تعديل قانون التقاعد يواجه العقبات.. البرلمان "خائف" من تراكم الموظفين ويعترف بـ"القلة المالية"

انفوبلس/..
أعادت وزارة المالية، الجدل بشأن سن إحالة الموظفين إلى التقاعد، بعدما أظهرت وثيقة صدرت في الأسبوع الأول من أيار 2025، وأكدت على أن السن القانوني هو 60 عاماً بغض النظر عن خدمة الموظف، في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بإعادة سن الإحالة إلى 63 عاماً.
*تفاصيل الوثيقة
وجاء في نص الوثيقة التي أظهرت مخاطبة موجهة إلى وزارة الصحة، ما نصه: "بخصوص كتابكم المرقم 37082 حول الإجراءات الخاصة بالانفكاك من الوظيفة للموظفين المولودين عام 1960 والمواليد المشمولين بالاستثناء من الإحالة إلى التقاعد عند بلوغهم السن القانونية المقررة وفق المادة (1/2) من قانون رقم 36 لسنة 1989 (التعديل الأول لقانون التقاعد الموحد رقم 8 لسنة 2014).
وأضافت، أن "بلوغ السن القانونية يعني دخول الموظف في اليوم الأول من السنة للعمر 61 سنة، ويكون الانفكاك من الوظيفة في هذا اليوم".
*جدلية القانون
قبل سنوات جرى تعديل القانون مرة، ضمن إجراءات إصلاحات مالية قامت بها حكومة رئيس الوزراء السابق، مصطفى الكاظمي، نص على خفض سن التقاعد من 63 سنة إلى عمر الستين. واليوم تنشغل السلطتين التنفيذية والتشريعية بتعديل القانون مرة أخرى لرفع سن التقاعد من جديد.
وكان من المقرر أن يجتمع مجلس النواب العراقي، يوم الأحد الموافق 12 كانون الأول 2025، في أول جلسة برلمانية في الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الرابعة، ويناقش خلالها قانون التعديل الأول لقانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014. إلا أن الجلسة لم تعقد، ورفعت لأسباب لم يُفصح عنها بوقتها.
*رغبة الحكومة بالتعديل
يقول الخبير الاقتصادي كريم الحلو، إن ملف تعديل قانون التقاعد قائم منذ زمن، "كل حكومة تشكلت حاولت العمل عليه، فقانون التقاعد أهم القوانين الاقتصادية في كل البلدان كون صندوق التقاعد صندوق استثماري وسيادي في الدول، يدخل السوق ويعطي القروض لتمويل مشاريع استثمارية تَربح وتُربح"، ويبيّن أن "لدى حكومة محمد شياع السوداني رغبة بتعديل وتشريع قانون التقاعد".
وأبدى الحلو، تأييده لإجراء التعديل على قانون التقاعد وتمديد عمر الخدمة كما هو مقرر، لأن في كثير من الأحيان يكون الموظف بهذا السن (60 عاماً) لا يزال بكامل طاقته وقوته ويحمل خبرة كبيرة.
وقال الحلو، إن "إنهاء خدمة موظف يحمل خبرة 30 عاماً أو أكثر، قد يخلق فراغاً داخل المؤسسة لا يمكن لموظف حديث أن يملأه"، مشيراً: "لقد فعلوا ذلك، بتسريح نحو 300 ألف موظف وتبديلهم بموظفين جدد، وعند مراجعة الوضع يظهر أن الخطوة تكلف الدولة أكثر مما تُكسبها".
أشار الخبير الاقتصادي إلى أنه "لا مشكلة مع قانون تقاعد الموظفين، بل مع ذلك المتعلق بالقطاع الخاص، فرغم مميزات العمل في القطاع الخاص (حرية أكبر ومكافآت أوفر وتدرّج وظيفي أكثر)، لكن الناس يفضلون القطاع العام "لأنه يوفر الضمان والتقاعد للعاملين فيه" وفق تعبيره.
يذكر الحلو أن نظام التقاعد في العراق، وعلى خلاف دول العالم، "غير فاعل بشكل صحيح ويخلو من المميزات سابقة الذكر"، مؤكداً أن "تشجيع القطاع الخاص وفتح المعامل يساهم في حل الخلل".
وأردف: "إن النظام الدولي القانوني حدّد نسبة 15% للتوظيف في القطاع العام و85% للقطاع الخاص، ونحن لدينا الآن 10 ملايين موظف حكومي يتقاضون الرواتب كتقاعد أو ضمن شبكة الحماية الاجتماعية، هذا من غير الموظفين الفضائيين. وهذا مكلف للدولة، في حين قد تصل نسبة انتاج كل فرد منهم 20%، وفي بعض الأماكن لا تتجاوز 5-10%".
ختم الحلو حديثه قائلاً: "يتم تخريج ما يصل إلى 300 ألف طالب سنوياً، والمشكلة تكمن في أن الدولة تقوم بالمجاملة وتوظيف مزيد من العاملين خوفاً من حدوث اضطرابات"، مشيراً إلى أن "الحكومة فتحت شبكة الحماية الاجتماعية، لكن جزءاً منهم يتمتع بمستوى اقتصادي وقسم آخر منهم فضائيين، ما يعكس مشكلة وخلل كبيرين في قانون التقاعد والضمان الاجتماعي".
وقدّم الخبير الاقتصادي، حلّاً قال إنه الأنسب لحالة العراق وهو "تفعيل القطاع الخاص وقانون التقاعد فيه، وتوفير المحفزات للشركات والمعامل"، متقدّماً للحكومة باقتراح "خفض الضرائب على كل معمل أو مؤسسة توظف الأشخاص وتسجلهم لدى دائرة التقاعد، لتشجيعهم وتنشيط الإقبال على القطاع الخاص". ووفقاً لقول الحلو "هناك 60% أو أكثر من العاملين في القطاع الخاص غير مسجلين في نظام التقاعد".
*أعباء مالية كبيرة
يجري العمل على تعديل قانون التقاعد بناء على طلب نسبة كبيرة من الموظفين ليجري إعادة رفع سن التقاعد إلى 63 سنة، توجد جهات تدفع بالملف إلى الأمام، بنفس الوقت تدور خلافات سياسية حول الخطوة خلف الكواليس قد تعرقل تحقيق التعديل أو تؤخر إنجازه على أقل تقدير، فالقرار مكلف ويثبت أعباء مالية إضافية على موازنة العراق المحتقن اقتصادياً والمتوتر مالياً إثر تأرجح سعر عملته الوطنية ونقص سيولة في المصارف بات الحديث عنه علنياً في الآونة الأخيرة.
وقال عضو اللجنة المالية النيابية في البرلمان العراقي، معين الكاظمي، في لقاء تلفزيوني، إنه "يجري التعديل بناء على طلب نسبة كبيرة من الموظفين بأن يعدل سن التقاعد، هناك تعاطف داخل مجلس النواب مع هذا الموضوع، لكن لم يتم أخذ رأي الحكومة بخصوص الأعباء المالية"، موضحاً أنه "من المؤكد أن تأجيل سن التقاعد سيضيف أعباء مالية على الدولة، فبدلاً من تقليص عدد الموظفين 300 إلى 400 ألف موظف سنوياً، وسيستمر هذا العدد بالعمل ويسبب التراكم داخل المؤسسات"، مؤكداً: "يجب تنسيق الأمر مع الحكومة، ومن حق الحكومة أن تعترض على التشريعات التي تفرض أعباء مالية".
حسب قول الكاظمي، فإن التعديل لا يشمل تمديد عمر الخدمة فقط، بل هناك مساع لتعديل سلّم الرواتب و"زيادة رواتب المتقاعدين بما يضمن انصاف الجميع"، وفي حين أن المبالغ المخصصة الآن لا تكفي لإدارة متطلبات الحياة يتيح نص بقانون التقاعد زيادة المبلغ المخصص للمتقاعد نظراً للغلاء المعيشي.