آل الرميض وآل عمر يشعلون ذي قار من جديد.. انتهاء الهدنة يجدد المعركة ومدير الاستخبارات يسقط ضحية للصراع.. عام كامل على حرب العشيرتين تعرف على تفاصيله
انفوبلس..
انتهت الهدنة، وعاد النزاع الأزلي بين عشائر آل رميض وآل عمر في قضاء الإصلاح بمحافظة ذي قار، حيث يقترب هذا النزاع من إكمال عام كامل دون الوصول إلى حل نهائي، حتى إنه استدعى تدخل المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف دون جدوى وسقط ضحيته في هذه المرة العميد عزيز شلال مدير استخبارات ذي قار، مع وجود دور سلبي واضح لمواقع التواصل الاجتماعي حيث يدفع أغلب المتفاعلين مع النزاع باتجاه استمراره أو يتناولون الموضوع بسخرية دون إدراك حجم ما يجري في القضاء.
نزاع عشائر آل رميض وآل عمر، في نيسان من العام الماضي 2023، أي إن النزاع أصبح عمره قرابة العام، وفي حينها تسبب النزاع العشائري بمقتل وإصابة 14 شخصا بين العشيرتين.
وفي شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلنت العشيرتان الاستجابة لمبادرة المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، لفض النزاع المستمر بين العشيرتين، بعد أن قام المرجع الأعلى بإرسال وفد الى العشيرتين.
لكن مساء أمس الاحد، عاد النزاع العشائري للاندلاع مجددا وباستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ما أدى لحرق بعض المنازل، وكذلك إصابة 10 أشخاص بينهم 6 من القوات الأمنية، فضلا عن استشهاد مدير استخبارات مكافحة إرهاب ذي قار العميد عزيز الشامي خلال دخوله القرى في محاولة لفض النزاع والسيطرة على الوضع الأمني.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتسبب بها نزاع آل رميض وآل عمر، بمقتل وإصابة رجال أمن وضباط وعناصر من الشرطة، بل غالبا ما يتم سقوط عدد من القوات الأمنية في هذا النزاع.
من جانبها، أكدت وزارة الداخلية وفي بيان نعت من خلاله مدير استخبارات ذي قار، أن "مَن ارتكب هذا العمل الإرهابي الإجرامي لن يفلت من العقاب وسيكون تحت طائلة القانون".
وأظهرت مشاهد مصورة نشوب معارك ضارية وإطلاق نار كثيف من قبل فرق التدخل السريع خلال محاولة اقتحام إحدى قرى قضاء الإصلاح لاعتقال المتسببين بالنزاع والمتهمين بمقتل مدير استخبارات ذي قار، فيما تشير المصادر الأمنية الى اعتقال نحو 14 شخصا ومصادرة العديد من الأسلحة حتى الآن.
وفي صباح اليوم، أفاد مصدر أمني بوصول أرتال كبيرة من مختلف أصناف الشرطة الاتحادية بمدخل قضاء الإصلاح في محافظة ذي قار، جنوبي العراق.
كما دخلت قوة من "التدخل السريع" إلى القضاء، فجر اليوم، بغرض فض النزاع العشائري الكبير الذي اندلع بالمحافظة وأسفر عن ضحايا بينهم قائد عسكري كبير.
وأخبر المصدر بأن القوة خاضت معارك خلال فضها النزاع العشائري، وتمكنت من اعتقال 14 متورطا بالنزاع.
كما بين المصدر، أن القوة تمكنت أيضا من الاستيلاء على أكثر من 20 قطعة سلاح وعتاد متنوع، مؤكدا أن الحملة مازالت مستمرة.
بدورها أعلنت شرطة ذي قار، فجر الاثنين، القبض على أعداد من المتورطين بالنزاع العشائري في الإصلاح.
وقالت في بيان إن قيادة شرطة ذي قار وبإشراف قائد شرطة المحافظة اللواء مكي شناع الخيكَاني نفذت عمليات أمنية مشددة ومداهمات في قضاء الإصلاح على خلفية نزاع عشائري تسبب بمقتل مدير الاستخبارات .
وبينت أنه تم ضرب اطواق امنية وتنفيذ عمليات دهم وتفتيش واعتقال جميع المظاهر المسلحة، موضحة أن القوات الأمنية لا زالت تتبع جميع المتورطين بهذه الجريمة بهدف تقديمهم للقضاء العادل .
وبينت شرطة ذي قار، أن قواتها تواصل فرض سيطرتها على محل الحادث وتجري عمليات الدهم والتفتيش بحثا عن العناصر المسلحة، مشيرة إلى اعتقال أعداد من المشاركين بالنزاع العشائري وإحالتهم إلى التحقيق واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وفي تشرين الأول الماضي، حذّر أهالي ووجهاء قضاء الإصلاح شرق الناصرية من مخاطر تجدد النزاعات العشائرية في القضاء المذكور، وفيما أشارت مجريات الأحداث إلى أعمال حرق وقتل واغتيال، لجأت السلطات الحكومية والأمنية إلى الاستعانة بشيوخ العشائر للتهدئة وأخذ "العطوة".
يأتي ذلك إثر تجدد نزاع عشائري عنيف بين عشيرتي الرميّض والعمر في قضاء الإصلاح (45 كم شرق الناصرية) استُخدمت فيه الأطراف المتنازعة مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ما أسفر عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 3 أشخاص من طرفي النزاع، فيما قام مجهولون بحرق أحد المنازل واغتيال عنصر شرطة على خلفية النزاع المذكور.
ودعا عدد من وجهاء قضاء الإصلاح رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى التدخل لفض النزاع العشائري. وأوضحوا في بيان، أن "النزاع العشائري بين عشيرتي العمر والرميض اندلع منذ عدة أشهر وأسفر عن عشرات القتلى والجرحى". وأضاف البيان، "لقد تجدد النزاع وجرت معركة في القضاء قبل بضعة أيام استُخدمت فيها أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الثقيلة والمسيرات".
وأفاد البيان، أن "قضاء الإصلاح الذي يسكنه أكثر من خمسين ألف نسمة بينهم نساء وأطفال يعيش حالة رعب في كل ليلة". واسترسل، أن "العام الدراسي قد بدأ وأن القضاء يستعد حالياً لمعركة تتجمع فيها كل أنواع الأسلحة، وبدلا من أن يتواجد الشباب على مقاعد الدراسة والتعليم، فإنهم يتواجدون على السواتر للقتال والقتل".
وتحدث البيان عن عجز الحكومة المحلية والقوات الأمنية في مواجهة النزاعات العشائرية، مبينا أن "الحكومة وأجهزتها في القضاء وجودها شكلي ولا أثر له كون القائممقام جزءا من المشكلة، وقضاء الإصلاح دون حكومة محلية منذ أشهر".
وأوضح الوجهاء في بيانهم، أنه "تتواجد قوات أمنية في قضاء الإصلاح لكن لا حول لها ولا قوة وهي متفرجة على ما يجري ولا تستطيع فرض نفسها فضلاً عن فرض القانون".
وخلُص البيان إلى، أن "قضاء الإصلاح وسكانه أمام كارثة قادمة إذا لم تتحرك الحكومة بقوة وتفرض القانون على الجميع لعودة الحياة المفقودة منذ أشهر، وإلقاء القبض على المجرمين بلا مجاملات، ومنع السلاح المنتشر في الشوارع والقرى والبيوت".
وتحدث شهود عن انتشار مسلحين في محيط قضاء الإصلاح وقيام البعض منهم بنصب سيطرات على الطرق الخارجية لاستهداف خصومهم والنيل منهم بأعمال انتقامية وهو ما استدعى أخذ الحيطة والحذر من كلا الجانبين أثناء تنقلاتهم عبر الطرق المذكورة.
بدوره، أكد أحد أطراف النزاع من عشيرة العمر ذلك ووصف الوضع بالخطر، وأوضح عضو مجلس محافظة ذي قار السابق جميل يوسف شبيب العمر في رسالة موجهة إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.
وذكر العمر في رسالته 6 نقاط، جاء فيها:
أولا: لا يخفى على سيادتكم الاعتداء الذي حصل بتاريخ 13/4/2023 من قبل عشيرة الرميض على عشيرة العمر وذلك بسبب منصب القائممقام والذي هو أحد أبنائهم حيث راح ضحية هذا الاعتداء أربعة أشخاص وجرح عشرة آخرین.
ثانيا: بعد تدخلكم المباشر وإرسالكم الوفد برئاسة الشيخ محمد عباس العريبي تم أخذ العطاوى الرسمية حسب العُرف العشائري السائد.
ثالثا: بتاريخ 26/9/2023 بحضور شيوخ عشائر آل جويبر وشيخ عشيرة آل بوشامه وشيخ عشيرة آل زيرج وشيخ عشيرة آل إبراهيم وشيخ عشيرة الخليوي وشيخ عشيرة النصر الله وبعض الوجهاء والسادة تمت مشاهدة الجرحى وتحديد أضرار كل منهم من قبل اللجنة وكذلك تم تحديد أضرار السيارات وتم الاتفاق إلى معالجة ذلك خلال هذه العطوة التي تنتهي يوم 5/10/2023.
رابعا: تم توجه الوفد من عشيرة العمر الى عشيرة الرميض الساعة الخامسة مساءً من اليوم نفسه وأعلموهم بالنتائج التي توصلت لها اللجنة ولكن مع الأسف أن عشيرة الرميض رفضوا قرارات اللجنة المخولة والقائمة بالصُّلح بأن العطوة التي تنتهي بتاريخ 5/10/2023 منفيّة وقد أُبلغنا من قبل الوفد بأن العطوة نُفيت من قبل عشيرة الرميض علما أن الوفد كان غير مرحّب بخطوة نفي العطوة.
خامسا: بتاريخ 26/9/2023 وفي تمام الساعة 10:15 مساء حصل اعتداء من قبل عشيرة الرميض على عشيرة العمر وبالأسلحة كافة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة ولم يتوقف القتال .
سادسا: بتاريخ 27/9/2023 وفي تمام الساعة 11:00 صباحا وبجهود قائد شرطة ذي قار وسادة ومعظم شيوخ المحافظة تم إيقاف النزاع وتثبيت عطوة ( 5 ) أيام وقد أُزهقت أرواح عديدة ورُوِّعت العوائل بسبب الأسلحة الثقيلة المستخدمة من قبل المهاجمين.
وتابع، "الوضع الحالي ينذر بالخطر وهنالك سيطرات وهميه تنصب بالشوارع الرابطة مع مركز المحافظة وبعجلات غير مرقمة يستقلها مسلحون من قبل عشيرة الرميض وأخرى تجوب مركز المحافظة من أجل الاغتيالات، وكذلك عجلات حكومية تابعة لهيئة الحشد الشعبي وأخرى لدوائر رسمية افرادها من عشيرة الرميض تُستغل لهذه الأعمال".
وأضاف، "دولة الرئيس منذ اليوم الأول وعند اتصال سيادتكم شخصيا معنا مشكورا أوعدتكم بأن أكون مع القانون ولتطبيق القانون ولازلت على ذلك. الوضع متوتر جدا والطرق الرابطة بين مركز المحافظة والأقضية غير سالكة أمنيا رغم الجهود الأمنية من قبل قائد شرطة ذي قار.
وكان ظهر يوم الخميس 13 أبريل/نيسان 2023 ساخنا في قضاء الإصلاح شرق مدينة الناصرية في محافظة ذي قار، حينما اندلع نزاع مسلح بين عشيرتين إثر تراكمات ومناكفات طويلة على مدى الأشهر الثمان الماضية، لتتفجر الخلافات مجددا بعد اتهام قائممقام الإصلاح أحمد الرميض باغتيال ضابط الأمن الوطني عبد المهدي جميل والمنتسب نائل ثامر.
القصة بدأت حينما خرج أهالي قضاء الإصلاح إلى الشوارع مطالبين بتوفير المياه، حيث تعاني المدينة من أزمة مائية قاسية، وطالبوا بتوفير مياه الشرب والخدمات وإقالة "القائممقام"، وعلى إثر ذلك اشتد الخلاف بين المتظاهرين والقائممقام، ليتحول إلى أعمال شغب ومصادمات بين قوات الأمن والمتظاهرين، وفق ما يؤكده علي محمد وهو شاهد عيان من قضاء الإصلاح.
ووفق محمد، كانت نتيجة المصادمات، إصابة بعض المتظاهرين واعتقال أكثر من 15 متظاهرا وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، لتستمر الاحتجاجات لأكثر من 3 أيام، وبعد الإفراج عن المعتقلين عاد الهدوء للمدينة، واتفق شيوخ العشائر ووجهاء المدينة على أن يبقى القائممقام في منصبه مدة 6 أشهر ومن ثم يقدم استقالته.
أما عن النزاع المسلح، فقد انطلقت شرارته بعد أن كتب أحد الشباب من أقرباء القائممقام منشورا على فيسبوك يمتدحه فيه، ليرد عليه أحد المعلقين بطريقة سلبية، ثم تطور الوضع ليذهب الشاب الى محل إقامة الشخص المعلق ويطلق عليه النار.
ووفق شاهد العيان، فإن عشيرة الشخص المعلق أقدمت بعد ذلك على إطلاق النار على شخص آخر من عشيرة صاحب المنشور، ليتحول قضاء الإصلاح إلى ساحة حرب طاحنة، حيث صار القتل على الهوية ووفق الانتماء العشائري.
من جانبه، يقول المواطن علي سامي من أهالي قضاء الإصلاح "إن النزاع بدأ من الساعة العاشرة صباحا وحتى الساعة الثالثة ظهرا من يوم الخميس، لتتحول أجواء المدينة إلى حرب شوارع، ولم نتمكن من الخروج من المنازل مطلقا، وكان أحد وجهاء المدينة قد حاول التواصل مع الطرفين لإيقاف النزاع لكنه لم يتمكن من ذلك".
وخلال وجيه المدينة المذكور أعلاه للعشيرة الأخرى، كان نجله الأكبر عبد المهدي جميل -وهو ضابط بجهاز الأمن الوطني- قد لحق بأبيه للمشاركة في إيقاف المشكلة، لكن العشيرة الأخرى كانت قد نصبت للضابط كمينا وسط الشارع، حيث أمطروه بالرصاص ليسقط قتيلا أمام الناس، مما دفع عشيرة الضابط القتيل للاستنفار والدخول في مواجهة مباشرة مع العشيرة الأخرى، وفق ما يؤكده سامي.
وبعد أشهر من اغتيال الضابط جميل، ذكر مصدر في محكمة جنايات ذي قار للوكالة الرسمية، أن مذكرتي اعتقال وفق المادة ٤٠٦ صدرت بحق قائمقام قضاء الإصلاح والمرشح ضمن انتخابات مجلس محافظة ذي قار احمد ناظم بدر آل رميض.
وقال المصدر، إن مذكرة الاعتقال الأولى صدرت عن قاضي تحقيق الإصلاح عن جريمة مقتل ضابط الأمن الوطني عبد المهدي جميل العمري والمذكرة الثانية من محكمة تحقيق الناصرية عن جريمة مقتل منتسب الشرطة نائل ثامر العمري.
وعلى إثر المصادمات المسلحة، سقط 4 قتلى وأكثر من 10 من الجرحى، في حين اعتقلت القوات الأمنية أكثر من 12 من المتسببين بإثارة النزاع دون أن تنتهي القصة، وفق ما أعلنته القوات الأمنية.
في السياق، أفاد مصدر أمني من محافظة ذي قار للجزيرة نت بأن 5 أفواج من الشرطة الاتحادية والمحلية والجيش تحركت تجاه قضاء الإصلاح للسيطرة على الأوضاع، إضافة لقوة من جهاز مكافحة الإرهاب.
وأكد المصدر أنه في ساعة متأخرة من الليل، كانت العشائر المتقاتلة قد أغلقت الطرق الرئيسية والفرعية داخل قضاء الإصلاح، حيث تحصنت كل عشيرة واستحدثت بعض الخنادق، كما أن أوامر قبض قضائية صدرت بحق 4 من شيوخ العشيرتين لاعتقالهم من أجل إنهاء التوتر بين جميع الأطراف.
وبعد فشل الجميع في التوسط بين العشيرتين لإنهاء الازمة، أرسل المرجع الديني السيد علي السيستاني، مبعوثاً خاصاً للتدخل في حل النزاع العشائري.
ونقل الوفد عن السيد السيستاني قوله في رسالة لعشيرتي آل عمر والرميض على خلفية الأحداث الاخيرة "بعثت إليكم رسولي الخاص العلامة السيد محمد حسين العميدي لبذل المساعي الجليلة في صدد احتواء الازمة بين الطرفين".
وأضاف المرجع الأعلى "المأمول من الطرفين الاستجابة لرسولنا الخاص، ووضع حد نهائي للأزمة المفتوحة".
وقبل معركة العام، اندلع آخر نزاع بين العشيرتين في 27 أيلول/ سبتمبر من عام 2022، كما أبلغ مصدر أمني شبكة انفوبلس، مبيناً أن "العطوة العشائرية (الهدنة) بين عشيرتي (آل عمر والرميض) الذين يسكنان قضاء الإصلاح شرقي ذي قار، انتفت من قبل عشيرة الرميض مما أدى إلى تجدد الاشتباك بين الطرفين على خلفية خلاف سابق حصل بين الطرفين في رمضان قبل الماضي، فيما احتشد العشرات من المسلحين من الطرفين بمواضع عسكرية خارج مركز المدينة".
وتابع المصدر، أن "قوات أمنية كبيرة من الجيش والشرطة وصلت للإصلاح لفرض السيطرة على تجدد النزاع، واعتقال مثيريه".
وأشار المصدر، إلى أن "هناك أيادٍ سياسية كبيرة تضغط باتجاه افتعال الأزمة بين الطرفين، تمثلت بامتناع المحافظ عن إصدار أمر للقائممقام الجديد بتولي إدارة القضاء خلفاً للقائمقام السابق، احمد الرميض".