها.
كما قدر اتحاد المقاولين في إسرائيل فترة إعادة تأهيل الشمال الإسرائيلي بعد وقف الحرب مع "حزب الله" في لبنان بما يتراوح بين 8 إلى 10 سنوات، لافتاً إلى أن قيمة الأضرار، التي لحقت بالمباني والبنية التحتية هناك، بلغت نحو 1.4 مليار دولار، ما يعبر عن جانب آخر من خسائر "إسرائيل".
وأظهر استطلاع رأي أجرته القناة 13 الإسرائيلية أن 61% من الإسرائيليين يعتقدون أن بلادهم لم تنتصر على حزب الله، بينما أعرب 66% منهم عن تأييدهم لإنهاء حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة من أجل الوصول إلى صفقة تبادل أسرى.