في وجه الغطرسة الأميركية.. إيران تجدد تمسكها بتخصيب اليورانيوم والقرار السيادي المستقل

الاستقلال الوطني "نحن نستطيع"
انفوبلس..
في خضم معركة الإرادات التي تخوضها الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع القوى الغربية، تواصل الولايات المتحدة الأمريكية محاولاتها البائسة لفرض شروطها على إيران من خلال لغة التهديد والعقوبات، في محاولة يائسة لإيقاف برنامج تخصيب اليورانيوم، الذي يمثل رمزاً لسيادة إيران واستقلال قرارها الوطني.
وفي ظل جولات المفاوضات غير المباشرة الحاصلة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية، تحاول واشنطن الدفع باتجاه إنهاء المشروع الإيراني الخاص بتخصيب اليورانيوم، من خلال الضغط على طهران اقتصاديا وسياسيا مع استخدام لغة التهديد التي قال عنها المسؤولون في إيران إنها لن تنفع مع طهران، ولن تغير مواقفها بناءً على الضغوط.
إيران لا يخضع للإملاءات
الجمهورية الإسلامية بثباتها المعروف، ترد على هذه الضغوط برسائل حاسمة تؤكد أن زمن الهيمنة الأمريكية قد ولى، وأن الشعب الإيراني، بقيادة قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، لا يخضع للإملاءات الأجنبية.
وفي خطابه الأخير، جدّد الإمام الخامنئي رفضه القاطع لأي ابتزاز سياسي، مشدداً على أن التخصيب حق سيادي، وأن مقاومة إيران هي من أفشلت حتى الآن مئات المؤامرات الأمريكية.
وفي كلمة له قال قائد الثورة الإمام علي الخامنئي إن "موضوع تخصيب اليورانيوم لن تتخلى عنه الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وهو ما يعني قطع الأمل الأمريكي الساعي إلى إنهاء هذا المشروع، وإيقاف التسلح الإيراني".
وأكد قائد الثورة الإسلامية أن “نظامنا السياسي الذي ولله الحمد نما وتقوَّى، هو نتيجة ثورة عظيمة إن زعيمها رجل عظيم لا يزال حضوره ملموساً في العالم بعد أكثر من ثلاثين عاماً من رحيله، ولا يزال أثر ثورته واضحاً للناس في مختلف أنحاء العالم، إن التراجع الحاد في مكانة أمريكا في العالم يعود إلى وجوده، وكراهية الصهاينة تعود إلى ثورته".
النفور من القيم الغربية
وأوضح، "اليوم نرى في العالم الغربي حركة نحو النفور من القيم الغربية؛ الإمام الخميني خلق مثل هذه الثورة"، مضيفا: "لقد فاجأت الثورة الإسلامية في إيران العالم الغربي ولم يتصوروا أن رجل دين واحد، من دون معدات وموارد مالية، يستطيع أن يقود أمة إلى الساحة".
وشدد سماحته: "لم يصدقوا أن هذه الثورة وهذا الإمام سيتمكنان من إسقاط الأمريكان والصهاينة الذين سيطروا على كل شيء في إيران لسنوات طويلة، وسيتمكنان من إخراجهم من البلاد".
وصرح آية الله الخامنئي: "لو جاءت حكومة متحالفة مع الغرب إلى السلطة بعد الثورة الاسلامية، كما كانت هناك بوادر مبكرة تشير إلى أن حكومة متحالفة مع الغرب ستصل إلى السلطة، لو حدث مثل هذا الأمر، لكان الغربيون يأملون أن يتمكنوا من التسلل إلى إيران مرة أخرى وتأمين مصالحهم غير المشروعة في هذا البلد، لكن الإمام عبر عن مواقفه الواضحة واللا لبس فيها بشأن البناء الإسلامي للبلاد".
وتابع سماحته: "في رأيي أن أنواع المؤامرات التي تمت ضد ثورتنا الاسلامية ليس لها سابقة في أي من الثورات المعروفة في العالم”، مؤكدا: “لقد صمدت الجمهورية الإسلامية في وجه كل المؤامرات والدسائس والعداوات وربما لو حسبنا فإن الجمهورية الإسلامية أحبطت أكثر من ألف مؤامرة، وتم الرد على بعضها أيضاً".
وبين أن "العواطف تؤثر على الأهداف العقلانية للانتفاضات الاجتماعية، والنتيجة هي أنه عندما تهدأ المشاعر والعواطف، يتغير اتجاه الحركة التي تم إنشاء الثورة من أجلها على سبيل المثال، كانت الثورة الفرنسية مدفوعة بالعواطف، وتم نسيان أهدافها، ولكن الإمام الخميني قد حمى الثورة الإسلامية من آفة المشاعر المدمرة وقد تجلت عقلانية الإمام في ركنين أساسيين: ركن ولاية الفقيه، وركن الاستقلال الوطني".
الاستقلال الوطني هو "نحن نستطيع"
آية الله الخامنئي: المقاومة تعني عدم الخضوع لإرادة القوى العظمى. إذا كان أحد يؤمن بشيء، أو يعتبر شيئا ضروريا، أو يعتبر شيئا محظورا، فيجب عليه أن يتصرف وفقا لمعتقداته الخاصة، ولا ينحني لإرادة العدو
وأوضح قائد الثورة مفهوم الاستقلال الوطني وقال: "الاستقلال الوطني لا يعني انعدام التواصل، بل يعني أن الأمة والبلد إيران تقف على قدميها، الاستقلال الوطني يعني أن البلاد لا تنتظر الضوء الأخضر أو الأحمر من أميركا وأمثالها؛ إن حجر الزاوية في الاستقلال الوطني هو مبدأ "نحن نستطيع".
وأشار الى المقترح الذي قدمته الولايات المتحدة أخيرا بشأن القضية النووية وقال: المقترح الأميركي المعروض بشأن الملف النووي معارض 100 بالمئة لعبارة نحن نستطيع".
وأردف: "المقاومة تعني عدم الخضوع لإرادة القوى العظمى. إذا كان أحد يؤمن بشيء، أو يعتبر شيئا ضروريا، أو يعتبر شيئا محظورا، فيجب عليه أن يتصرف وفقا لمعتقداته الخاصة، ولا ينحني لإرادة العدو، أو تنمره، أو املاءاته. ومن المبادئ الأخرى للاستقلال الوطني تعزيز القدرة الدفاعية للبلاد".
الصناعة النووية هي الصناعة الأم
ونوه قائد الثورة الاسلامية: بـ"اليوم أصبح شبابنا على دراية بقضية الثقة بالنفس والمقاومة، وتم الحفاظ على هوية الثورة"، مؤكدا: "بفضل الجهود الكبيرة تمكنت إيران من تحقيق دورة الوقود النووي الكاملة، إن الصناعة النووية لا تقتصر على إنتاج الطاقة فقط الصناعة النووية هي الصناعة الأم، تتأثر العديد من المجالات العلمية بالصناعة النووية، إن تخصيب اليورانيوم هو مفتاح القضية النووية، والأعداء أيضا وضعوا أيديهم على التخصيب. في ثمانينيات القرن العشرين، شهدنا أن أمريكا غير موثوقة في مجال الوقود بنسبة 20%".
وتابع السيد الخامنئي: إن "الهدف الأول لأمريكا هو حرمان إيران من امتلاك صناعة نووية، حتى تبقى بحاجة إليها، الردّ الإيراني على هذا الهراء الأمريكي واضح وصريح: لن تستطيعوا فعل شيء، ولن يكون بمقدوركم ارتكاب أي حماقة في هذا الشأن".
تفاعل عالمي مع التصريحات
وتناولت وسائل الإعلام العالمية والإقليمية بتغطية واسعة تصريحات قائد الثورة الإسلامية الإيرانية، آية الله السيد علي الخامنئي، التي أطلقها تزامناً مع الذكرى السنوية لرحيل مفجر الثورة الإسلامية، الإمام الخميني (قده)، والتي جاءت كرسالة حازمة في وجه الضغوط الأمريكية المتواصلة.
وقد ركّزت وسائل الإعلام على الموقف الإيراني الثابت والرافض لأي مساومة على الحقوق السيادية، لا سيما في ما يتعلق ببرنامج تخصيب اليورانيوم.
فقد نقلت وكالة "رويترز" تحت عنوان: "قائد الثورة الإسلامية يرفض المطلب النووي الأمريكي ويلتزم بمواصلة التخصيب", تأكيد سماحته أن طهران لن تتراجع قيد أنملة عن مشروعها النووي.
أما وكالة "أسوشيتد برس"، فوصفت موقف الخامنئي بأنه رفض قاطع للاقتراح الأمريكي الذي "يتعارض تماماً مع شعار الجمهورية الإسلامية: نحن قادرون".
من جهتها، أشارت صحيفة واشنطن بوست إلى انتقاد قائد الثورة الصريح للمواقف الأمريكية في المحادثات، معتبرة تصريحاته دليلاً جديداً على تآكل النفوذ الأمريكي في المنطقة وعجز واشنطن عن فرض شروطها على إيران.
إيران لا تنتظر إذناً للتخصيب
وكان قائد الثورة الإسلامية، الإمام السيد علي الخامنئي، قد أكد في وقت سابق، أن إيران لا تنتظر إذنًا من أحد لتخصيب اليورانيوم، مشدّدًا على أن الجمهورية الإسلامية ماضية في تنفيذ سياساتها النووية وفقًا لمصالحها الوطنية، دون أن تعبأ بالضغوط الأمريكية أو الغربية.
وفي كلمة له خلال مراسم الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الرئيس الراحل السيد إبراهيم رئيسي و"شهداء الخدمة"، في 20 أيار الماضي، وجّه سماحته تحذيرًا للطرف الأميركي المشارك في المفاوضات غير المباشرة، داعيًا إلى الكف عن "التصريحات الفارغة والعبثية"، ومعتبرًا التصريحات التي تزعم "منع إيران من التخصيب" تجاوزًا مرفوضًا.
وأشار الإمام الخامنئي إلى أن إصرار بعض الأطراف على التفاوض المباشر سببه أن الشهيد رئيسي، منذ توليه منصب الرئاسة، رفض التفاوض مع أمريكا بشكل قاطع، ولم يسمح للعدو بفرض شروطه أو خداع إيران.
كما نوّه إلى أن المفاوضات غير المباشرة لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن، مضيفًا أن تركيز القوى الغربية على موضوع التخصيب ينبع من أهداف خفية سيكشف عنها لاحقًا.
وختم بالتأكيد على أن الثورة الإسلامية لا تزال قادرة على إنتاج أجيال من القادة والشهداء المؤمنين، ما يبرهن على حيويتها وعمقها الاستراتيجي، ويجعلها عصية على الانكسار.