الجولاني يفتح باب التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ويثير تساؤلات حول دوره في سوريا

تخفيف العقوبات مقابل التطبيع
انفوبلس..
في تطوّر لافت يعكس تغيّر المشهد السياسي في سوريا، كشفت مصادر أمريكية عن لقاء جرى في العاصمة السورية دمشق بين عضو الكونغرس الأمريكي كوري ميلز، والرئيس السوري الجديد، زعيم هيئة تحرير الشام المدرج على لوائح الإرهاب الدولية، أبو محمد الجولاني، الذي يتزعم حكومة الأمر الواقع في شمال غرب سوريا بعد الإطاحة ببقايا النظام السابق.
اللقاء، الذي لم يكن ضمن بعثة رسمية، حمل مؤشرات واضحة على تحولات جذرية في مواقف قيادة الجماعة المسلحة، خصوصاً فيما يتعلق بعلاقاتها الإقليمية والدولية.
الجولاني أعرب صراحة عن اهتمامه بالانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع "الكيان الإسرائيلي"، وهي الاتفاقيات التي مهّدت الطريق أمام عدة دول عربية لتطبيع علاقاتها مع تل أبيب خلال السنوات الأخيرة
وبحسب ما نقلت مواقع عبرية، فإن الجولاني أعرب صراحة عن اهتمامه بالانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع "الكيان الإسرائيلي"، وهي الاتفاقيات التي مهّدت الطريق أمام عدة دول عربية لتطبيع علاقاتها مع تل أبيب خلال السنوات الأخيرة.
تصريحات الجولاني جاءت ضمن حديثه مع عضو الكونغرس الأمريكي كوري مليز، الذي أكد أنه سينقل فحوى اللقاء إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالإضافة إلى مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، مايك والتز.
الغريب في الأمر ليس فقط الانفتاح المفاجئ لحكومة الجولاني على التطبيع، بل أيضاً صمتها المُطبق إزاء توغلات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة في الأراضي السورية، خاصة في الجنوب، ما يطرح تساؤلات خطيرة حول طبيعة التحولات الجارية، والدور الذي قد تلعبه هذه الحكومة في إعادة رسم خريطة النفوذ في سوريا والمنطقة.
وسط هذه التحركات، لم تُبدِ حكومة الجولاني، التي تعاني من عزلة دولية وأزمة اقتصادية وإنسانية خانقة، أي موقف تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، الأمر الذي يثير مخاوف من تحولها إلى أداة إقليمية في صراع النفوذ، بدل أن تكون طرفاً يحمي السيادة الوطنية ويصون الأرض السورية.
شروط تطبيع العلاقات
وكشف عضو الكونغرس الأمريكي كوري مليز ، الخميس، إنه تحدث مع الرئيس السوري خلال زيارة خاصة إلى دمشق، وتركز الحديث على شروط تطبيع العلاقات مع القدس ورفع العقوبات المفروضة في عهد نظام الأسد.
ونقل موقع "يونت" العبري في تقرير، عن ميلز قوله إن " الجولاني ابلغه بانه مهتم بالانضمام الى اتفاقيات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وهي الإطار الذي أقامت إسرائيل بموجبه علاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، بحسب الجمهوري البالغ من العمر 44 عامًا من فلوريدا والحليف المقرب للرئيس الامريكي دونالد ترامب".
وأضاف ميلز انه " سافر إلى سوريا الأسبوع الماضي في زيارة خاصة تم تنظيمها وليست وفدًا رسميًا من الكونغرس - وقضى حوالي 90 دقيقة في اجتماع مع الجولاني وتركزت مناقشاتهما على شروط تطبيع دمشق للعلاقات مع إسرائيل، وشروط رفع واشنطن للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها في عهد بشار الأسد".
نقل المحادثات الى البيت الابيض
وتابع التقرير ان " ميلز يعتزم إطلاع ترامب ومستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، مايك والتز، على تفاصيل المحادثات، وتسليم رسالة شخصية من الجولاني إلى ترامب، على الرغم من رفض ميلز الإفصاح عن محتواها، وعدم تقديم البيت الأبيض أي تعليق فوري على الرسالة".
وأشار التقرير الى انه " ووفقًا لميلز، فقد عرض الجولاني قائمة كاملة بمطالب لإدارة ترامب لتخفيف العقوبات، حيث تواجه حكومته أزمة إنسانية واقتصادية خانقة بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، وما يُقدر بنحو 400 مليار دولار من احتياجات إعادة الإعمار، وقد أبدت عدة دول خليجية استعدادها لتمويل إعادة إعمار سوريا، لكنها لا تزال مقيدة بالقيود الأمريكية".
عدو فلسطين على طاولتها
وفي خضم هذه التطورات، تستعد العاصمة العراقية بغداد لاحتضان القمة العربية الرابعة والثلاثين في أيار المقبل، بعد غياب طويل عن استضافة هذا الحدث المحوري، غير أن الترتيبات الجارية لعقد القمة اصطدمت بعاصفة من الجدل، إثر توجيه دعوة مفاجئة ومثيرة للجدل إلى أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام وزعيم "جبهة النصرة" سابقاً.
الجولاني، الذي كان أحد قيادات تنظيم القاعدة في العراق بعد غزو 2003، لا يزال يُعدّ شخصية إرهابية في نظر العديد من الأطراف العراقية، ويُحمل مسؤولية مباشرة عن جرائم وانتهاكات واسعة، لا سيما في حق أبناء الطوائف والمكونات العراقية، وعلى رأسها الإيزيديون الذين يتهمونه بالمشاركة في حملات سبي واعتداءات موثقة ضد نسائهم.
الدعوة إلى الجولاني أثارت ردود فعل قوية تحت قبة البرلمان العراقي، حيث عبّر نواب من مختلف الكتل عن رفضهم القاطع لها، معتبرين إياها مساسًا بهيبة الدولة وتحدياً لمشاعر الشعب العراقي.
إهانة لفلسطين
قبول الجولاني على طاولة القمة العربية "إهانة لفلسطين"، إذ كيف يُعقل أن يُمنح زعيم فصيل معروف بعلاقاته المشبوهة مع قوى أجنبية، ويقف علنًا ضد محاور المقاومة، مقعدًا في قمة يُفترض أنها تناقش سُبل دعم القضية الفلسطينية؟
وقد ذهب البعض لوصف قبول الجولاني على طاولة القمة العربية بأنه "إهانة لفلسطين"، إذ كيف يُعقل أن يُمنح زعيم فصيل معروف بعلاقاته المشبوهة مع قوى أجنبية، ويقف علنًا ضد محاور المقاومة، مقعدًا في قمة يُفترض أنها تناقش سُبل دعم القضية الفلسطينية؟ الأصوات الرافضة لحضوره لم تكن من منطلق معارضة داخلية للحكومة، بل دعت إلى تغليب الحكمة، وعدم منح الغطاء الدبلوماسي لمن تصفه الغالبية بـ"زعيم الإرهاب".
وفي وقت تتحدث فيه تقارير عن ضغوط إقليمية ودولية — تقودها أنقرة وواشنطن وتل أبيب — لتكريس الجولاني كطرف سياسي شرعي، بدأت تحركات برلمانية وشعبية واسعة في العراق، تهدف إلى منع دخوله أراضي البلاد، من خلال تقديم شكاوى رسمية ومذكرات قانونية، وسط دعم متزايد من منظمات المجتمع المدني وذوي الضحايا.
تصاعد هذا الحراك قد يمنح الحكومة العراقية هامشاً للمناورة والتمسك بموقف وطني يحفظ كرامة الدولة ويعكس الإرادة الشعبية، بعيداً عن أجندات مفروضة من الخارج.