خطوات متسارعة لتأمين الكهرباء.. زيادة الطلب تدفع لاعتماد استراتيجية جديدة لتنويع المصادر.. أين وصل مشروع الربط مع الخليج؟

انفوبلس..
في إطار سعي العراق لتعزيز أمنه في الطاقة، بحث وزير الكهرباء زياد علي فاضل مع هيئة الربط الخليجي سبل تسريع إنجاز مشروع الربط الكهربائي مع دول مجلس التعاون. وأكدت الهيئة استمرار العمل في المشروع، حيث سيمتد خط الربط من الكويت إلى محطة الفاو في العراق. وتأتي هذه الجهود في ظل تزايد الطلب على الطاقة، وسط تحديات تتعلق بالبنية التحتية والاعتماد على الاستيراد، ما دفع الحكومة لاعتماد استراتيجية متكاملة لتنويع مصادر الكهرباء، فهل تنجح بتلك المساعي؟
صباح اليوم، بحث وزير الكهرباء زياد علي فاضل، مع هيئة الربط الخليجي ملف تسريع إنجاز مشروع الربط الكهربائي بين العراق والخليج.
وذكرت وزارة الكهرباء في بيان، أن "فاضل استقبل وفداً من هيئة الربط الخليجي برئاسة أحمد الإبراهيمي، لبحث تسريع مشروع الربط الكهربائي بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي".
وأكد وفد هيئة الربط الخليجي، بحسب البيان، "استمرار العمل في المشروع، حيث سيتم تزويد العراق بالطاقة الكهربائية عبر خطي نقل من محطة الوفرة في الكويت إلى محطة الفاو في العراق".
ووفقاً للبيان، فيمتد مسار خط الربط من منفذ سفوان الحدودي إلى محطة الفاو بطول 77 كيلومتراً، وقد اكتمل نصب الأبراج في المقطع الممتد من سفوان إلى نقطة عبور شط البصرة البالغ 22 كيلومتراً، أما الجزء المتبقي من شط البصرة إلى محطة الفاو، والبالغ 54 كيلومتراً، فقد تم إنجاز أعمال المسح وإزالة المخلفات الحربية لمسافة 50 كيلومتراً منه، فيما يجري التنسيق مع وزارة الدفاع لاستكمال تطهير الأربع كيلومترات المتبقية تمهيداً لبدء الأعمال المدنية ونصب الأبراج.
وشدد الوزير، على "ضرورة تكثيف الجهود والعمل على مدار الساعة بنظام الشفتات الثلاث، بهدف تسريع وتيرة الإنجاز، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الوزراء. كما تقرر إعداد تقارير متابعة دورية كل 15 يوماً لرصد نسب التقدم في المشروع".
وفي مطلع الشهر الجاري، قال المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، إن أبرز التحديات التي تواجه عمل الوزارة، تتمثل بالنمو غير المسبوق في الطلب على الطاقة في العراق والذي ارتفع من 27 ألفاً إلى 48 ألف ميغاواط خلال الصيف الماضي، ما استدعى وضع استراتيجية متكاملة ورؤية مستقبلية واضحة.
وبيّن موسى أن الوزارة تدرك الحاجة الملحة للطاقة الكهربائية، خصوصاً في الصيف المقبل، وأنها تعمل وفق الخطط المرسومة من أجل توفير الكميات اللازمة من الكهرباء لجميع المحافظات العراقية. وتحدث عن أن الوزارة أنجزت 75% من مراحل مشروع الربط الخليجي لتزويد البلاد بالطاقة، وفقاً لمساعي الحكومة العراقية ووزارة الكهرباء للتغلب على مشكلة الطاقة الكهربائية المزمنة من خلال توسيع مصادر دعمها، وعدم الارتهان لإيران التي تعاني من مشكلات في إمدادات الطاقة والغاز نتيجة العقوبات الدولية.
وأكد أن مسودة عقد تبادل الطاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وصلت إلى مراحل إنجاز متقدمة تتضمن مشروع إنشاء خطين للضغط الفائق يربطان محطة الوفرة الكويتية بمحطة الفاو الثانوية. وأضاف أن من المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى من الربط الخليجي ضمن محافظة البصرة بطاقة 500 ميغاواط مطلع العام المقبل، لتبدأ بعدها المراحل اللاحقة لإنجاز هذا المشروع وتطويره، مؤكداً عدم تحمّل المواطنين أي أعباء مالية إضافية من عمليات الربط مع دول الجوار.
وشدد موسى على أن وزارته تعمل على تنويع مصادر الطاقة عبر الاعتماد على الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية وتدوير النفايات للمساهمة باستقرار الشبكة والدخول في سوق الطاقة الإقليمي. ويعاني قطاع الكهرباء في العراق من أزمات متكررة بسبب ضعف البنية التحتية والفساد الإداري، والتجاوزات على الشبكة الوطنية. كذلك، يعتمد العراق بشكل أساسي على الغاز المستورد من إيران لتشغيل محطاته، ما يجعله عرضة للأزمات عند حدوث تأخير أو تخفيض في الإمدادات.
وفي آخر أيام العام الماضي، قال موسى، إن الوزارة تعمل على تنفيذ مشاريع الربط الكهربائي لتعزيز استقرار الشبكة وتنويع مصادر الطاقة عبر الاعتماد على الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية وتدوير النفايات. وأضاف أن هذه المشاريع تسهم في استقرار الشبكة وتسمح للعراق بالدخول في سوق الطاقة الإقليمي.
وأوضح موسى أن "مشروع الربط الخليجي يربط محطة الفاو في العراق بمحطة الوفرة في الكويت، ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الأولى في خدمة محافظة البصرة بطاقة 500 ميغاواط مطلع العام المقبل".
أما بالنسبة لمشروع الربط العراقي الأردني، أشار إلى أن الجزء الأول دخل الخدمة بطاقة 54 ميغاواط، مما ساهم في إيصال الكهرباء إلى قضاء الرطبة. وأضاف أن المرحلة الثانية من المشروع، التي تشمل ربط محطة القائم بمحطة الريشة في الأردن، قيد الإنجاز.
وفيما يتعلق بمشروع الربط التركي، ذكر موسى أن المرحلة الأولى تم تشغيلها بطاقة 300 ميغاواط في المنطقة الشمالية، ويتم العمل على استكمال المرحلة الثانية بطاقة 600 ميغاواط.
كما تم توقيع العقد الاستشاري لمشروع الربط مع السعودية، الذي سيبدأ بطاقة أولية 1000 ميغاواط ومن المتوقع أن يكتمل في غضون 36 شهراً.
وأكد موسى أن العراق يمضي قدماً في مشاريع الربط الكهربائي لتعزيز أمن الطاقة وتوفيرها بشكل مستدام.
وفي السياق، أكد الخبير في مجال الطاقة، كوفند شيرواني، أن العراق يعاني من عجز كبير في تجهيز الطاقة الكهربائية، ولا يمكن معالجة هذا العجز بالاعتماد على الاستيراد من خلال عمليات الربط فحسب. وأوضح شيرواني، أن توليد الطاقة الكهربائية في المحطات الوطنية حالياً يبلغ حوالى 27 ألف ميغاواط، بينما ارتفع الطلب إلى 45 ألف ميغاواط، ما يعني وجود عجز كبير يصل الى 18 ألف ميغاواط.
وبيّن أن الربط الخليجي ممكن أن يوفر 500 ميغاواط فقط مع إمكانية ارتفاعها إلى 1000 ميغاواط لاحقاً. أما الربط مع الأردن، فلا يتجاوز 500 ميغاواط، فيما توجد فكرة للربط مع تركيا لا يتجاوز 1000 ميغاواط، ما يعني أن الربط مع دول الجوار مجتمعاً لا يتجاوز 4000 ميغاواط، وهو ما لا يعادل 25% من العجز الموجود في العراق.
وأفاد شيرواني بأن الربط الكهربائي يحتاج لزيادة عالية، لأن الكميات المعمول عليها لا تسد الحاجة، ما يعني عدم معالجة الأزمة بشكل كبير في ظل انقطاعات تجهيز الغاز الإيراني، الذي انعكس على ساعات تجهيز الكهرباء للمواطنين. وأردف قائلاً: "يجب أن يكون هناك تنسيق بين وزارتي الكهرباء للإسراع في برامج الاستثمار وعزل الغاز المصاحب في الحقول النفطية، لتكون جاهزة وكافية لتشغيل المحطات الوطنية والاستغناء عن الاستيراد".
وشدد على أهمية إنشاء محطات إنتاج الطاقة الكهربائية بطاقة إنتاجية عالية والتوجه لإنتاج الطاقة النظيفة. وشدد على ضرورة الاستفادة من طاقات الكهرباء الفائضة لدى دول الخليج العربي بعد تطوير شبكة الربط العراقية للحصول على أكثر من 5000 ميغاواط بدلاً من الكميات القليلة التي جرى التعاقد عليها، ما دامت أسعارها متدنية من خلال العروض، قياساً بما يستورده العراق من الغاز الإيراني.
وأكد شيرواني أن هناك جهات تعرقل عملية الانفتاح على دول الخليج العربي الذي يعتبر الأفضل من بين بقية دول جوار العراق، فضلاً عن التوقف الفوري عن عمليات الصرف المالي على تأهيل محطات الكهرباء المتهالكة والمتقادمة والمتأخرة تكنولوجياً التي تحتاج إلى مبالغ مالية كبيرة تستنزف خزينة الدولة.
من جانبها، كشفت وزارة الكهرباء العراقية، في أواخر كانون الثاني الماضي، عن وصول مشروع الربط الكهربائي مع دول الخليج العربي لمراحله النهائية، مؤكدة أنه سيكتمل نهاية العام الحالي، وبإمكان العراق الاشتراك بالمنصة الإلكترونية لاتحاد التعاون الخليجي المخصصة لشراء الطاقة.
وقال مستشار الوزارة، عبد حمزة هادي، إن مشروع الربط مع دول الخليج سيكتمل نهاية العام الحالي، مشيراً إلى إمكانية اشتراك العراق بالمنصة الإلكترونية لاتحاد التعاون الخليجي المخصصة لشراء الطاقة. وتحدث هادي عن أن مجلس التعاون الخليجي لديه اتفاقية مشتركة تحت مسمى (هيئة الربط الخليجي)، ولهذه الهيئة خط مشترك متصل من سلطنة عمان، وصولاً إلى دولة الكويت.
وبيّن في تصريحات إعلامية أن العراق سيرتبط بالهيئة من خلال مد خط من محطة الوفرة في الكويت باتجاه محطة الفاو بالبصرة، وأن مشروع الربط العراق بالخليج سيكتمل في نهاية سنة 2025، كذلك فإن الخط سيدخل العمل وسيوفر بدايةً من 500-600 ميغاواط للشبكة الوطنية خصوصاً في فصل الصيف، لتعويض محافظة البصرة من الانقطاع، وبعدها تُزوَّد محافظات الوسط والجنوب.
ولفت هادي إلى أن الجيد في هذا المشروع وجود منصة إلكترونية تابعة لاتحاد التعاون الخليجي لبيع الكهرباء، وفي ضوء ذلك ستُشترى الطاقة الكهربائية من الخليج بحسب ما هو معروض في المنصة من الكمية والسعر. وأكد أن من حق العراق الدخول على المنصة الإلكترونية وشراء الطاقة حسب ما يراه مناسباً لمدة ستة أشهر أو أكثر من ذلك، مشيراً إلى أن شراء الطاقة الكهربائية يكون حسب العرض والطلب، حيث إن الأسعار في فصل الصيف تختلف عن فصل الشتاء.
وكانت وزارة الكهرباء العراقية قد أعلنت في منتصف الشهر الماضي إنجاز 75% من مراحل مشروع الربط الخليجي لتزويد البلاد بالطاقة الكهربائية. وذكرت الوزارة في بيان لها أن وفداً منها برئاسة مستشار الوزارة عبد الحمزة عبود، التقى في محافظة البصرة نائب الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الخليجي، محمد الشيخ، وممثلي وزارات الكهرباء والطاقة لدول الخليج.
وأكدت الوزارة أن مسودة عقد تبادل الطاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وصلت إلى مراحل إنجاز متقدمة. وفي أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2024، وقّعت دول مجلس التعاون الخليجي عقد تنفيذ مشروع ربط السوق الخليجية للكهرباء مع العراق، لتعزيز أمن الطاقة، ويسمح لدول مجلس التعاون في تزويد العراق بنحو 3.94 تيراواط/ساعة سنوياً وبأسعار تنافسية تقلّ عن تكلفة الإنتاج المحلي.