ماذا يعني تحويل حلبجة إلى محافظة؟ انفوبلس تشرح الأبعاد السياسية والاقتصادية وما سيتغير في المدينة

انفوبلس/ تقارير
ربما عرف الجميع بأن البرلمان صوّت على تحويل حلبجة إلى محافظة، لكن قلة هم من يعرفون ماذا يعني ذلك، وما الامتيازات التي ستتحصل عليها بعد أن كانت مجرد قضاء يتبع السليمانية، انفوبلس أعدّت تقريراً مفصّلاً عن ذلك شرحت فيه أبرز ما سيتغير في هذه المدينة والأبعاد السياسية والاقتصادية بعد تحويلها إلى محافظة.
تصويت البرلمان وتحويلها إلى محافظة
بعد مخاضٍ عسير استمر لسنوات، صوّت مجلس النواب، اليوم الاثنين، على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة في جمهورية العراق.
وذكرت الدائرة الإعلامية للمجلس في بيان، تلقته شبكة انفوبلس، أن "مجلس النواب عقد جلسته السادسة من فصله التشريعي الأول، السنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة، برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس محسن المندلاوي وحضور 178 نائبًا".
وأضافت الدائرة، أنه "في مستهل الجلسة، صوت المجلس على عدد من الدرجات الخاصة وهم كل من نائب مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء علي رزوقي، ومستشار وزير الكهرباء عبد الحمزة هادي، ورئيس هيئة الحج والعمرة سامي المسعودي".
وأضافت، أن "المجلس صوت أيضًا على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة في جمهورية العراق المقدم من لجنتي الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم والقانونية، وبعدها تقرر رفع الجلسة".
الامتيازات التي ستحصل عليها حلبجة
بعد التصويت آنف الذكر، فإن محافظة حلبجة ستشهد تصاعدا للمنافسة السياسية والاقتصادية والانتخابية نظرا للامتيازات التي ستحصل عليها مُستقبلاً على مستوى الإدارة والأمن والسلطات التنفيذية والموازنات المالية بحسب مراقبين.
وكانت حلبجة تتبع محافظة السليمانية، وتقع في أقصى شرقها، وتبعد عن العاصمة بغداد زهاء 240 كيلومترا إلى الشمال الشرقي، ولا يفصل بينها والحدود الإيرانية سوى حوالي 14 كيلومترا فقط، وتقع هذه المدينة عند سفح منطقة هورامان الجبلية التي تمتد على الحدود الإيرانية العراقية، ويتكلم معظم أكراد المدينة الكردية باللهجة السورانية.
واشتهرت حلبجة بفاجعة تعرّضها لقصف بالأسلحة الكيمياوية، حيث أسفر عن مقتل أكثر من 5 آلاف شخص من أهالي المدينة، أغلبهم من الشيوخ والنساء والأطفال، وإصابة 7-10 آلاف آخرين، كما توفي آلاف المدنيين في وقت لاحق، وذلك نتيجة المضاعفات الصحية والأمراض والتشوهات الخلقية.
قرار جديد قديم
لم يكن التصويت اليوم هو قرار وليد اللحظة، إذ قرر مجلس الوزراء في 13 مارس/آذار من العام 2023 الموافقة على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة، وذلك بعد انفراجة في العلاقة السياسية بين بغداد وأربيل.
وسبق قرار مجلس الوزراء قرار حكومة كردستان في يونيو/حزيران 2013، ومن بعدها تصويت برلمان الإقليم في فبراير/شباط 2015 على تحويل حلبجة رسميا إلى محافظة ضمن الإقليم، حيث أُلحقت بها أقضية حلبجة وشاربازير وبينجوين وسيد صادق، بعد أن كانت جميعها مرتبطة إداريا بمحافظة السليمانية (شمالا).
وأثارت القراءة البرلمانية الأولى، في 2 أبريل/نيسان 2023 لتحويل حلبجة إلى محافظة، حفيظة ممثلي الكثير من الكتل والأحزاب السياسية عبر مطالبتهم بتحويل بعض الأقضية لمحافظات مستقلة، مثل قضاء تلعفر -أكبر أقضية البلاد- في محافظة نينوى (شمالا) وقضاء طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين (شمالا) وقضاء الفاو في محافظة البصرة (جنوبا) وغيرها.
ماذا يعني تحويل حلبجة إلى محافظة؟
يُشير نائب محافظ أربيل كاوة علي كريم، إلى أن المدينة – حلبجة - ستشمل بكافة التخصيصات المالية، بما يعني أنها ستكون في وضعها كبقية المحافظات بعد التصويت النهائي في بغداد على تحويلها إلى محافظة.
ورغم أن حكومة إقليم كردستان تعد حلبجة محافظة بحد ذاتها، إلا أن مصادقة الحكومة الاتحادية على ذلك يعني تخصيص نسبة مئوية للمحافظة من الموازنة العامة على غرار بقية المحافظات الأخرى، وهو ما قد يعني مبدئيا أن النسبة المخصصة لإقليم كردستان من الموازنة ستكون أكبر من المقررة سابقا، بحسب كريم.
كما يؤكد كريم أن حلبجة ستحظى بحصة مستقلة من الأدوية والمشتقات النفطية التي ترسلها الحكومة الاتحادية لمحافظات الإقليم، فضلاً عن المشاريع الاستثمارية المتنوعة في مختلف المجالات، مبينًا أن عدد سكان حلبجة يبلغ حاليا أكثر من 135 ألف نسمة، وستنضم إليها بعد تحويلها إلى محافظة 4 نواح إدارية هي سيروان وخورمال وبياره وبه مو.
ويعدد كريم المزايا التي ستحظى بها حلبجة كمحافظة، ومنها أن قرار الاستحداث سيفتح الباب لوجود عدد من الدوائر الحكومية السيادية التابعة للوزارات الاتحادية مثل الداخلية والتجارة وغيرهما، فضلا عن تخصيص وظائف حكومية لها مما يُسهم في فتح المجال لتعيين الآلاف من أبناء المدينة، مبينا أن النقطة الأبرز ستتمثل بشمول المحافظة بالقانون رقم 35 لسنة 2013 المتضمن شمول المتضررين من نظام الرئيس السابق المقبور صدام حسين بامتيازات وتعويضات مادية ومعنوية.
ولا يخفي كريم في ختام حديثه توقعات بأن تشهد حلبجة بعد تحويلها إلى محافظة رسميا منافسة سياسية شديدة غير معتادة بالانتخابات المُقبلة، وذلك إثر تخصيص عدد من المقاعد الانتخابية لها والتعامل معها كمحافظة وليس كقضاء.
أبعاد اقتصادية
وعلى المستوى الاقتصادي، تقع حلبجة في منطقة قريبة من الحدود العراقية الإيرانية، وتعدّ نقطة استراتيجية للتبادل التجاري بين البلدين عبر امتلاكها عدة منافذ حدودية، منها منفذا "شوشمي- تويله" و"بشته".
ويقول الخبير الاقتصادي الكردي كاروان حمه صالح، إن قرار تحويل حلبجة إلى محافظة جاء كتعويض نفسي ومعنوي نتيجة لما تعرّضت له طيلة العقود الماضية من ظلم وإقصاء وتهميش، وعلى مختلف الجوانب، وطيلة حكم الأنظمة السابقة.
ويكشف حمه في تصريح له تابعته شبكة انفوبلس، عن هجرة نحو 200 عائلة من المدينة سنويا باتجاه المناطق الأخرى بسبب تفشي البطالة وغياب فرص العمل والمشاريع الاستثمارية والصناعية وتراجع المستوى الاقتصادي، في ظل قلة الدعم الحكومي وتراجع الفرص الاستثمارية والزراعية والصناعية.
ويُحذر صالح من أضرار استمرار الهجرة في حلبجة، لا سيما ما ستحدثه من خلل في البيئة الاقتصادية، إضافة إلى التغيير الديموغرافي الذي سيهدد حلبجة والمدن الأخرى، وفق قوله.
أبعاد سياسية
من جانبه، لا يخفي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكوفة أسعد كاظم الشبيب، أن قرار تحويل حلبجة إلى محافظة يحمل في طياته أبعادا سياسية واقتصادية ستعود بالفائدة على أهالي المدينة ومجمل إقليم كردستان، وفق قوله.
ويضيف الشبيب في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، "عندما تكون حلبجة محافظة فهذا يعني زيادة حجم التمثيل السياسي لأهالي المدينة داخل حكومة وبرلمان الإقليم، وبالبرلمان والحكومة الاتحادية في بغداد، وسيكون للأهالي تمثيل مستقل بإدارة المحافظة بعيدة عن المحافظة الأم السليمانية".
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن تحويل حلبجة إلى محافظة سيترجم إلى منافع ومردودات اقتصادية كبيرة، تتمثل بزيادة الإيرادات المالية للمدينة، كما سيصب ذلك في تطوير بنيتها التحتية وإيجاد مشاريع استثمارية جديدة، وتطوير القطاعات الاقتصادية والعمرانية بالمحافظة مما يجعلها متساوية في الحقوق والواجبات مع أي محافظة بإقليم كردستان أو عموم العراق.
خلاصة
تحويل حلبجة إلى محافظة يعني أنها صارت وحدة إدارية مستقلة، مثل بقية المحافظات العراقية في الإقليم كأربيل أو السليمانية بعد أن كانت سابقا مجرد قضاء يتبع محافظة السليمانية.
وبناءً على ما ذُكر، فيمكن تلخيص 4 مزايا ستتمتع بها حلبجة بعد تحويلها إلى محافظة وكما يأتي:
ـ إدارة محلية مستقلة (مثل محافظ ومجلس محافظة خاص بها).
ـ ميزانية خاصة من الحكومة المركزية.
ـ صلاحيات أوسع في اتخاذ القرارات الإدارية والخدمية.
ـ تمثيل سياسي أكبر، وممكن حتى تنمية أفضل وخدمات أقوى.