اكتمال 60% من طريق التنمية.. تعرف على إيجابيات المشروع وسلبياته ومطامع الإقليم فيه وموقف المقاومة الإسلامية
انفوبلس..
أعلنت وزارة النقل عن نسب الإنجاز لمشروع طريق التنمية الاستراتيجي والذي من المزمع افتتاحه العام 2029، فما هي الأرقام التي وصل لها؟ وما جوانب المشروع الغامضة؟ وكيف يحاول بارزاني الاستحواذ عليه؟
وقال المكتب الإعلامي للوزارة في بيان، إنه "تم الشروع بعمليات للمسح الطوبوغرافي الدقيق والذي وصل من الفاو إلى جنوب شرق محطة النجف الاشرف، حيث تم إجراء مسح طوبوغرافي دقيق للمناطق المرتبطة بمحطات المسافرين، ومحطات الحاويات، ومحطات التخزين، والعبّارات التي تشمل الجداول والأنهار"، لافتا الى أن "المسح الطوبوغرافي يتم باستخدام صور جوية وأجهزة مساحية متصلة بالأقمار الصناعية (الستلايت) لضمان دقة عالية".
وأضاف أن "المساحة تتراوح ما بين 5 ملم إلى 10 ملم، ويشمل المسح جميع التفاصيل المتعلقة بالموقع لضمان التخطيط السليم لكل جزء من المشروع، وان عمليات المسح الطوبوغرافي من المقرر ان يتم استكمالها الى الحدود التركية وضمن الجداول الزمنية المثبتة ."
وأكد المكتب الاعلامي أن "نسب الانجاز لمرحلة التصاميم التفصيلية للخط السككي وصلت إلى 64% والطريق البري 60%، بينما بلغت نسب الانجاز التراكمي للتصاميم التفصيلية للمشروع63%"
وأشار البيان الى أن "طريق التنمية يبعد حسب التصاميم بمسافة تتيح فرصا لربط المحافظات بمحطات المشروع والاستفادة من جانبي الطريق ، والممر بين الخطين السككي والبري ، فيما ستتم الاستفادة من ميناء الفاو الذي سيتم تشغيله العام 2025 كمرحلة أولى، باعتباره محطة بحرية اقتصادية للمشروع إضافة إلى وجود المدينة الصناعية والتي ستكون الأكبر في الشرق الأوسط "، مبينا أن "وزير النقل رزاق محيبس السعداوي وجه بضرورة متابعة أعمال مشروع طريق التنمية المرحلة الأولى والتي تعرف بمرحلة تأهيل وإعادة تشغيل الخطوط السككية الحالية وتجهيزها للعمل بالتزامن مع تشغيل ميناء الفاو الكبير عام 2025 ، وان شركة BTP الإيطالية، تقدم الخدمات الاستشارية بشأن المرحلة الأولى لمشروع طريق التنمية (الخاص بتأهيل السكك الحديد الحالية)، ليكون خطا استراتيجيا جاهزاً للنقل الآمن للحمولات الواردة عبر خطوط السكك ، من ميناء الفاو الكبير ، الذي تعتزم الوزارة تشغيله بمرحلته الأولى خلال العام المقبل".
يذكر ان وزارة النقل وضعت خططا استراتيجية تكاملية لقطاع النقل مع مشروع طريق التنمية بريا وسككيا وبحريا وجويا من خلال ربط المطارات بمشروع طريق التنمية والاستفادة منها بتحقيق تكامل يشمل عددا من المطارات العاملة والفاعلة للمحافظات الواقعة على المشروع مثل مطار البصرة ومطار النجف الاشرف ومطار بغداد بالاضافة الى المطارات الاخرى التي سيتم استكمالها وافتتاحها عام 2025 وهي مطارات (الناصرية ،كربلاء المقدسة ،الموصل).
ووقع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في أيلول الماضي، مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مذكرة تفاهم رباعية بين العراق وتركيا وقطر والامارات للتعاون في "مشروع طريق التنمية".
وقال السوداني آنذاك، إن المذكرة التي تم توقيعها "تهدف إلى التعاون المشترك بشأن مشروع طريق التنمية الاستراتيجي".
لكن المذكرة اكتنزها الغموض، وهو ما دفع الناطق العسكري باسم المقاومة الإسلامية حزب الله أبو علي العسكري إلى التطرق لها في تغريدة له والتحذير بالقول، "لا زال مشروع ما يسمى (طريق التنمية) يشكل مصدر قلق لنا، ويجب توفير الدلالات القاطعة والضمانات الاستراتيجية ومزيد من التطمينات قبل الشروع بتنفيذه".
وبشأن دور كردستان، فلا تنتهي مطامع مسعود بارزاني في كل مورد أو مشروع تحاول الحكومة الاتحادية إنجازه بمعزل عنه، فما زالت قضية الإيرادات النفطية مبهمة، وما زال ملف التوطين شائك، ورغم ذلك لم تسعَ حكومة بارزاني إيجاد الحلول اللازمة لكل ذلك فحسب بل ذهبت لتثبّت موطئ قدم لها في طريق التنمية بغية ابتلاعه واستثمار جزء كبير منه لصالحها. ولكون كردستان لا تملك تاريخا جيدا في تنفيذ الوعود فقد برزت تحذيرات عديدة من خطورة ضمها إلى هذا المشروع وتغيير مساراته لـ"عيون" بارزاني وحاشيته. فمَن اعترض على ذلك؟ وما خطورة المضي بتغيير تلك المسارات وإدخال الإقليم بهذا الطريق؟
بدأت القصة في 23 أيار 2024 عندما وقّعت وزارة النقل والاتصالات في حكومة إقليم كردستان، والمدير العام للسكك الحديدية العراقية، والشركة الإيطالية المنفذة لمشروع السكة الحديدية، مذكرة تفاهم، بشأن مشروع طريق التنمية الممتد من دول الخليج العربي إلى أوروبا عبر العراق وتركيا.
وتم توقيع مذكرة التفاهم استناداً إلى توصية سابقة لرئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني، التي ذكرها في ندوة تناولت قضية الجفاف والتغيرات المناخية وتأثيراتها السياسية والاقتصادية والديموغرافية على العراق، في 12 أيار 2024.
وقال مسرور بارزاني خلال الندوة، إن "هناك مشروعاً" في إشارة إلى طريق التنمية، "يمتد من دول الخليج إلى أوروبا عبر العراق وتركيا".
وأكد أن "هذا المشروع يجب أن تكون له فوائد للشعوب أيضاً"، وأضاف: "قد اقترحنا أن يمتد الطريق من جنوب دهوك وسيميل شرقي دجلة إلى الموصل وأربيل وكركوك، ثم إلى البصرة، وهذا سيكون له فائدة أكبر".
لقد ثبّت بارزاني أطماعه والإقليم في الحديث أعلاه، وهذا ما برهنه وزير النقل والاتصالات في حكومة إقليم كردستان آنو جوهر، عندما أكد أن مشروع طريق التنمية سيمر عبر الإقليم ومنه إلى تركيا وأوروبا.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده آنو جوهر، مع المدير العام للسكك الحديدية العراقية يونس الكعبي، عقب اجتماع في أربيل مع شركة استشارية إيطالية لبحث مسار طريق التنمية.
وقال جوهر، إن "وفد وزارة النقل الاتحادية قد وافق على مقترح الوزارة وحكومة الإقليم لمرور مشروع طريق التنمية عبر كردستان".
وأضاف: "مرور هذا المشروع عبر إقليم كردستان سيختصر 32 كيلومتراً من الطريق، بالإضافة إلى كونه أقل تكلفة وأكثر أماناً".
بدوره، قال المدير العام للسكك الحديدية العراقية يونس الكعبي خلال المؤتمر الصحفي ذاته، "إن المشروع يبدأ من ميناء الفاو في البصرة ويمتد إلى محافظة نينوى بطول 1200 كيلومتر، ثم يواصل من شمال نينوى مروراً بإقليم كردستان وصولاً إلى الحدود العراقية التركية، ولم يتبق سوى خطوات قليلة لتنفيذ المشروع".
وأضاف: "نهدف إلى ربط إقليم كوردستان ومحافظة كركوك بشبكة السكك الحديدية في البلاد".
وبالحديث عن هذا الملف، دعا عضو ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي، الحكومة الى تغيير مسارات مشروع طريق التنمية الى خارج اقليم كردستان، فيما أكد أن التاريخ يذكر عدم التزام حكومة الاقليم بجميع المعاهدات التي أُبرمت مع الحكومة المركزية.
وقال المطلبي في تصريح له تابعته شبكة انفوبلس، إن "الحكومة مطالبة بإخرج الطريق عن الابتزاز الذي ستتعرض له في حال تم تمرير الطريق الى احدى محافظات كردستان"، مشيرا الى ان "المخطط الاولي يؤكد عدم دخول مسارات المشروع الى الاقليم وتمريره عبر منطقة ربيعة ومن ثم الى المثلث العراقي ـ السوري ـ التركي".
وأكد المطلبي، إن "الاجتماعات السياسية والضغوط الدولية كان لها تأثير مباشر على تغيير المسارات باتجاه الاقليم"، لافتا الى أن "هنالك العديد من النقاط المبهمة والتي تحتاج الى اجابات عديدة".
ويتم المطلبي حديثه: إنه "يجب على الحكومة الحصول على ضمانات تبعد مشروع طريق التنمية من الخلافات السياسية او الامنية او الاقتصادية التي قد تحدث في المستقبل"، مردفا ان "التاريخ يذكر عدم التزام حكومة الاقليم بجميع المعاهدات التي ابرمت مع الحكومة المركزية".
إلى ذلك، يحدد المحلل السياسي حيدر عرب، عقبتين ستواجه الحكومة خلال تنفيذ مشروع طريق التنمية، فيما اكد ان الحكومة حددت اكثر من مسار للطريق لضمان عدم التلكؤ بتنفيذ المخططات النهائية.
ويقول عرب في حديث له إن "أحد المسارات التي تم وضعها من قبل الحكومة هو تمرير الطريق عبر سوريا"، مشيرا الى أن "الحكومة ستأخذ ضمانات من حكومة الاقليم في حال تم ادخال مسار المشروع عبرها".
ويتابع، ان "إبرام المعاهدات والاتفاقات مع الاقليم وتركيا سيضمن عدم التلاعب بالمشروع من اجل استمرار عمل وديمومة المشروع بعد افتتاحه"، لافتا الى ان "المشروع لا يمثل العراق فقط بل سيكون محط انظار جميع الدول التي ستمر بضائعها عن طريق ميناء الفاو".
ويشير عرب إلى، ان "الحكومة مطالبة بالفصل بين التأثيرات السياسية التي تستخدمها كردستان لتمرير المشروع من خلالها وبين مصلحة البلد المستدامة"، مبينا ان "الحكومة حددت اكثر من مسار للطريق لضمان عدم التلكؤ في البدء بتنفيذ المخططات النهائية".
يذكر أن مشروع "طريق التنمية" يشمل طريقاً برياً وسكة حديدية تمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، حيث يبلغ طول الطريق والسكة الحديدية داخل العراق حوالي 1,200 كيلومتر، وهو مصمم بشكل رئيسي لنقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج.
تصل الميزانية الاستثمارية للمشروع إلى نحو 17 مليار دولار أمريكي، حيث سيتم تخصيص 6.5 مليار لبناء الطريق السريع و10.5 مليار لتطوير سكة القطار الكهربائي.
سيتم تنفيذ المشروع على 3 مراحل، حيث من المتوقع الانتهاء من المرحلة الأولى في عام 2028، والمرحلة الثانية في عام 2033، والمرحلة الثالثة في عام 2050.
ومن المتوقع أن يوفر المشروع حوالي 100 ألف فرصة عمل في مرحلته الأولى، وأن يصل عدد فرص العمل إلى مليون فرصة عند اكتماله.