العراق ما بعد دعوة أوجلان.. هل تنسحب تركيا من الشمال؟

انفوبلس/ تقارير
انتفت المبررات ولا أعذار متبقية، التوغل غير مسموح بعدالآن، وحزب العمال لم يعد ذريعة للبقاء، دعوة أوجلان أعادت ترتيب الأوراق والتساؤلات: ماذا تفعل تركيا في العراق بعد الآن؟ يتساءل الجميع ويضعون السيناريوهات المقبلة، لكن ثمة أزمة جديدة، هل تعرقل الاتفاقية الأمنية بين بغداد وأنقرة الانسحاب التركي؟ انفوبلس وتقرير جديد يكشف مرحلة "عراق ما بعد دعوة أوجلان".
لا مبرر عسكريا للبقاء
بالحديث عن هذا الملف، فقد أكدت جهات سياسية، غياب المبرر للوجود العسكري التركي في شمال العراق بعد دعوة أوجلان، لمقاتلي حزبه بوقف القتال والمضي في عملية سياسية سلمية مع أنقرة.
وقال القيادي في الإطار التنسيقي عصام شاكر في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "دعوة أوجلان لمقاتلي حزبه بإلقاء السلاح والمضي في عملية سياسية سلمية مع أنقرة لوضع حد للاضطرابات وأعمال العنف التي استمرت لأكثر من أربعة عقود هي خطوة سيؤدي قرارها إلى تصويب هذه الإشكالية وإنهاء حالة عدم الاستقرار التي عانت منها تركيا بشكل عام والمناطق والدول المجاورة لها خاصة، وأن نشاط حزب العمال لم يقتصر على تركيا بل امتد إلى العراق ومناطق من سوريا خلال العقود الماضية".
وأضاف، إنه "بعد قبول قيادات حزب العمال الكردستاني بوقف إطلاق النار، لم يعد هناك أي مبرر لوجود القوات التركية في أكثر من 80 موقعًا عسكريًا في مناطق شمال العراق، خاصة في محافظات إقليم كردستان، وبالتالي حان الوقت لكي يتحرك العراق مطالبًا أنقرة بسحب تلك القوات والعودة إلى قواعدها".
على بغداد التحرك
وأكد القيادي في الإطار التنسيقي، إن "وجود تلك القوات لسنوات طويلة كان تحت ذريعة مواجهة خطر حزب العمال الكردستاني، لكن الآن قرر الحزب إلقاء السلاح والانخراط في مفاوضات سلام مع السلطات التركية، وبالتالي هذه الإشكالية الداخلية التي تخص تركيا يجب أن يكون لها ارتدادات على العراق باعتباره بلدًا ذا سيادة".
وأشار إلى "أهمية أن تأخذ بغداد بعين الاعتبار ضرورة إخلاء القواعد التركية التي أُنشئت في السنوات الماضية، سواء في بعشيقة وغيرها، مؤكدا أنه لا يوجد أي مبرر قانوني أو شرعي لوجود تلك القوات بعد حل الإشكالية مع حزب العمال".
وختم شاكر حديثه، إن "الدستور العراقي واضح في منع وجود أي تكتلات أو جماعات مسلحة على الأراضي العراقية، وبالتالي يجب على بغداد التحرك للمطالبة بسحب القوات التركية من البلاد".
دعوة نيابية لتحرك الحكومة
من جهتها، دعت لجنة الامن والدفاع البرلمانية، الحكومة العراقية الى التحرك العاجل من أجل إنهاء الوجود التركي العسكري في شمال البلاد.
وقال عضو اللجنة علاوي البنداوي في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "الحكومة العراقية عليها التحرك العاجل من أجل إنهاء الوجود التركي العسكري في العراق، خاصة بعد وقف إطلاق النار من قبل حزب العمال الكردستاني، الذي كان تتحجج به أنقرة بهذا التوغل المرفوض داخل الأراضي العراقية".
وبين البنداوي، إن "تركيا ليس لديها أي حجج واعذار بعد الان من اجل وجودها غير القانوني وغير الشرعي في شمال العراق، ولهذا يجب انهاء هذا الوجود بشكل عاجل، كونه ينتهك سيادة العراق ويعرض امنه القومي للمخاطر".
مذكرة التفاهم الأمنية.. عقبة جديدة لخروج القوات التركية
رغم دعوة أوجلان وانتفاء المبرر للبقاء التركي، ثم عائق آخر لخروج القوات التركية من شمال العراق جاء على لسان النائب ياسر الحسيني.
وقال الحسيني في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "مذكرة التفاهم الأمنية التي وقعتها الحكومة العراقية مع الجانب التركي تعزز بقاء القوات التركية على الأراضي العراقية"، مشيرًا إلى أن "انسحاب هذه القوات بالكامل بات أمرًا صعبًا للغاية".
وأضاف، إن "تركيا تطمح إلى توسيع نطاق وجودها العسكري في العراق، ليشمل مناطق أوسع تمتد إلى الموصل وكركوك وربما حتى بعض مناطق صلاح الدين".
وتابع، "بعد إعلان زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، أصبح هذا التواجد غير مبرر، إلا أن هذه الاتفاقية ستجعل من الصعب إخراج أي قوات تركية من الشمال"، موضحًا أن "هذه المذكرة تعزز الحماية للعناصر الأمنية التركية أكثر مما تدعم حقوق الشعب العراقي".
وختم الياسري تصريحه بالتأكيد على "ضرورة إعادة النظر في هذه المذكرة، والعمل على حماية السيادة العراقية وحقوق المواطنين من أي تداعيات ناجمة عن العمليات العسكرية التي تنفذها القوات التركية داخل الأراضي العراقية".
سيناريوهان للخروج التركي – شرح كردي
إلى ذلك، يرى العضو السابق في برلمان كردستان عبد السلام برواري، أن تنوع أسماء حزب العمال الكردستاني خارج تركيا، قد يبقي التواجد التركي في شمال العراق، مما يعطي مبررا لتوسيع أنقرة هجماتها.
وقال برواري في تصريح تابعته شبكة انفوبلس، إن “صدور نداء أوجلان هو أمر إيجابي بحد ذاته، وتم استقبال البيان بإيجابية من تركيا وقيادة حزب العمال وكذلك دولياً، لكن هذا يشترط تحقيقه أن يتحول نداء أوجلان إلى واقع حقيقي”.
وأضاف: “أي إن كل تنظيمات حزب العمال والقوى المسلحة التي لها عناوين مختلفة لكنها في الحقيقة تابعة لحزب العمال، إذا التزمت وحل الحزب نفسه، وقدمت تركيا خطوات إيجابية عبر برنامج لاستيعاب عناصر الحزب وكيفية التعامل مع القيادات المسلحة والكوادر والأعضاء المعتقلين لديها، حينها ستكون هناك آثاراً إيجابية على إقليم كردستان”.
وتابع: “وكذلك انسحاب القوات التركية لانتفاء المبرر لتواجدها في إقليم كردستان، ما سيصب في مصلحة أمن واستقرار الإقليم، ويفتح المجال لتقديم الخدمات لتلك المناطق التي احتلها حزب العمال منذ عام 1992 ومنعه وصول البناء والإعمار إليها، وكذلك سيؤدي إلى زوال التهديدات من تركيا".
وتحدث برواري عن سيناريوهين لانسحاب القوات التركية من الشمال قائلا: إن "ما نخشاه هو التوصل مع الحكومة التركية إلى صيغة معينة تظهر أن حزب العمال حل نفسه داخل تركيا وتخلى عن الكفاح المسلح، وسيستند في العمل مستقبلاً على المؤسسات الديمقراطية كما دعا لذلك أوجلان”.
وأكمل، ”وربما يبقى حزب العمال خارج تركيا المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية في سوريا والوحدات المسلحة في سنجار والوحدات المستقلة في الإقليم وعلى الحدود في زاخو، بحجة أنهم ليسوا حزب العمال، كون لديهم تسميات أخرى، ففي سنجار وحدات حماية الإيزيدية، وفي السليمانية وكلار حزب الحرية وغير ذلك”.
وأوضح: “في حال بقيت هذه الجماعات المسلحة داخل الأراضي العراقية فهي ستعطي مبرراً للتواجد التركي ولهجماته، ما سيؤدي إلى عدم تغير العلاقة بين تركيا والعراق في ما يخص هذا الموضوع، ويبقى الأمر يعتمد على موقف إيران، لأن التنظيمات خارج تركيا لديها علاقة جيدة مع إيران أو مع الجهات المتعاطفة معها”.
وتوقع برواري، إن “السيناريو الثاني (الأسوأ) هو الأرجح للمرحلة المقبلة" بحسب قوله.
مطالبات بعقد جلسة بـ3 أبعاد
تحرك العراق فعليا لتطبيق دعوة أوجلان على أرض الواقع وانهاء الوجود التركي في الشمال، إذ قال مستشار رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، مصطفى عجيل، إن “رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية طالب بعقد جلسة تصدر قرارا يتضمن ثلاثة أبعاد هي دعوة حكومة بغداد للضغط على أنقرة من أجل إغلاق القواعد والثكنات العسكرية التركية في العراق، وبدء الانسحاب منها، بالإضافة إلى منع أي نشاط لحزب العمال الكردستاني ومسلحيه، وضمان إعادة انتشار القوات العراقية ومسك الأرض”.
وأضاف عجيل، إن “الدستور العراقي واضح في منع نشاط أي جماعات مسلحة بغض النظر عن تسمياتها داخل حدود العراق، واستخدام أرض العراق كنقطة انطلاق لأعمالها. وبالتالي، وجود حزب العمال الكردستاني في العراق غير قانوني وغير مشروع. كما أن وجود القوات التركية لا يحمل أي ذريعة قانونية”.
وأكد مستشار رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية أن “اللجنة الأمنية ستدعو إلى عقد جلسة بهذا الخصوص من أجل المضي قدمًا في التصويت على هذه القرارات، لأنها تصب في صالح الأمن والاستقرار”. وأضاف أن “بعد دعوة أوجلان، لم يعد هناك مبرر لوجود القوات التركية في العراق، والتي كانت تبرر توغلاتها وعمليات القصف بأنها تواجه تنظيمًا مسلحًا انفصاليًا. وبالتالي، باتت الأمور أكثر وضوحًا، وحان الوقت لبغداد للقيام بآليات مسك الأرض وضمان أمن الحدود بين العراق وتركيا”.
وبيّن، إن “عبد الله أوجلان، رئيس حزب العمال الكردستاني، أصدر مؤخرا خطابا تضمن دعوة لوقف القتال والانخراط في عملية سياسية داخل تركيا. هذا الحزب يمتلك جناحًا مسلحًا يتخذ من بعض المناطق العراقية نقطة انطلاق لهجماته، مما دفع أنقرة لاستخدام ذلك كذريعة للتوغل في شمال العراق، خصوصًا في محافظات إقليم كردستان، وإنشاء الحواجز ونقاط المرابطة، وصولًا إلى القواعد العسكرية التي وصلت إلى شمال الموصل في السنوات الأخيرة”.
هل تدخل أميركا كوسيط؟
في النهاية، يؤكد السياسي المستقل عائد الهلالي، أن "اوجلان ومنذ اعتقاله في تسعينات القرن الماضي فقد وضع تحت الإقامة الجبرية في تركيا، ولكنه لم يفقد منصبه ومكانته ويعتبر المرجع الأول لحزب العمال، وقد وردت معلومات قبل فترة انه ينوي القاء السلاح والتوجه للعمل السياسي".
ويضيف، أن "حزب العمال ومنذ خمسينات القرن الماضي يتواجد في المنطقة ويعتبر الممثل الشرعي للكرد في تركيا، وبالتالي فأن عملية سحب السلاح يجب ان تقابلها تنازلات من الحكومة التركية وإعطاء حقوق الشعب الكردي".
ويوضح الهلالي، أن "المعطيات الراهنة تؤكد ان هناك تسوية، وقد وردت معلومات قبل 6 اشهر تفيد بوجود تسوية بين حزب العمال الكردستاني والجانب التركي، وقد يدخل اللاعب الأمريكي كوسيط في هذا الموضوع، خصوصا ان تداعيات ماحصل في المنطقة سيكون لها إسقاطاتها على حزب العمال من حيث إلقاء السلاح".