بمساحة 5 آلاف دونم.. "انفوبلس" تفصّل كل ما تريد معرفته عن "مدينة الصدر الجديدة"

انفوبلس/ تقرير
تسارعت خطوات الحكومة العراقية لإنجاز مشروع "مدينة الصدر الجديدة" في إطار السياسة الجديدة للحكومة، الهادفة إلى التوسع الأفقي خارج حدود بغداد الحالية لتخفيف الزخم السكاني عن مركز العاصمة، إذ وجه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني بمباشرة الشركة المنفذة للبنى التحتية للمشروع بعد إنجاز المخططات التصميمية كافة، فما الذي تعرفه عن تفاصيل هذا المشروع الحيوي؟
على مساحة 5 آلاف دونم
بحسب حديث مدير عام العلاقات والإعلام في أمانة بغداد محمد الربيعي، فإن مشروع مدينة الصدر الجديدة، يشمل بناء مدينة سكنية متكاملة الخدمات على مساحة 5 آلاف دونم، تتضمن 11 ألف وحدة سكنية كمرحلة أولى، وذلك بعد حل مشكلة التجاوزات وإجراء المسوحات والتصاميم من قبل مكتب استشاري هندسي متخصص.
المشروع طُرح كمناقصة أمام الشركات العالمية، وتقدمت أكثر من 30 شركة، وصلت منها 14 إلى المراحل النهائية، قبل أن تُحال المناقصة إلى شركة صينية حكومية (شركة "شاندونغ") لما تتمتع به من خبرة وكفاءة في تنفيذ مشاريع البنى التحتية، وفقا لحديث الربيعي الذي أشار الى أن المرحلة الأولى تتضمن تهيئة البنى التحتية الأساسية من شبكات المياه والمجاري والطرق والأرصفة والمساحات الخضراء، بما يتماشى مع فلسفة معمارية حديثة تقوم على مفهوم "المدينة داخل المدينة".
ويقول الربيعي، إن "مدينة الصدر الجديدة ستكون امتداداً متكاملاً لمدينة الصدر الحالية والمناطق المجاورة مثل صدر واحد وصدر اثنين والمعامل"، لافتاً إلى، أن "تنفيذ البنى التحتية سيستغرق ثلاث سنوات، بعدها سيتم فسح المجال أمام المستثمرين المحليين لبناء المجمعات السكنية المؤلفة من أربعة إلى ثمانية طوابق، بحسب المخطط المتفق عليه مع أمانة بغداد".
ويأتي المشروع في إطار السياسة الجديدة للحكومة، الهادفة إلى التوسع الأفقي خارج حدود بغداد الحالية لتخفيف الزخم السكاني عن مركز العاصمة، تماشياً مع المخطط الإنمائي الشامل الذي أقره مجلس الوزراء.
ويضيف الربيعي، إن الدراسات الجيولوجية والمكانية أثبتت قدرة المنطقة على استيعاب ما يصل إلى 60 ألف وحدة سكنية مستقبلاً، مما يجعل من مدينة الصدر الجديدة واحدة من الحويصلات العمرانية المهمة في جنوب شرق بغداد، مشيرا الى أن "توقيع العقد مع شركة صينية لتنفيذ البنى التحتية في مدينة الصدر الجديدة لا يعني نهاية المطاف، بل هو بداية لمرحلة جديدة سنباشر فيها تنفيذ مراحل إضافية من المشروع، تشمل وحدات سكنية أخرى ضمن المخطط الكامل الذي يستهدف تهيئة نحو 15 ألف وحدة خلال السنوات المقبلة".
ووافق مجلس الوزراء العراقي في 7 أبريل/ نيسان 2024 على إطلاق تسمية "مدينة الصدر الجديدة" على المشروع، بدلاً من الاسم الأولي "البنى التحتية/ إعمار مدينة الصدر/ المرحلة الأولى".
واليوم الأحد 4 مايو/ أيار 2025، ترأس رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الاجتماع الدوري للّجنة العليا لمشروع مدينة الصدر الجديدة. وجرت خلال الاجتماع متابعة تنفيذ توصيات الجلسة السابقة، وعرض توصيات فريق الأمر الديواني (250162) المعني بمتابعة سير عمل المشروع، ومناقشة ملخّص توقيع ومباشرة الشركة الصينية المنفذة للمشروع، وتوقيتات العمل والجداول الزمنية للمكوّنات، وكذلك مناقشة إنشاء المحطة الكهربائية، ومنظومة الطاقة.
وشهد الاجتماع التأكيد على إكمال إجراءات التعاقد، حيث وجّه السوداني بأن تتمّ المباشرة من قبل الشركة المنفذة للبنى التحتية، والتي استلمت موقع العمل بعد إنجاز المخططات التصميمية كافة، فضلاً عن اختيار أربع جهات استشارية، كما وجّه سيادته بتأمين جميع المتطلبات الأمنية، ومواصلة دراسة الأفكار والمقترحات التطويرية مع الشركات المعنية بتنفيذ المشروع، وفق بيان حكومي.
ومدينة الصدر الحالية تواجه تحديات حضرية معقدة ناتجة من عوامل تاريخية واجتماعية وسياسية، استمرت على مدى 70 سنة، فأبرز المشكلات الحضرية يتمثل بالاكتظاظ السكاني ويقدر بـ4 ملايين نسمة، يرافقه نمو يفوق قدرة البنية التحتية، مما انتج انتشار مجتمع العشوائيات والمساكن غير النظامية لتضيف عبئاً على البنية التحتية المتدهورة، وهناك مشكلات متصلة أخرى، لاسيما شبكات الصرف الصحي القديمة والمتهالكة، مما يؤدي إلى فيضانات متكررة، إضافة إلى نقص الكهرباء والمياه الصالحة الشرب في مدينة ضيقة الطرق والمسالك غير المعبدة.
وهناك تحديات ارتفاع معدلات البطالة والفقر، بخاصة بين الشباب، في اقتصاد غير منظم يعتمد على الباعة الجائلين والورش الصغيرة، أما حال الخدمات العامة فهي محدودة، كنقص المرافق الصحية والتعليمية، وتردي جودتها وسوء إدارة النفايات الصلبة، مما يزيد التلوث والأمراض في بيئة مكتظة.
أما التحديات الأمنية والاجتماعية فهي تتوالد مع الزمن، جراء النزاعات المسلحة والاضطرابات السياسية وانتشار الجريمة المنظمة في بعض الأحياء، وأضاف التلوث البيئي وتلوث الهواء بسبب المولدات الكهربائية والعواصف الترابية، والتلوث جراء اختلاط المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي غير المعالجة أزمة أخرى غير مسيطر عليها.
وصادق رئيس مجلس الوزراء في الـ13 من شهر أب/ أغسطس 2023، على التصاميم الهيكلية لمشروع مدينة الصدر الجديدة في بغداد. وبحسب حديث سابق مستشار رئيس الوزراء فادي الشمري، فان موقع مدينة الصدر الجديدة سيكون في منطقة السدة باتجاه المعامل اذ ستغطي المدينة مساحة تبلغ 4200 دونم.
ويقع المشروع على أنقاض "تلول النص" الأثرية، مما أثار بعض التساؤلات حول الحفاظ على هذا الموقع التاريخي. لكن المشروع يهدف إلى سحب جزء من الكتلة السكانية من مدينة الصدر الحالية، التي تعتبر من أكثر مناطق بغداد اكتظاظًا بالسكان (يقدر عدد سكانها بأكثر من 4 ملايين نسمة).
في المقابل، يؤكد رئيس لجنة الخدمات النيابية، علي الحميداوي، أن "المشروع يمثل أحد أهم المشاريع الاستراتيجية وتكللت الجهود بتوقيع العقد ضمن اتفاقية النفط مقابل الخدمات مما يضمن توفر التمويل والمباشرة السريعة بالتنفيذ"، مضيفاً أن "أولوية التوزيع ستكون لأبناء مدينة الصدر لحل مشكلة الاختناقات السكنية، وسيتم اعتماد البناء العمودي وفق معايير خاصة لاختيار المستفيدين".
ويضيف، أن "المشروع سيبدأ بتنفيذ أول ألفي وحدة ضمن سقف زمني محدد وبأسعار مناسبة لمعالجة أزمة السكن الخانقة خاصة في مناطق شرق بغداد"، مشيرا الى أن "ثقافة السكن العمودي أصبحت مقبولة في مناطق العاصمة، حتى في المناطق الشعبية مما يعزز من فرص نجاح المشروع الذي سيكون امتداداً لمدينة الصدر الحالية".
وفيما يتعلق بالتابعية الإدارية لمدينة الصدر الجديدة، يوضح الحميداوي أن "الأمر لا يزال غير محسوم"، لافتاً إلى أن "الحكومة صادقت على قانون العاصمة وبانتظار أحالته إلى مجلس النواب ومن الممكن أن تلحق المدينة الجديدة بقضاء قائم أو تشكل كقضاء مستقل لاحقاً".
وفي شهر شباط الماضي 2025، وجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بإعداد الموديل الاستثماري للمرحلتين الأولى والثانية بمدينة الصدر الجديدة اللتين تضمان 60 ألف وحدة سكنية، وكذلك حسم موقف الآثار وتحديد المواقع المعنية، فضلا عن تحديد الموديل الخاص بالمحطات الكهربائية المغذية للمدينة الجديدة.
وأجرى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال عام 2023، جولة جوية للاطلاع على حدود مدينة الصدر وتفاصيل المشروع الخاص ببناء الوحدات السكنية الجديدة للتخفيف من الاكتظاظ الذي تعانيه المدينة. وحينها قال المتحدث باسم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيدر مجيد: إنَّ "مشروع تطوير مدينة الصدر واحد من المشاريع الحيوية والمهمة والستراتيجية للعاصمة بغداد، إذ إنه يحظى باهتمام حكومي استثنائي من قبل رئيس مجلس الوزراء بصورة خاصة"، لافتاً إلى أنَّ "المشروع واحد من أولويات البرنامج الوزاري ويحتوي على 90 ألف وحدة سكنية".
وفي الختام فإن مدينة الصدر الجديدة هي مشروع سكني ضخم قيد الإنشاء يقع شرق مدينة الصدر الحالية في بغداد. يهدف المشروع إلى توفير وحدات سكنية حديثة ومتكاملة الخدمات لسكان العاصمة، والمساهمة في حل أزمة السكن في بغداد وتخفيف الاكتظاظ السكاني في مدينة الصدر الحالية. وتشير التوقعات إلى إنشاء مدينة صناعية ومطار على أطراف المدينة في المستقبل.