انفوبلس تستذكر النخوة العراقية للبنان.. جسور مساعدات برية وجوية وموقف سياسي مشرف

انفوبلس/ تقارير
عشية تشييع سيد الجنوب، والشمعة التي كانت تضيء عتمة الطريق، عادت انفوبلس قليلا بالذاكرة، لتسلّط الضوء على النخوة العراقية لأبناء وأحفاد شهيد الأمة حيث لبنان الوفاء وما قدّمه العراقيون له في أزمته، من جسور المساعدات الجوية والبرية إلى الموقف السياسي المشرف فتسهيل عودة النازحين وختاما بالتدفق نحو بيروت العز لحضور مراسم تشييع السيد الأمين.
العراق يداوي جروح اللبنانيين
منذ أن بدأت الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، كان العراق سباقًا في مد جسور المساعدات لإخوته هناك، حيث تجلى التضامن العراقي مع لبنان في إطلاق حملات الدعم والإغاثة على المستويين الرسمي والشعبي، فضلًا عن استقبال العوائل اللبنانية النازحة.
وكان لنداء المرجعية الدينية في النجف الأشرف في مدّ يد العون للشعب اللبناني، الأثر الأكبر في هذا الحراك الإنساني الذي هبّت لتلبيته مختلف شرائح المجتمع العراقي، والذي ما زال متواصلًا ويظهر جليّاً في المد البشري الكبير الذي ذهب إلى بيروت لحضور مراسم تشييع السيد حسن نصر الله والشهيد هاشم صفي الدين.
استقبال العوائل اللبنانية النازحة
بالحديث عما فعله العراق إلى لبنان، والمبادرات التي شرع بها، لابد من ذكر استقبال العوائل اللبنانية النازحة، إذ دأبت كوادر وزارة الهجرة والمهجرين على استقبال العوائل اللبنانية القادمة إلى العراق بسبب العدوان الإسرائيلي على لبنان، وذلك عن طريق منفذ القائم الحدودي.
واستقبلت كوادر الوزارة أعدادا هائلة على شكل دفعات قُدرت بالآلاف، وقامت بتقديم كافة التسهيلات الضرورية لهم.
كما اتخذت وزارة الداخلية كافة الاجراءات لتسهيل دخول اللبنانيين الى العراق حتى في حال عدم توفر المستمسكات المطلوبة لديهم.
أيضا، شاركت جميع المؤسسات العراقية بتقديم المساعدة للنازحين اللبنانيين.
مجمع سكني لاستقبال النازحين اللبنانيين
كذلك كان من بين المساعدات، قيام لجنة حكومية مشتركة بتأمين كافة المتطلبات الضرورية لأكبر مجمع سكني في ديالى لاستقبال النازحين اللبنانيين .
وكانت اللجنة الحكومية مشتركة من دوائر الكهرباء والماء والهجرة حيث أمّنت آنذاك كافة المتطلبات الضرورية لاستقبال العوائل اللبنانية في مجمع الغالبية السكني .
وضم مجمع الغالبية السكني / 360 / وحدة سكنية وكان الأكبر من نوعه على مستوى ديالى .
إجراءات في التربية لقبول التلاميذ اللبنانيين
كذلك، أعلنت وزارة التربية العراقية، إنجاز أولى إجراءات القبول للتلاميذ النازحين من لبنان.
وذكر بيان للوزارة آنذاك، أنها “احتضنت التلاميذ النازحين من لبنان الشقيقة في مؤسساتها التربوية”.
وأشارت إلى أنّها ” أنجزت أولى إجراءات القبول”.
جسور من المساعدات الإغاثية
ومن أوجه التضامن العراقي مع لبنان أيضا، إرسال المساعدات الإنسانية، حيث قرر مجلس الوزراء العراقي، خلال إحدى جلساته السابقة في الأزمة اللبنانية، تخصيص مبلغ 40 مليار دينار، من احتياطي الطوارئ ومن تخصيصات الموازنة المالية، إلى وزارتي الصحة والتجارة، وجمعية الهلال الأحمر العراقي، لتقديم المواد الإغاثية إلى أهالي غزّة ولبنان.
وكشف الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء آنذاك يحيى رسول، أن المساعدات العراقية للبنان “مستمرة ولم تتوقف وهو واجب تحتمه الإنسانية والعراق كان أول دولة ترسل المساعدات”.
ولفت إلى، أن “هنالك طريقين لإرسال المساعدات جوي وبري” مؤكدا عزم العراق إرسال المزيد من المساعدات جوًا وبرًا.
مساعدات العتبات المقدسة للشعب اللبناني
كما كانت عتبات العراق المقدسة في مقدمة المساهمين في إرسال المساعدات للشعب اللبناني عملًا بتوجيهات المرجعية الدينية العليا.
حيث أعلنت العتبة العباسية المقدسة في أكثر من مرة إطلاق قوافل من المساعدات الإنسانية إلى لبنان، متضمنة 400 طن من المواد الإغاثية.
وكانت كل القوافل تجهز بجميع المستلزمات الطبّية والغذائية المتنوّعة التي يحتاجها النازحون اللبنانيون، سواء كانوا في سوريا أو داخل لبنان، بالإضافة إلى العيادات المتنقّلة لإسعاف الجرحى، ومحاولة نقلهم إلى مستشفى الكفيل التخصّصي في كربلاء المقدسة.
كذلك دأبت بعثة الاغاثة الطبية التابعة للعتبة الحسينية المقدسة على عملها في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث قدمت العديد من الخدمات، بالإضافة إلى مشاركتها بعمليات الإخلاء الطبي الميدانية في المناطق التي تعرضت للقصف الاسرائيلي.
من جانبها، فتحت العتبة العلوية المقدسة جميع فنادقها ومدن الزائرين التابعة لها لاستقبال النازحين اللبنانيين، وشكلت لجنة خاصة للإشراف على تقديم الخدمات اللازمة للعوائل المستضافة، مع تخصيص أرقام هواتف للتواصل وتنسيق عمليات الاستقبال والإقامة.
موقف سياسي ثابت ومشرف
أما على الصعيد السياسي، فكان موقف العراق ثابتا ومشرفا، إذ ذكرت وزارة الخارجية العراقية في بيان أصدرته بخضم الأزمة، إن "وفد جمهورية العراق، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، دعا إلى عقد قمة عربية وإسلامية تهدف إلى وقف عدوان الكيان الإسرائيلي على لبنان".
وأضافت: "قدم العراق هذا المقترح خلال اجتماع الجامعة العربية على المستوى الوزاري المنعقد في نيويورك على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة".
وأكد هذه الأنباء، وزير الخارجية فؤاد حسين في تدوينة ذكر فيها، أنه "خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، قدمت اقتراحاً لعقد قمة عربية وإسلامية طارئة تهدف إلى توحيد الجهود من أجل وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان".
وشدد على أهمية "التحرك العاجل والعمل الجماعي لحماية الشعب اللبناني الشقيق والدفاع عن حقوقه المشروعة وفق القوانين الدولية، كما حثّ على أن التضامن العربي والإسلامي يمثل ركيزة أساسية في مواجهة التحديات في المنطقة".
كما حذّر العراق الدول الأعضاء في منظمة عدم الانحياز، من خطورة توسع رقعة الصراع، معتبراً ذلك بأنه يمثل تهديدًا خطيراً للأمن والسلم الدوليين.
وانضمّ رئيس جمهورية العراق، عبد اللطيف جمال رشيد، إلى التوجّه الحكومي الداعي إلى موقف دولي إزاء الاعتداء الصهيوني على لبنان.
وقال رشيد حينها في بيان رئاسي: "نُدين ونستنكر بشدة العدوان الذي تعرّض له الشعب اللبناني الشقيق والذي أسفر عن استشهاد وإصابة المئات من المواطنين، وهو تطور ينذر بتبعات خطيرة على المنطقة ككل، ونؤكد وقوف العراق الى جانب أشقائه في فلسطين ولبنان".
وجدد رئيس الجمهورية "الموقف الثابت والراسخ في رفض الأعمال العدوانية ووجوب وقفها بأسرع وقت" كما جدّد مطالبته المجتمع الدولي بـ"تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية في وقف الحرب على الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية".
الرئيس العراقي حثّ أيضاً آنذاك على ضرورة "اتخاذ موقف دولي لوقف الاعمال العدوانية إذ ستؤدي الى انزلاق المنطقة نحو سيناريوهات خطيرة لا تخدم أحداً، ومنع التصعيد وتمدد الحرب الى لبنان أو أي منطقة أخرى" مؤكداً ضرورة "الإغاثة العاجلة للمتضررين من الاعمال العدوانية".
في الأثناء، حذّر رئيس البرلمان العراقي بالنيابة ـ حينها ـ محسن المندلاوي، من محاولات سلطات الاحتلال توسيع رقعة الحرب والانتهاكات على دول أخرى في المنطقة، داعياً في الوقت عينه إلى التفاعل مع مبادرة السيستاني وإغاثة اللبنانيين.
بعدها، جدد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تضامن العراق الكامل مع لبنان، مؤكداً المضي بإرسال المواد الإغاثية والمساعدات للشعب اللبناني، وذلك خلال لقاء برئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي على هامش القمة العربية الإسلامية الخاصة بالحرب على غزة ولبنان.
رسائل حب من النازحين إلى العراقيين
لم ينكر اللبنانيون موقف العراق مطلقا، إذ عبّر نازحون لبنانيون، عن الامتنان العميق لما قدمه لهم العراقيون، من توفير المأوى والطعام والدواء، بالإضافة إلى الدعم المعنويّ والنفسيّ، منوهين إلى أنهم وجدوا في العراق بيئة آمنة ومستقرة، مما أسهم في تخفيف آلامهم النفسية وتجاوز الصدمة التي تعرضوا لها.
وقال أحد النازحين من لبنان "عندما وصلت إلى العراق شعرت بالراحة والأمان، لقد وجدت كل ما أحتاجه من مأوى وطعام ودواء، لم أتوقع يوما أن أجد مثل هذا الكرم والاستقبال الحافل".
بدورها قالت نازحة لبنانية أخرى، إن "العراق هو وطننا الثاني، لقد عشنا هنا حياة كريمة، ولم نشعر بأي نقص في أي شيء، نشكر الحكومة العراقية والشعب العراقي على كل ما قدموه لنا".
فيما قال نازح آخر "لم أشعر يوما أنني نازح في العراق، لقد وجدت هنا أهلي وعائلتي، وقد فتح العراقيون بيوتهم لنا وكأننا منهم، ولم يبخلوا علينا بأي شيء، أشعر بالامتنان لكل ما قدموه لنا"، مضيفا "أنا متأكد من أننا سننتصر وسنعود إلى وطننا، أشكر المقاومة اللبنانية على صمودها وتضحياتها".
وأشادت نازحة أخرى وهي من بين العوائل التي نزحت من جنوب لبنان، بالجهد الكبير الذي اضطلعت به "العتبات المقدسة" في استقبالهم وتقديم الرعاية لهم، مؤكدة أن حالهم أشبَه بمن هم في زيارة دينية ممّن هم نازحون، وأنهم وجدوا في العراق ملاذا روحيا آمنا، كما أشادت بالمرجعية الدينية التي وجهت العراقيين لاستقبالهم وتقديم المساعدة لهم.