خلافات وصراعات قانونية تعصف باتحاد الكرة العراقي وتفتح باب الانقلاب الإداري

معركة قانونية داخل الاتحاد
انفوبلس..
شهد الأسبوع الماضي في العاصمة بغداد تصاعد التوترات داخل أسوار اتحاد الكرة العراقي بعدما تقدم عضوان بارزان في مجلس الاتحاد، النائب غالب الزاملي وكوفند عبد الخالق مسعود، بشكوى رسمية خطية ضد الهيئة أمام مقر مركز التسوية والتحكيم الرياضي.
وحسب مصادر مطلعة، ضم الملف قضايا عدة تتعلق بـ"جميع الخروق القانونية" المنسوبة للاتحاد العراقي لكرة القدم الذي يقوده عدنان درجال، مستنداً إلى بنود النظام الأساسي واللوائح المنظمة للعمل الإداري، وتضمن الطلب الصريح حل الهيئة الحالية تمهيداً لإعادة هيكلة إدارية شاملة ترمي إلى استعادة الثقة بين الأندية ومجلس الاتحاد بعد أشهر من الخلافات المستمرة.
وأثارت هذه الخطوة سجالاً واسعاً في الأوساط الرياضية الوطنية حول مصير إدارة الكرة العراقية ومستقبل الفعاليات المحلية، وأوضحت المصادر المطلعة أنّ الشكوى لا تتوقف عند مجرد تسجيل الوقائع، بل تشمل طلباً بإلغاء كل القرارات الصادرة عن المكتب التنفيذي خلال الأشهر الماضية لوجود "خروقات إجرائية" في تشكيل اللجان.
وفي أول تعليق علني له، نشر كوفند عبد الخالق عبر حسابه على "انستغرام" عبارة مقتضبة جاءت فيها: "لا حل إلا بالحل!!" في إشارة واضحة إلى عزمه على المضي قدماً حتى تحقيق هدفه.
تأتي هذه الخطوة في ظل توقعات بأن يصدر مركز التسوية والتحكيم الرياضي قراره بحل الاتحاد العراقي لكرة القدم خلال الأسبوع المقبل، وتشكيل هيئة مؤقتة لقيادته لحين إجراء انتخابات جديدة.
واستدعى الأمر مخاوف من "انقلاب نيسان"، وهو مصطلح إعلامي ظهر عبر تقرير برنامج "الكأس مع علي نوري" في إشارة إلى محاولة للضغط على القيادة الحالية للاستقالة تحت ضغوط قانونية وتنظيمية.
يرى خبراء أن حل الاتحاد وإقامة هيئة مؤقتة قد يعيد رسم خارطة السلطة داخل أروقة الكرة العراقية، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في سبتمبر/أيلول المقبل.
ويشير الخبير القانوني أسامة عدنان إلى أن النظام الأساسي للاتحاد، الصادر عام 2021، يحدد بوضوح الحالات التي يُباح فيها اتخاذ إجراءات التجميد أو الحل في حال ثبوت مخالفات جسيمة للنظام واللوائح.
الإمكانية القانونية لحل الإتحاد
وحول الإمكانية القانونية لحل الاتحاد العراقي، أكد الخبير القانوني المختص بالشأن الرياضي أسامة عدنان أن حل اتحاد كرة القدم العراقي سيكون قانونياً.
وأضاف عدنان، في تصريحات صحفية، الخميس: "إن النظام الأساسي للاتحاد، الصادر عام 2021، يُحدد الحالات التي يمكن فيها اتخاذ إجراءات، مثل التجميد والإيقاف أو الحل، من خلال الجمعية العمومية فقط، وبآليات دقيقة وواضحة".
وتابع، انه "في حال وجود مخالفات جسيمة ومستمرة للنظام الأساسي، مثل عدم تشكيل اللجان القضائية بصورة مستقلة، والمخالفات المالية المثبتة بتقارير ديوان الرقابة، وتغييب دور الجمعية العمومية، أو المساس بمبدأ التمثيل العادل للأعضاء، فإن هذه الأمور قد تُشكل أسباباً قانونية كافية لاتخاذ قرار الحل أو إعادة الهيكلة، شريطة أن يتم ذلك من خلال الجمعية العمومية وبما يتماشى مع لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، والتي تُحذر من التدخل الحكومي المباشر، لكنها في الوقت ذاته تحمي نزاهة وشرعية المؤسسات الرياضية".
ومن المقرر أن تعقد الهيئة العامة للاتحاد العراقي اجتماعاً، بعد يوم غد، ستتم خلاله المصادقة على التقريرين المالي والاداري، من خلال تصويت الأعضاء الذين سيحضرون الاجتماع.
انقسامات في الاتحاد وتراجع في المنتخب
ويواجه الاتحاد العراقي لكرة القدم تحديًا جديدًا، يتمثل بإمكانية عقد اجتماع الهيئة العامة وسط صراعات وغيابات متوقعة لعدد من ممثلي الهيئة، بسبب الانقسامات في الاتحاد بالتزامن مع تراجع المنتخب العراقي في تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026، في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وتقدم عضوا الاتحاد كوفند عبد الخالق وغالب الزامليبشكوى رسمية لدى مركز التسوية والتحكيم الرياضي في العراق، تتضمن وجود خروق قانونية بعمل الاتحاد العراقي، بحسب تصريح العضوين.
وقال القانوني وليد محمد، إن اجتماع الهيئة العامة للاتحاد العراقي لكرة القدم سيعقد، حتى لو لم يحصّل النصاب القانوني بحضور (أكثر من 50%)، بموجب المادة 28/2 من النظام الأساسي للاتحاد العراقي لكرة القدم، شريطة الانتظار بفارق زمني معين على ألا يزيد عن 24 ساعة وبجدول الأعمال ذاته، لذلك سينعقد الاجتماع اليوم بحصول أو عدم حصول النصاب القانوني (المادة 28 الفقرتان 2 و3 من النظام الأساسي)".
وأضاف: "من مصلحة الهيئة العامة الحضور دفاعًا عن مصالحها، لأن الانعقاد الثاني (بعد ساعتين فقط مثلا من عدم تحقق النصاب القانوني) سينعقد ولو بحضور 3 أعضاء فقط، وما هو مؤكد أن الاتحاد العراقي لكرة القدم سينجز دورته الانتخابية الكاملة إلى سبتمبر/ أيلول القادم، وهناك الكثير من الأمور القانونية في الاتحاد تتعرض للتضليل، ويجب على الشارع الرياضي عدم تصديقها والاتحاد ماض بعمله".
الشكوى سترد بنسبة 90%
وأكمل: "أي أمر ولائي من مركز التسوية والتحكيم الرياضي بمنع انعقاد اجتماع الجمعية العمومية لاتحاد الكرة لن يصدر في الوقت الحالي، وكذلك فإن شكوى عضوي الاتحاد كوفند عبد الخالق وغالب الزاملي سترد شكلًا بنسبة 90%، أما لو كانت هناك خروقات مالية وحتى جنائية، فهذا من شأن ديوان الرقابة المالية الاتحادي وهيئة النزاهة ومحاكم التحقيق، وإن المسؤولية هنا تضامنية، بمعنى لن ينجو أي عضو في اللجنة التنفيذية (المكتب التنفيذي) من المساءلة القانونية".
وتابع قائلًا: "الجميع في المكتب التنفيذي للاتحاد العراقي سيجنح للسلم خوفًا على نفسه ومستقبله الانتخابي في سبتمبر/ أيلول القادم، وخشية على المزايا والأراضي والأموال التي جناها في كأس الخليج قبل الماضي، والتي لم يجنها عدنان درجال وحده، بالتالي ستتغير خارطة الاتحاد العراقي، وبعض القرارات التي تم اتخاذها ستدفع أصحابها إلى تغيير المواقف والمضي بالعمل حتى انتهاء الدورة الانتخابية"، بحسب winwin.
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد العراقي لكرة القدم لم ينته من حسم ملف المدرب الإسباني خيسوس كاساس، وكذلك لم يفتح صفحة المدرب الجديد لمنتخب أسود الرافدين رغم ضيق الوقت وقرب مباراتي كوريا الجنوبية والأردن، في الخامس والعاشر من شهر يونيو/ حزيران المقبل، ضمن الجولتين التاسعة والعاشرة من تصفيات المونديال.
كاساس: إقالتي قاسية وغير منطقية
وفي خضم الأزمة التي تعصف باتحاد الكرة العراقي، خرج المدرب الإسباني المُقال خيسوس كاساس عن صمته، كاشفًا كواليس إقالته من تدريب المنتخب الوطني، والتي وصفها بـ"القاسية وغير المنطقية"، رغم ما قدمه خلال عامين ونصف من العمل الفني. وأعرب كاساس في تصريحات لصحيفة "ماركا" الإسبانية عن استيائه العميق من الطريقة التي تم التعامل بها معه، معتبرًا ما جرى انعكاسًا لمناخ إداري مرتبك، يفتقر إلى العدالة والشفافية.
وقال كاساس: "فرص المنتخب في التصفيات كانت لا تزال قائمة، لكن في العراق، الهزيمة في مباراة واحدة تعني انهيار كل شيء". وأكد أن الإقالة لم تكن مبنية على تقييم موضوعي للعمل، بل جاءت مدفوعة بعوامل خارجية. كما كشف عن تعرضه لضغوط مالية ومحاولات فرض شروط جديدة عليه بشكل مفاجئ، وتهديدات بدعاوى ضريبية بعد رفضه التنازل عن حقوقه، مضيفًا: "سربوا عقدي للإعلام، وبدأت الحرب القذرة ضدي".
كاساس، الذي رفض عروضًا من منتخبات آسيوية أخرى احترامًا لعقده مع العراق، عبّر عن حزنه العميق بسبب نهاية التجربة بهذه الطريقة، رغم علاقته القوية بالجماهير واللاعبين، قائلاً: "خسرنا مباراة واحدة، لكننا كسبنا جيلاً من جديدًا ومنهجية عمل".
وقد لعب المدرب الإسباني دورًا كبيرًا في إدماج المواهب الشابة، خاصة من مزدوجي الجنسية، وإعادة لاعبين سبق أن قرروا الاعتزال، مما جعله يحظى باحترام شريحة واسعة من الشارع الرياضي العراقي. ورغم كل ما حدث، ختم كاساس حديثه قائلاً: "لقد كانت تجربة لن تُنسى... والوقت كفيل بإظهار الحقيقة ووضع كل طرف في مكانه".