مرور عام على أطول أزمة سياسية عصفت بالبلاد منذ عام 2003 وتداعياتها مازالت ممتدّة
انفوبلس/بغداد
يُكمل العراق اليوم، عامًا زاخرًا بالأحداث، على وقع أطول أزمة سياسية عصفت بالبلاد منذ عام 2003، وتداعياتها التي مازالت آثارها ممتدّة حتى اليوم.
فما تمخضت عنه انتخابات تشرين 2021 كان أزمة مبكرة لخلافات مستعرة وصلت إلى حد الصِّدام، وأفرزت صراعًا هو الأكثر حدة بين القوى السياسية.
وتُعَدُّ انتخابات تشرين هي الأولى من نوعها، التي تتحول نتائجها إلى قضية قضائية كبرى.
وسببت هذه الانتخابات التي مهّدت لها ظروف استثنائية، خلقتها حالة من تلاطم أمواج الأجندة الدولية في العراق، انقسامًا مجتمعيًا كبيرًا ظهر جليًّا بافتراق الساحات بين تظاهرتين كل واحدة تطالب بعكس ما تريد الأخرى.
واللافت في الأمر أن اقتراع تشرين الأول 2021، كان المطلوب منه حل الأزمة، لكنه أدخل العراق بالأزمة الأعقد التي دفعت المجتمع الدولي إلى التذكير بـ”حافة الهاوية”.
وعن ذلك يقول المحلل السياسي مؤيد العلي لـ”المراقب العراقي”، إن “الشارع العراقي يتطلّع إلى انتهاء التعقيدات السياسية، والمضي نحو تشكيل حكومة تقدم الخدمات وتنهي قانون الموازنة، الذي قد يتسبب تأخره بتعسّر الدولة في تسديد رواتب موظفيها”.
ويضيف العلي أن “الأزمة التي خَلَّفتْها انتخابات تشرين ونتائجها المشكوك بمصداقيتها، تعد الأطول والأعقد في العراق منذ 2003، إذ لم يسبق أن شهدت البلاد هذا التناحر الكبير بين الفرقاء، وانعكاس تداعياته على الشارع”.
ويهدد الشلل السياسي القائم بحرمان البلاد من مشاريع بنى تحتية وفرص إصلاح هي بأمس الحاجة إليها، إذ حقق العراق البلد الغني بالنفط والمنهك بعقود من النزاعات، إيرادات نفطية هائلة خلال العام 2022. وتقبع هذه الأموال في البنك المركزي، الذي بلغت احتياطياته من العملة الأجنبية 87 مليار دولار.
وتبقى الاستفادة من هذه الأموال في مشاريع يحتاج إليها العراق مرهونة بتشكيل حكومة ذات صلاحيات كاملة وموازنة تضبط إيقاع الإنفاق، فالحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي تتولى منذ عام تصريف الأعمال ولا تملك صلاحية عرض مشروع الموازنة على البرلمان.
وتشي مصادر سياسية واسعة الاطلاع، بأن ائتلاف إدارة الدولة أمهل الحزبين الكرديين حتى نهاية الأسبوع الحالي، لإنهاء عقدة اختيار مرشح رئاسة الجمهورية، الذي يقوم بدوره بتكليف المرشح لرئاسة الحكومة، لغرض “الإبحار بسفينة إدارة الدولة”.
وأصبح الكاظمي الحالم بالولاية الثانية، بعيدًا عن كل الخيارات السياسية التي كان يراهن عليها للبقاء في منصبه، فالحلقة القانونية بدأت تضيق لتطوّق رئيس حكومة التصريف، الذي لم يُبقِ مشروعًا غير قانوني إلا وانخرط فيه بنفسه، أو يزج أحد المقربين منه، وذلك بحسب لوائح الاتهامات الموجهة ضده في المحاكم.
وبينما يواصل الكاظمي حراكه الحثيث للبقاء في السلطة، “هربًا” من الملاحقات القانونية، ثمّة قضايا تطارده بفعل سياسات وقرارات “مخالفة للقانون”.
وتوعَّدتِ المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، الكاظمي، بـ”إلقائه خلف قضبان العدالة”، بعد تسليم مهام الحكومة إلى رئيس وزراء جديد.
وقال المسؤول الأمني للكتائب أبو علي العسكري في تغريدة اطلعت عليها “المراقب العراقي”: “يسأل الأصدقاء عن غياب موقف كتائب حزب الله من الأحداث التي حصلت في الفترة الأخيرة ولاسيما أنها أكدت دفاعها عن السلم الأهلي، أما موقف الكتائب بالأحداث فإنه لم تلمس منها تهديداً جدياً حتى تتدخل لحماية أهلنا وبلدنا”.
وأضاف العسكري أن “الكتائب ستعمل على إلقاء كاظمي الغدر خلف قضبان العدالة بعد تسليم مهام الحكومة إلى رئيس وزراء جديد”.