نواب غاضبون وتحذيرات من غليان شعبي.. انتقادات لاذعة تلاحق السوداني بعد دعوة الجولاني

انفوبلس/ تقرير
لاحقت الانتقادات "اللاذعة"، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بعد توجيه دعوة رسمية إلى رئيس النظام السوري المدان بالإرهاب أبو محمد الجولاني، لحضور القمة العربية التي تستضيفها العاصمة بغداد في أيار/ مايو المقبل، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على ردود الفعل النيابية والشعبية "الغاضبة".
وكان السوداني قد أعلن، أمس، خلال استضافته في جلسة حوارية على هامش انعقاد ملتقى السليمانية بنسخته التاسعة، أن الشرع سيحضر قمة بغداد. وقال إن "الشرع مرحب به في القمة العربية، وقد وجهت له دعوة رسمية بهذا الصدد".
ولا يستبعد مراقبون للشأن السياسي حضور الجولاني في قمة بغداد المرتقبة، وذلك لأن الدعوة الرسمية توجهت له حسب البروتوكولات المعمول بها في الجامعة العربية، وبغداد ودمشق ستتفقان في النهاية على طبيعة المشاركة السورية في القمة المقرر إجراؤها في آيار/ مايو المقبل.
نواب "غاضبون"
بحسب حديث عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية وعد القدو، فإن تصريحات رئيس الوزراء محمد السوداني في مؤتمر السليمانية للحوار كانت غير موفّقة في الجانبين سواء على مستوى دعوة الرئيس السوري وترحيبه به وكذلك إعلانه من هذا المكان ترشيحه الى الانتخابات". وأضاف أن "المفترض أن لا يستخف بمشاعر العراقيين، حيث إن دعوة الشرع هي استفزاز للعراقيين ولأمهات الشهداء والثكالى".
في حين توضح النائبة زهرة البجاري أن "أبو محمد الجولاني لا يزال متهماً بملفات إرهاب ثقيلة، وهو المسؤول المباشر عن مقتل آلاف المدنيين العراقيين جراء نشاطه الإجرامي خلال سنوات الإرهاب الدموي، والعراق لن ينسى من سفك دماء أبنائه وتسبب بمآسٍ لا تُنسى، حيث إن الجولاني، وعلى الرغم من محاولته الظهور بمظهر القائد السياسي، إلا أن عقليته الإرهابية لا تزال تتحكم بتحركاته وأهدافه، وهو يتحرك ضمن بيئة سورية تعاني من فوضى أمنية وسياسية، ما يجعلها حاضنة مثالية لعودة الإرهاب مجدداً"، لافتة الى ان "صمت المجتمع الدولي إزاء تحركات شخصيات إرهابية كالجولاني، قد يعيد العراق إلى أجواء العنف والفوضى"، مشددة على "ضرورة اتخاذ موقف عراقي ودولي حازم لمنع عودة الإرهاب بوجوه جديدة".
أما النائب السابق حسن فدعم، فقد يؤكد أن "تصرف السوداني يوم أمس، غير منطقي ويجرح مشاعر الملايين من العراقيين الذين وقفوا إلى جانب الدولة وقاتلوا ودعموا القوات الامنية ضد داعش"، متسائلا: “كيف يرحب بالجولاني وهو متسبب بالكثير من المآسي للعراقيين". وتابع أن "السوداني تسبب بجرح مشاعر العراقيين، وأنا شخصيا غير راضي عن تصريحات السوداني وأنا ابن الحشد والساتر"، متابعا بالقول: "ماذا نقول للشهداء يوم القيامة؟".
وفي السياق ذاته، يقول النائب عن ائتلاف دولة القانون ثائر مخيف إن "توجيه دعوة لأي جهة مرتبطة بأبي محمد الجولاني يمثل استخفافًا بتضحيات العراقيين"، مؤكدًا أن "غالبية الأسماء التي تدور في فلك الجولاني متورطة بجرائم ضد الإنسانية، ومطلوبة للعدالة الدولية"، مطالبا النائب الجهات العراقية المعنية باتخاذ موقف وطني صريح يتناسب مع حجم الكارثة التي عاشها الشعب العراقي بفعل الجماعات الإرهابية التي قادها الجولاني وغيره.
وكانت الجامعة العربية قد استجابت لطلب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعقد القمة العربية المقبلة في بغداد، والذي تقدم به خلال قمة الرياض في مايو/ أيار 2023. وأكد السوداني في وقت سابق أن بغداد ستكون منبراً لتعزيز التعاون العربي ومواجهة التحديات، مجدداً "التزام العراق بدعم القضايا العربية، والعمل على إنجاح القمة، وتقديمها منصةً لتحقيق الاستقرار والتنمية".
من جانب آخر، يؤكد عضو تحالف الأنبار المتحد محمد الضاري أن "حكومة الجولاني تضم 18 قيادياً في تنظيمات إرهابية، وأن زيارته إلى بغداد جزء من مخطط أمريكي - صهيوني يهدف إلى إعادة تفعيل نشاط هذه المجاميع في العراق، ضمن مسلسل تصدير الإرهاب من سوريا، حيث ان الدعوة أثارت غضباً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية، حيث اعتُبرت استهانة بالدم العراقي وتمهيداً لعودة الإرهابيين بتخطيط خارجي، كما ان الولايات المتحدة مارست ضغوطاً كبيرة على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لاستقبال الجولاني، رغم معارضة معظم المسؤولين العراقيين لهذه الخطوة التي قد تدفع البلاد إلى منزلق خطير".
*تظاهرات "مرتقبة"
رئيس الهيئة التنظيمية للحراك الشعبي للحزام والطريق حسين الكرعاوي، يذكر أن "هناك حاجة ماسة لتحرك القضاء العراق نحو تفعيل مذكرة إلقاء القبض على الارهابي احمد الشرع المسمى لـ(أبو محمد الجولاني) فور دخوله الأراضي العراقية، حيث إن أبناء الشعب العراقي وخصوصا ذوي الضحايا والمتضررين سيخرجون بتظاهرات عارمة واحتجاجات شعبية لرفض وجود الجولاني في الأراضي العراقية لحضور القمة العربية بدعوة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني"، مبينا أن "التظاهرات ستنطلق قبل وبعد وأثناء تواجد الجولاني في العراق، حيث ستتوجه حشود أبناء الشهداء وضحايا الإرهاب للتظاهر ضد هذا الحضور، خصوصا أن هكذا قمة ستقام على حساب الدماء العراقية".
كما أن الفصائل المقاومة ومنها حركة النجباء أعربت عن استغرابها من التطبيع مع إدارة على رئيسها الكثير من اللغط والتورط بقتل العراقيين. وقال القيادي في الحركة، مهدي الكعبي، إن "على العراق أن يتأنى في موقفه في التطبيع مع السلطة في سوريا، غير المعترف بها دوليا، فكيف نحن نطبع معها؟"، مضيفاً أن "الدفع باتجاه دعم الوضع الحالي في سوريا قد تقف وراءه مصالح من تركيا أو أميركا". ويدعو القيادي إلى احترام وصون دماء الشهداء الذين دافعوا من أجل الوطن والذين سقطوا إرهابيي جبهة النصرة والقاعدة وداعش والسلطة الحالية، هي جزء من هذه المنظومة المتطرّفة".
بينما المحلل السياسي علي الطويل يقول، إن "اعتراف الحكومة العراقية بشرعية الجولاني قد يتحول إلى "عرف دبلوماسي"، يغض النظر عن المذكرات القضائية الصادرة بحقه، لا سيما أن العراق بدأ يتعامل مع سوريا كـ"حكومة أمر واقع".
ويضيف، إن "هذا لا يلغي الأبعاد القانونية المرتبطة بالجولاني، إذ لا تزال مذكرات القبض بحقه سارية"، لافتاً إلى أن " هناك رأياً عاماً رافضاً بشدة لفكرة تواجد الجولاني على الأراضي العراقية، وأن حضوره قد يثير استياء واسعاً على الحكومة العراقية".
ويتابع الطويل بأن "إصرار الحكومة على دعوة الجولاني قد يؤدي إلى ردود فعل شعبية مناهضة لها، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، وهو ما قد يؤثر سلباً على شعبية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي أعلن نيته الترشح، معتبراً "هذه الخطوة تفتقر إلى الحكمة السياسية".
ويُعد أبو محمد الجولاني من أبرز قادة التنظيمات الإرهابية التي تسببت بسفك دماء آلاف العراقيين والسوريين، إذ ارتبط اسمه بتنفيذ هجمات دامية وعمليات إبادة جماعية خلال السنوات التي أعقبت احتلال تنظيم داعش لأجزاء واسعة من العراق وسوريا. ورغم محاولاته التجمّل بمظهر سياسي، لا يزال يحمل فكراً متطرفاً يشكل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي.
ويرى المحلل السياسي إبراهيم السراج، أن قيام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بدعوة الجولاني الى بغداد تمثل براءة ذمة من جرائم هذه الشخصية الإرهابية واستهانة بدماء العراقيين. وقال السراج إن "رئيس النظام السوري أبو محمد الجولاني مطلوب للقضاء العراقي على خلفية جرائم إرهابية ارتكبها بحق العراقيين، وبالتالي فأن سجله الإرهابي لا يدفع باتجاه توجيه دعوة له للحضور الى بغداد للمشاركة بأعمال القمة العربية في أيار المقبل".
ويكمل، إن "الحكومة الاتحادية كان يفترض بها ان لا توجه دعوة للجولاني، حيث ان دعوة هذه الشخصية للحضور الى بغداد تمثل استهانة بدماء العراقيين، خصوصا ان الجولاني شارك ودعم الإرهاب في العراق وتعامل مع الشعب وفق المنطق السلفي الإرهابي". ويبين ان "الحكومة العراقية ارتكبت خطأ كبير بدعوة الجولاني الى بغداد، وهذا الاجراء غير صحيح واسترخاص لدماء العراقيين والشهداء والمضحين، وبالتالي فأن دعوته للقمة العربية بمثابة اعلان براءة ذمة من جرائمه التي ارتكبها في العراق".
وفي وقت سابق، دعا السفير السوري السابق لدى بغداد، نواف الفارس، الرئيس السوري أحمد الشرع، إلى إعادة النظر في "نيّة الذهاب إلى بغداد" لحضور القمّة العربية. وقال الفارس في تدوينة تابعتها "انفوبلس"، "نصيحة إلى الرئيس أحمد الشرع، يُشاع أنكم تنوون الذهاب إلى بغداد لحضور القمة العربية، ولكن التاريخ علّمنا الكثير، نتمنى عليكم إعادة النظر في هذا القرار". وأضاف الفارس في تدوينته، "بعض المحافل ليست مجرد مناسبات دبلوماسية، بل ساحات تختزن دروساً لا ينبغي نسيانها".
وعمومًا، فإن قدوم "الجولاني" الى العراق في أيار المقبل، يعني أنه سيدخل العراق "رئيسًا" بعد أن غادره "مقاتلا إرهابيا ملاحقا" قبل 14 عاما، ومن المتوقع أن تشهد الأجواء الداخلية السياسية في العراق تضاربا واختلافا كبيرا نتيجة وجود "عدم رضا سياسي" وقد يقود الى تحشيد شعبي ربما لمعارضة مجيء الجولاني.
كما من المتوقع أن تكون بغداد "ملغومة أمنيًا" في أيار المقبل مع انعقاد القمة في حال جاء الجولاني بالفعل الى بغداد، حيث من المتوقع أن تشهد بغداد إجراءات أمنية احترازية مشددة جدا ولم تشهد منذ سنوات، خوفا من أي عمليات خرق أمني او استهداف للجولاني، او على الخروج بتظاهرات شعبية على شارع مطار بغداد مثلا رفضا لمجيئه.