خلاف بين الحكومة والبرلمان.. وتحقيقات حول عمليات تلاعب بالأرقام في جداول الموازنة تقدر بـ 10 تريليونات دينار
نسخ مختلفة بمبالغ ضخمة
انفوبلس/..
أكدت رئاسة مجلس النواب، اليوم الأحد، أن قرارها النيابي الخاص بتصويت مجلس النواب على جداول الموازنة، جاء كما وردت الجداول من الحكومة دون تلاعب بالأرقام.
وأظهرت وثيقة صادرة من رئاسة مجلس النواب، إجابة من رئاسة المجلس الى مكتب رئيس مجلس الوزراء، يؤكد على أن القرار النيابي بالتصويت على جداول الموازنة جاء كما وردت الجداول من مجلس الوزراء، مع إضافة فقط صلاحية مناقلة 2 تريليون دينار للمحافظات غير المنتظمة بإقليم.
ثلاث نسخ مختلفة
وجاءت إجابة رئاسة البرلمان على مكتب رئيس الوزراء، بعد كتاب وجههُ مكتب السوداني الى رئاسة البرلمان، يكشف عن وجود "3 نسخ مختلفة لجداول الموازنة".
وأشار مكتب السوداني في كتابه الموجه الى رئاسة البرلمان، أن القرار النيابي ذكر أنه تم التصويت والموافقة على جداول الموازنة كما وردت من مجلس الوزراء، أي دون تغيير.
لكن النسخة الورقية المدرجة مع القرار النيابي والمرسل الى رئاسة الوزراء، تضمن اختلافا بالأرقام عن النسخة الأصلية لمجلس الوزراء، بالإضافة الى أن القرص الذي يحمل نسخة إلكترونية من جداول الموازنة، يحمل هو الآخر نسخة مختلفة عن جداول مجلس الوزراء الاصلية، وعن الجداول الورقية المرسلة مع قرار مجلس النواب.
وتشير المعلومات الى وجود اختلاف بالأرقام يصل الى أكثر من 10 تريليونات أُضيفت الى الموازنة الاصلية البالغة 211 تريليون دينار.
من جانبه، اعتبر مختصون وخبراء اقتصاديون أن التلاعب بجداول الموازنة أمر خطير مع النظر بعدم تقديم حسابات ختامية يعطي فرصة للعديد من الجهات التغيير والمناقلة لأنه غير مسؤول عن تقديم حسابات ختامية.
تناقضات في الميزانية
واندلع نقاش حاد بين أعضاء مجلس النواب العراقي، بعد أيام من مصادقة الرئيس عبد اللطيف جمال رشيد على قانون الموازنة المالية الاتحادية لعام 2024.
أشار المشرعون، إلى وجود تناقضات في الميزانية، زاعمين أن النسخة المقدمة للتصديق الرئاسي لم تكن هي نفسها التي أقرها البرلمان، وقد أثارت مزاعم التلاعب في جداول الميزانية مخاوف كبيرة.
في أوائل حزيران 2024، عقد مجلس النواب جلسته السابعة والعشرين، بحضور 199 عضوًا، للتصويت على قانون الموازنة العامة الاتحادية المعدل رقم 13 لسنة 2024 وملاحقه. وقد أسفرت هذه الجلسة، مسترشدة بالمادة 59 (2) من الدستور والمادة 77 (2) من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم 13 لسنة 2023، إلى جانب المادة 4 (2) من قانون الإدارة المالية المعدل رقم 6 لسنة 2019، عن الموافقة على جداول الموازنة لعام 2024 وملاحقها وخطط تمويل العجز.
وعلاوة على ذلك، منح البرلمان مجلس الوزراء سلطة إعادة تخصيص 2 تريليون دينار (1.5 مليار دولار أميركي) من ميزانية الاستثمار للوزارات إلى صناديق التنمية الإقليمية للمحافظات غير المنتظمة في أقاليم. وسيتم توزيع هذه الأموال على أساس حجم السكان ومستويات الفقر.
ويسلط هذا الجدل الضوء على القضايا المستمرة المتعلقة بالشفافية والنزاهة في العمليات الميزانية في العراق، مما يثير تساؤلات حول دقة الإجراءات التشريعية والموافقات التنفيذية.
مفاتحة النزاهة للتحقيق
وفي السياق نفسه، قدم النائب عن قوى الدولة، علي شداد، السبت، شرحاً مفصلاً عن واقعة التلاعب، حيث ذكر أنه "اطلعنا على كتاب مرسل من قبل مجلس الوزراء الى البرلمان مضمونه وجود تباين وتفاوت بالأرقام وبعض الفقرات الخاصة بجداول الموازنة".
وأضاف، "كتاب مجلس الوزراء أكد أنه أصبح لدينا ثلاث نسخ من جداول الموازنة كل واحدة منها يختلف عن الآخر، الاول مرسل من قبل الحكومة الاتحادية وترى أن ما أُرسل إليها من جداول مطبوعة تختلف عما أُرسل الى مجلس النواب".
شداد، أشار الى "وجود إرسال إلكتروني وقرص مدمج أيضا محتواه يختلف عما مطبوع ورقيا والجداول التي قُدمت من قبل مجلس الوزراء".
ونوه الى "طلب مجلس الوزراء تحديد الجدول الذي صوت عليه داخل البرلمان والذي اعتمد من عدمه بالتالي يقع على عاتق النواب توضيح هذا الموضوع وبالتأكيد ستكون للنواب مداولة لهذا الامر".
وكان مصدر مطلع، أفاد بأن مجموعة من النواب برومون مفاتحة هيئة النزاهة الاتحادية؛ لإجراء تحقيق شامل بخصوص التلاعب الحاصل في جداول الموازنة وإحالتها الى القضاء.
فيما قالت لجنة النزاهة النيابية، إنها لم تستلم أي كتاب او خطاب رسمي حول أنباء التلاعب في جداول الموازنة الاتحادية للعام 2024.
البرلمان يعيد النظر في جداول الموازنة
وأعلن عضو مجلس النواب عارف الحمامي، أن مجلس النواب سيحقق في اتهامات التلاعب بالموازنة فور استئناف جلساته.
وأكد الحمامي أن نسخة الموازنة التي أقرها مجلس النواب هي التي يجب إقرارها، محذرا من اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يتلاعب بها.
وأوضح الحمامي، بصفته عضواً في اللجنة القانونية، أن أي طعون على الموازنة ستستدعي المراجعة، مشيراً إلى أن الجلسة البرلمانية المقبلة ستركز على تفاصيل العجز والأرقام المحددة للموازنة المالية العامة 2024.
تحقيق برلماني في مزاعم التلاعب بالميزانية
كشف عضو اللجنة المالية النيابية معين الكاظمي، في حديث صحفي تابعته INFOPLUS، أن اللجنة راجعت جداول موازنة 2024 بشكل دقيق، وتضمنت المراجعة منح رئيس الوزراء صلاحية إعادة تخصيص تريليوني دينار للتنمية الإقليمية في المحافظات المختلفة وتعديل بعض الأرقام قبل إرسال الموازنة إلى مجلس الوزراء.
وأوضح الكاظمي، أن هذه التعديلات تمت داخل البرلمان قبل تقديمها للحكومة، مبينا أن مجلس الوزراء أعاد الموازنة إلى البرلمان لإجراء التصحيحات وإزالة الإضافات غير المصرح بها.
وأكد الكاظمي التزام اللجنة بالتحقيق مع المتسببين بالتلاعب بالموازنة، مطالبا بمحاسبة من يحاول التلاعب بالأرقام المالية، لأن مثل هذه التصرفات تؤثر بشكل مباشر على صحة المواطنين.
الميزانية تواجه عقبات محتملة
وقال الخبير الاقتصادي نبيل جبار العلي في حديث صحفي تابعته INFOPLUS، إن الاعتراضات داخل البرلمان على قضية مماثلة في موازنة 2023 غذت الجدل الحالي حول موازنة 2024. وأشار العلي إلى أنه في حين أن الحكومة ملزمة بتنفيذ الموازنة التي أقرها البرلمان وصادق عليها رئيس الجمهورية، فإن أي عضو في البرلمان يحتفظ بحق الطعن في جداول الموازنة لمزيد من المراجعة.
وأقر البرلمان العراقي في يونيو/ حزيران 2023، بعد مناقشات مطولة، الموازنة الثلاثية للأعوام 2023 و2024 و2025، وهي الأكبر في تاريخ العراق. وتبلغ قيمة الموازنة السنوية نحو 153 مليار دولار أميركي، وتتوقع عجزاً مالياً كبيراً يبلغ نحو 48 مليار دولار سنوياً، أي أكثر من ضعف العجز المسجل في موازنة 2021.