اعتقال أحمد الهلالي شقيق "أبو كوثر" في السليمانية على خلفية مذكرة اعتقال

تُهم قيد التحقيق
انفوبلس...
في تطور لافت، أعقب الحكم بالسجن 15 عامًا على الناشط البارز في محافظة ذي قار، إحسان "أبو كوثر" الهلالي، اعتقلت قوة من جهاز "الأسايش" في محافظة السليمانية، صباح الإثنين 14 نيسان 2025، شقيقه أحمد الهلالي، اللاجئ إلى الإقليم منذ أشهر، على خلفية مذكرة اعتقال صادرة من محكمة الناصرية.
ووفقًا لمصادر أمنية مطلعة، نفذت قوة تابعة لدائرة الأمن في السليمانية عملية دهم لمنزل في منطقة "صابونكران" وسط المدينة، حيث كان الهلالي يقيم منذ فراره من ذي قار، وتم اعتقاله بتهمة "التحريض على التظاهر، ومهاجمة القوات الأمنية، وقطع الطرق وإغلاق الدوائر الرسمية" خلال احتجاجات تشرين التي اندلعت في أواخر عام 2019.
مذكرة اعتقال مثيرة للجدل
بحسب الوثائق المسربة لوسائل إعلام محلية، فإن مذكرة الاعتقال التي استندت إليها "الأسايش"، صدرت عن محكمة الناصرية، وتضمنت اتهامات خطيرة بحق أحمد الهلالي، من بينها "الانتماء إلى تنظيم داعش"، وهي التهمة التي وصفها مقربون منه بأنها "كيدية ومفبركة" تهدف إلى تصفيته سياسيًا، وربطه زورًا بجماعات متطرفة من أجل تبرير اعتقاله وتسليمه إلى السلطات الاتحادية.
أحد ضباط "الأسايش"، الذي فضل عدم كشف هويته، أكد في تصريح خاص أن العملية تمت بناءً على بلاغ وصل من وزارة الداخلية العراقية يفيد بوجود "متهم خطير" يقيم في السليمانية، يشتبه بانتمائه إلى تنظيم داعش، ويُلقب بـ "الأمير"، مضيفًا أن التحقيقات الأولية أظهرت لاحقًا تناقضًا بين البلاغ والمعلومات الحقيقية المتوفرة عن الهلالي.
ضغوط لعدم تسليمه.. والقاضي يتريث
مثل الهلالي أمام قاضي التحقيق في السليمانية، الذي لم يصدر قرارًا نهائيًا بشأن تسليمه حتى لحظة إعداد هذا التقرير، بسبب وجود "معلومات مؤكدة تشير إلى أن حياته ستكون مهددة في حال نقله إلى الناصرية
رغم مضي أكثر من 48 ساعة على عملية الاعتقال، لا يزال الهلالي محتجزًا لدى جهاز "الأسايش"، ولم يتم تسليمه إلى السلطات الاتحادية كما كان مقررًا، وأكدت مصادر مطلعة أن هناك "ضغوطًا سياسية وحقوقية" تمارس على الجهات الأمنية في السليمانية لعدم تسليمه، بالنظر إلى وضعه كلاجئ سياسي فرّ من محافظة ذي قار بعد تعرض عائلته لمداهمات متكررة واعتقال شقيقه الأكبر "أبو كوثر".
وقد مثل الهلالي أمام قاضي التحقيق في السليمانية، الذي لم يصدر قرارًا نهائيًا بشأن تسليمه حتى لحظة إعداد هذا التقرير، بسبب وجود "معلومات مؤكدة تشير إلى أن حياته ستكون مهددة في حال نقله إلى الناصرية"، بحسب ما أفاد به مصدر قانوني مطلع على الملف.
تُهم تحت طائلة المادة 197
ينحدر أحمد الهلالي من مدينة الناصرية، وكان أحد المشاركين البارزين في احتجاجات تشرين، حيث عُرف بموهبته الشعرية في صياغة الهتافات التي كانت تُردد في ساحات التظاهر، ويؤكد مقربون منه أنه "لم ينتمِ يومًا لأي حزب سياسي أو جهة مسلحة، بل كان على خلاف دائم مع القوى المتنفذة في المحافظة".
لكن السلطات الأمنية في ذي قار تلاحقه اليوم بموجب المادة 197 من قانون العقوبات العراقي، وهي مادة شديدة العقوبة لا تسمح بالإفراج بكفالة، وتنص على الإعدام أو السجن المؤبد لمن يتسبب عمدًا بإلحاق ضرر كبير بالبنى التحتية أو المنشآت العامة، خاصة إذا كان ذلك بقصد "قلب نظام الحكم".
وتلاحق شرطة ذي قار، الهلالي، وفق المادة 197 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل، وهي من المواد التي لا يسمح القانون بإخراج المتهم استنادًا إليها بكفالة، والتي تنص على أن "يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد كل من خرب أو هدم أو أتلف أو أضر إضرارًا بليغًا عمدًا مباني أو أملاكًا عامة أو مخصصة للدوائر والمصالح الحكومية أو المؤسسات أو المرافق العامة أو للجمعيات المعتبرة قانونًا ذات نفع عام أو منشآت النفط أو غيرها من منشآت الدولة الصناعية أو محطات القوة الكهربائية والمائية أو وسائل المواصلات أو الجسور أو السدود أو مجاري المياه العامة أو الأماكن المعدة للاجتماعات العامة أو لارتياد الجسور أو أي مال عام له أهمية كبرى في الاقتصاد الوطني وذلك بقصد قلب نظام الحكم المقرر بالدستور".
وتكون العقوبة هي "الإعدام" إذا استعمل الجاني المفرقعات في ارتكاب الجريمة أو إذا نجم عن الجريمة موت شخص كان موجودًا في تلك الأماكن، والسجن المؤبد أو المؤقت إذا وقعت الجريمة في زمن هياج أو فتنة أو بقصد إحداث الرعب بين الناس أو اثناء الفوضى دون أن يكون قصد الفاعل قلب نظام الحكم المقرر بالدستور، وتكون العقوبة السجن المؤقت لكل من تسبب قصدًا في تعطيل شيء مما ذكر في الفقرة (1) أو عرقلة انتظام سيرها.
تلميحات بـ"مكيدة أمنية"
وأكد صديق مقرب من أحمد الهلالي، تحدث لوسائل إعلام محلية، أن الهلالي لجأ إلى السليمانية منذ عدة أشهر بعد مداهمة منزله في الناصرية، وقد تلقى دعمًا من منظمة إنسانية ناشطة في مجال حماية المتظاهرين والمعارضين، وهي التي ساعدته في تأمين سكن مؤقت ودعم قانوني.
الصديق ذاته يزعم أن اعتقال الهلالي "لم يتم بناءً على بلاغ رسمي من وزارة الداخلية"، بل نتيجة "مكيدة مدبرة من قبل قائد شرطة ذي قار، ياسر العابدي"، الذي يُتهم بأنه "أرسل مخبرين سريين إلى السليمانية للإبلاغ كذبًا عن وجود عنصر إرهابي بهدف توريط أحمد وتسريعه في إجراءات التسليم".
وأضاف: "جهاز الأسايش تعامل مع البلاغ في البداية بجدية، لكن مع توافر المعلومات الحقيقية عن خلفية الهلالي ونشاطه السلمي، أصبح الموقف أكثر حذرًا، وهناك حالة من التريث بانتظار ما تقرره المحكمة".
اعتقال "أبو كوثر" الهلالي
يذكر أن الناشط المدني إحسان الهلالي، المعروف بـ"إحسان أبو كوثر"، تم اعتقاله صباح السبت 8 آذار/مارس 2025 في محافظة ذي قار، بعد سلسلة مداهمات أمنية استهدفته. الهلالي، الذي يعد من أبرز وجوه احتجاجات تشرين 2019، كان مطلوباً للقضاء بتهم متعددة، بينها الابتزاز والتخريب، وصدرت بحقه أكثر من خمس مذكرات قبض.
وبحسب مصادر أمنية، فإن الاعتقال جاء نتيجة شكوى من أحد المواطنين، وسينقل الهلالي إلى مديرية الاستخبارات العامة لمتابعة التحقيقات. في المقابل، لم تصدر تصريحات رسمية تفصيلية عن وزارة الداخلية أو شرطة ذي قار حول الحيثيات الدقيقة للعملية.
الهلالي كان قد ظهر في فيديو سابق عام 2022، ينفي فيه تهم الفساد الموجهة له ويطلق النار على قدميه احتجاجاً على تلك الاتهامات، كما اتُهم بحرق مكتب حركة "امتداد" في الناصرية، وقيادة مجموعات ضد القوات الأمنية، ومدونون على مواقع التواصل رحبوا باعتقاله، واعتبروه خطوة نحو فرض النظام.
في السياق الأمني الأوسع، بدأت منذ أكتوبر 2024 حملة موسعة في ذي قار بعد تعيين اللواء نجاح ياسر كاظم قائداً جديداً للشرطة. الحملة أدت إلى اعتقال أكثر من 500 شخص بتهم جنائية متعددة، بعضها مرتبط بتظاهرات تشرين.
وزارة الداخلية نفت وجود دوافع سياسية وراء الحملة، مؤكدة أن تنفيذ مذكرات القبض يستند إلى القانون فقط، وأن العمليات تستهدف مجرمين حقيقيين، وليس ناشطين سياسيين. وأكدت أن الوضع الأمني في ذي قار يتحسن، وأن غالبية سكان المحافظة يدعمون جهود فرض القانون.