إنكار تصريحات و3 محافظين يؤرقون المالكي.. هل الوقت المتبقي يسمح بتعديل قانون الانتخابات؟

انفوبلس/ تقرير
لا يزال الجدل حول قانون الانتخابات مستمراً، حيث تشهد الساحة نقاشات حادة بين القوى السياسية والمجتمعية على ضرورة تعديله أو الإبقاء عليه قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وخصوصا مواقف دولة القانون التي أنكرت تصريحًا رسميًا صدر عن المفوضية الانتخابات يشير إلى أنّ الوقت المتبقي لم يعد يسمح بتعديل قانون الانتخابات.
منذ أول دورة برلمانية شهدها العراق وتحديداً في العام 2005، وصولاً إلى الدورة الخامسة الحالية، وحتى السادسة التي باتت على الأبواب، جرى استخدام أكثر من قانون للانتخابات التشريعية.
دولة القانون تنكر تصريحا رسميا!
أنكر أحد أعضاء ائتلاف دولة القانون، تصريحًا رسميًا صدر عن المفوضية الانتخابات يشير إلى أنّ الوقت المتبقي لم يعد يسمح بتعديل قانون الانتخابات، وذلك في سياق دعم حراك محموم يخوضه رئيس الائتلاف نوري المالكي لكبح صعود متوقع لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
وجادل علاء الحدادي خلال مقابلة تلفزيونية في حقيقة أنّ المفوضية اشترطت مهلة 10 أشهر قبل الانتخابات في حال تمرير أي تعديل جديد، ردًا على حديث عضو تيار الحكمة كرم الخزعلي، مؤكدًا أنّ المفوضية لم تشترط إجراء التعديل قبل موعد الانتخابات بـ 10 أشهر على الأقل.
لكن حديث الحدادي غير صحيح، إذ إنه في 31 كانون الثاني/ يناير 2025، أي قبل أن تحدد الحكومة موعد الانتخابات، أكّد رئيس الإدارة الانتخابية القاضي عامر الحسيني، أنّ تعديل قانون الانتخابات يتطلب أنّ "يكون قبل فترة كافية من موعد الانتخابات من أجل المضي بالإجراءات وفق القانون النافذ من خلال ترجمته الى برامج بالإضافة الى إجراء عمليات محاكاة لغرض تلافي أي مشاكل قد تحدث"، مبينًا أنّ "المفوضية تحتاج تقريباً إلى 10 أشهر على الأقل".
كما أكّد أنّ الوقت الذي تحتاجه المفوضية "يفضل أن لا يكون أقل من ذلك حتى تتمكن من إكمال إجراء عمليات الصيانة والتطوير والتهيئة الكاملة، بالإضافة الى تسجيل التحالفات والأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات".
بدورها، أكدت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات جمانة الغلاي، أنّ "مجلس المفوضين حصرًا هو من يحدد المدة التي تحتاجها المفوضية لإجراء الانتخابات في حال عدل القانون أو لم يعدل".
الغلاي قالت إنّ "رئيس الإدارة الانتخابية حدد المدة التي تحتاجها المفوضية لإجراء الانتخابات بتصريحه للوكالة الرسمية في شهر كانون الثاني يناير، وبالتالي على هذا الأساس حددت الحكومة موعد الانتخابات في 11 تشرين الثاني نوفمبر"، مبينة أنّ "تحديد المدة هو من صلاحية مجلس المفوضين حصرًا، وأنّ المفوضية تعمل حاليًا وفق القانون النافذ، ولا يوجد تعديل جديد ولم يصوت البرلمان ولم ينشر في الوقائع حتى يتم تحديد مواعيد جديدة".
فيما قال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية عماد جميل، إنّ "المفوضية جاهزة ومستعدة لإجراء انتخابات مجلس النواب في موعدها المعلن والمحدد من قبل مجلس الوزراء، وتم وضع جدول عمليات وتوقيتات لكافة مراحل العملية الانتخابية، وتم المباشرة بذلك من حيث تحديث السجلات وتسجيل الأحزاب".
وأشار جميل، إلى أنّ أي تعديل على قانون الانتخابات الحالي "سوف يعرقل عمل المفوضية والاستعدادات، فهي تعمل حاليًا وفق القانون الحالي وأي تعديل على القانون سيغير في جدول العمليات، وربما يؤثر على موعد الانتخابات أيضاً، وهذا أكيد يعتمد على شكل التعديلات التي تريد مجلس النواب القيام بها بحسب المقترحات المقدمة أمامه من قبل بعض النواب والكتل".
ونفى عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، محمد عنوز، تسلم لجنته -حتى الآن- أي مقترح رسمي لتعديل قانون الانتخابات من الحكومة أو رئاسة مجلس النواب أو الكتل النيابية.
في 9 نيسان/ ابريل الجاري، وخلال جلسة مجلس الوزراء، أعلنت الحكومة عن تحديد يوم 11 تشرين الثاني 2025 موعدًا لإجراء الانتخابات التشريعية. وعززت الحكومة الموعد الذي حددته، باتفاق ائتلاف إدارة الدولة المشكل للحكومة، على نفس الموعد، وهو 11 تشرين الثاني 2025، ووفق القانون الحالي ومن دون تعديل، على رغم اعتراض ائتلاف دولة القانون على الموعد.
ماذا يريد المالكي؟
ويأتي حديث عضو ائتلاف المالكي، في سياق محاولة من الأخير لـ "سد ثغرات" سمحت بصعود 3 محافظين أقوياء؛ أسعد العيداني الذي يدير البصرة منذ 2017، ذات المنفذ البحري الوحيد للعراق، نصيف الخطابي، محافظ كربلاء ذات الأهمية الدينية، ومحمد المياحي، محافظ واسط، والتي تُعد من أهم المدن الحدودية مع إيران.
ويسود اعتقاد سياسي، أنّ هؤلاء المحافظين سيدخلون في تحالف انتخابي مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ما قد يمكّن الأخير من حصد نحو 50 مقعدًا في الانتخابات المقبلة. وعلى هذا الأساس، بدأ نوري المالكي من أشد المؤيدين لتعديل قانون الانتخابات، وشاركه الرأي حليفه محمود المشهداني، رئيس البرلمان، اللذان دافعا عن "قانون هجين" يجمع بين "سانت ليغو" و"الدوائر المتعددة".
فيما تعارض قوى أخرى كبيرة (أغلب أطراف الإطار التنسيقي والسُنة والكرد) هذه المحاولات لأسباب أبرزها "ضيق الوقت"، وهو ما أحدث انقسامًا على مستوى الإطار حول السوداني الذي صعد بمثابة "رئيس وزراء تسوية" حين اختلف زعماء الإطار، أمثال المالكي، وفالح الفياض، وحيدر العبادي، وآخرين، على من سيكون رئيس الحكومة بعد انسحاب مقتدى الصدر في 2022، ثم اتفقوا على اختيار شخص من "الخط الثالث".
وينحاز كلّ طرف إلى شكل القانون الذي يعتقد أنّه يساهم في تعزيز حظوظه في البقاء على رأس السلطة، دون اعتبار إلى للمطالبات الشعبية، أو حتى تلك التي صدرت عن المرجعية الدينية حول "قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية، ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية، ويمنح فرصة حقيقية للمشاركة السياسية"، كما يعتقد المحلل السياسي مجاشع التميمي في تصريح سابق.
ويؤكّد التميمي، أنّ "القوى السياسية تعلم أن صياغة التشريع القانوني لا قانون انتخابات تعني نصف الفوز، وهذا ما حصل في عدد من التجارب الانتخابية بعدد من الدول، لذلك تدرك القوى السياسية خطورة المشهد الانتخابي"، لذلك تحاول "صياغة قانون مختلط أي ما يسمى بالأنظمة الانتخابية بـ (القانون المتوازي)"، وهو ما يبحث عنه المالكي في الوقت الراهن.
وفي هذا الأطار، أبدى تيار الفراتين بزعامة رئيس الوزراء محمد السوداني، عدم خشيته من أي قانون انتخابات من الممكن أن يجري خلال الفترة المقبلة، فيما اشترطت كتلة بدر النيابية بأن لا يمس تعديل القانون نسبة سانت ليغو وهي 1.7 والدائرة الواحدة لكل محافظة.
وبدأ العراق بقانون 2005 الذي اعتمد القوائم المغلقة و18 دائرة انتخابية، وعُدل مرات عدة، كان آخرها في 2023، حيث ألغي نظام 2021 وأعيد للدوائر المتعددة (83 دائرة) ونظام سانت ليغو، وهو ما يعزز فرص الأحزاب التقليدية.
والقانون بصيغته الحالية لا يزال محل جدل واسع، حيث تتصاعد الدعوات لتعديله مجددا بهدف الحد من تأثير المال السياسي، وتقليل استغلال موارد الدولة في الحملات الانتخابية، وضمان نزاهة الانتخابات بعيدا عن تدخل الجهات التنفيذية والأمنية. وتأتي هذه التحركات، وفقا لمراقبين، وسط مساع لتعزيز ثقة الناخبين بالعملية الديمقراطية، في ظل تراجع نسب المشاركة في الانتخابات الأخيرة.
وبلغت نسبة مقاطعة التصويت في الانتخابات التشريعية العراقية عام 2021 نحو 59%، بحسب ما أعلنت المفوضية العليا للانتخابات في 11 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، أي أن نسبة المشاركة الأولية قدرت بـ41%، ووفقا لهذه الأرقام، فإن نسبة المشاركة كانت أقل من تلك التي سجلت في انتخابات عام 2018 حيث بلغت حينها 44.52%.