الكرد والحلبوسي أبرز المعرقلين.. تجاذبات ومساومات سياسية تتلاعب بقانون الحشد الشعبي.. هل يتأجل للدورة المقبلة؟

انفوبلس..
يمثل قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي واحداً من أبرز الملفات الخلافية في العملية السياسية العراقية، إذ تستخدمه بعض القوى كورقة مساومة لتحقيق مصالحها الفئوية متجاهلةً دور تلك القوة العسكرية بحفظ أمن العراق بجميع محافظاته ومكوناته، فأين وصل القانون اليوم؟ وهل يمكن عدم تمريره خلال الدورة الحالية للبرلمان؟
معرقلو التمرير
يوم أمس، كشف عضو تحالف السيادة عبد المجيد الدليمي، ان الاحزاب الكردية والبعض من الاحزاب السنية ما زالت تقف عائقا امام تمرير قانون الحشد الشعبي لدواعي سياسية باتت معروفة لدى الجميع.
وقال الدليمي ان "القوى الكردية والبعض من الاحزاب السنية تقف عائقا امام الاجماع الموحد من قبل قوى الاطار التنسيقي لعقد جلسة للتصويت على اقرار قانون الحشد الشعبي بنسخته الاصلية دون اجراء اي تعديلات على فقرات القانون كونها واضحة وغير جدلية".
واضاف ان "القوى الكردية تضغط على قوى الاطار التنسيقي للحصول على تنازلات في ملفات ازمة الرواتب والنفط والمنافذ الحدودية وقضايا اخرى مقابل تمرير قانون الحشد الشعبي".
وبين ان "الاحزاب الكردية ارسلت رسائل عبر وسطاء الى القوى السياسية شروطها للتصويت على القوانين الخلافية مقابل تحقيق مكاسب في الملفات العالقة بين حكومة المركز والاقليم"، موضحا ان "جميع القوى السنية مع تمرير قانون الحشد الشعبي باستثناء تحالف تقدم برئاسة الحلبوسي".
واكد الدليمي ان "القوى السياسية مطالبة بالتخلي عن كافة مطالبها والدعوة الى عقد جلسة لمجلس النواب للتصويت على قانون الحشد الشعبي باعتباره صمام امان لأمن واستقرار البلد".
مطالبات بتسريع التشريع
إلى ذلك، طالبت لجنة الأمن والدفاع النيابية، أمس الثلاثاء، بالتصويت على قانون الخدمة وتقاعد الحشد الشعبي، مؤكدة أن الهيئة لن تكون ضحية للصراعات أو المساومات.
وقال عضو اللجنة احمد الموسوي خلال مؤتمر صحفي إننا "نطالب الحكومة بإعادة قانون الخدمة وتقاعد الحشد الشعبي إلى التصويت من إجمالي التصويت عليه، بعد أن تمت قراءته ثانية، دون تعديل وضمان أن يشمل حقوق منتسبي الحشد ويحفظ تضحياتهم الجليلة".
واشار الى ان "استمرار التجاذبات حول هذا القانون يفتح الباب أمام الظلم والإجحاف تماما"، مؤكدا بالقول: "لن نسمح بأن يكون الحشد ضحية للصراعات أو المساومات".
واضاف ان "الحشد الشعبي هو صمام أمان العراق، وان قانون الخدمة والتقاعد يختلف عن قانون الحشد الموجود حاليا في مجلس النواب".
وأعلن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض يوم الخميس الماضي، أن مجلس النواب العراقي سيشرع قانون الحشد قريبا، والذي يهدف الى اعادة تأسيس هذه القوات.
وطالبت لجنة الأمن والدفاع النيابية، في شهر آذار/مارس الماضي، برفع القراءة الثانية لمشروع قانون هيئة الحشد الشعبي من جدول أعمال المجلس لحين استكمال الإجراءات التشريعية المطلوبة له.
و أتم البرلمان العراقي في الشهر الماضي القراءة الأولى لمشروع قانون هيئة الحشد الشعبي المتعلق بالهيكلية الإدارية من مديريات وألوية وغيرها، وذلك بعد سحب القانون الخاص بالخدمة والتقاعد لمنتسبي الحشد من البرلمان وإعادته لمجلس الوزراء، نظرا الى اللغط الذي أثير حوله.
تداولات مستمرة
وصباح اليوم، أعلن عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، محمد الشمري، عن وجود تداولات مستمرة بين اللجنة وهيئة الحشد الشعبي لإجراء تعديلات على قانون هيكلية الهيئة.
وقال الشمري أن "التعديلات الأخيرة على القانون باتت شبه منجزة، وسيُدرج القانون بعد الاتفاق النهائي ضمن جدول أعمال مجلس النواب للتصويت عليه".
واضاف أنه "لا توجد أية عوائق أو مشكلات قانونية بشأن تمرير قانون هيكلية الحشد الشعبي داخل البرلمان".
وفيما يتعلق بقانون الخدمة والتقاعد، أكد الشمري أن "اللجنة أنهت عملياً إعداد القانون من الناحية الفنية والتشريعية، إلا أن العائق المتبقي هو سياسي"، مشيراً إلى وجود "اعتراض من قبل هيئة الحشد الشعبي على الفقرة الخاصة بالسن التقاعدي لرئيس الهيئة والقيادات العليا، وهو ما يؤخر إقراره حتى الآن".
التأجيل وارد
في الثالث عشر من آذار الماضي، كشف النائب ياسر الحسيني، أن هناك ثلاثة مسارات تضغط باتجاه قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، مشيراً إلى أن عدم تمريره خلال الدورة الحالية أمر وارد.
وقال الحسيني، إن "المسار الأول يسعى إلى تمريره بهدف السيطرة على الهيئة قبيل الانتخابات، والثاني يطالب بإقراره إيمانا بضرورة إنصاف المجاهدين، والثالث يتمثل بوجود جهة أخرى تعارضه لإبقاء الإدارة الحالية على رأس الهيئة".
وأضاف أن "الحكومة سحبت القانون بحجة رغبتها في إرسال هيكلية جديدة للحشد الشعبي، لكن هذه الخطوة تبدو في إطار تأخير تشريعه، مما يُبقي الإدارة الحالية في موقعها"، مضيفًا أن "عدم وجود ضغط سياسي كافٍ سيجعل تمرير القانون صعبًا، خاصة وأن التوافق السياسي بشأنه يحتاج إلى مزيد من الوقت".
وأشار الحسيني إلى أن "قانون الحشد الشعبي، بكل تفاصيله وبنوده، مهم جداً لإنصاف مجاهدي الحشد الذين قدّموا أنهاراً من الدماء في معارك التحرير بعد 2014، ولا يزالون يمسكون قواطع مهمة في شرق وشمال شرق وغرب وشمال البلاد"، لافتا إلى أن "هذه القوة تستحق المضي في تشريع قانون الخدمة والتقاعد الذي يتضمن العديد من النقاط الجوهرية".
وختم بالقول، "وفق المعطيات الحالية، فإن القانون قد يتأخر، ونأمل أن يكون هناك توافق سياسي يضمن ضغطًا أكبر لتسريع حسم الإشكالات، لكن إذا لم يحصل ذلك، فقد يتم تأجيله إلى الدورة البرلمانية المقبلة، وهذا احتمال وارد جدًا".
وفي الشأن ذاته، كشف النائب عن الإطار التنسيقي مختار محمود، أن "الخلافات السياسية بشأن قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي لا تزال قائمة، وهي السبب الرئيسي في تعطيل جلسات مجلس النواب".
وأضاف أن "هذه الخلافات أدت إلى سحب القانون من مجلس النواب من قبل مجلس الوزراء، مع عزم الحكومة إرسال مسودة قانون جديدة إلى البرلمان، خالية من أي مواد وفقرات خلافية، خاصة المتعلقة بسن التقاعد لرئيس الهيئة وقادة الهيئة من الصف الأول". موضحاً أن "البرلمان ينتظر وصول المسودة لمراجعتها ودراستها من قبل اللجنة البرلمانية المختصة".
اتفاق التمرير وتفاصيل جدلية
وفي الرابع من آذار الماضي، اتفق زعماء كتل الإطار التنسيقي، على المضي بقانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي، وسط ترجيحات بالتصويت عليه في الأسبوع المقبل.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، رفيق الصالحي، إنه “كان هناك لقاء سابق جمع رؤساء الكتل السياسية المنضوية في الإطار التنسيقي بحضور زعيم تحالف الفتح، الأمين العام لمنظمة (بدر) هادي العامري، وتم الاتفاق على حلّ الخلافات كافة على قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي”.
أما عن التقاعد والجدل الذي أثير حوله، قال الصالحي، إن "فقرة سن التقاعد بقيت كما هي عند 60 سنة".
وأضاف، أنه "القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء، منح صلاحية تمديد خدمة التقاعد لخمس خدمة لمنتسبي الحشد الشعبي ممن بلغ سن التقاعد، وفقاً لمقتضيات المصلحة".
وعن موعد التمرير والحسم، أكد الصالحي أن “الاتفاق السياسي النيابي تضمن التصويت على قانون الخدمة والتقاعد للحشد في أول جلسة لمجلس النواب من الأسبوع المقبل”.
بدوره، اكد عضو لجنة الامن النيابية علي نعمة، ان قانون الحشد الشعبي قد شهد وضع اللمسات الاخيرة على فقراته، حيث اصبح جاهز للتصويت بعد حسم مجمل القضايا الخلافية.
وقال نعمة إن "الاجتماعات المتواصلة مع الجهات والاطراف المعنية قد حسمت معظم القضايا التي تعيق تشريع قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي".
واضاف ان "القانون اصبح جاهز للتصويت في الايام المقبلة، بعد حسم الجدل بخصوص الفقرات الخلافية المتعلقة بالسن القانوني للمنتسب والمجاهد، وآلية تمديد الخدمة للقادة الذين يحتاجهم الحشد".
وبين ان "لجنة الامن النيابية قد تابعت القانون والقضايا الفنية المتعلقة بالاحالة الى التقاعد، حيث منح القائد العام للقوات المسلحة صلاحية تمديد الخدمة للمجاهدين بمدة 5 سنوات، اضافة الى امكانية المنتسب بالتقاعد عند تجاوز خدمته 15 سنة".
وعن جدل بقاء القيادات الحالية متمثلة برئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، أكد النائب عن كتلة بدر معين الكاظمي، الاتفاق الجديد لتمرير قانون تقاعد الحشد، لكنه قال إنه يقتضي بقاء القيادات الحالية بشكل كامل، في إشارة إلى رئيس هيئة الحشد فالح الفياض.
وأشار الكاظمي إلى أن "سحب قانون الحشد الشعبي كان بسبب إجراء بعض التعديلات".
وأضاف، أنه "تم الاتفاق بين الكتل السياسية على استمرار المسؤولين الحاليين في الخدمة لحين تأهيل البدلاء المؤهلين".
بعد الجدل الكبير الذي رافقه، ومع الموافقة على تمريره، لابد من شرح القانون من وما الذي سيعالجه بالضبط.
وبهذا الصدد، أكد الخبير في الشؤون الأمنية صادق عبد الله، أن قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي سيعالج ثلاثة تعقيدات مستبعداً ما أسماها بـ"أفخاخ سياسية".
وقال عبد الله إن: "سن قانون التقاعد والخدمة لهيئة الحشد الشعبي يعتبر إنجازاً مهماً بغض النظر عما يُقال هنا وهناك"، لافتاً إلى أن "القانون سيعالج ثلاثة تعقيدات أبرزها هو إغلاق أفواه الذين يطالبون بإلغاء الحشد الشعبي والذين يحاولون تسليط الضوء على بعض النقاط، مثل آليات اختيار القيادات العليا، من أمراء الألوية والقطعات، وبالتالي فإن هذا القانون يعد خارطة الطريق في التسلسل الهرمي ابتداءً من أعلى إلى أدنى منصب".
وأضاف، أن "القانون سيعطي حيوية في ملف تجديد الدماء، وهو أمر بالغ الأهمية خاصة إذا ما علمنا أن الحشد الشعبي أنشئ في فترة استثنائية من تاريخ العراق، حيث هب العشرات من الآلاف للاستجابة لفتوى المرجعية، وكان جزءاً ليس بالقليل منهم من الذين تقترب أعمارهم من سن التقاعد، لكنهم مع ذلك حملوا السلاح للدفاع عن أمن واستقرار العراق، ولا يزال العديد منهم على السواتر".
وأشار، إلى أن "القانون سيعزز من ضمان حقوق الشهداء والجرحى والمقاتلين، ويضمن مرونة عالية في تطبيق القوانين الإدارية والتنظيمية".
وأوضح أن "الحديث عن أن بعض الأطراف قد تدفع بالقانون لابعاد قادة الصف الأول عن المشهد الأمني غير دقيق، لأن الحشد الشعبي هو مؤسسة أمنية تابعة للدولة، وهي خاضعة لقرارات القائد العام للقوات المسلحة، وبالتالي موضوعها هو موضوع أمني بحت، ووجود قانون يلبي حقوق منتسبيها أمر بالغ الأهمية".
وتابع عبد الله، أن "وضع العراق بشكل عام لا يمكن معه تفكيك الحشد، باعتبار أن الحشد يمثل قوة كبيرة مهمة لاستقرار العراق، وبالتالي نستبعد وجود أفخاخ سياسية وراء القانون"، مؤكداً أن "القانون جاء من الحكومة وتم مناقشته من خلال هيئة الحشد الشعبي بالتنسيق مع اللجنة الأمنية، وسيعرض للتصويت في مجلس النواب، لذا من المستبعد أن يكون هناك أفخاخ سياسية خاصة وأن هذا القانون يمثل حقوق شريحة كبيرة".
وأشاد الخبير الأمني، "باعتماد مبدأ الاستثناء في بقاء بعض القيادات التي تراها الإدارة الأمنية مهمة للمرحلة القادمة"، مؤكداً أن "القانون بشكل عام يعد إنجازاً آخر سيضمن مساحات قانونية كبيرة لحقوق منتسبي الحشد".