بعد 100 يوم من ولاية ترامب الثانية.. الحروب مستمرة والاقتصاد الأمريكي ينهار وزحف مُذل نحو إيران

انفوبلس/..
بعد مرور مائة يوم على عودة دونالد ترامب إلى سُدة الحكم في الولايات المتحدة، تتزايد الانتقادات لفشل إدارته في تحقيق العديد من وعوده الانتخابية، ما أدى إلى تراجع مكانة أمريكا على الساحة الدولية وتفاقم الأزمات في عدة مناطق، خاصة في أوروبا والشرق الأوسط.
في هذا السياق، قال المسؤول الأمني في المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله أبو علي العسكري: "مائة يوم وأمريكا تخسر أوروبا الحليف القديم لها، مائة يوم ولم يتحقق خرقاً في الملف النووي الإيراني، ولن يحقق ذلك لمعرفتنا التفصيلية بالإخوة الإيرانيين. مائة يوم من الخداع والفشل، لذا استحق بجدارة لقب المجرم الأحمق الفاشل المخادع ترامب".
وفي هذا التقرير، تستعرض شبكة انفوبلس أبرز وأهم الملفات التي وعد بها ترامب وفشل بالعمل عليها.
*تدمير العلاقات مع أوروبا
أدت سياسات ترامب المتشددة إلى توتر العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين. فقد فرضت إدارته تعريفات جمركية جديدة على واردات من دول أوروبية، مما أثار ردود فعل غاضبة من هذه الدول. كما أن اقتراح ترامب الأخير بشأن غزة، الذي يتضمن إعادة توطين الفلسطينيين وتحويل القطاع إلى “ريفيرا الشرق الأوسط”، قوبل برفض واسع من قبل القادة الأوروبيين، الذين اعتبروه انتهاكًا للقانون الدولي وتهديدًا لحقوق الفلسطينيين.
*تراجع في التعامل مع إيران
كانت التصريحات المتوترة بين إيران وترامب سائدة قبل عودته إلى البيت الأبيض في ولايته الثانية، ومتأثرة بالتصعيد الكبير بينهما خلال الولاية الأولى، بدءًا من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي العام 2018، وفرضها عقوبات اقتصادية شديدة سميت بـ"الضغوط القصوى".
وبينما اتهم ترامب طهران بالوقوف وراء حادثة لإطلاق النار عليه في تجمّع انتخابي، تعهّد بإعادة فرض سياسة "الضغوط القصوى" في ولايته الثانية، لكن رغم ذلك ذهب ترامب صاغراً لإجراء مفاوضات جديدة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عمان وروما وما تزال مستمرة حتى الآن.
*فشل في إنهاء الحرب في غزة
وعد ترامب بإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط، لكنه فشل في وقف الحرب المستمرة في غزة. بل إن دعمه غير المشروط لإسرائيل وتجاهله للمطالب الفلسطينية ساهم في تعقيد الوضع وزيادة التوترات في المنطقة. كما أن اقتراحه بإعادة توطين سكان غزة قوبل برفض دولي واسع، مما زاد من عزلة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
*فشل في الحرب الأوكرانية
من أبرز الوعود الانتخابية التي أطلقها ترامب، كانت إنهاء الحروب، إذ تعهد بوقف الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة من عودته إلى البيت الأبيض، لكن لم يزد ما توصلّت إليه إدارته عن اتفاق جزئي لوقف إطلاق النار، ولا يزال الحديث عن وقف إطلاق كامل معقدًا وغير مؤكد.
بل إن آخر التقارير الصحفية تفيد أن الرئيس الأمريكي، "محبط"؛ لأن جهوده للتوسط في اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا فشلت حتى الآن، مخبرًا أحد مستشاريه بشكل خاص أن التوسط في الاتفاق كان أكثر صعوبة مما كان يتوقع.
*فشل الرسوم الكمركية
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية لا تقل عن 10% على جميع الواردات، و60% على جميع السلع الصينية، و25% على السلع المكسيكية والكندية، و10% على الواردات الصينية في أول يوم له في منصبه.
وبالفعل أعلن ترامب في 2 أبريل/ نيسان الحالي فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على جميع السلع المستوردة، مع فرض معدلات أعلى على حوالي 60 دولة.
لكن هذا الإعلان أدى إلى أسبوع من الفوضى، حيث استجاب الاقتصاد العالمي وتدهورت أسواق الأسهم؛ ما أثار قلق المستهلكين وأصحاب الأعمال والاقتصاديين.
وعزز البيت الأبيض استراتيجيته حتى 9 أبريل، عندما تراجع ترامب في مواجهة مخاوف الجمهوريين وتعثر سوق السندات، بعد وقت قصير من دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ، معلنًا تعليقها 90 يومًا.
لكن الرئيس الأمريكي أصرّ على إكمال المعركة التجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي وكندا.
*ردع صيني
في واحد من أكثر تصريحاته غرابة، قال ترامب أثناء حملته الانتخابية إنه إذا عاد إلى البيت الأبيض، فإن الصين لن تجرؤ على استفزازه؛ لأن الرئيس شي جين بينغ يعرف أنه "مجنون".
وتوعّد بكين بفرض ضرائب على وارداتها بنسبة 15% أو 200 %. وقال إن "أعداء أمريكا لن يتصرفوا ضد المصالح الأمريكية في ظل رئاسة ترامب الجديدة؛ لأنهم سيخشون رد فعل قوي، وحتى غير متوقع".
وعندما أعلن ترامب فرض رسوم جمركية بعد عودته، على معظم دول العالم، خص الصين بالنسبة الأكبر 34%، واستثناها من التعليق المؤقت 90 يومًا، بل رفع الرسوم إلى 104% ثم إلى 145%، لكنّ بكين أيضًا لم تخش المواجهة التجارية مع ترامب، وردّت بتعريفات انتقامية بلغت 105%.
*الهجرة: وعود مشددة مقابل واقع قانوني معقد
كان أحد الشعارات البارزة في حملة ترامب هو “إنهاء الفوضى على الحدود”، متوعدًا ببناء مزيد من الجدران وطرد المهاجرين غير الشرعيين. ومع ذلك، اصطدمت خططه بجدار من القوانين الفيدرالية، والاعتراضات القضائية، وموجات الاحتجاج في الولايات الحدودية.
فشلت الإدارة في تمرير أي قانون جديد بشأن الهجرة، واضطرت لتجميد أو تعديل عدة أوامر تنفيذية بعد مواجهتها للطعن القانوني. كما أظهرت بيانات وزارة الأمن الداخلي أن عدد المهاجرين على الحدود الجنوبية لم يتراجع بالشكل الذي وعد به ترامب، بل ارتفع في بعض الأشهر بسبب الأزمات المستمرة في أمريكا اللاتينية.
*السياسة المناخية: الانسحاب مجددًا بلا بدائل
أعاد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات بيئية دولية كانت إدارة بايدن قد أعادت الالتزام بها، متذرعًا بأن الاتفاقيات “تخنق الصناعة الأمريكية”. لكنه لم يقدم أي استراتيجية بديلة لمواجهة التغير المناخي، ما أدى إلى توتر جديد مع أوروبا وكندا واليابان.
الولايات التي تقودها حكومات ديمقراطية، مثل كاليفورنيا ونيويورك، أعلنت استمرارها في الالتزام بسياسات المناخ بمعزل عن الحكومة الفيدرالية، مما كشف الانقسام العميق في بنية الدولة حيال هذه القضية المصيرية.
*الصحة والتأمين: لا "أوباماكير" ولا بدائل
وعد ترامب بإلغاء قانون الرعاية الصحية المعروف بـ”أوباماكير”، لكنه عجز عن تقديم بديل متماسك له. ومع الضغوط من الجمهوريين المعتدلين، اضطرت إدارته إلى التراجع عن كثير من وعود الإصلاح دون تقديم برنامج جديد.
وكانت النتيجة بقاء النظام الحالي بكل ثغراته، وازدياد حالة التململ في أوساط المواطنين الذين ينتظرون تحسين الخدمات الصحية وتقليل التكاليف. المحاولات المرتبكة لإصلاح القطاع الصحي أكدت مرة أخرى ضعف التنسيق بين البيت الأبيض والكونغرس.
*فشل بضم كندا
اقترح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ضم كندا إلى الولايات المتحدة لتصبح الولاية الأمريكية رقم 51، وأصر على هذا الأمر بشكل كبير، لكنه فشل أيضاً كعادته، وقوبل طموحه برفض كندي صارم.
وأكد رئيس الوزراء الكندي المستقيل جاستن ترودو ووزيرة خارجيته ميلاني جولي، الثلاثاء، أن بلدهما "لن تنحني" أمام تهديدات الرئيس الأمريكي.
وشدد ترودو على أن "كندا لن تكون أبدا، على الإطلاق، جزءا من الولايات المتحدة"، وذلك بعدما لوح ترامب باستخدام "القوة الاقتصادية" ضد جارته الشمالية.
*فشل بضم غرينلاند
أعلن الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن من المحتمل أن تحصل بلاده على جزيرة غرينلاند من دون استخدام القوة العسكرية، لكنه لم يستبعد اللجوء إلى هذا الخيار. لترد الجزيرة القطبية الشمالية إلى التأكيد أنها ليست للبيع في ظل تزايد الاهتمام بمواردها المعدنية النادرة وغير المستغلة في معظمها.
*فشل بضم بنما
ترامب وخلال خطاب القسم في تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة، أكد أن الولايات المتحدة "ستستعيد" قناة بنما. لتقوم الحكومة البنمية بتقديم شكوى في الأمم المتحدة عقب هذا التهديد.
وقال سفير بنما لدى الأمم المتحدة ألفارو دي ألبا في رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن ميثاق المنظمة ينص على عدم جواز التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد دولة أخرى أو المساس بسيادتها.
وطلب دي ألبا من غوتيريش توزيع الرسالة على الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن الدولي، لكنه لم يدع المجلس للاجتماع. وبنما حاليا أحد الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن.
*تراجع في الشعبية الداخلية
أدت هذه السياسات إلى تراجع شعبية ترامب داخل الولايات المتحدة. فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن نسبة تأييده تراجعت إلى أدنى مستوياتها، حيث أعرب العديد من الأمريكيين عن خيبة أملهم من أداء إدارته.
وتظهر معدلات الرضا عن أداء ترامب تراجعا كبيرا، لا سيما تجاه قضايا محورية لأجندته، مثل كيفية تعامله مع الهجرة والاقتصاد.
وعادة، عندما يصبح الرئيس أكثر شعبية في بداية فترة حكمه، يصبح من الأصعب على المؤسسات الوقوف في وجهه، والعكس صحيح، وعند انخفاض معدلات تأييده بشكل غير عادي، يصبح من الأسهل معارضة رئيس لا يحظى بشعبية كبيرة.
وبسرعة ماثلت السرعة التي تحرك بها ترامب لتنفيذ أجندته السياسية ووعوده الانتخابية، تراجعت نسب تأييده، كما تظهر أهم 7 استطلاعات حديثة للرأي رصدتها شبكة انفوبلس، حول مدى الرضا عن سياسات ترامب، وكانت على النحو التالي:
-استطلاع أسوشيتد برس: رضا 31%، مقابل 58% لديهم وجهة نظر سلبية (1260 شخصا استطلعت آراؤهم في الفترة من 17 إلى 21 أبريل/نيسان الجاري).
-استطلاع راسموسن: رضا 47%، مقابل عدم رضا 51% (1500 شخص شملهم الاستطلاع في الفترة من 20 إلى 24 أبريل/نيسان).
صحيفة إيكونوميست ومركز يوغوف: رضا 41%، مقابل عدم رضا 54% (نحو 1500 شخص شملهم الاستطلاع في البيانات الصادرة يوم 23 أبريل/نيسان).
-شبكة فوكس الإخبارية: رضا 44%، مقابل عدم رضا 55% (1104 أشخاص استطلعت آراؤهم في الفترة من 18 إلى 21 أبريل/نيسان).
-استطلاع مورنينغ كونسالت: رضا 46%، مقابل عدم رضا 52% (2207 مواطنين شملهم الاستطلاع في الفترة من 18 إلى 20 أبريل/نيسان).
-استطلاع رويترز/إبسوس: رضا 42%، مقابل عدم رضا 53% (4306 مواطنين شملهم الاستطلاع في الفترة من 16 إلى 21 أبريل/نيسان).
-مركز بيو للأبحاث: رضا 40% على أداء ترامب، مقابل عدم رضا 59% (3589 مواطنا استطلعت آراؤهم في الفترة من 7 إلى 13 أبريل/نيسان).
*فوضى
وتقول مديرة برنامج التحليلات السياسية التطبيقية في جامعة ولاية ميريلاند البروفيسورة كانديس توريتو، إن "هناك الكثير من الفوضى في الوقت الحالي، سواء من تغييرات السياسة والأوامر التنفيذية، أو من حيث السرعة".
وتضيف، "هذه التغييرات فائقة السرعة القادمة من إدارة ترامب تسبب الكثير من الارتباك والمعاناة في بعض الحالات. يفقد الناس وظائفهم، وأموال التقاعد الخاصة بهم، والثقة في الاقتصاد الأميركي، ومكانتهم في العالم".
وتتابع، أن عددا من هؤلاء الأشخاص هم من ناخبي ترامب، ويعمل كثير من الجمهوريين في الحكومة الفدرالية أيضا، ويدخرون للتقاعد ويستثمرون في سوق الأسهم أيضا، "هذه الخسارة التي تحل بهم حقيقية ومهمة" تقول توريتو.
خلال 100 يوم فقط، تبددت الكثير من وعود ترامب الانتخابية، وظهرت هشاشة برنامجه السياسي والاقتصادي أمام تعقيدات الواقع الداخلي والدولي. وبينما يحاول البيت الأبيض تقديم إنجازات شكلية للتغطية على التراجع، تزداد الأسئلة حول قدرة الإدارة على استكمال ولايتها في ظل هذه الفوضى السياسية والدبلوماسية.