رسوم جديدة على الخدمات الحكومية.. بين تعظيم الإيرادات وزيادة الأعباء على المواطن

ضرائب جديدة أم عبء إضافي؟
انفوبلس/..
في خطوة تهدف إلى تعزيز الإيرادات المالية وتحسين جودة الخدمات العامة، تتجه الحكومة العراقية الى فرض رسوم جديدة على مجموعة من المعاملات الحكومية والخدمات الصحية، من ضمنها وثائق التخرج وزيارة المرضى في المستشفيات.
هذه الرسوم التي تشمل أجورا لتصديق وثائق التخرج وزيارة المرضى في المستشفيات، بالإضافة إلى رسوم أخرى متعددة، يطرح هذا التوجه تساؤلات حول قدرة المواطن العراقي على تحمل هذه الأعباء المالية، ومدى نجاح هذه الخطوات في تحقيق أهدافها.
رسوم إدارية وامتحانية في التربية
وفرضت وزارة التربية رسوماً على تصديق وثائق التخرج لطلبة المراحل المنتهية، حيث بلغت كلفة تصديق الوثيقة 80 ألف دينار عراقي، كما أقرت الوزارة فرض أجور على التقديم للامتحانات الخارجية لجميع الطلبة غير المنتظمين بالدوام، سواء في المدارس الحكومية أو الأهلية أو المهنية، حيث تم تحديد رسوم قدرها 25 ألف دينار للمرحلة الابتدائية و50 ألف دينار للمرحلتين المتوسطة والإعدادية.
ومع تصاعد الاعتراضات، أعلنت الوزارة أن هيئة الرأي قررت التريث في تنفيذ قرار زيادة الرسوم الإدارية والامتحانية، وذلك عقب اجتماع عقده وزير التربية مع أعضاء الهيئة لمناقشة تداعيات القرار.
وفرضت الجهات الحكومية، رسوما على تصديق وثائق التخرج، وتختلف هذه الرسوم باختلاف الجهات والمناطق، فعلى سبيل المثال، في إقليم كردستان، تبلغ رسوم تصديق الشهادة الجدارية 60,000 دينار عراقي، وتصل رسوم تصديق تأييد التخرج إلى 30,000 دينار، أما في المجلس العراقي للاختصاصات الطبية، تُفرض رسوم قدرها 5,000 دينار لكل وثيقة أصلية باللغة العربية أو الإنجليزية، و10,000 دينار للشهادة الجدارية.
وأثارت هذه الإجراءات جدلاً واسعاً بين المواطنين، حيث اعتبرها البعض عبئًا إضافيًا على الأسر في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، فيما دافعت الجهات المسؤولة عنها باعتبارها ضرورية لدعم الخدمات التعليمية.
أجور لزيارة المرضى
وأعلنت وزارة الصحة، في تشرين الأول الماضي، تفاصيل قرارها الخاص بزيارة المرضى في أوقات محددة، فيما أشارت الى أن فرض الرسوم على زيارة المريض خارج أوقات الزيارة لا يشمل مرافقه.
وقال المتحدث باسم الوزارة، إن "زيارة المرضى تكون خلال ثلاثة أيام وهي الاثنين والأربعاء من الساعة الثالثة الى الثامنة مساء ويوم الجمعة من كل أسبوع من الثامنة صباحا لغاية الساعة 12 ظهراً وتكون بالمجان"، لافتا الى أن "الإجراء اتُخذ لغرض تنظيمي وليس لغرض مالي".
وأكد على "منع الزيارة للمريض منعا باتا من الساعة الثامنة صباحا ولغاية الساعة الثالثة من بعد الظهر في جميع أيام الدوام الرسمي".
وأكد أن "هذا الإجراء يتضمن استحصال مبلغ 5 آلاف دينار لمن يزور المريض خارج أوقات الزيارة المذكورة"، لافتا الى أن "هذا الإجراء لا يشمل مرافق المريض".
إنهاك القطاع الصحي
وكان رئيس لجنة الصحة النيابية، ماجد شنكالي، قد أشار في وقت سابق، عن الزيادة التي طبقتها وزارة الصحة في أجور المستشفيات الحكومية إلى 10 آلاف دينار كبدل "فتح الطبلة"، مع فرض 5 آلاف دينار لكل زائر ومرافق خارج الأوقات المخصصة، لافتاً الى أن "التطبيقات الاشتراكية المجانية أنهكت القطاع الصحي"، داعياً "لزيادة موازنة الصحة من أجل تطبيق نظام الضمان والخدمة المدفوعة، عبر إدارة أفضل للأموال".
وقال رئيس لجنة الصحة النيابية، إن "الزيادة جاءت لتعزيز إيرادات وزارة الصحة، فهي تعاني من واقع مالي مرير، إذ لم يعد بالإمكان صيانة أي جهاز يتعطل، فالتمويل المطلق لها لم يتجاوز 35% من إجمالي تخصيصاتها لغاية أيلول 2024، في الوقت الذي يجب أن يكون التمويل بنسبة 75%".
وأكد أن تردي الواقع الصحي يعود لقلة التمويل، حيث لا تتجاوز حصة الفرد العراقي 200 دولار سنويًا، وأشار إلى أن النظام الصحي الحالي غير فعال، مطالبًا بتحديثه عبر تطبيق الضمان الصحي.
كما أوضح أن الفساد وسوء إدارة الأموال أثّرا على الخدمات الصحية، ورأى أن فرض الرسوم لن يحل الأزمة، بل يجب تحسين الخدمات عبر إصلاحات هيكلية وفصل العمل بين القطاعين العام والخاص.
بين مؤيِّد ورافض
وأشاد بعض المختصين بقرار تحديد أوقات الزيارة وفرض الرسوم، معتبرين أن ذلك سيسهم في تنظيم العمل داخل المستشفيات وتحسين جودة الرعاية الصحية. وأشاروا إلى أن هذه الخطوات تتماشى مع المعايير الدولية في تنظيم زيارات المرضى.
فيما عبَّر العديد من المواطنين، عن استيائهم من فرض الرسوم الجديدة، مؤكدين أن ذلك يزيد من معاناتهم الاقتصادية. وطالبوا الحكومة بإعادة النظر في هذه القرارات وتقديم دعم أكبر للفئات الفقيرة.
من جانبها، أعربت بعض اللجان النيابية عن قلقها من تأثير هذه الرسوم على المواطنين، ودعت إلى دراسة تأثيرها الاقتصادي والاجتماعي قبل تطبيقها. كما شددت على ضرورة توفير بدائل تمويلية أخرى لا تثقل كاهل المواطن.
تحديات اقتصادية
ويواجه المواطن العراقي تحديات اقتصادية متعددة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة وتدنّي مستويات الدخل، وفرض رسوم إضافية على الخدمات الحكومية قد يزيد من الأعباء المالية على الأُسر، خاصةً تلك ذات الدخل المحدود، بالرغم من أن بعض هذه الرسوم تهدف إلى تحسين جودة الخدمات، إلا أن تأثيرها على الفئات الأكثر احتياجًا يبقى محل تساؤل.
تطبيق هذه الرسوم يواجه تحديات عدة، بدءًا من ردود الفعل الشعبية وصولاً إلى الملاحظات البرلمانية، ونجاح هذه الخطوة يعتمد على قدرة الحكومة على تحقيق التوازن بين تعزيز الإيرادات وتحقيق العدالة الاجتماعية، وقد يكون من الضروري إعادة تقييم هذه الرسوم وتعديلها بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين.
وبينما تسعى الحكومة العراقية، إلى تحسين مواردها المالية وجودة خدماتها العامة، من خلال فرض رسوم جديدة، يبقى التساؤل حول مدى تحمل المواطن لهذه الأعباء الإضافية قائمًا، ويتطلب الأمر دراسة متأنية للتأثيرات المحتملة لهذه الخطوات وضمان عدم المساس بحقوق الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع.