البصرة تنتفض ضد قرار مجلس الوزراء رقم 20.. لا يوفر البدائل ويملّك الأراضي بثمن السوق

انفوبلس/ تقارير
غضب واسع في محافظة البصرة من قرار مجلس الوزراء رقم 20 لعام 2025 والذي يتعلق بتسعير أراضي السكن ضمن الحدود البلدية لكن لقاء مبالغ تفوق قدرة الساكنين على دفعها، وهو ما قاد الأهالي للنزول إلى الشارع صبيحة اليوم الأحد والتظاهر أمام مبنى المحافظة بغية عدم تنفيذ القرار أو على الأقل التريث في تطبيقه لحين توفير البدائل، انفوبلس واكبت تلك التظاهرات واستمعت لمطالب المتظاهرين وأسباب رفضهم القرار وأعدّت تقريراً شرحت فيه كافة التداعيات تقرأونه عبر الرابط أدناه.
"استهداف الشرائح الفقيرة"
صباح اليوم الأحد، تجمهر العشرات من أهالي محافظة البصرة، أمام مبنى مجلس المحافظة، في وقفة احتجاجية عبّروا خلالها عن رفضهم القاطع لما وصفوه بـ”القرار الجائر”، في إشارة إلى قرار مجلس الوزراء رقم 20 لعام 2025، والذي يتعلّق بتسعير أراضي السكن ضمن الحدود البلدية.
ورفع المحتجون شعارات تندد بالقرار، مؤكدين أنه يشكّل عبئًا إضافيًا على محدودي الدخل، ويحوّل حلم الفقراء بالحصول على سكن قانوني إلى معاملة مشروطة بالمال.
وفي شهر آذار الماضي، أعلنت مديرية بلدية البصرة، بدء تنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 20 لسنة 2025، المتعلق ببيع الدور المتجاوزة على أراضي الدولة لساكنيها، وفق الضوابط المعتمدة.
وبهذا الصدد، قال أحد المتظاهرين، “نرفض هذا القرار رفضًا قاطعًا، وهناك مساومة بمعاملة سكن مقابل أموال، أين يذهب الفقير؟ وهو يسكن بـ150 مترا ومسجل عليه قرار مثل هذا؟ لن نسمح بتطبيقه مهما حدث".
في حين أشار متظاهر آخر إلى أن القرار يستهدف الشرائح الضعيفة إذ قال: “قرار 20 لسنة 2025 قرار ظالم بحق الإنسان البسيط، يتعامل مع أراضٍ مخططة من قبل التخطيط العمراني وكأنها تجاوز، ويُسعّرها بأسعار السوق، والفقير لا يملك قوت يومه، نطالب مجلس محافظة البصرة بالتدخل لإلغاء أو على الأقل التريث بتطبيق القرار، كما فعلت محافظات أخرى مثل واسط وبابل والنجف”.
"قرار قاسٍ وغير منصف"
خلال وقفتهم الاحتجاجية، عبّر المتظاهرون عن رفضهم الشديد لمضامين القرار، مطالبين بإعادة النظر فيه، ومساواة البصرة بالمحافظات الأخرى التي تم التعامل مع ملفها السكني "بمرونة واستثناءات واضحة".
المحتجون أشاروا إلى أن القرار جاء "قاسياً وغير منصف"، خصوصاً أنه يتجاهل الواقع المعيشي والظروف القاسية التي دفعت الآلاف من العائلات إلى السكن في أراضٍ غير مملوكة رسمياً بسبب غياب المشاريع السكنية الحكومية، كما حمّلوا الجهات المعنية مسؤولية تفاقم الأزمة، مؤكدين أن "القرار يعاقب الفقراء بدلاً من أن يوفر لهم حلولاً حقيقية".
وبهذا الصدد، قال الشيخ أحمد زيارة وهو أحد وجهاء محافظة البصرة: “القرار ظالم، ولا يمكن تطبيقه بهذه الصيغة المجردة من أي بُعد اجتماعي أو إنساني، هذه الأراضي التي يُطلق عليها اسم (تجاوزات) ليست اعتداء على أملاك الدولة، بل نتيجة تقاعس الحكومة عن أداء دورها في توفير السكن"، مردفاً: "نطالب بتدخل فوري من حكومة البصرة لوقف تنفيذ القرار، ومخاطبة بغداد من أجل تعديل الموقف على غرار ما حصل في محافظات أخرى".
من جهته، عبّر أحد المواطنين الذين يسكنون المناطق المشمولة بالقرار عن استيائه من القرار قائلاً: "ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه، بيوتنا بنيناها بعرقنا، ولم نأخذها من أحد، ما يُسمى تجاوزاً هو في الحقيقة بحث عن كرامة وملاذ لعائلة لا تملك سوى جدران هذا البيت".
وأضاف أن "الحكومة إذا أرادت الحل فعليها أن تبدأ بتوزيع الأراضي السكنية وتوفير مجمعات حقيقية للفقراء، لا أن تبدأ بهدم البيوت".
بالمقابل، قالت إحدى المواطنات التي تسكن في أحد الأحياء العشوائية منذ 12 عاماً: "لم أطلب من الحكومة شيئاً طوال هذه السنوات، بنيت هذا المنزل بنفسي لأحمي أطفالي من الشارع، واليوم يُقال لنا إننا خارج القانون! نحن لسنا متجاوزين، نحن محرومون".
"لا بدائل"
يأتي قرار مجلس الوزراء في وقت يتزايد فيه الضغط الشعبي في البصرة نتيجة غياب المشاريع الخدمية والإسكانية، ما جعل خيار السكن في أراضٍ غير رسمية هو المخرج الوحيد لآلاف العائلات.
ويرى مراقبون أن تطبيق القرار دون توفير بدائل حقيقية، قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية ويزيد من حدة الفقر والبطالة في المحافظة.
وطالب المحتجون الحكومة المحلية وممثلي البصرة في مجلس النواب بـ "تحمّل مسؤولياتهم تجاه أبناء المحافظة، والعمل على وقف تنفيذ القرار لحين دراسة تبعاته، وفتح حوار مجتمعي شامل لضمان إنصاف الفئات الأكثر تضرراً".
"قرار جريء لكنه منقوص"
في السياق ذاته، يقول بعض المتظاهرين، إن "القرار جريء وشجاع من الحكومة العراقية، لكنه جاء منقوصاً من حيث الضوابط التي لا تناسب شريحة الفقراء ولاسيما دفع مبالغ مالية كبيرة مقابل التمليك".
وأضاف، إن "مطالب المتظاهرين هي احتساب مبالغ التمليك ضمن قرار المطور العراقي إذ تصبح أسعارها من 15 إلى 20 مليوناً وهو مبلغ معقول ومقبول".
وقال متظاهر آخر، إن "حالة المتجاوزين المادية ضعيفة ومعظمهم لا يملكون حتى مصدر رزق، وهم يسكنون هذه الأراضي ضمن القانون الجديد الذي يضمن لهم تمليكها لكن جاء بمبالغ عالية مقاربة لأسعار هذه القطع في سوق العقارات المحلية".
وطالب المتظاهر، المعنيين في الحكومة بـ "مراعاة ظروف المتجاوزين والعمل على تعديل القرار أو رفضه رفضاً قاطع".
الحكومة ماضية بالتنفيذ – مسؤول حكومي
رغم كل ذلك، قال مدير بلدية البصرة فراس عبد الخالق، إن "الحكومة عازمة بشقيها الاتحادية والمحلية على حل ملف المتجاوزين وإعادة ترتيب المدن وتنظيمها"، مبيناً أن "الحكومة ماضية بتنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 20 لسنة 2025 الخاص بتمليك أراضي المتجاوزة التي تقع ضمن المدن والتي يكون جنسها (سكن)".
وأضاف عبد الخالق في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، أن "أكثر من 6 آلاف متجاوز قدم على هذا القرار بشكل رسمي، وهم مسجلون لدى مديرية البلدية وتم تشكيل لجنة من الدوائر ذات العلاقة والخروج لهذه الدور والكشف عليها لغرض معرفة المشمولين ضمن الضوابط".
ووفقاً لمديرية بلدية البصرة، فإن الضوابط تتطلب أن يكون استعمال العقار سكنياً، ومفرزاً أصولياً ضمن المخططات السكنية الرسمية، ولا يكون مقدم الطلب قد استفاد سابقاً من قطعة أرض سكنية، سواء هو أو زوجته أو أطفاله الذين هم تحت رعايته.