العودة للدوائر المتعددة في قانون الانتخابات.. محاولة لإنعاش الإقبال على صناديق الاقتراع وتفعيل دور النواب مناطقياً
تعرف على الحراك النيابي الجديد
العودة للدوائر المتعددة في قانون الانتخابات.. محاولة لإنعاش الإقبال على صناديق الاقتراع وتفعيل دور النواب مناطقياً
انفوبلس/..
من جديد، تسعى القوى السياسية داحل مجلس النواب العراقي إلى إجراء تعديلات جديدة على قانون الانتخابات، تتضمن اعتماد الدوائر الانتخابية المتعددة، أو الإبقاء على الدائرة الواحدة حسب نظام سانت ليغو لكن بتغيير المعادلة من 1.7 إلى 1.9.
وقبل حوالي عام واحد، تمت المصادقة على آخر تعديل في قانون الانتخابات من اعتماد الدوائر الانتخابية المتعددة إلى القانون الحالي المبني على نظام الدائرة الواحدة حسب معادلة 1.7.
*تحركات للتغيير
يقول القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، إن هناك "تحركات داخل الإطار لتغيير القانون. وفي داخل الإطار يوجد مؤيِّد ومعارض للتعديلات المرجوّة، إلا أن القرار الأخير هو اعتماد الدائرة الواحدة وليس المغلقة".
ويضيف الفتلاوي، إنه "من غير الصحيح أن تكون لكل انتخابات منهجية جديدة واختيار تعديل جديد بما يتناسب مع مصلحة بعض الأحزاب".
والتعديل الأخير على القانون، برأي الفتلاوي، "اتفقت عليه كل القوى السياسية المشاركة. لكن معظم هذه القوى غير مقتنعة بالتغيير اليوم"، في إشارة إلى نسخة القانون المعدّلة في أواخر مارس/ آذار 2023.
*أفكار وليس قرار
يؤكد زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أن هناك قراءات لدى كتل وقوى سياسية بأن الدوائر المتعددة الخيار الأفضل فيما يرى آخرون أن الدائرة الواحدة هي الأفضل.
ويلفت المالكي إلى "عدم وجود قرار داخل الإطار التنسيقي بتعديل قانون الانتخابات إنما أفكار طرحت وهي قيد المناقشة والحوارات بعضها يتعلق بالعودة للدوائر المتعددة وأخرى دوائر متعددة مع اعتماد الفائز الأعلى فيما يرى آخرون البقاء على الدائرة الواحدة"، مبيناً أن" الجانب الثاني يتعلق بالانتخابات المبكرة حيث أن من أكثر المطالبين بها هم التيار الصدري إضافة إلى الآخرين على اعتبار أنها إحدى الفقرات المكتوبة بالبرنامج الحكومي كما أن هذه فقط أفكار ولم تطرح على طاولة حوار واحدة لاتخاذ القرار".
ويشير إلى أن من الأفكار الأخرى المطروحة تتعلق بالمسؤولين التنفيذيين بعدم مشاركتهم في الانتخابات إلا بعد تقديم استقالتهم قبل 6 أشهر لعدم السماح باستثمار إمكانيات الدولة"، لافتاً إلى أن هذه الأفكار الثلاثة غير متفق عليها لا في داخل الإطار التنسيقي ولا دولة القانون ولا بقية القوى السياسية".
ويؤكد المالكي، أن "الانتخابات المبكرة ليست مضمونة بأن تأتي بالنتائج الحالية لكن المشكلة كتبت بالبرنامج الحكومي وكذلك مطالبة التيار الصدري والقوى الأخرى"، منوهاً أن "ائتلاف دولة القانون ليس متبنياً للانتخابات المبكرة ولا رافضاً لها إنما متروكة للقوى التي تريد".
ويوضح أن "هناك معلومات عن توجهات وعمل للتيار الصدري للمشاركة في الانتخابات سواء كانت المبكرة أو غيرها".
*تحديات متعددة
تؤكد المتحدثة باسم ائتلاف النصر آيات المظفر، أن تعديل قانون الانتخابات النيابية إلى نسخة عام 2012 والعودة إلى نظام الدوائر المتعددة يواجه تحديات متعددة بينها الفني والسياسي.
وتوضح المظفر، أن "التحدي السياسي يتمثل بعدم وجود إجماع أو اتفاق سياسي على شكل قانون محدد، لكون بعض الأحزاب ترى بأن هكذا قانون يمثل تطلعاتها ويصب في صالحها، والأحزاب الأخرى ترى خلاف ذلك".
وترى، أن "كثرة التشريعات من أجل الرؤية الخاصة قد يضعف من شرعية قانون الانتخابات ويضعف من نسبة المشاركة في الانتخابات ويضعف ويؤثر سلبياً على مجمل العملية الديمقراطية في العراق".
*إحصائية بالقوانين الانتخابية
وشهد العراق تشريع ستة قوانين انتخابية منذ عام 2003، الأول كان في مرحلة الدولة الانتقالية، حيث كان العراق كله دائرة انتخابية واحدة، مع إقرار قوائم انتخابية مغلقة.
ورغم اعتماد القانون الانتخابي (رقم 16 لسنة 2005) القوائم المغلقة ونظام القاسم الانتخابي في احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد، إلا أنه قسم العراق إلى 18 دائرة انتخابية، واستمر العمل به حتى عام 2010، ليشهد بعدها تعديلاً تمثل في اعتماد القوائم الانتخابية شبه المفتوحة.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانوناً جديداً للانتخابات اعتمد فيه نظام سانت ليغو حسب معادلة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد إصدار قانون انتخابي جديد اعتمد معادلة 1.9.
وشهد القانون تغييرا جذرياً عام 2020؛ استجابة لمطالب احتجاجات تشرين (خريف 2019)، إذ اعتمد على الأكثرية بدلاً من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية. هذه التعديلات، أسهمت في فوز نحو 70 مرشحاً مستقلاً وتراجع حظوظ غالبية الأحزاب الكبيرة التي لم تتمكن من تحقيق الأغلبية.
بعد ذلك جرى تغيير للقانون في 27 مارس/ آذار 2023، أي قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بأشهر قليلة.
*هل هو محاولة لاستهداف السوداني؟
من جهته، يعتقد الناشط السياسي المستقل علي حسين، أن الإطار التنسيقي "مُجبر على تغيير قانون الانتخابات؛ لأن قواه تخشى زيادة شعبية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، المنتمي للإطار نفسه بين جمهور الإطار وليس جمهور الأطراف السياسية الأخرى، بالتالي سيكون منافساً قويا لهم".
ويقول حسين، إن "قوى الإطار متخوّفة من عدم الحصول على نتائج كبيرة في الانتخابات المقبلة إذا ما بقي القانون الانتخابي الحالي كما هو".
لكن النائب عدي عواد، استبعد في تصريح بتاريخ 29 شباط الماضي، أن يستهدف الحديث عن التعديل رئيس الوزراء.
وأضاف عواد، "هناك حديث عن تعديل قانون الانتخابات والعودة للدوائر المتعددة، هدفه تقييد ترشيح المسؤولين التنفيذيين، لكن رئيس الوزراء ليس مستهدفا".
أما عباس الموسوي مستشار رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، فيقول إن تغيير قانون الانتخابات ليس بدعة عراقية، فيما استشهد بتونس والبحرين، في تغيير قوانينها الانتخابية حسب الحاجة، مشيراً إلى أن ائتلاف “دولة القانون” ليس خائفاً على جمهوره من نجاح السوداني، وفي حال فاز السوداني بـ 80 مقعداً نيابياً فإنه قد لا يحصل على رئاسة الوزراء مرة أخرى.
وأضاف الموسوي، إن "السوداني يقرأ الأحداث والواقع جيدا لذلك قد لا يدخل الانتخابات أصلاً، لأنه ذكي ويقرأ الواقع السياسي، وإن حصل على 60 أو 80 مقعداً قد لا يحصل على رئاسة الوزراء (مرة أخرى)، والموضوع لا يهمنا، ولسنا خائفين على جمهورنا فهو واضح وثابت".
وتنتهي الدورة البرلمانية الحالية عام 2025 الذي من المقرر أن يشهد العراق فيه انتخابات برلمانية، على الرغم من أن المنهاج الوزاري لرئيس الوزراء العراقي الحالي، محمد شياع السوداني، الذي صادق عليه البرلمان في 27 أكتوبر 2022 تضمن إجراء انتخابات مبكرة خلال عام، لكن رغم مرور أكثر من عام ونصف من عمر الحكومة ما زال الحديث عن تنظيم انتخابات مبكرة غائباً عن المشهد السياسي.
*المنظومة تعاني
في السياق نفسه، يرى أستاذ القانون الدستوري المساعد في الجامعة المستنصرية وائل البياتي أن المنظومة الانتخابية في العراق "تعاني من عدم الاستقرار نتيجة أسباب عديدة، منها رغبة الأحزاب السياسية المهيمنة على مقاعد البرلمان في أن يكون قانون الانتخاب مصمماً على مقاساتها كي تستطيع إعادة إنتاج نفسها في كل انتخابات".
ويبين البياتي، أن الأهداف التي تبتغي الكتل النيابية الوصول إليها عبر طرح التعديل مرة أخرى، تأتي من "اعتبار هذه الكتل انتخابات مجالس المحافظات مؤشراً أو عملية استقراء للنتائج التي ستسفر عنها الانتخابات التي تُجرى داخل مجلس النواب لاحقاً".
ويرى، أن الأحزاب السياسية المهيمنة على المشهد السياسي "تعتمد على طرح حلول تتلاءم مع دمج العمليتين الانتخابيتين بطريقة تترجم من خلالها هذه النصوص قانونيا، لإعادة صياغة القانون على ضوء الدروس المستنبطة من نتائج الانتخابات المحلية، كي تستمر في إجراء الانتخابات بقانون يفتقر في الكثير من الأحيان لضمان العدالة الانتخابية بين المتنافسين، خصوصاً بين الأحزاب الكبيرة والأحزاب الصغيرة".
وحول إمكانية إجراء التعديلات المطروحة، يقول البياتي إن هناك خيارين لذلك، الأول "يتمثل بزيادة نسبة المقعد الأول في ما يتعلق بعملية تطبيق سانت ليغو عبر اعتماد نسبة 1.9 بدلا من 1.7".
في حال حصول ذلك، سيتسبب بفقدان الأحزاب التي تحصل على مقعد واحد فرصتها في هذا المقعد الذي يتم تحويله لصالح الأحزاب الكبيرة، بحسب البياتي.
أما الخيار الثاني، فهو "دمج الطريقة التي طُبقت في الانتخابات النيابية 2021 مع إجراء بعض التعديلات عليها من طريقة التمثيل النسبي بآلية سانت ليغو".