السوداني يُعيد الحديث عن التعديل الوزاري.. هل يستطيع تحقيق ما وعد به سابقا؟
انفوبلس/ تقرير
في كلمة متلفزة، أعاد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الحديث مجددا، عن التعديل الوزاري الذي وعد به سابقا، لكنه ربط ذلك بانتخاب رئيس جديد للبرلمان، وسط تساؤلات شعبية وسياسية عن مدى جدية هذه الخطوة، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على آراء القوى السياسية حول ذلك.
السوداني تسنم منصبه، بعد تشكيل ائتلاف إدارة الدولة، بقيادة الإطار التنسيقي، وقد ضمت كابينته وزراء ينتمون للكتل السياسية المختلفة، وبعضهم قادة لكتل سياسية، وذلك وفقا لنظام المحاصصة القائم في البلاد، والذي يعتمد على ثقل كل كتلة نيابية وعلى أساسها تُمنح حقائب وزارية.
*حديث السوداني
أعرب رئيس الحكومة الاتحادية محمد شياع السوداني، مساء أمس الأحد، عن استيائه من قيام أطراف لم يُسمها بـ"تشويه" عمل حكومته في مكافحة الفساد المالي والإداري، ملمّحاً إلى تغيير وزاري جديد.
إذ قال السوداني في كلمة متلفزة تابعتها "انفوبلس"، إن "الحكومة حققت خطوات في مجال مكافحة الفساد المالي والإداري وأصدرت العديد من الأحكام القضائية بحق المتورطين فهذا الملف، وما زلنا نعمل للقضاء على كل أنواع الفساد".
واتهم السوداني، أطرافاً لم يُسمها بأنها "تحاول تشويه ما تقوم به الحكومة في مجال مكافحة الفساد عبر التشويش الإعلامي"، مشدداً على أن "الحكومة تشدد على محاسبة محاولات الابتزاز واستغلال المواقع الوظيفية".
ودعا القوى السياسية إلى "التحلي بالمسؤولية ومساندة الحكومة”، كما حثها على “حسم منصب رئيس مجلس النواب لإقرار التعديل الوزاري في حكومته".
وفيما يتعلق بالتوظيف، أوضح رئيس الحكومة، أنه "تم إنهاء مشكلة المتعاقدين والشهادات العليا بمعالجة اشتملت على ما يقرب من مليون درجة وظيفية".
وفي مجال الطاقة، أشار إلى أن "إنتاج الكهرباء محلياً بلغ 27 ألف ميغاواط لأول مرة في تاريخ العراق"، فيما لفت إلى أن الحكومة "خطت خطوة مهمة بحسم ملف بقاء التحالف الدولي".
وكان السوداني، أكد خلال حديث متلفز في وقت سابق، أن هناك حديثا مباشرا وصريحا مع الوزراء بشأن تقييم عملهم، حيث بين أن الدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية إعفاء الوزير المقصر: "ومصممون على إجراء تعديل وزاري وسنختار الوقت المناسب، ولن أتنازل عن صلاحياتي الدستورية في إجراء التغيير الوزاري"، حسب كلامه.
ووفقاً للدستور العراقي، يمكن لرئيس الوزراء إجراء تعديلات حكومية على كابينته الوزارية، على أن تحظى التعديلات بتصويت أغلبية النصف زائد واحد في جلسة مخصصة داخل البرلمان.
*الآراء السياسية
وفي هذا الصدد، تقول النائب زهرة البجاري، إن "السوداني وعد بإجراء تغييرات على كابينته الحكومية إلا أنه لم يتحرك تجاه هذا الملف".
وتضيف البجاري، أن "هناك تواقيع داخل قبة مجلس النواب لاستجواب بعض الوزراء، ومنهم وزيرة الاتصالات هيام الياسري"، لافتة إلى أن “مسألة تغيير الكابينة ستتوقف على نتائج الاستجوابات النيابية والقناعة بما سيقدم من أجوبة".
وتتابع، "هناك العديد من الوزارات التي تم تأشير خلل في عملها ولهذا هناك توجه لتفعيل عملية الاستجوابات".
في السياق، يبين المحلل السياسي أثير الشرع، إنه “لا يمكن لأي رئيس مجلس وزراء تغيير وزير تابع لكتلة أو حزب، ما لم يتم الاتفاق معها بما يخص المكتسبات والاستحقاقات الانتخابية وشروط دعم هذه الحكومة".
ويضيف الشرع، أن "الكثير من الوزارات عبارة عن دكاكين اقتصادية للأحزاب والكتل السياسية تعمل على تهيئة مستلزمات الانتخابات المقبلة"، مستدركا أن “لدى رئيس الوزراء إرادة لتغيير بعض الوزراء لكنه يصطدم بتهديدات سحب المنصب رغم دعم بعض الجهات".
ويؤكد بأن "رئيس الحكومة يمكنه التفاهم مع أكثر من 50 نائبا داخل قبة البرلمان لإقالة بعض الوزراء المتلكئين، لكن الظروف الحرجة ومخاوف التصعيد تقف بالضد من محاولات الإقالة، كما أن هناك نية لحفظ ماء وجه بعض الجهات لإقالة وزرائها ممن ثبت أو سيثبت تعاملهم مع المدانين بسرقة القرن أو توقيع عقود استثمارية يشوبها الفساد"، موضحا أن "البرلمان سيستضيف بعض الوزراء للاستجواب وبعضهم سيفقد منصبه لتبدأ أزمة جديدة قد تجبر الجميع على التوجه لانتخابات مبكرة وحل مجلس النواب".
يذكر أن السوداني، قرر في منتصف كانون الأول ديسمبر 2022، إعطاء مهلة 3 أشهر للمديرين العامين، ليجري بعدها تقييم أدائهم، وفق ما تم تنفيذه على أساس البرنامج الحكومي، فيما منح الوزراء والوكلاء والمحافظين والمستشارين مهلة ستة أشهر ليتم بعدها تقييم عملهم في ضوء تنفيذ البرنامج الحكومي والتزامهم بمحاوره الأساسية وأولوياته.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي علي الطويل، أن "بعض الوزراء تابعون لكتل وجهات سياسية، وهذه الكتل ترى أن الوزارات بمثابة ملك صرف لها، وتوفر الحماية لوزرائها حتى وإن كانوا فاسدين وغير نزيهين".
ويشير الطويل، إلى أن "مسألة التعديل الوزاري لا تخلو من الضغوط الداخلية والخارجية، وتعودنا في العملية السياسية العراقية على الترضيات من أجل تمشية أمور الحكومة دون عرقلات، من خلال إرضاء الأحزاب المتنفذة".
جدير بالذكر، أن ائتلاف إدارة الدولة، وعند تشكيله، شهد توقيع وثيقة بين الإطار التنسيقي والاتحاد الوطني الكردستاني من جهة، والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة من جهة أخرى، وفيها مطالب الطرفين الأخيرين، لغرض تنفيذها من قبل الحكومة التي يشكلها الإطار، وذلك لغرض تمريرها، وهو ما جرى في تشرين الأول أكتوبر الماضي، حيث مررت حكومة محمد شياع السوداني بناء على هذه الوثيقة.
في مشهد سياسي مضطرب يزداد تعقيداً في العراق، تتعرض حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لأزمة متعددة الأوجه تهدد استقرارها وقدرتها على الاستمرار، حيث بدأ المشهد السياسي يتزعزع مع اقتراب نهاية فترة الحكومة، بعد أن كانت بدايتها تعكس توافقا نسبيًا بين القوى السياسية الرئيسية في البلاد.
ومن أبرز القضايا التي برزت في الفترة الأخيرة، هي تصريحات رئيس هيئة النزاهة القاضي حيدر حنون ومؤتمره "الفضائحي" الذي فجر خلاله تفاصيل جديدة بشأن ملف سرقة القرن واستضعاف هيئته من قبل القضاء، فضلا عن اعتقال نائب المدير العام في الدائرة الإدارية لمكتب رئيس الوزراء محمد جوحي بتهمة قيادة شبكة للتجسس والابتزاز وانتحال صفة جهات ومؤسسات إعلامية، ما أضاف مزيدا من التعقيد إلى الوضع السياسي المتأزم أصلاً.
ويُعد الكشف عن شبكة التنصت داخل مكتب رئيس الوزراء، أكبر فضيحة تضرب محمد شياع السوداني منذ توليه منصبه في أكتوبر/تشرين الأول 2022. وإذا ثبت تورط السوداني بشكل مباشر في أنشطة هذه الشبكة، فإن ذلك قد يكلفه منصبه كرئيس للوزراء، وينهي طموحاته السياسية المستقبلية.