العراق يتحرك لكسر الحظر الأوروبي عن خطوطه الجوية.. هل ينجح لقاء "حزيران" بفك العقدة؟
انفوبلس/ تقارير
حراك عراقي جديد ونسبة حكومية جرى التشكيك في صحتها تتعلق بخطة كسر الحظر الأوروبي عن الخطوط الجوية المفروض منذ عام 2015، لقاءات بالجملة واجتماعات قريبة أخرى في سبيل حل عقدة هذا الملف، فهل ستنجح الحكومة بهذا الاختبار؟
آخر المستجدات
في آخر مستجدات ملف الحظر الأوروبي على العراق، بحث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الأحد الماضي مع وفد من الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الإياتا) إجراءات رفع هذا الحظر عن الخطوط الجوية العراقية.
وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء ورد لشبكة انفوبلس، أن السوداني التقى مع وفد من الاتحاد الدولي للنقل الجوي برئاسة نائب رئيس الاتحاد كامل العوضي.
وتابع البيان، أن اللقاء "استعرض جهود العراق وإجراءاته بخصوص إنهاء الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية، ونسب التنفيذ في الخطة التي أعدتها اللجنة المكلفة بتحقيق متطلبات رفع الحظر".
وأوضح، أن "اللقاء ناقش جهود العراق في مجال تطوير عمل شركة الخطوط الجوية وتطبيق الأتمتة في جميع مفاصل العمل فيها، وكذلك في مجال رفع قدرات الشركة وتطوير مهارات كوادرها، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمسافرين، ونقل البضائع".
وأكد السوداني، "إيلاء هذا الملف الأهمية القصوى والمتابعة المستمرة لعمل اللجنة المكلفة برفع الحظر، وتقديم كل التسهيلات اللازمة من أجل استكمال عملها والإيفاء بكل متطلبات هذا الأمر، والعمل بالتوازي لتطوير منشآت شركة الخطوط والالتزام بالمعايير الدولية".
بعدها التقى السوداني، نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الاياتا) كامل العوضي، وبحث معه رفع الحظر الأوروبي عن الطيران العراقي، وقد أكد العوضي، بحسب البيان على أن نسبة الإنجاز المتحققة في الخطة التصحيحية قد تقدمت لتصل إلى 56 بالمئة.
تذكير
لابد من التذكير بخلفية هذا الملف، إذ فرض الاتحاد الأوروبي الحظر الجوي على شركة الخطوط الجوية العراقية منذ العام 1991 بعد غزو نظام صدام حسين لدولة الكويت وفرض عقوبات دولية على البلاد إثر ذلك.
بعد ذلك، تم رفع هذا الحظر وتحديدا بالعام 2009، لكن سرعان ما عاد في آب أغسطس 2015 لوجود مخالفات بشروط السلامة ومستمر لغاية الآن.
بماذا ترهن وزارة النقل رفع الحظر؟
إلى ذلك، أعلنت وزارة النقل، عن اتخاذ جملة من الإجراءات لرفع الحظر الأوروبي عن الخطوط الجوية العراقية، فيما رهنت رفع الحظر بتدقيق مراقبة السلامة الجوية (USOAP).
وقال المتحدث باسم الوزارة، ميثم الصافي في حديث للوكالة الرسمية وتابعته شبكة انفوبلس، إن "الخطوط الجوية العراقية قد اتخذت عدة إجراءات لرفع الحظر الأوروبي المفروض عليها، ومنها التعاقد مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي إياتا (IATA) للحصول على شهادة الأيوسا (IOSA)".
وأضاف، أن "هذا التعاقد يهدف أيضا للتحضير للحصول على شهادة (مشغل البلد الثالث)"، مبيناً أن "مدة العقد هي 30 شهراً، مقسمة إلى مرحلتين".
وأكد الصافي أن "رفع الحظر الأوروبي عن الخطوط الجوية العراقية يرتبط أيضا بعبور سلطة الطيران المدني العراقي للبرنامج العالمي لتدقيق مراقبة السلامة الجوية USOAP".
أسباب استمرار الحظر
بهذا الشأن، يقول استشاري الطيران المدني، فارس الجواري، إن "موضوع رفع الحظر الأوروبي عن الخطوط الجوية العراقية ملف شائك جدا تجاوز 10 سنوات لغاية الآن".
ويعزو الجواري، أسباب استمرار الحظر إلى "عدم استكمال شركة الخطوط الجوية العراقية لمتطلبات ومعايير الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران والتي تعرف باسم الاياتا، وهي معايير تمنحها الوكالة لأي شركة نقل جوي تنوي الطيران فوق أجوائها أو النزول بأحد مطاراتها”.
وأضاف، أن "تلك المعايير هي عبارة عن برنامج تدقيق يسمى TCO أو ما يعرف بنظام تشغيل البلد الثالث، لكن الخطوط العراقية لم تقم بتلبيتها، خلال الأعوام الـ10 الماضية، بل لجأت إلى حلول مؤقتة وضعتها القوانين الدولية لمدة سنة كأقصى حد".
وأشار الجواري إلى أن "الحلول المؤقتة تتم بتسيير الرحلات عبر شركات تطير فوق أوروبا، مقابل تقاسم الأرباح مع العراق، وهو موضوع لم يخلُ من الإشكاليات، وأبرزها مظاهر الفساد، ما جعل الأمر يأخذ أكبر من حجمه لعدم وجود إرادة حقيقية في إنهائه".
تشكيك بالنسبة الحكومية المعلنة
وتعليقا على بيان مكتب السوداني، يقول الجواري، إن “الحكومة الحالية أخذت على عاتقها تنفيذ خطة إصلاحية لقطاع الطيران بشكل عام، لكن المشكلة، أنها لم تعد تتعلق بشركة الخطوط العراقية فقط، بل بسلطة الطيران المدني نفسه، كونها هي من تمنح الأولى شهادة التشغيل”.
ويؤكد المختص، أن “التقرير الأخير للوكالة الأوروبية والصادر في شهر كانون الأول ديسمبر 2024، حمل سلطة الطيران مسؤولية كبيرة، بسبب عدم استيفائها للشروط أيضا، وطالبها بتحديث برنامجها، بالإضافة إلى تحسين مسارات عمل شركة الخطوط الجوية”.
وبشأن النسبة التي ذكرها البيان آنف الذكر، والتي تؤكد أن نسبة استيفاء المعايير وصلت إلى 56 بالمئة، فيرى الجواري، أنها “غير متحققة على أرض الواقع، ولا وجود لأوراق مرسلة من قبل شركة الخطوط الجوية العراقية أو سلطة الطيران المدني إلى الوكالة الأوروبية تثبت إكمال هذه النسبة من المعايير، أو تؤكد جاهزيتها كمرحلة ثانية، للتدقيق والمطابقة مع ما هو متحقق على الأرض”.
ويضيف، أن “الاجتماع القادم مع الوكالة الأوروبية سيكون في حزيران (يونيو) المقبل، ولن يكون هناك وقت كافٍ لإعداد العراق ملفا باستيفاء المتطلبات، التي لابد أن يتبعها تدقيق، ما يعني أن الحظر سيبقى مستمرا حتى نهاية 2025، لانتظار الاجتماع التالي بنهاية السنة”.
لا تطوير رغم عشرات المليارات
يمتلك العراق ستة مطارات مدنية داخلة بالخدمة في بغداد والبصرة والنجف والسليمانية وأربيل وكركوك الدولي، فضلاً عن مطارَين غير داخلين في الخدمة وهما في دهوك، والموصل المشيد منذ عام 1920 لكن دمرته المعارك ضد تنظيم داعش بين عامي 2014 و2017.
وعلى الرغم من تخصيص الحكومات المتعاقبة منذ 2003 موازنات مالية مهمة للخطوط الجوية، إلا أنها لم تُسهم في تطور وضع الناقل الوطني، حيث تظهر أرقام رسمية تخصيص مبالغ تراوحت بين 161 مليار دينار و505 مليارات دينار بين السنوات 2019 و2024، للتطوير.
