العراق يتوسع في الأسطول البحري لنقل البضائع والنفط.. وزارتا النفط والنقل تتجهان إلى التنافس في الخليج
انفوبلس/..
يسعى العراق إلى التوسع في الأسطول البحري في عمليتي نقل البضائع والنفط، وضمن هذه الجهود تسعى وزارتا النفط والنقل إلى التنافس في منطقة الخليج العربي في محاولة لإعادة مكانة البلاد البحرية وزيادة أرباح شركاته، لما يتمتع به العراق من أهمية في عملية الشحن ونقل البضائع.
وتأتي الخطوة العراقية في إطار خطة لتوسيع أسطول النقل البحري العراقي سواء التجاري أو ناقلات النفط، بعد تدمير بواخره التجارية وناقلات نفطه إثر الحروب التي خاضها العراق، لاسيما حرب الخليج الثانية إثر غزوه الكويت عام 1990 والحصار الذي فُرض عليه من قبل مجلس الأمن عام 1991.
*بناء 13 باخرة
كشفت وزارة النقل، عن خطة بحرية للعام 2024، ضمن حملة "عام الإبداع" التي أطلقها وزير النقل رزاق محيبس السعداوي، بداية شهر كانون الأول الماضي وتتضمن السعي لبناء 13 باخرة.
وقال بيان للمكتب الإعلامي للوزارة، إن "الشركة العامة للنقل البحري، تعتزم تعزيز وتطوير عمل أسطول البواخر البحرية، عبر بناء بواخر جديدة"، مبينا أن "الخطة تتضمن بناء عدد من السفن ذات الحمولات الكبيرة التي تسد حاجة البلد في نقل مفردات البطاقة التموينية والبضائع التي نحتاجها في دعم القطاعات الأخرى في جميع الوزارات والشركات العاملة في البلاد، ما يسهم في دعم الاقتصاد العراقي".
من جهته، قال مدير عام النقل البحري أحمد جاسم الأسدي، بحسب البيان، إن "الشركة بدأت بالعمل لاستحصال الموافقات الاصولية لبناء ثماني بواخر، ستكون ست منها ضمن الموازنة الاستثمارية، واثنتان على الموازنة التشغيلية وخمس بواخر أخرى جرت مخاطبات بشأن بنائها عن طريق القرض الياباني الممنوح للعراق".
وأضاف الاسدي، إن "هذه المشاريع أُدرجت ضمن خطة عام الإبداع التي يشرف عليها بشكل مباشر وزير النقل رزاق محيبس السعداوي"، مؤكدا أن "أولويات الشركة في العام المقبل تتمحور حول تنويع وتعزيز مصادر الإيراد ورفع كفاءة الموظفين واستكمال فقرات توزيع الأراضي وحسم الأرباح وزيادة الحوافز".
ونوّه مدير عام الشركة إلى "السعي لتوسيع الأسطول التجاري بما يتناسب وحجم التقدُّم الكبير الذي تحقق في السنوات الأخيرة في القطاع البحري العراقي، من خلال فتح خطوط ملاحية مع عدد من الدول العربية والآسيوية والأوروبية، وأهمها الخط الملاحي المباشر مع الصين؛ حيث أسهم في زيادة عدد السفن التجارية التي توافدت على موانئنا الوطنية".
*ما يمتلكه العراق
وأضاف البيان، إن "الشركة تمتلك حاليا 6 سفن تجارية تُقدر حمولة ثلاث منها بـ(14) ألف طن هي البصرة والمثنى والحدباء، التي تعمل في المياه الدولية خارج المياه الإقليمية العراقية، وقد جابت البحار والمحيطات لنقل العديد من الحمولات المتنوعة، إضافة إلى باخرتَين، الأولى صغيرة خدمية تعمل في مياهنا الإقليمية لتزويد السفن الوافدة الى الموانئ العراقية بالمياه العذبة والوقود، والثانية باخرة بغداد ذات حمولة 10 آلاف طن، تعمل بين الإمارات والعراق لنقل الحاويات المتنوعة".
*خطط وعروض
فصّلت وزارة النفط، خططها لتطوير قطاع النقل البحري وتوسيع أسطول ناقلات النفط العراقي، فيما أعلنت شركة ناقلات النفط العراقي تلقيها عروض شراكة من شركات عالمية.
وقال مدير عام شركة ناقلات النفط العراقي، علي قيس عبد الجبار، للوكالة الرسمية، إن "الشركة وضعت بالتعاون مع وزارة النفط، خطة لبناء ناقلات وتوسيع أسطول ناقلات النفط، وتم استلام أول ناقلة وهي (الناقلة سومر) قبل مدة 3 أشهر، وبعد أسبوعين سوف تصل (الناقلة أكد) بحمولة نحو 31 ألف طن أي ما يقارب 200 ألف برميل"، لافتا إلى، أن "هناك خطة موضوعة لبناء ناقلتين حديثتين بمواصفات عالمية، وسوف يتم استحصال الموافقة على ذلك قريبا".
وأضاف عبد الجبار، أن "وزير النفط، أكد على ضرورة أن تمتلك شركة ناقلات النفط، مجموعة من الناقلات الحديثة العملاقة لنقل النفط الخام العراقي، وهنالك تعاون جديد بين شركة ناقلات النفط وشركة تسويق النفط لشراء الناقلات والدخول بمشاركة معها، إضافة إلى أن هناك 3 شركات عالمية قدمت عروضا لشركة الناقلات من أجل الشراكة، وهي أيضا في طور الدراسة وتحليل النتائج والأعمال المماثلة وقدرتها".
وأوضح، أنه "بامتلاك الشركة أسطول الناقلات على الأقل بواقع ناقلتي نفط خام في كل مشروع، وضمان عودة أسطول النفط الخام العراقي، يتم الاعتماد ذاتيا دون الحاجة إلى الشراكات، وتعود شركة ناقلات النفط لممارسة نشاطها الرئيسي المتمثل بنقل النفط الخام العراقي إلى المشترين من مختلف دول العالم".
وتابع: "ومن باب الدعم الحكومي، تم انطلاق (الناقلة بغداد) استنادا إلى توجيهات رئيس الوزراء ووزير النفط ووكيل الوزارة لشؤون التوزيع، تم تجهيزها بمادة زيت الغاز بكمية 10 ملايين لتر من زيت الغاز لإيصالها إلى أهلنا في غزة، لدعم المستشفيات وفك الحصار إثر العدوان الغاشم".
ولفت إلى أنه "تم التأكيد على أن تُنقل هذه الكميات بالناقل الوطني، إذ إن الناقلة بغداد التابعة لشركتنا تم تجهيزها بالطواقم والأرزاق والوقود، وانطلقت إلى ميناء السويس في مصر لإيصال هذه الشحنات"، مؤكدا أن "الشركة ستكون ناقلا وطنيا يمثل العراق بمختلف بلدان العالم".
*بناء ناقلات جديدة
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد، إن "وزارة النفط حريصة على تطوير قطاع النقل البحري باعتباره يشكل أحد المفاصل المهمة في عملية تسويق النفط العراقي وأحد الأركان المهمة لحركة نقل النفط الخام والوقود إلى الأسواق العالمية".
وأضاف جهاد، إن "الوزارة تخطط من خلال العمل على عدة محاور لتطوير هذا القطاع والتعاقد على بناء عدد من الناقلات بطاقات نقل مختلفة مع شركات عالمية رصينة لتعزيز الأسطول العراقي وتنشيط توسيع عملية نقل النفط الخام والمنتجات والنشاط التجاري لناقلات النفط العراقية".
وأشار إلى أن "الفترة الماضية شهدت دخول عدد من الناقلات الجديدة إلى الأسطول العراقي، لكن طموحات الوزارة أكبر من ذلك، وتتمثل بالتعاقد على ناقلات بسعات كبيرة، وأيضا إعادة الأسطول العراقي إلى سابق عهده بل أفضل ويكون ضمن ناقلات حديثة تنقل النفط العراقي إلى الأسواق العالمية، وأيضا استثمار وجود شركة ناقلات النفط العراقية للعمل التجاري الذي يهدف إلى تعزيز الموارد المالية والاقتصادية لدعم الخزينة الاتحادية والتوسع في نشاط الشركة لتكون شركة دولية تنجز مهامها في عملية تسويق النفط العراقي والعملية التجارية في ما يخص قطاع الطاقة والنفط بشكل عام"، مؤكدا على، أن "خطط الوزارة ماضية في ارتقاء عمل الشركة وتطوير وتوسيع عملها".
ويُعدّ الشحن أحد القطاعات العديدة التي لا يزال العراق يحاول اللحاق بها بعد عقود من الصراع. وتحقيقاً لهذه الغاية، أضافت "شركة ناقلات النفط العراقية" مؤخراً ناقلة منتجات نفطية جديدة إلى أسطولها الصغير. وتعمل سفنها في الغالب داخل المياه العراقية، حيث تنقل زيت الوقود الثقيل من ميناءَين في جنوب البلاد.
فقد وصلت سفينة "سومر" إلى العراق في شهر أيلول/ سبتمبر، وهي سفينة متوسطة المدى تبلغ حمولتها الساكنة 31 ألف طن، بُنيت في الصين، ومن المقرر أيضاً أن تستلم "شركة ناقلات النفط العراقية" سفينة ثانية مماثلة تحمل اسم "أكد"، التي بنتها شركة بناء السفن نفسها والتي أبحرت باتجاه البصرة في 1 كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وقد صوّرت الشركة العراقية السفن الجديدة كجزء من جهودها لإعادة بناء أسطول كان يتألف في السابق من أكثر من 20 ناقلة. ولكن لا تزال هناك عقبات كبيرة أمام طموحاتها.
يضم أسطول "شركة ناقلات النفط العراقية" منذ سنوات عدداً قليلاً فقط من السفن الصغيرة، تتراوح حمولتها بين 13000 طن ساكن و31000 طن ساكن. ولتغيير الأمور، وقّعت الشركة الخاضعة لإدارة الدولة في عام 2020 عقداً مع شركة "باتسيرفس ماندل" النرويجية لبناء سفينتَي "سومر" و"أكد". ووصف المسؤولون العراقيون هذا الإجراء بأنه خطوة نحو إحياء الدور الذي لعبته الشركة سابقاً، خاصة قبل غزو العراق للكويت في عام 1990.
واليوم، يقتصر دور "شركة ناقلات النفط العراقية" على نقل زيت الوقود الثقيل من موانئ خور الزبير وأم قصر إلى الناقلات التي تعمل كمخزن عائم قبالة الساحل الجنوبي للعراق. وتعتبر هذه العمليات ضرورية لأن ناقلات النفط الكبيرة والعميقة لا تستطيع الوصول إلى قناة المياه الضيقة والضحلة التي تربط الميناءَين بمنطقة الخليج. وتقوم كيانات حكومية أخرى أيضاً بتشغيل ناقلات النفط المستأجرة لنفس الغرض. على سبيل المثال، طرحت "الهيئة العامة لتسويق النفط" (سومو) عطاءات لسفن نقل زيت الوقود.
ويُعد زيت الوقود العراقي مرغوباً فيه بشكل رئيسي من قبل المصافي الصينية حيث يمكن معالجته في مصافي معقدة لإنتاج منتجات ذات قيمة أعلى، مثل البنزين. ويُباع المُنتج البترولي في آسيا والولايات المتحدة من بين وجهات أخرى. ويتم تصديره أيضاً عبر المركز التجاري الإماراتي في الفجيرة.
وقد بدأ تشغيل سفينة "سومر" فور وصولها إلى العراق في أيلول/ سبتمبر بنقلها زيت الوقود من خور الزبير إلى أربيل، وهي "ناقلة نفط خام عملاقة"، وفقاً لبيانات من "شركة كبلر". ويتم تشغيل "أربيل" حالياً من قبل "الشركة العراقية لخدمات النقل والتجارة النفطية" (أيسوت)، وهي مشروع مشترك تم تشكيله في عام 2017 بين "شركة ناقلات النفط العراقية" و"الشركة العربية البحرية لنقل البترول".
*موقف برلماني
أكدت رئيس لجنة النقل البرلمانية، زهرة البجاري، أهمية توسيع الأسطول البحري العراقي عبر شراء سفن تجارية ذات حمولات كبيرة تساهم في النقل البحري وإعادة مكانة البلاد البحرية وزيادة أرباح شركاته، لما يتمتع به العراق من أهمية في عملية الشحن ونقل البضائع.
وقالت البجاري بحسب بيان أورده مكتبها الإعلامي، إن أهمية النقل البحري تأتي من موقع العراق الجغرافي وازدياد حالات الطلب للاستيراد والتصدير. مبينة، إن سيطرة الناقل الوطني متمثلا بشركة النقل البحري يتطلب توفر سفن عملاقة وأن شراء تلك السفن سيُعيد تاريخ العراق البحري إضافة الى الجدوى الاقتصادية الكبيرة منها.
وأشارت الى، إن "جهود وزارة النقل والإدارة العليا في شركة النقل البحري أسهمت بانطلاق خطط فعلية لتطوير عمل الشركات وبناء قدراتها المالية وإعادة العراق لسابق عهده في احتلال موقعه الطبيعي".
كما اعتبرت البجاري، اللجوء الى شراء السفن العملاقة "سيُساهم ببناء أسطول عالمي لنقل المواد من وإلى العراق والدول المجاورة خصوصا مع انطلاق أعمال ميناء الفاو الكبير وطريق التنمية، لافتة تلك الجهود ستُساهم في نجاح القطاع البحري والبري العراقي".
*واردات إضافية
وأشار المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي إلى أن الاستثمار بقطاع النقل البحري سيجلب واردات إضافية للعراق لاسيما بعد بناء ميناء الفاو، مشدداً على أهمية بناء أسطول كبير من السفن.
وأضاف قصي، "العراق يحتاج إلى الاستثمار لتطوير صناعة النقل في البيئة البحرية والنقل البري، وبناء السفن سيعمل على خلق فرص عمل وكذلك تدعيم الاقتصاد العراقي". مشيراً إلى أن بلاد الرافدين تحتاج إلى بناء سفن تجارية فضلاً عن ناقلات نفط عملاقة باعتبار أن سفنه تعود إلى مطلع سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
وبين أن السفن الجديدة ستتولى عملية نقل نفط العراق عبر البحار، كما أن انتقال التجارة العالمية إلى العراق يحتاج إلى أسطول تجاري يقوم بنقل أنواع مختلفة من السلع، وهذا يعزز ازدهار قطاع التأمين على السلع المستوردة لصالح العراق، ونقل سلعه إلى الاتحاد الأوروبي وآسيا.
وأشار إلى أن "عملية الاستثمار في قطاع النقل البحري والسكك الحديدية تحتاج إلى منظومة تدير هذا الملف الاستثماري بعقلية الذكاء الاصطناعي، لكي يكون النقل عامل جذب للأراضي العراقية بأسعار مخفّضة".
وشدد على أهمية بناء أسطول كبير من السفن، لاسيما أن العراق يعتزم بناء شركة الحديد الصلب في البصرة التي من المقرر أن تكون الكبرى في الشرق الأوسط، فضلاً عن بناء مدينة صناعية، مما قد ينقل العراق من شراء السفن إلى بنائها بعد التوسع في قطاع النقل البحري.
وعن توقعاته عن مناشئ السفن التجارية المقرر بناؤها لصالح العراق، قال قصي "قد يكون منشأ السفن الجديدة من الولايات المتحدة الأميركية أو ألمانيا، ولكن الأكيد أن العراق سيبحث عن الفرص الأفضل وسيخلق شراكة مع كل دول العالم".
وتابع، أن العراق يستورد بضائع بقيمة 50 مليار دولار بسفن وناقلات غير عراقية، وأنه بامتلاك بغداد وسائل نقل ستنتعش شركات التأمين العراقية، لاسيما أن البلاد تتهيأ لأن يكون 15 في المئة من حجم التجارة العراقية تمر بأراضي الرافدين.
وبحسب خبراء في مجال النقل البحري، تعتمد فترة بناء السفن التجارية على حجمها، وهي تتراوح ما بين سنتين وخمس سنوات، وفي هذه الفترة ممكن تدريب طواقم عراقية قادرة على قيادة تلك السفن.
*تقليل الكلف
فيما وصف المتخصص في الشأن الاقتصادي فالح الزبيدي بناء أسطول تجاري من السفن التجارية بـ"الخطوة الجيدة" لتقليل كلف البضائع المستوردة.
وقال الزبيدي، "عملية بناء أسطول عراقي تجاري مهمة لتخفيف كلفة النقل من البلدان الأخرى، لاسيما أن غالبية استيراداتنا من الصين ويتطلب نقلها عن طريق البحر، فضلاً عن ضرورة بناء ناقلات نفط لنقل النفط الخام العراقي".
وأكد، أن "البضائع العراقية تُنقل في سفن أجنبية، وأن تولّي سفن عراقية هذه المهمة سيخفّض الكلفة"، مشيراً إلى أنه قبل عام 2003 كان هناك أسطول تجاري عراقي فضلاً عن أسطول من ناقلات النفط.
وعن توفر كوادر عراقية لقيادة السفن، أكد أن "الكوادر العراقية موجودة ولدينا أكاديمية بحرية مقرها البصرة، ممكن أن تقوم بتدريب الكوادر على متن سفن تجارية داخل العراق وخارجه".
ويعود امتلاك العراق أول أسطول تجاري في بداية العهد الجمهوري عام 1958 بعد امتلاك العراق باخرتين لنقل البضائع حمولة كل منهما 6 آلاف طن. وبعد عام 1968 بدأ التوسع في الأسطول البحري التجاري وتم شراء أربع بواخر روسية الصنع حمولة كل منها 13 ألفاً و600 طن، وخلال عامي 1976 و1977 تسلمت الشركة أربع بواخر كانت قد تعاقدت على بنائها مع شركة ألمانية، كذلك تم التعاقد مع شركة يابانية على بناء أربع بواخر دخلت الخدمة خلال عام 1977، ليكون مجموع ما يمتلكه العراق 14 باخرة. وخلال الثمانينيات أضيفت إلى الأسطول البحري التجاري ثلاث بواخر متخصصة، فيما تأثر قطاع النقل البحري بظروف الحرب العراقية - الإيرانية بسبب توقف نشاط الموانئ العراقية، فيما أُصيب بالشلل التام بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على العراق عام 1991، حين توقف نشاط البواخر العراقية على الخطوط البحرية الدولية والإقليمية.