من همسات الطائفية إلى فوهة الفتنة.. خميس الخنجر يواصل اللعب على الوتر الحساس وتحذيرات من "المربع الأول"

انفوبلس/..
في مشهد يعكس هشاشة التوازن الطائفي في العراق، وانفجار الاحتقان الكامن تحت قشرة الخطابات السياسية، تفجّر الجدل مجددًا مع ظهور تسريب صوتي منسوب إلى رئيس تحالف السيادة، خميس الخنجر، يتضمن إساءات بالغة للمكون الشيعي، وعبارات تُعدّ خروجًا سافرًا على الدستور والسلم الأهلي. تسريب لم يكن مجرد “كلام في تسجيل”، بل صفعة طائفية فجّة أعادت إشعال الخلافات، وحرّكت آلة الدولة القضائية والأمنية والسياسية في مواجهةٍ لم تعد قابلة للتأجيل.
*التسجيل الذي فجّر العاصفة
بصوت وعبارات لا تقبل التأويل، خرج التسريب المنسوب إلى الخنجر ليهاجم مكونًا بأكمله، ويتهم السلطة القائمة بطريقة تثير الفتنة وتعصف بأسس الوحدة الوطنية. لم تمضِ ساعات على تداوله حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وتحوّل إلى قضية رأي عام، دفعت بكثير من الكتل والشخصيات الشيعية إلى الرد بشدة والمطالبة بملاحقة قانونية عاجلة.
*لا تتعجبوا
وكان المسؤول الأمني في المقاومة الإسلامية كتائب حزب الله، أبو علي العسكري، أكد في تدوينة، إن "من يتعجب من تصريحات الخنجر في التسجيل الذي سربه محمد الحلبوسي، عليه أن يتابع قنواته التي تبث السموم يومياً، وهي أسوأ مما تضمنه التسجيل المسرب، وهو ما يستدعي وضع حد لقنوات الفتنة".
*مقاضاة عاجلة وإجراءات برلمانية مطلوبة
عضو ائتلاف دولة القانون، النائب إبراهيم السكيني، لم يتوانَ في توجيه نداء حاد لمجلس النواب بضرورة عقد جلسة طارئة لمناقشة ما وصفه بـ”التحريض الطائفي السافر” من قبل خميس الخنجر.
وقال في تصريح إن “ما تفوّه به الخنجر لا يمكن السكوت عليه، وهو أمر يفرض تحريك دعوى قضائية عاجلة من الادعاء العام”، مؤكدًا أن كلامه يمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة الشعب العراقي ومحاولة مكشوفة لزعزعة الاستقرار.
*دعم الجولاني والتخابر مع جهات معادية؟
الأمر لم يتوقف عند حدود الطائفية، بل اتخذ أبعادًا أكثر خطورة حين اتهم النائب أحمد الدليمي، عضو تحالف الأنبار المتحد، الخنجر بدعم مادي ومعنوي لما وصفها بـ”مجاميع الجولاني الإرهابية”.
تصريحات الدليمي تضمنت اتهامات صريحة بتمويل الإرهاب، والتخابر مع جهات خارجية معادية، وخرق القوانين العراقية، داعيًا إلى كشف ما وصفها بـ”طلاسم الاتفاقيات السرية مع حكومة الجولاني في سوريا”، ومحاسبة الخنجر بأقسى العقوبات.
*القضاء يتحرّك.. ومحكمة الكرخ تباشر التحقيق
وتحت ضغط الشارع والنواب، أعلن مجلس القضاء الأعلى رسميًا عن مباشرة محكمة تحقيق الكرخ الثالثة بإجراءات التحقيق بشأن التسجيل الصوتي المنسوب إلى الخنجر. وأكد المجلس تلقي الادعاء العام طلبًا من النائبين محمد جاسم الخفاجي وأمير رزاق عجلان لتحريك الدعوى، وهو ما أطلق مرحلة جديدة من المواجهة القانونية.
*خطاب انفصالي تجب مواجهته
رئيس تكتل دعم الدولة النيابي، مرتضى الساعدي، كان من أوائل من تحرّك قانونيًا، مؤكدًا أن التسجيل لم يقتصر على الإساءة للمكون الشيعي بل امتد ليطال المؤسسة القضائية ذاتها، في ما وصفه بـ”تهديد مباشر للنظام السياسي والدولة”. الساعدي طالب بتحقيق “موضوعي وشفاف” دون تدخلات، مؤكدًا أن من يطلق هكذا تصريحات يجب أن يُحاسب لأنه “يتمادى في مواقفه التحريضية ويعبث بالاستقرار الوطني”.
*الحقد الطائفي متجذر
السياسي المستقل عباس المالكي بدوره لم يتفاجأ بالتسجيل، معتبرًا أن مثل هذه التصريحات تعكس ما وصفه بـ”الحقد الطائفي العجيب لدى بعض السياسيين السنة تجاه الشيعة”. المالكي ربط التسجيل بما قاله سابقًا سياسيون مثل مشعان الجبوري وظافر العاني والعلواني، وأكد أن ما حدث يعكس عقلية ما زالت تؤمن بأن “الشيعة وصلوا إلى الحكم في غفلة من الزمن”، وأنهم لا يستحقون قيادة الدولة.
*ثلاث نقاط خطيرة تهدد الدولة
أما القيادي في تحالف الفتح، عدي عبد الهادي، فقد لخص خطر التسريب بثلاثة محاور: أولها الإساءة إلى مكون وطني أساسي، وثانيها الهجوم على مؤسسة قضائية رفيعة، وثالثها محاولة زرع الفوضى من خلال إحداث شرخ أمني واجتماعي. عبد الهادي دعا إلى تحرك حقيقي من أعلى الجهات الأمنية، محذرًا من “مخططات تُدار في الغرف المظلمة” لضرب الاستقرار السياسي في البلاد.
*تسوية فاشلة وانفجار مؤجل
هذا النوع من التصريحات يضرب بعرض الحائط سنوات من الجهد لبناء مصالحة وطنية، ويعيد البلاد إلى دائرة الانقسام التي دفعت أثمانًا باهظة للخروج منها. وفي ظل هذه التطورات، فإن السؤال المطروح الآن هو: هل تكتفي الدولة بالتحقيق والإدانة، أم نشهد مرحلة جديدة من المحاسبة الحقيقية لكل من يعبث بالوحدة الوطنية تحت غطاء السياسة؟
في بلد خرج لتوّه من حرب أهلية وصراعات طائفية دامية، لا يُمكن التساهل مع أي خطاب يعيد لغة التحريض والكراهية إلى الواجهة. تسريب خميس الخنجر، سواء أكان صحيحًا أو مفبركًا، فتح أبوابًا من النار السياسية والقانونية، وسيكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة العراقية على فرض هيبتها، وحماية وحدة شعبها، وإنهاء عهد الإفلات من العقاب.
لكن مع ذلك، أكد الباحث بالشأن السياسي أحمد الفهداوي، أن خميس الخنجر لا يمثل السنّة وخطابه الطائفي مرفوض ويُهدد وحدة العراق.
وقال الفهداوي، إن "الخطاب الطائفي مرفوض لأنه أدى بالعراق لحافة الانهيار"، مشيرا الى أن "أي خطاب طائفي من أي جهة أو شخصية مرفوض جملة وتفصيلا لأنه يؤثر على وحدة العراق".
وأضاف، أن "الخطاب الطائفي لا يصدر إلا من شخص طائفي وهذا مرفوض وعلى القضاء والحكومة التصدي له"، مبينا أن "قرار هيئة المساءلة والعدالة في عدم أحقية مشاركة خميس الخنجر بالانتخابات أو تأسيسه حزب كان واضحا ويجب تطبيقه".
وتابع، أن "خميس الخنجر لا يمثل المكون السني ومشاركته في الانتخابات كانت مؤذية لأبناء المكون".