انتقادات محلية ودولية تلاحق حكم المغامرين
ما بعد (برهم + كاظمي) هل كنا أمام (صدامية جديدة) ولكن تم إحباطها ...؟
كتب/سلام عادل
ركزت وسائل الإعلام والنخبة العراقية كثيراً على مشهد المراسيم الرئاسية التي أقيمت في قصر السلام وسط بغداد صباح يوم الإثنين، حين تولى الرئيس عبد اللطيف رشيد عرش الجمهورية عقب انتخابات نيابية حاز فيها على أعلى الأصوات، مقابل خسارة برهم صالح الذي تولى الرئاسة ما يزيد على أربع سنوات.
وجاء الاستغراب والاستفهام، وسط حضور قادة البلد ومشاركة البعثات الدولية، جراء غياب الرئيس المنتهية ولايته (برهم صالح) عن هذه المراسيم التي تقام بعد كل دورة انتخابية وفق مبدأ (التداول السلمي للسلطة)، وهو أحد المتبنيات الأساسية التي نشأ عليها العراق الجديد.
وينص الدستور العراقي في (المادة 6) على أن "يتم تداول السلطة سلمياً عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذا الدستور".
وكان (برهم صالح) قد غضب وزعل وانزعج وكفر وشتم وصرخ في وجه كل من كان أمامه ليلة خسارته في البرلمان، ثم قرر ألا يحضر مراسيم تسليم الرئاسة وغادر العاصمة على إثر ذلك قبل ليلة التنصيب مع حاشيته واعداد لا تحصى من الحقائب والاموال والهدايا التي جمعها خلال سنوات رئاسته، ولم يترك خلفه غير ستائر معلقة على الشبابيك وعشب الحديقة الناشف.
ولطالما جرى تسويق برهم صالح على كونه (ديمقراطي + ليبرالي + مدني + متربي وعايش في امريكا) وسليل عائلة سياسية عريقة، ودارس في أرقى الجامعات العالمية، حتى أنه بنى أول جامعة أمريكية في العراق، وحين دخل منافسة الحصول على الرئاسة في عام 2018 وقف معه كل أصحاب الياقات البيضاء لدرجة لم تبقى صفحة من صفحات السوشيال ميديا لم تتزين بهاشتاگ (برهم يرهم).
واليوم بعد سنوات (الخيط والخرابيط) تخللتها احداث تشرين الدموية التي كان برهم صالح يرعاها بنفسه من داخل القصر الجمهوري، وبعد أن باتت صفقات القرن الفاسدة تكتب على الصفحات الأولى للصحف، وبعد الجوع والفقر وتزايد اعداد البطالة، وفرمانات العفو عن تجار المخدرات، والتغاضي عن الخروقات الدستورية، وفقدان السيادة وتغييب دور الدولة، يريد برهم صالح ولاية ثانية، وحين لم يحصل عليها زعل وشتم وكفر وصرخ في وجه كل من حوله وغادر دون أن يفتح باب القصر للرئيس الذي جاء من بعده.
ولا يختلف برهم صالح بهذا السلوك عن (الارعن ترامب) حين غاب عن مراسيم تولي (جو بايدن) رئاسة البيت الابيض عام 2021، وهو أيضاً كان يحلم بالولاية ثانية، ولكن حين خسرها زعل وشتم وكفر وصرخ في وجه كل من حوله، وأمر اتباعه باقتحام مبنى الكونغرس وتعطيل كل ما يمكن تعطيل من مواد دستورية تنص على (التداول السلمي للسلطة)، ومازال القضاء الامريكي يحقق في تلك الحادثة التي تم إحباطها من قبل القوات الفيدرالية الامريكية.
وعلى نفس الطريقة ونفس ردود الافعال حرض (كاظمي) مجموعة من الفوضويين لاقتحام البرلمان العراقي وتعطيله، حتى تحول المبنى الى مجرد زريبة (طليان وبعران) نحو شهر كامل تخللتها محاولة لاقتحام مبنى مجلس القضاء الاعلى، وانتهت تلك الاحداث كما يعلم الجميع بليلة الانقلاب الاسود يوم 29-30/اب والتي انتهت بسقوط قتلى وجرحى على أبواب المنطقة الخضراء.
ومما لا شك فيه أن (برهم + كاظمي) كانا يخططان منذ عام 2015 للاستيلاء على السلطة من خلال بناء (دولة عميقة) بدأت احداثها في الاستحواذ على (جهاز المخابرات) وتحويله الى (مليشيا سياسية) تكراراً لتجربة (جهاز حُنين)، وهو جهاز مخابرات حزب البعث الذي كان وسيلة صدام لابتلاع البلد وبسط نفوذه عليه قرابة 30 سنة.
وأيضاً على الطريقة الصدامية عمل (برهم + كاظمي) على شراء ذمم الكتاب والصحافيين والمنظمات والأحزاب، وحتى الاشخاص المؤثرين في المجتمع الدولي، فضلاً عن تنفيذ اغتيالات ومختلف أشكال الاعتداءات، وتخصيص سجون سرية حصلت فيها عمليات قذرة، والتلاعب بالقوانين والاستهتار بكل مؤسسات الدولة، حتى وصل الحال بلجنة خارجة على القانون، مثل لجنة أبو رغيف، أن صارت تدخل الى قاعات المحاكم العراقية لتخطف معتقلين منعاً لهم من الإدلاء بشهاداتهم حول التهم الكيدية.
وكل هذا يجعلنا اليوم نقول إن ما حصل خلال الأيام الماضية حين تم فيها انتخاب الدكتور عبد اللطيف رشيد لرئاسة الجمهورية، وما ترتب عليه حين تم تكليف المهندس محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، يعني في المحصلة إحباط مخطط خطير كان يستهدف إقامة دولة صدامية جديدة يكون فرسانها مغامرين ومقامرين من طينة (برهم + كاظمي)، اللذان لا يختلفان عن (الأرعن ترامب)، والذين هم جميعهم من صنف الأشخاص المعادين للديموقراطية.