اجتماع طحنون بالحلبوسي يكشف عن تنسيق سياسي خارج أطر الدولة العراقية الرسمية

لقاء مشبوه وتمويل مجمّد
انفوبلس/..
في خطوة تكشف مجدداً عن حجم الارتهان السياسي لإرادات خارجية، أثار اللقاء الأخير الذي جمع رئيس مجلس النواب السابق ورئيس حزب "تقدم"، محمد الحلبوسي، بمستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، أثار موجة استياء وتساؤلات واسعة بشأن حدود التدخل الخارجي في الشأن العراقي، ومدى تواطؤ بعض الأطراف المحلية في تمهيد الطريق لهذا التدخل.
الزيارة التي خلت من أي طابع رسمي أو تكليف حكومي، تأتي لترسخ المخاوف المتزايدة حول سعي الحلبوسي إلى تأمين دعم سياسي وانتخابي إماراتي، في مقابل تقديم التزامات تخدم أجندات إقليمية لا تنسجم مع المصلحة الوطنية العراقية.
ويبدو أن ما خُفي كان أعظم، إذ تشير المعلومات إلى أن الاجتماع حمل في طياته ملفات مالية وشخصية، على رأسها مساعي الحلبوسي للإفراج عن أمواله المجمدة في البنوك الإماراتية، مما يعكس حجم التقاطع بين المال والسياسة والارتهان الخارجي.
هذا التحرك غير الدستوري، والذي لا يحترم مبدأ السيادة الوطنية، يكشف عن عقلية سياسية تتعامل مع العراق كأرض مفتوحة للمصالح الخارجية، وهو ما يستوجب وقفة حازمة لرفض هذه السياسات العابثة التي تهدد مستقبل البلاد واستقلال قرارها السياسي.
إعلان رسمي لتدخل خارجي
واعتبر المحلل السياسي صباح العكيلي، اليوم السبت، أن اللقاء الذي جمع رئيس مجلس النواب السابق ورئيس حزب "تقدم"، محمد الحلبوسي، مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد، يمثل "إعلاناً رسمياً" لتدخل خارجي في الانتخابات العراقية المقبلة، واصفًا الاجتماع بأنه "مشبوه" ويحمل أبعاداً تتعلق بأجندات إقليمية.
وقال العكيلي في تصريح صحفي تابعته INFOPLUS، إن "بعض الشخصيات السياسية، وفي مقدمتها محمد الحلبوسي، فتحت الباب أمام تدخلات إقليمية من أطراف مثل الإمارات وقطر وتركيا في الشأن الانتخابي العراقي"، مبينا أن "لقاء الحلبوسي مع طحنون بن زايد، وهو أحد أبرز الشخصيات النافذة في دولة الإمارات والمنطقة، يؤشر إلى وجود دعم إماراتي سياسي وانتخابي محتمل للحلبوسي، مقابل تنفيذ أجندات خاصة".
وأضاف، إن "الاجتماع يثير الكثير من التساؤلات، خصوصًا في ظل علاقات الحلبوسي المثيرة للجدل مع الولايات المتحدة، وطرحه المتكرر لمشروع الإقليم السني، فضلاً عن دعمه – وفق اتهامات سابقة – لمقترحات تتعلق بترتيبات جيوسياسية في غرب العراق، منها ما يتصل بملف تهجير الفلسطينيين ضمن ما يُعرف بمشروع الشرق الأوسط الجديد".
وكان حزب "تقدم"، الذي يتزعمه الحلبوسي، قد أعلن أمس الجمعة عن لقاء رسمي بين رئيسه ومستشار الأمن الوطني الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن مضمون اللقاء.
فشل بالإفراج عن أمواله المجمدة
اللقاء لم يُفضِ إلى أي ضمانات حقيقية من الجانب الإماراتي بشأن الإفراج عن هذه الأموال، التي جرى التحفظ عليها بموجب قرار من البنك الفيدرالي الأمريكي، ما يعكس تورطاً محتملاً في شبهات مالية عابرة للحدود
في مؤشر جديد على تعقيدات المشهد المالي والسياسي المرتبط برئيس حزب "تقدم"، كشفت مصادر سياسية عن إخفاق محمد الحلبوسي في تحرير أمواله المجمدة داخل المصارف الإماراتية، رغم اللقاء الذي جمعه مؤخراً بمستشار الأمن الوطني الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد.
وبحسب عضو تحالف الأنبار، محمد الدليمي، فإن اللقاء لم يُفضِ إلى أي ضمانات حقيقية من الجانب الإماراتي بشأن الإفراج عن هذه الأموال، التي جرى التحفظ عليها بموجب قرار من البنك الفيدرالي الأمريكي، ما يعكس تورطاً محتملاً في شبهات مالية عابرة للحدود.
المعطيات تشير إلى أن الأموال المذكورة نُقلت عبر قنوات غير رسمية، شملت مكاتب صيرفة ووسطاء تربطهم صلات مباشرة بقيادات داخل حزب "تقدم"، ما يثير علامات استفهام كبيرة حول مصادر هذه الأموال وطرق إدارتها.
كما كشفت المعلومات أن الحلبوسي سبق أن كلّف عمر الدبوس، أحد أبرز القياديين في الحزب، بخوض مفاوضات مع المصارف الإماراتية، لكنها اصطدمت بإجراءات رقابية صارمة من الجانب الأمريكي حالت دون تحقيق أي اختراق في هذا الملف.
استمرار تجميد هذه الأموال يُعد ضربة سياسية واقتصادية جديدة للحلبوسي، ويطرح تساؤلات جدية عن خلفياتها وأبعادها في سياق الصراع على النفوذ داخل العراق.
تجاوز للصلاحيات الدستورية
زيارة الحلبوسي للإمارات، دون تفويض من الحكومة العراقية أو غطاء رسمي، لا تمثل الدولة العراقية بأي شكل، بل تعكس مسارًا فرديًا يفتح الباب أمام تدخلات خارجية خطيرة
في سياق ردود الفعل الرافضة لتحركات محمد الحلبوسي الخارجية، اعتبر عضو تحالف الفتح، سلام حسين، أن اللقاء الذي جمع زعيم حزب "تقدم" بمستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، يشكل تجاوزًا صارخًا للصلاحيات الدستورية ويخرج عن الأُطر الرسمية للعلاقات الدبلوماسية.
وأوضح حسين، أن زيارة الحلبوسي للإمارات، دون تفويض من الحكومة العراقية أو غطاء رسمي، لا تمثل الدولة العراقية بأي شكل، بل تعكس مسارًا فرديًا يفتح الباب أمام تدخلات خارجية خطيرة.
وأشار إلى أن بعض الدول، وعلى رأسها الإمارات، تسعى للعب أدوار مشبوهة في رسم المشهد السياسي العراقي من خلال دعم شخصيات محددة تخدم أجنداتها، وهو ما يجعل من اللقاء الأخير بمثابة اختراق مرفوض للسيادة الوطنية، التي يجب أن تبقى خطًا أحمر لا يُمكن تجاوزه.
كما عبّر حسين عن قلقه من أن تؤدي هذه التحركات إلى التأثير في تشكيل التحالفات السياسية المقبلة، تمهيدًا لصياغة حكومة تخدم مصالح خارجية لا تتماشى مع الإرادة الوطنية.
ودعا حسين، الحكومةَ العراقية إلى اتخاذ موقف واضح وحازم إزاء هذه اللقاءات غير الرسمية، محذرًا من تداعياتها على استقلال القرار السياسي، ومؤكدًا أن العلاقات الخارجية يجب أن تُبنى وفق مصلحة العراق العليا، لا وفق حسابات شخصية أو مشاريع خارجية مشبوهة.